كنيسة القديس بولس تبدأ الفعاليات الأخيرة من الخمسين المقدسة
تاريخ النشر: 20th, June 2024 GMT
بدأت كنيسة القديس بولس التابعة للأقباط الأرثوذكس في منطقة العبور، منذ قليل، فعاليات القداس الإلهي الاحتفالي بمناسبة الاسبوع السابع والأخير من الخمسين المقدسة استعدادًا لاحتفال بعيد العنصرة.
القمص سمعان راتب يترأس أنشطة الأقباط بكنيسة القديس يوسف.. شاهد القديس مويسيس.. رمز العطاء والرهبنة في التراث الأرثوذكسييشهد اللقاء طقوس روحية خاصة بفترة الخمسين بحضور الآباء الكهنة وأحبار الكنيسة الذي يشارك يحرص على مواصلة الأعمال الروحية في هذه الفترة المقدسة.
يبدأ الأقباط اليوم الاسبوع السابع والأخير من الفترة الروحية المنحصرة بين عيدي الفصح والعنصرة المعروفة بـ" الخمسين المقدسة" والمقرر اقامته 23 يونيو الجاري.
تحتل هذه الأيام مكانة روحية كبيرة وتعتبرها الكنيسة فرحة القيامة الممتدة والمستمرة التي حفظت العديد من الأحداث الخالدة في وجدان الأقباط وتتمتع بطقوس خاصة يغلب عليه الطابع الفرايحي، وهى أيام روحية يعتز بها الأقباط، تحتفل فيها بذكرى قيامة السيد المسيح.
وكانت "دورة القيامة" هى الطقس المميز بهذه الفترة وأصبحت داخل الهيكل فقط فيما بعد تحديدًا بعد اليوم الـ39 من مدة الخمسين كما غلب الطابع " الفريحي" ومن المعروف أن هذه الأيام هى مدة فرح لا يوجد بها صوم ولا مطانيات خلال هذه الأيام، وأقيمت على مدار الأسابيع السابعة الصلوان بحضور الأباء الكهنة وأحبار الكنيسة والمصلين وأبناء الكنيسة.
شهدت الخمسين أحداث كثيرة وقسمت إلى ٤٠ يوم قبل ذكرى صعود المسيح، ١٠ يوم بعد الصعود وهى الفترة التي شهدت في إتمامها حلول الروح القدس علي التلاميذ، وأما عن كلمة "الخماسين" تعني في معجم اللغة العربية هي إسم رياح مصرية حارة جافة متربة أي هي أسم رياح مصرية مصحوبة بحرارة جافة ومصحوبة بأتربة ، لذلك تكتب الخمسين في الكنيسة نسبةً لهذه الذكرى المجيدة
7 أسابيع من أحداث الخمسينمرت الكنيسة على مدار أسابيع هذه الفترة قصصًا أحداثًا مؤثرة وتدور حول مفهوم ملكوت الله، كما يحمل الأحد من كل اسبوع اسم مختلف، عرف الاسبوع الأول باسم أحد توما ثم أحدالخبز، ثم أحد الماء الحي، مرورًا بأحد النور ، ثم الإيمان وعيد الصعود، والعنصرة، وتعتبر أيام احتفالات واعلان الفرحه الروحية وتعلو الألحان الفريحية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: الخمسين كنيسة القديس بولس منطقة العبور الخمسين المقدسة
إقرأ أيضاً:
صلاح بن البادية- سيرة رائد الحداثة الروحية في الأغنية السودانية
زهير عثمان
صوتٌ يرقص بين الروح والوطن
في فضاء الأغنية السودانية، حيث تتداخل الألحان الأفريقية مع الإيقاعات العربية، وتنحت الكلماتُ مشاعرَ الشعبِ بين ألمِ الحروبِ وبهجةِ الترابِ، يظلُّ اسم صلاح بن البادية علامةً فارقة. لم يكن مجردَ فنانٍ، بل كان ظاهرةً فنيةً جمعت بين العمقِ الروحيِّ والحداثةِ الفنيةِ، فخلقتْ لنفسها مسارًا خاصًا في ذاكرةِ السودانيين. رحلَ الجسدُ، لكن صوته ما زال يُردِّدُ في الأسماعِ: "سالَ من شعرِها الذهبُ... فتدلّى وما انسكبُ".
البدايات: من قرى الجزيرة إلى عرشِ الأغنيةِ
وُلد صلاح بن البادية في منطقة الدبيبة بولاية الجزيرة، حيثُ النيلُ ينسابُ بين الحقولِ الخضراءِ، وحيثُ تُورِقُ الأغاني الشعبيةُ كأشجارِ الطلحِ. نشأ في بيئةٍ تتنفسُ التصوفَ والمدائحَ النبويةَ، فتعلَّمَ من تراتيلِ الزوايا والصوفيةِ كيف تكون الموسيقى صلاةً. انتقلَ إلى أم درمان ليكملَ تعليمَه، وهناكَ بدأتْ موهبتهُ تتفجرُ بين جدرانِ المدارسِ والأحياءِ الشعبيةِ.
في ستينيات القرن الماضي، خطا أولى خطواته الفنية، حاملًا معه روحَ الريفِ السودانيِّ ونبضَ المدينةِ. لم يكن صوته مجردَ آلةٍ موسيقيةٍ، بل كان جسرًا بين التراثِ والحداثةِ، بين الفصحى والعاميةِ، بين الصوفيةِ والعاطفةِ الإنسانيةِ.
"سال من شعرها الذهب": حين يُولد اللحنُ من إيقاعِ القطارِ
لا يمكن ذكر صلاح بن البادية دون التوقف عند تحفته الخالدة "سال من شعرها الذهب"، التي كتبها الشاعرُ أبو آمنة حامد بلغةٍ فصيحةٍ نادرةٍ في الأغنية السودانية، ولحنها الموسيقارُ عبد اللطيف خضر الحاوي (ود الحاوي).
القصةُ التي حيكت حول اللحنِ تُجسِّدُ سحرَ الإبداعِ: في رحلةٍ بالقطارِ من بورتسودان إلى الخرطوم، استوحى ود الحاوي الإيقاعَ من دندنةِ عجلاتِ القطارِ، فسجلَّ اللحنَ على عجلٍ في منزل بن البادية فجرًا، خوفًا من أن يطيرَ الإلهامُ مع أولِ خيطِ شمسٍ.
الأغنيةُ، التي غناها بن البادية بصوتهِ الجهوريِّ الممزوجِ بالحنينِ، تحولت إلى أيقونةٍ. كلماتُها تصفُ جمالَ المرأةِ بلغةٍ شعريةٍ مدهشةٍ:
"سالَ من شعرِها الذهبُ... فتدلّى وما انسكبُ
كلما عبثتْ به نسمةٌ... ماجَ واضطربُ".
لكنها أيضًا كانت قصيدةً في حبِّ السودانِ، حيثُ الذهبُ رمزٌ لثراءِ الأرضِ، والنسيمُ إشارةٌ إلى شوقِ المغتربين.
الحداثة الروحية: حين يصيرُ الغناءُ ابتهالًا
تميز بن البادية بقدرتهِ على تحويلِ الأغنيةِ العاطفيةِ إلى تجربةٍ روحيةٍ. في أعمالٍ مثل "يا زهرة الروض الظليل" و"وا أسفاي"، مزجَ بين الغناءِ الصوفيِ والعاطفةِ الإنسانيةِ، فكان صوتهُ يُشبهُ الدعاءَ.
أسلوبُه اعتمد على:
الانتقاء الشعري الراقي: تعاون مع شعراء كبار مثل أبو آمنة حامد والتجاني حاج موسى، واختار قصائدَ تحملُ طبقاتٍ من المعنى.
التلحين الهادئ العميق: فضلَ الألحانَ التي تتنفسُ برويةٍ، كأنها تيارٌ نهرِيٌّ يلامسُ الشواطئَ.
الأداء المسرحيِّ الوقور: على المسرح، كان يرتدي الجلبابَ الأبيضَ، ويحركُ يديهِ كأنه يُناجي السماءَ.
أغنياتٌ صارت عيونًا: بصماتٌ لا تُنسى
من أبرز أعماله التي شكلت "عيون الأغنية السودانية":
"ليالي الخير": احتفاليةٌ بالأملِ، لحنٌ يرقصُ بين الفرحِ والطمأنينةِ.
"كسلا": قصيدةٌ في حبِّ المدينةِ، غناها وكأنها معشوقةٌ تستحقُ التمجيدَ.
"ردي النضارة": حوارٌ مع الذاتِ عن فقدانِ البراءةِ في زمنِ الحربِ.
في كلِّ أغنيةٍ، كان بن البادية يحفرُ في الذاكرةِ الجمعيةِ للسودانيينَ، ليتركَ نقشًا يقولُ: "هنا مرَّ فنانٌ رأى الجمالَ حتى في جراحِ الوطنِ".
الجدلُ الفنيُّ: عندما اختلفَ العمالقةُ
أثارتْ أغنيةُ "سال من شعرها الذهب" غضبَ الفنانِ الكبيرِ إبراهيم عوض، الذي اعتبر أن ود الحاوي كان يجب أن يمنحَ اللحنَ لهُ بعد تعاونهما الناجحِ في أغانٍ مثل "المصير". لكن التاريخَ أثبتَ أن اختيارَ ود الحاوي لبن البادية كانَ صائبًا، فقد حوّلَ الصوتُ القويُّ والروحُ التأمليةُ الأغنيةَ إلى تحفةٍ خالدةٍ.
الإرثُ: ما بعد الرحيلِ
رحل صلاح بن البادية تاركًا وراءه إرثًا غنائيًا يُدرسُ في كلياتِ الموسيقى، وصوتًا ما زالَ يُعيدُ للسودانيينَ ذكرياتِ زمنٍ كان الفنُّ فيهِ رسالةً وليسَ سلعةً. اليومَ، تُعيدُ الأجيالُ الجديدةُ اكتشافَ أغانيهِ، لا كتراثٍ فحسب، بل كدليلٍ على أن الفنَّ الحقيقيَّ لا يموتُ.
في زمنِ الانقساماتِ، يظلُّ بن البادية رمزًا لوحدةِ السودانِ الثقافيةِ، حيثُ لا فرقَ بين شمالٍ وجنوبٍ، إلا في تنوعِ الإيقاعاتِ التي تجتمعُ تحتَ سماءِ أغانيهِ.
النغمةُ التي صارتْ ترابًا
عندما يُذكر صلاح بن البادية، يُذكر السودانُ بكلِّ تناقضاتِه: جمالُ الأرضِ وقسوةُ الحروبِ، غنى الثقافةِ وفقرُ السياسةِ. كانَ صوتُه مرآةً لهذا التناقضِ، لكنه اختارَ أن يُغني للجمالِ رغمَ الجراحِ. اليومَ، وبعد رحيلِه، صارتْ أغانيهِ جزءًا من ترابِ السودانِ، تُنبِتُ كلما مرَّ عليها مطرُ الذاكرةِ.
رحم الله صلاح بن البادية، فقد كان نغمةً صادقةً في سماءِ الفنِّ السودانيِّ.
zuhair.osman@aol.com