بهذه الطريقة دمر الاحتلال الحياة الاقتصادية في قطاع غزة على مدى عقود
تاريخ النشر: 20th, June 2024 GMT
يعمل الاحتلال الإسرائيلي منذ عقود على تدمير الحياة الاقتصادية في غزة عبر فرضه إجراءات كثيرة من بينها رفض بناء ميناء للقطاع، فضلا عن تجريف وإحراق وتسميم آلاف الأفدنة من بساتين الحمضيات، حسب مقال نشر في صحيفة "واشنطن بوست".
وقال الزميل في شبكة السياسات الفلسطينية، طارق كيني الشوا، في تقريره الذي نشرته الصحيفة الأمريكية وترجمته "عربي21"، "تخيل أنك مزارع حمضيات.
وأضاف أن هذه هي الحياة التي عاشها مزارعو الحمضيات الفلسطينيون لعقود من الزمن تحت الاحتلال الإسرائيلي. وتثبت قصتهم شيئا واحدا: أن إسرائيل كانت وستظل دائما أكبر عقبة أمام ازدهار غزة.
ومع أن القارئ قد لا يصدق ذلك الآن، بحسب المقال، إلا أن غزة كانت ذات يوم مليئة ببساتين الحمضيات. لمئات السنين، كان المزارعون الفلسطينيون يميلون إلى بساتين البرتقال والليمون الممتدة. وبحلول أوائل القرن العشرين، كانت الحمضيات هي الصادرات الرئيسية للمنطقة، بما في ذلك برتقال يافا الشهير، الذي سمي على اسم المدينة الساحلية الواقعة شمال غزة. وقد نجت هذه الصناعة من الاضطرابات العنيفة التي اندلعت عام 1948، وحصل مزارعو الحمضيات الفلسطينيون على دفعة عندما أعلنت السلطات المصرية، التي كانت تسيطر آنذاك، عن ميناء غزة كمنطقة تجارة حرة، مما فتح المزيد من الوصول إلى الأسواق الأوروبية. وبحلول الستينيات، كانت الحمضيات بمثابة العمود الفقري الاقتصادي للمنطقة، حيث وظفت أكثر من 30% من عمال غزة، وفقا للمقال.
وقال الشوا، لكن كل شيء بدأ يتغير بعد أن احتلت إسرائيل القطاع في عام 1967. فقد رفضت إعادة بناء ميناء غزة المدمر، ومنعت التجارة من وإلى مصر، وأعادت توجيه الحمضيات وغيرها من المنتجات عبر إسرائيل. وزادت السلطات الإسرائيلية من صعوبة الحياة بالنسبة للمزارعين الفلسطينيين. وقد حرمتهم القيود المفروضة على التصدير من الوصول إلى الأسواق الأوروبية المربحة، مما جعلهم يقتصرون على آسيا والشرق الأوسط. وقد أدت هذه الحواجز التجارية - إلى جانب ارتفاع تكاليف الوقود والأسمدة والقيود الإسرائيلية على استخدام المياه - إلى تقويض صناعة الحمضيات في غزة. انخفض إجمالي الإنتاج، الذي كان حوالي 256 ألف طن في عام 1976، إلى 190 ألف طن بحلول عام 1983.
وشدد الكاتب على أن تلك كانت البداية فقط، فعلى مدى العقود التي تلت ذلك، قام الجنود والمستوطنون الإسرائيليون بتجريف وإحراق وتسميم آلاف الأفدنة من بساتين الحمضيات في جميع أنحاء غزة. خلال الثمانينيات والتسعينيات، زعمت إسرائيل أنه من الضروري اقتلاع وتدمير بساتين الحمضيات حتى لا يمكن استخدامها لإيواء مقاتلي المقاومة الفلسطينية.
ولفت إلى أنه بالرغم من أن بعض بساتين غزة نجت من الهجمات المتكررة من قبل الجنود والمستوطنين الإسرائيليين، لكن "التدقيق الأمني" الخانق الذي قامت به إسرائيل هو الذي وجه الضربة القاضية لهذه الصناعة. واليوم، لم تعد أشجار البرتقال والليمون تنتشر في الريف. إن الصناعة التي كان من الممكن أن تكون بمثابة حجر الأساس للتنمية الاقتصادية في غزة أصبحت في حالة يرثى لها.
وأوضح أن الحملة التي شنتها إسرائيل لإفساد تجارة الحمضيات في غزة أصبحت نموذجا لتدمير عدد لا يحصى من الصادرات الأخرى. ففي عام 2021، طلبت السلطات الإسرائيلية من المزارعين في غزة إزالة العنق الأخضر المورق من ثمر البندورة قبل تمريرها عبر نقاط التفتيش الإسرائيلية لبيعها في الضفة الغربية. بدون العنوق، تفسد البندورة بشكل أسرع. وبعد أيام من التفتيش الأمني الإسرائيلي المستمر، سينتهي الأمر بالمنتج، مثل البرتقال، إلى بضاعة فاسدة وغير قابلة للبيع.
وأشار إلى أنه عندما انسحب الجنود والمستوطنون الإسرائيليون من غزة في عام 2005، بعد ما يقرب من أربعة عقود من الاستيلاء على القطاع، صوروا ذلك باعتباره نهاية للاحتلال العسكري المباشر. كثيرا ما يقول الإسرائيليون إن هذه كانت فرصة غزة لتحقيق إمكاناتها الكاملة، وأن الفلسطينيين كان بإمكانهم تحويل غزة إلى قوة اقتصادية، أو "سنغافورة الشرق الأوسط".
ولكن الحقيقة هي أن الاحتلال الإسرائيلي لم يتوقف قط، لقد تطور فقط. وكان الفارق هو أن المستوطنين والجنود الإسرائيليين أعيد انتشارهم الآن حول غزة للسيطرة عليها من الخارج. وتم تشديد القيود المفروضة على حركة الأشخاص والبضائع - وهي بالفعل حقيقة من حقائق الحياة اليومية للفلسطينيين في غزة. وعندما وصلت حماس إلى السلطة في عام 2007، تطورت تلك القيود إلى حصار كامل، مما حول قطاع غزة إلى ما يوصف منذ فترة طويلة بأنه أكبر سجن مفتوح في العالم. لقد كانت بمثابة حكاية تحذيرية، ودرس للفلسطينيين الآخرين بضرورة الإذعان للهيمنة الإسرائيلية الدائمة أو مواجهة مصير غزة، حسب المقال.
وذكر الكاتب أن المزارعين الفلسطينيين في غزة قاموا بدورهم. لقد تصرفوا وفقا للقواعد، وزرعوا محاصيلهم في مواجهة التعديات الإسرائيلية على الأراضي والقيود التعسفية على التصدير. حتى أنهم تحولوا إلى محاصيل مثل الفراولة والطماطم، التي لا تنمو على الأشجار، وبالتالي لا يمكن اتهامهم بتوفير غطاء للمقاومين. لقد حاول الفلسطينيون أن يصنعوا شيئا ما من الظروف التي أجبرتهم إسرائيل على العيش في ظلها، لكن المحتلين عرقلوهم عند كل منعطف.
وقال إن صناعات الحمضيات والبندورة في غزة ليست سوى ضحيتين لجهود إسرائيل للسيطرة على الفلسطينيين أو خلق الظروف اللازمة لإجبارهم على الخروج بالكامل. وفي عام 2008، قال المسؤولون الإسرائيليون إنهم "ينوون إبقاء اقتصاد غزة على حافة الانهيار دون دفعه إلى حافة الهاوية". إن الهجوم الإسرائيلي الحالي على غزة ليس سوى نسخة متسارعة من عملية مستمرة منذ عقود.
وأضاف أن محنة غزة ليست نتيجة لطموحات فاشلة أو عدم بذل جهد من جانب شعبها. إنها نتيجة مباشرة لمشروع القهر الإسرائيلي الذي لا هوادة فيه. ولهذا السبب فإن المحادثات حول "اليوم التالي" لابد وأن تدرك أنه لن يكون هناك مستقبل في ظل استمرار الاحتلال الإسرائيلي.
ولو كانت إسرائيل تريد حقا أن يحول الفلسطينيون غزة إلى مركز اقتصادي مزدهر، لسمحت لهم على الأقل بتصدير البرتقال، حسب الكاتب.
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية الاحتلال غزة الفلسطينية فلسطين غزة الاحتلال صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الاحتلال الإسرائیلی فی عام فی غزة
إقرأ أيضاً:
استشهاد أم وأطفالها في غزة جراء قصف قوات الاحتلال الإسرائيلي لمنزلهم
غزة.. سقط عدد من الشهداء والجرحى الفلسطينيين جراء قصف الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني لعدة مناطق للمدن الفلسطينية فجر اليوم الأربعاء الموافق 6 نوفمبر.
ووفق لوكالة الأنباء الفلسطينية "وفا"، استشهدت مواطنة وأطفالها الثلاثة، اليوم، في قصف الاحتلال الإسرائيلي منزلا في بلدة بيت لاهيا شمال قطاع غزة.
وأفادت مصادر فلسطينية، بأن طائرات الاحتلال الحربية قصفت منزلا يعود لعائلة الرضيع، ما أدى لاستشهاد الأم وأطفالها الثلاثة، في الوقت الذي يواجه زوجها الاعتقال في سجون الاحتلال.
كما شنت طائرات الاحتلال غارة جوية في محيط الدوار الغربي ببلدة بيت لاهيا، فيما أطلقت مدفعية الاحتلال قذائفها على جباليا ومشروع بيت لاهيا.
كما استشهدت سيدتان وأصيب أربعة آخرون جراء قصف قوات الاحتلال الإسرائيلي لمنزل المواطن رياض أبو دقة في بلدة الفخاري جنوب شرق خان يونس.
ولا تزال طواقم الإنقاذ تبحث عن مفقودين تحت أنقاض المنزل المدمر، في محاولة للعثور على أحياء بين الركام.
وفي استهداف آخر، أصيب ثمانية مواطنين بينهم سيدتان وخمسة أطفال ورجل، نتيجة قصف منزل لعائلة زُهُد بمخيم النصيرات وسط قطاع غزة.
كما أفاد مراسل "وفا"، بنسف قوات الاحتلال منازل سكنية أخرى في مخيم جباليا شمالي القطاع، وسط تزايد حدة القصف والتدمير في مناطق متعددة من غزة.
إصابة شاب بالرصاص الحي
كما شهد فجر اليوم، إصابة شاب، بالرصاص الحي خلال اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي الهمجية قرية ابو شخيدم شمال غرب رام الله.
وقالت مصادر فلسطينية، بأن الشاب يوسف ثائر قنداح، أصيب بالرصاص الحي في قدمه، بعد إطلاق جنود الاحتلال النار تجاهه خلال مداهمة القرية.
وأضافت المصادر، أن جيش الاحتلال داهم عدة منازل في بيرزيت وكوبر وبرهام وأبو شخيدم شمال غرب رام الله، وبلدة سلواد شمال شرق رام الله.
ووفقاً لأحدث بيانات وزارة الصحة الفلسطينية، ارتفعت حصيلة عدوان الاحتلال الإسرائيلي الصهيوني المستمر على قطاع غزة إلى 43391 شهيداً و102347 جريحاً، بينما لا تزال آلاف الجثث عالقة تحت الأنقاض، فيما تواجه طواقم الإسعاف والدفاع المدني صعوبات بالغة في الوصول إلى الضحايا وإنقاذ المصابين، إذ تعيق كثافة القصف وحالة الدمار الواسعة جهود الإنقاذ.