الجزيرة:
2024-06-27@08:29:14 GMT

الروح المعنوية.. عامل حاسم في الحرب على غزة

تاريخ النشر: 20th, June 2024 GMT

الروح المعنوية.. عامل حاسم في الحرب على غزة

يُظهر الخطّ البياني للروح المعنوية في الحرب على غزة أنّه، بمرور الوقت، يتصاعد لدى المقاومة، ويهبط عند الجيش الإسرائيلي، بما قد يجعله العامل الأساسي في تحديد النتيجة النهائية للقتال الضاري الدائر، عملًا بالقاعدة المتعارف عليها والتي تؤكد أن حسم الحروب لا يعتمد على عدد الجيوش وعدتها ومستوى تدريبها فقط، بل على معنويات المقاتلين، التي تعطي العدد والعتاد معنى وتأثيرًا.

يبرهن تحليل تصريحات القادة السياسيين لحركتي حماس والجهاد وأحاديثهم على حالة من الثقة القوية في معنويات المقاتلين، الذين يضيفون لهذا البرهان الكثير من خلال التكتيكات العسكرية الناجحة، المحمولة على أسلوب "حرب العصابات"، والتي أمدتهم بقدرة دائمة على تكبيد الإسرائيليين خسائر فادحة في الأفراد والمعدات. على النقيض، تتراجع معنويات الجيش الإسرائيلي بشكل ملحوظ، حتى باتت تشكل معضلة شديدة للقيادة العسكرية، وصفتها، بلا مواربة، بأنها "مقلقة" بل "مفزعة".

في استطلاع أجرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ظهر أن الروح المعنوية في صفوف الضباط تشهد تدهورًا ملحوظًا، إذ عبر 58% منهم عن رغبتهم في عدم مواصلة الخدمة العسكرية، فيما تضاعفت طلباتهم للتقاعد أثناء الحرب، مع شعورهم العميق بالفشل في أداء مهامهم القتالية، وهو شعور تراكم حتى بلغ حد "الظاهرة" التي ترجموها في وصف دال للجيش نفسه بأنه صار "جهازًا فاشلًا".

تعكس الأرقامُ – التي نشرتها صحف إسرائيلية عن الانهيار النفسي في صفوف الجيش – الحالةَ المعنوية المتدهورة لهم، إذ وصل عدد الذين هم في حاجة إلى علاج نفسي إلى ما يربو على عشرة آلاف جندي وضابط. هذا العدد يزيد كل يوم، ويؤثر سلبًا في قدرة الجيش على مواصلة الحرب بقوة الدفع التي بدأ بها.

منذ بداية الحرب، وعت المقاومة دور الحرب النفسية، فردّت على قيام إسرائيل بتدوين أسماء نشطاء أجانب وعرب رافضين للإبادة الجماعية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي، بكتابة أسماء شهداء من الضفة نفّذوا عمليات ضد الجيش الإسرائيلي على قذائف صاروخية أُطلقت في اتجاه إسرائيل، وقال بيان للمقاومة: إنها "إهداء لأرواح شهداء الضفة الغربية".

تمكّنت المقاومة من تفريغ الحملة التي شنتها إسرائيل لتعزل المقاومين عن الحاضنة الشعبية، وتزعزع صمود الغزيين، من مضمونها. بالتوازي، شنت المقاومة حملة مضادة على الشعب الإسرائيلي، من خلال عرض خسائر جيشه، وبث أخبار عن الأسرى، كي يضغط على حكومة بنيامين نتنياهو.

ترسم المقاومة خطتها في الحرب النفسية على أساس تبديد الأهداف التي حددتها إسرائيل للحرب، وأعلاها تدمير القدرات العسكرية لحماس تمامًا، وحرمانها من حكم قطاع غزة بعد الحرب. إذا كان الوصول إلى الأنفاق وتدميرها هو الوسيلة الأولى لبلوغ هذا الهدف، فإن المقاومة تحرص دومًا على تكذيب أي رواية إسرائيلية تتحدث عن اكتشاف أنفاق رئيسية، ما عبّر عنه بجلاء مقطع مصور ردًا على إعلان إسرائيل اكتشافها نفقًا كبيرًا، تضمن رسالة تقول للإسرائيليين: "وصلتم متأخرين.. المهمة أُنجزت".

نجحت المقاومة في أن تثبت للجيش الإسرائيلي أن الأنفاق صارت فخاخًا لقواته، وأنها تتعمد ترك بعض الأنفاق الفارغة لتضليل القوات الإسرائيلية، أو إحباطها بعد زهو يتملكها قليلًا حين تصل إلى نفق ما، وهي تظن أنها قد اقتربت من قادة حماس.

توظف المقاومة عجز الجيش الإسرائيلي، حتى الآن، في القبض على قادة حماس، خصوصًا يحيى السنوار، ومحمد الضيف، والناطق الرسمي "أبو عبيدة"، في النيل من الروح المعنوية للقيادة العسكرية الإسرائيلية بمرور الوقت، على اعتبار أن نتنياهو يعتبر الإمساك بأي منهم أو قتله، إنجازًا، يمكن تسويقه نصرًا.

عبر الصورة، تمارس المقاومة ضغطًا نفسيًا شديدًا على الجيش الإسرائيلي، إذ لا يمر يوم حتى تبث مشاهد لقنص ضباط وجنود، أو إيقاعهم في فخ، وعرض آلياتهم مدمرة أو معطوبة، وخطف جنود وأسْرهم من جديد. هذه الصور آتت ثمارها في امتناع البعض عن مواصلة المعركة، مثل السرية التي رفضت القتال في غزة؛ بذريعة عدم توافر غطاء جوي يحميها. لم يكن أمام قيادة الجيش من سبيل سوى إقالة قائد السرية ونائبه، حتى لا تسري حركة الرفض بين جنود آخرين.

عزفت المقاومة بمهارة فائقة على وتر إدراك الجيش الإسرائيلي لنفسه أنه "لا يُقهر"، وعلى شعور الجندي بأنه قادر، في أي وقت، على إلحاق الأذى الشديد بعدوّه، فحرصت في خطابها وتدابيرها على الأرض على تبديد هذا الشعور، وإزاحته تدريجيًا من عالم الحقائق إلى مجال الأوهام والأكاذيب.

أظهرت المقاومة قدرة كبيرة على تفريغ الخطة الإسرائيلية، القائمة على إرهاب الخصم وتعجيزه تحت قصف نيراني كثيف ومدمر، من فحواها. فالبيوت المدمرة، والسيارات المحروقة، تحولت إلى عبء على الجيش الإسرائيلي، والشهداء من المدنيين خصوصًا الأطفال والنساء أصبحوا عامل ضغط دولي على الجيش الإسرائيلي، والهجوم النظامي بعدد كبير من الضباط والجنود والدبابات والمجنزرات سهّل مهمة المقاومين في اصطياد عدد كبير من الأفراد والمعدات.

تستخدم المقاومة الأرضَ جيدًا في النيل من معنويات الجيش الإسرائيلي، إذ تحرص على إطلاق صواريخ على غلاف غزة ومستوطنات ومدن إسرائيلية في اتجاهات متعددة، من مربعات سكنية دكّتها الطائرات الإسرائيلية تمامًا، ثم أعلنت سيطرتها عليها، وإنهاء خطرها بشكل تام.

كان من الطبيعي أن تهبط الروح المعنوية لجيش اعتاد حروبًا سهلة، بعد أن واجه حربًا غاية في الصعوبة على أرض قطاع غزة، لم يمر بها في تاريخه، إذ وجد أمامه مقاتلين أشداء، وجغرافيا لا تعمل لصالحه، ومعادلة لم يألفها من قبل، كانت تجعله ممسكًا بزمام الأمور يعرف متى يبدأ الحرب؟ ومتى ينهيها؟ ومتى يعلن النصر؟

إنّ الروح المعنوية للمقاومة هي العامل الأهمّ في ترميم الهوة بين المقاومة والجيش الإسرائيلي في العدد والعدة، وهي روح محمولة على الكفاح، والإيمان بقضية وطنية، والثقة في إمكانية هزيمة إسرائيل، والتوظيف العلمي لطرائق الحرب النفسية، والتنفيذ المبهر لأسلوب حرب العصابات، ومعها قدرة الشعب الغزّي على الصمود واستعداده للتضحية.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الجیش الإسرائیلی الروح المعنویة

إقرأ أيضاً:

قاسم: المساندة ستبقى حتى تتوقف الحرب في غزة

اشار نائب الأمين العام لـ"حزب الله" الشيخ نعيم قاسم الى أنه "فيما يتعلق بغزة، يقترحون ضرورة إيجاد حل لها، ما هو الحل؟ الحل هو وقف إطلاق النار، ولكن العجيب أنَّ الإسرائيلي والأميركي يرون أن هناك طريقة ثانية لإيقاف الحرب، وهي الاتفاق على أن إسرائيل تنفذ المرحلة الأولى "مدتها 6 أسابيع" وتأخذ مجموعة من الأسرى وتناقش المرحلة الثانية، فإذا تفاهموا على المرحلة الثانية يتابعونها ومن ثم المرحلة الثالثة ومن ثم تعود إسرائيل لتقتل الفلسطينيين مجدداً!".


وقال، في كلمة القاها اليوم، في ذكرى اربعين الشهيد حسين مكي، في بيروت: "الأميركيون إنصافاً ليسوا موافقين على هذه الطريقة البشعة المجرمة بل يريدون طريقة ألطف، فلا مانع من استمرار الحرب ولكن مع تخفيف القتل، أي بدل 5 مجازر في اليوم، واحدة تكفي!، لكنهم هم أيضاً ليسوا مع إيقاف الحرب، لأنَّ من يريد إيقاف الحرب لا يطرح أفكارا تعني استمرار القتال بطريقة أخف أو بعد أن نصل إلى حلول سياسية مستقبلية أو بتحقيق أهداف الحرب من خلال إلغاء حضور "حماس" وقدرتها على إدارة غزة". 


وأضاف: "هؤلاء منافقون هم لا يريدون للحرب أن تتوقف بل هم يؤمنون باستمرارها ولكنهم يختلفون على تكتيكات الاستمرار. ماذا يفعل المقاومون في هذه الحالة؟ ليس لديهم خيار إلا أن يستمروا في القتال، وهم قادرون على ذلك، ونحن مطمئنون أنَّ إسرائيل إذا استمرت بهذه الطريقة ستقع هي في حرب الاستنزاف ولن تتمكن من تحقيق أهدافها والتي لم تحقق منها شيئاً حتى الآن".

وتابع: "قالوا بأنهم يريدون سحق "حماس" فلم يستطيعوا ولن يستطيعوا، قالوا بأنهم يريدون الإفراج عن الأسرى ولم يستطيعوا ولن يستطيعوا، قالوا بأنهم يريدون أن تخلو الساحة لهم في غزة، بحسب ما يريدون، فلم يستطيعوا ولن يستطيعوا. عرَّفتنا هذه المعركة في غزة بأنه لا شيء إسمه قانون دولي ولا يوجد شيء إسمه احترام الإنسان وكرامة الإنسان، هذه الدول الكبرى تنافق باسم القانون الدولي، تستخدمه فقط للسيطرة على المستضعفين ولسرقة إمكانات العالم، بينما عندما يكون الأمر مرتبطاً بمصالحهم أو بالكيان الإسرائيلي تراهم يقفون ضد هذا القانون الدولي الذي تحدثوا عنه. نحن مؤمنون بأن لا حل مع الاحتلال إلا المقاومة وهذا ما سيستمر بإذنه تعالى. ثانياً المقاومة في لبنان، هذه المقاومة ليست فكرة وليست مشروعاً للتجربة، المقاومة في لبنان مجربة بأنها حررت في سنة 2000 وهزمت العدوان في سنة 2006 وضربت المشروع التكفيري في سنة 2017 وقامت بعملية ردع نموذجية للعدو الإسرائيلي من سنة 2006 لسنة 2023 من دون أن يتمكن الإسرائيلي بأن يقوم بأي خطوة، هذا يدل على أن المقاومة قادرة على تحرير الأرض وقادرة على حماية لبنان وقادرة على ردع إسرائيل وأنها هي الحل لاستقلالنا، وهي الحل لمنع هذه الغدة السرطانية إسرائيل من أن تتحكم في بفلسطين والمنطقة ما دامت المقاومة موجودة على امتداد هذه المنطقة".

وأكمل: "نحن نعلم بأنَّ هناك جهات في لبنان لا تؤمن بالمقاومة ولا تؤمن بالتحرير ولهم آراؤهم، لكن نحن نقول لهم عندما تكون الحرب قائمة ولو بهذه الحدود الموجودة في جنوب لبنان، هل يصح أن تطلقوا شعارات تشبه الشعارات الإسرائيلية؟! كأن تطالبوا بتجريد المقاومة من سلاحها! أو أن تتحدثوا عن أن المقاومة هي السبب أو أن تقولوا بأنكم تشجعون على أن تفشل المقاومة من أجل أن تبنوا لبنان الذي تطمعون به؟! هذا الكلام سواء كان عن جهل أو عن علم يصب في خدمة المشروع الإسرائيلي، على الأقل انتظروا كما فعل البعض في لبنان. نحن نشكرهم، عندما قالوا بأننا نختلف مع "حزب الله" ولكن في أثناء المعركة نحن لا نتكلم بخلافاتنا حتى يبقى ظهر المقاومة محمياً، هؤلاء نشكرهم على موقفهم وهذا هو الموقف الوطني، أما أولئك الذين يتابعون الإشاعات والأشياء المغرضة ويكبرونها هم يتحملون أي مسؤولية تحصل على لبنان".

وتابع: "منذ يومين انتشر مقال في صحيفة "تليغراف" وهو مقال استخباري يتحدث من دون وثائق أو أدلة حول تخزين "حزب الله" للسلاح في مطار بيروت فقامت الدنيا ولم تقعد، للأسف رأينا أن بعض وسائل الإعلام أخرجت بعض اللبنانيين من أوكارهم وأجرت معهم تصريحات وهم لا يعرفون شيئاً، يسألونه ما رأيك بما تقوله "التيلغراف"؟! والجواب طبيعي ومعروف أن لدى "حزب الله" سلاح وطبيعي أن يستفيد من المخازن في المعركة التي ستحصل! يتكلم وكأنه يعلم خطط "حزب الله". أعجبني أحد المحللين وكان منصفاً، فحين قالوا أننا نضع صواريخ بركان في المطار! قال بأن البركان يُصنع هنا في لبنان فكيف نستورده من الخارج ونضعه في المطار! هؤلاء جماعة لا يميزون أن الخسران إذا حصل على البلد سيصيبهم أولاً قبل أن يصيبنا لأننا وطنَّا أنفسنا على أن نتحمل التضحيات ومؤمنون بالنصر، أما هم رائحة التضحية لا تمر من أمامهم، سيموتون بغيظهم قبل أن يموتوا بقذائف الإسرائيليين، فإذا كانوا يطمعون بأمور أخرى فلن تحصل إلا عليهم".

وختم:  "لا يمكن الدفاع عن لبنان ولا مساندة غزة بمحاولات التهويل بالترويج لاسرائيل وما تدَّعيه أو بركوب موجة الإشاعات الاسرائيلية والغربية التي تتلى علينا. نحن واضحون: هذه المساندة ستبقى حتى تتوقف الحرب في غزة ولن تتوقف قبل ذلك، ولتقم إسرائيل بما تريد وبإمكاننا أن نقوم بما نريد".

مقالات مشابهة

  • حزب الله: فيديو هدهد نموذج لقدرة المقاومة على استهداف العمق الإسرائيلي
  • جرائم نتنياهو «تفخخ إسرائيل».. والخلافات الوزارية تعصف بالحكومة
  • مصلحة الجميع هل تلجم نيّات توسعة الحرب في لبنان؟
  • حماس فكرة هل أدركت إسرائيل أخيرا أنها لا تستطيع القضاء عليها
  • قاسم: المساندة ستبقى حتى تتوقف الحرب في غزة
  • اللغة الأجنبية الثانية ترفع الروح المعنوية لطلاب الثانوية العامة.. جروبات الغش تتداول الامتحانات.. وضبط 5 حالات.. و«التعليم»: لجنة من الخبراء لمراجعة نموذج الإجابة لكل مادة
  • عضو سابق في الكنيست: الجيش يحاول تسويق انتصار كبير بغزة
  • الجيش الإسرائيلي: حماس تُعيد تسليح نفسها من مخلفات ذخيرتنا
  • الجيش الإسرائيلي: حماس تعيد تسليح نفسها من مخلفات ذخيرتنا
  • الجيش الإسرائيلي يغتال مدير الإسعاف والطوارئ بغزة