الجزيرة:
2025-02-03@13:23:12 GMT

الروح المعنوية.. عامل حاسم في الحرب على غزة

تاريخ النشر: 20th, June 2024 GMT

الروح المعنوية.. عامل حاسم في الحرب على غزة

يُظهر الخطّ البياني للروح المعنوية في الحرب على غزة أنّه، بمرور الوقت، يتصاعد لدى المقاومة، ويهبط عند الجيش الإسرائيلي، بما قد يجعله العامل الأساسي في تحديد النتيجة النهائية للقتال الضاري الدائر، عملًا بالقاعدة المتعارف عليها والتي تؤكد أن حسم الحروب لا يعتمد على عدد الجيوش وعدتها ومستوى تدريبها فقط، بل على معنويات المقاتلين، التي تعطي العدد والعتاد معنى وتأثيرًا.

يبرهن تحليل تصريحات القادة السياسيين لحركتي حماس والجهاد وأحاديثهم على حالة من الثقة القوية في معنويات المقاتلين، الذين يضيفون لهذا البرهان الكثير من خلال التكتيكات العسكرية الناجحة، المحمولة على أسلوب "حرب العصابات"، والتي أمدتهم بقدرة دائمة على تكبيد الإسرائيليين خسائر فادحة في الأفراد والمعدات. على النقيض، تتراجع معنويات الجيش الإسرائيلي بشكل ملحوظ، حتى باتت تشكل معضلة شديدة للقيادة العسكرية، وصفتها، بلا مواربة، بأنها "مقلقة" بل "مفزعة".

في استطلاع أجرته صحيفة "يديعوت أحرونوت"، ظهر أن الروح المعنوية في صفوف الضباط تشهد تدهورًا ملحوظًا، إذ عبر 58% منهم عن رغبتهم في عدم مواصلة الخدمة العسكرية، فيما تضاعفت طلباتهم للتقاعد أثناء الحرب، مع شعورهم العميق بالفشل في أداء مهامهم القتالية، وهو شعور تراكم حتى بلغ حد "الظاهرة" التي ترجموها في وصف دال للجيش نفسه بأنه صار "جهازًا فاشلًا".

تعكس الأرقامُ – التي نشرتها صحف إسرائيلية عن الانهيار النفسي في صفوف الجيش – الحالةَ المعنوية المتدهورة لهم، إذ وصل عدد الذين هم في حاجة إلى علاج نفسي إلى ما يربو على عشرة آلاف جندي وضابط. هذا العدد يزيد كل يوم، ويؤثر سلبًا في قدرة الجيش على مواصلة الحرب بقوة الدفع التي بدأ بها.

منذ بداية الحرب، وعت المقاومة دور الحرب النفسية، فردّت على قيام إسرائيل بتدوين أسماء نشطاء أجانب وعرب رافضين للإبادة الجماعية التي يقوم بها الجيش الإسرائيلي، بكتابة أسماء شهداء من الضفة نفّذوا عمليات ضد الجيش الإسرائيلي على قذائف صاروخية أُطلقت في اتجاه إسرائيل، وقال بيان للمقاومة: إنها "إهداء لأرواح شهداء الضفة الغربية".

تمكّنت المقاومة من تفريغ الحملة التي شنتها إسرائيل لتعزل المقاومين عن الحاضنة الشعبية، وتزعزع صمود الغزيين، من مضمونها. بالتوازي، شنت المقاومة حملة مضادة على الشعب الإسرائيلي، من خلال عرض خسائر جيشه، وبث أخبار عن الأسرى، كي يضغط على حكومة بنيامين نتنياهو.

ترسم المقاومة خطتها في الحرب النفسية على أساس تبديد الأهداف التي حددتها إسرائيل للحرب، وأعلاها تدمير القدرات العسكرية لحماس تمامًا، وحرمانها من حكم قطاع غزة بعد الحرب. إذا كان الوصول إلى الأنفاق وتدميرها هو الوسيلة الأولى لبلوغ هذا الهدف، فإن المقاومة تحرص دومًا على تكذيب أي رواية إسرائيلية تتحدث عن اكتشاف أنفاق رئيسية، ما عبّر عنه بجلاء مقطع مصور ردًا على إعلان إسرائيل اكتشافها نفقًا كبيرًا، تضمن رسالة تقول للإسرائيليين: "وصلتم متأخرين.. المهمة أُنجزت".

نجحت المقاومة في أن تثبت للجيش الإسرائيلي أن الأنفاق صارت فخاخًا لقواته، وأنها تتعمد ترك بعض الأنفاق الفارغة لتضليل القوات الإسرائيلية، أو إحباطها بعد زهو يتملكها قليلًا حين تصل إلى نفق ما، وهي تظن أنها قد اقتربت من قادة حماس.

توظف المقاومة عجز الجيش الإسرائيلي، حتى الآن، في القبض على قادة حماس، خصوصًا يحيى السنوار، ومحمد الضيف، والناطق الرسمي "أبو عبيدة"، في النيل من الروح المعنوية للقيادة العسكرية الإسرائيلية بمرور الوقت، على اعتبار أن نتنياهو يعتبر الإمساك بأي منهم أو قتله، إنجازًا، يمكن تسويقه نصرًا.

عبر الصورة، تمارس المقاومة ضغطًا نفسيًا شديدًا على الجيش الإسرائيلي، إذ لا يمر يوم حتى تبث مشاهد لقنص ضباط وجنود، أو إيقاعهم في فخ، وعرض آلياتهم مدمرة أو معطوبة، وخطف جنود وأسْرهم من جديد. هذه الصور آتت ثمارها في امتناع البعض عن مواصلة المعركة، مثل السرية التي رفضت القتال في غزة؛ بذريعة عدم توافر غطاء جوي يحميها. لم يكن أمام قيادة الجيش من سبيل سوى إقالة قائد السرية ونائبه، حتى لا تسري حركة الرفض بين جنود آخرين.

عزفت المقاومة بمهارة فائقة على وتر إدراك الجيش الإسرائيلي لنفسه أنه "لا يُقهر"، وعلى شعور الجندي بأنه قادر، في أي وقت، على إلحاق الأذى الشديد بعدوّه، فحرصت في خطابها وتدابيرها على الأرض على تبديد هذا الشعور، وإزاحته تدريجيًا من عالم الحقائق إلى مجال الأوهام والأكاذيب.

أظهرت المقاومة قدرة كبيرة على تفريغ الخطة الإسرائيلية، القائمة على إرهاب الخصم وتعجيزه تحت قصف نيراني كثيف ومدمر، من فحواها. فالبيوت المدمرة، والسيارات المحروقة، تحولت إلى عبء على الجيش الإسرائيلي، والشهداء من المدنيين خصوصًا الأطفال والنساء أصبحوا عامل ضغط دولي على الجيش الإسرائيلي، والهجوم النظامي بعدد كبير من الضباط والجنود والدبابات والمجنزرات سهّل مهمة المقاومين في اصطياد عدد كبير من الأفراد والمعدات.

تستخدم المقاومة الأرضَ جيدًا في النيل من معنويات الجيش الإسرائيلي، إذ تحرص على إطلاق صواريخ على غلاف غزة ومستوطنات ومدن إسرائيلية في اتجاهات متعددة، من مربعات سكنية دكّتها الطائرات الإسرائيلية تمامًا، ثم أعلنت سيطرتها عليها، وإنهاء خطرها بشكل تام.

كان من الطبيعي أن تهبط الروح المعنوية لجيش اعتاد حروبًا سهلة، بعد أن واجه حربًا غاية في الصعوبة على أرض قطاع غزة، لم يمر بها في تاريخه، إذ وجد أمامه مقاتلين أشداء، وجغرافيا لا تعمل لصالحه، ومعادلة لم يألفها من قبل، كانت تجعله ممسكًا بزمام الأمور يعرف متى يبدأ الحرب؟ ومتى ينهيها؟ ومتى يعلن النصر؟

إنّ الروح المعنوية للمقاومة هي العامل الأهمّ في ترميم الهوة بين المقاومة والجيش الإسرائيلي في العدد والعدة، وهي روح محمولة على الكفاح، والإيمان بقضية وطنية، والثقة في إمكانية هزيمة إسرائيل، والتوظيف العلمي لطرائق الحرب النفسية، والتنفيذ المبهر لأسلوب حرب العصابات، ومعها قدرة الشعب الغزّي على الصمود واستعداده للتضحية.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logoمن نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الجیش الإسرائیلی الروح المعنویة

إقرأ أيضاً:

الجزيرة ترصد أوضاع مدارس الطوارئ بمخيمات النازحين في السودان

وسط ظروف استثنائية فرضتها الحرب في السودان تواصل مدارس الطوارئ في مخيمات النازحين بولاية كسلا شرقي البلاد مهمتها في توفير التعليم للأطفال النازحين رغم التحديات الكبيرة التي تواجهها على المستويين البيئي والإنساني.

ورصد مراسل الجزيرة الطاهر المرضي هذه الأوضاع في مخيم المطار للنازحين، إذ تحولت الخيام إلى فصول دراسية تستقبل أكثر من ألفي طالب وطالبة يحافظون على شغفهم بالتعليم رغم قسوة الظروف.

ويخلع الطلاب أحذيتهم عند دخول الفصول ويجلسون على الأرض في ظل غياب المقاعد والطاولات التي باتت ذكرى من ماضٍ أكثر استقرارا.

وتصف المعلمة أميرة واقع التدريس في هذه الظروف الاستثنائية قائلة "في مدارس الطوارئ كل شيء تغير، الفصل مكتظ بـ230 تلميذة، والمفترض أن يكون 18 أو 20 من أجل المتابعة"، مضيفة أنها تواجه صعوبات في التصحيح ومتابعة هذا العدد الكبير من الطالبات.

ويشرف على العملية التعليمية في المدرسة معلمون من مختلف التخصصات، وهم أنفسهم نازحون اضطرتهم الحرب إلى ترك منازلهم، وقد تم تقسيم أيام الأسبوع مناصفة بين البنين والبنات، مع ملاحظة أن صفوف البنات تشهد اكتظاظا أكبر مقارنة بصفوف البنين.

ومن القصص المؤثرة في المدرسة قصة أبو ذر، وهو طالب في المرحلة المتوسطة ويجمع بين التعليم والعمل، حيث يقضي صباحه في الفصل الدراسي، وفي المساء يعمل في صيانة الفحم لمساعدة أسرته وتأمين مصاريف دراسته.

إعلان

وتتفاقم المأساة مع وجود أكثر من 60 طفلا في سن التعليم وصلوا إلى المخيم وهم يعانون من اضطرابات نفسية، وتحاول الطبيبة النفسية نهاد مساعدة هؤلاء الأطفال من خلال الموسيقى والرسم.

وتشير نهاد في حديثها إلى أن آثار الحرب ظهرت جلية في رسومات الأطفال التي تحفل بصور الأسلحة والجنود، مما دفعها إلى العمل على دمجهم مع زملائهم في المدرسة.

وفي خضم هذا الواقع المرير تبقى الآمال معلقة على مستقبل أفضل لهؤلاء الأطفال الذين يواصلون تعليمهم رغم كل الصعاب، فمع كل رسمة يخطونها وكل كلمة يتعلمون نطقها يتجدد الأمل في أن طفل اليوم الذي يرسم زهرة قد يتمكن غدا من زراعة حديقة من الأحلام.

ومنذ منتصف أبريل/نيسان 2023 يخوض الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حربا خلّفت أكثر من 20 ألف قتيل وما يزيد على 14 مليون نازح ولاجئ، وفق تقديرات الأمم المتحدة والسلطات المحلية.

مقالات مشابهة

  • خبير عسكري: الجيش الإسرائيلي كان يستهدف الضفة الغربية أثناء الحرب على غزة
  • الجزيرة ترصد أوضاع مدارس الطوارئ بمخيمات النازحين في السودان
  • الجيش السوداني يعلن سيطرته على أكبر مدينتين بولاية الجزيرة
  • السودان.. الجيش يعلن استعادة السيطرة على عدة مدن في ولاية الجزيرة
  • أستاذ علوم سياسية: إسرائيل مارست كل أنواع الكذب والتضليل في عدوانها على غزة
  • أستاذ علوم سياسية: الاحتلال الإسرائيلي يمارس كل أنواع الكذب في حرب غزة
  • فاصل كوميدي جديد قدمه الهالك في خطاب رفع الروح المعنوية المنهارة
  • الجيش السوداني يتقدم في ولاية الجزيرة ويهاجم دفاعات الدعم السريع
  • في الجولان..موالون للأسد في سوريا يفتحون النار على الجيش الإسرائيلي
  • الجيش الإسرائيلي: إطلاق صاروخ اعتراضي نحو هدف جوي في منطقة زرعيت شمالي إسرائيل