RT Arabic:
2025-04-07@09:43:31 GMT

نهج تركيا

تاريخ النشر: 20th, June 2024 GMT

نهج تركيا

حول انتهاج أنقرة سياسة عدم التبعية للغرب، كتب المحاضر في جامعة الصداقة بموسكو، فرهاد إبراهيموف، في "إزفيستيا":

مثل البرق في سماء صافية، جاء التصريح الذي أدلى به وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، في أوائل يونيو/حزيران، بأن أنقرة تريد الانضمام إلى مجموعة بريكس. فبذلك، توضح أنقرة أنها تنوي التخلص من النفوذ الغربي في شؤونها الداخلية والخارجية.

تركيا، ترى في الانضمام إلى بريكس وسيلة لتعزيز سيادتها وتخفيف تأثير ضغوط واشنطن.

بشكل عام، يصدر عن تركيا مؤخرًا مزيد من التصريحات التي تنأى بها عن السلوك العام لحلف شمال الأطلسي. وقد أوضح أردوغان نفسه أن الحلف إذا قرر إعلان الحرب على روسيا، فلا ينبغي أن يعتمد حتى على بلاده.

تدرك تركيا جيدًا أنه في حالة نشوب حرب واسعة النطاق، فإن الوضع في العالم سينزلق بالتأكيد إلى عواقب لا يمكن التنبؤ بها، وسيتعين على أنقرة اتخاذ خيار واضح، وهو ما تتجنبه بوضوح.

ويطرح المراقبون الأتراك، من السلطات والمعارضة، وأولئك الذين لا ينضوون تحت أي جناح سياسي، السؤال نفسه: لماذا يجب أن تقاتل بلادهم من أجل أوكرانيا، ولماذا يجب أن يموت الأتراك من أجل طموحات زيلينسكي العميل الأميركي؟ وبشكل عام، ماذا فعلت أوكرانيا لتركيا حتى تحميها؟

كييف، بالنسبة لأنقرة، ليست أكثر من "حقيبة بلا مقبض"، كانت تثير الشفقة قبل سنوات قليلة، واليوم لا يأتي منها سوى المشاكل.

 

المقالة تعبر فقط عن رأي الصحيفة أو الكاتب

المصدر: RT Arabic

كلمات دلالية: أوروبا الاتحاد الأوروبي جو بايدن حلف الناتو رجب طيب أردوغان فلاديمير بوتين

إقرأ أيضاً:

مازق المثقف في المنفى: بين التماهي والهويات المنقسمة

ليس من السهل أن تستقر الذات في مكان لم يُصغَ لها فيه خطاب أول. لا لأن العالم الجديد معادٍ بالضرورة، بل لأن الداخل نفسه بات هشًّا من فرط التحولات المستمرة، مقطوعًا عن جذره الأول، ومنساقًا في الوقت ذاته نحو فضاء لا يرى فيه سوى انعكاس متشظٍ لصورته.

فالهوية لا تُختبر في صدام الحضارات، كما يُروَّج، بل في التفاصيل اليومية: نبرة الصوت، الطريقة التي تُقال بها الحقيقة، والمسافة الدقيقة بين ما يُقال فعلًا وما يُفهم. تتسرب الهيمنة من الأبنية الكبرى إلى العلاقات الصغيرة، وتعيد تشكيل موقع الفرد لا باعتباره مجرد مهاجر، بل كذات يتم تكييفها داخل بنية رمزية كاملة، تُعيد قولبة طموحاته، لغته، وحتى طريقته في التفكير.

حين يكون المرء من خلفية تحمل أسئلة عن العدالة، والطبقية، والمقاومة، يجد نفسه أمام معضلة دقيقة: كيف يعبّر عن نفسه في بيئة لغتها مشبعة بشروط لم يصنعها؟ كيف يكتب دون أن يكون ملزماً بتعريف نفسه أولًا، وتفسير سياقه ثانيًا، وتبرير موقعه ثالثًا؟ لا تُطرح هذه الأسئلة علنًا، لكنها تعيش في المفاصل: داخل الحوارات الثقافية، داخل المقالات، داخل قاعات المؤتمرات التي لا تطلب منك أن تُفكّر بقدر ما تطلب منك أن تُبرهن على قدرتك على “الاندماج” السلس.

ثم يأتي الثمن الباهظ: أن تقول الحقيقة، لكن بلغة الآخر. أن تمرر أفكارك عبر وسائط غير محايدة، عبر قنوات مشروطة بمقاييس تمثيل مسبقة. لا يُطلب منك أن تكون ذاتًا حرّة، بل أن تكون ناطقًا باسم غيابٍ دائم. حتى حين تُعبّر عن قضاياك، يُفترض بك أن تفعل ذلك بلهجة لا تُربك المستمع، بل تُقنعه، تُعلي من شأن حسّه الإنساني، دون أن تُهدد موقعه الرمزي.

ورغم كل هذا التوتر الكامن، لا يمكن إغفال المفارقة المُرّة: فالمثقف الذي يُفترض فيه أن يكون منتجًا للمعنى وناقدًا للمنظومات، يتحول أحيانًا إلى كائن أدائي يُستحضر عند الطلب، ليلعب دورًا مرسومًا مسبقًا في عروض تمثيلية حول “الآخر” و”الشرق” و”الإسلام” و”المرأة” و”الاستعمار”. يُسمَح له بالكلام فقط ما دام صوته متناغمًا مع الإيقاع المُعدّ سلفًا، ثم يُسحب الميكروفون فور انتهاء دوره.

وما هو أكثر خفاءً من هذا الاستبعاد الصريح هو تلك اللحظة التي يبدأ فيها، من دون وعي منه، بإعادة تقديم نفسه على مقاس التوقعات الخارجية، كأن وجوده لا يكتمل إلا من خلال مرآة الغير. وفي هذا التماهي الناعم مع شروط اللعبة، تُطمس الحدود بين المقاومة والتواطؤ، ويبدأ المحو الرمزي في ارتداء قناع التمثيل والاحتفاء.

لننظر إلى بعض النماذج الحية: المفكر اللبناني فواز طرابلسي، والأكاديمية المصرية الراحلة فريدة النقاش، والكاتبة العراقية هناء أدور، وغيرهم من المثقفين الذين رغم اشتغالهم في بيئات غربية، ظلوا يقاومون بذكاءٍ ناعمٍ هيمنة السردية المركزية الغربية، دون أن يسقطوا في فخ الضحية الدائمة.

لكنهم في المقابل ظلوا تحت مطرقة “التمثيل”: هل هم ممثلون لثقافة عربية؟ أم ناشطون أم أفرادٌ كونيون؟ ولماذا يُفترض بهم دائمًا أن يكونوا صوتًا لغيرهم؟ هذه أسئلة تُسائل البنية الأخلاقية والمعرفية للمؤسسة الأكاديمية الغربية ذاتها، وتكشف كيف أنها، رغم انفتاحها الظاهري، لا تزال تحكمها بنية سلطة ناعمة تتطلب الخضوع، ولو في صورة اللباقة والتكيف.

الأديب السوداني الطيب صالح، حين كتب “موسم الهجرة إلى الشمال”، لم يكن يعرض تجربة مصطفى سعيد فقط، بل كان يرسم فداحة هذا الاغتراب المزدوج: مغترب عن وطنٍ يكاد ينساه، ومغترب داخل وطنٍ جديد لا يعترف به إلا ككائن غريب، مسلٍّ أحيانًا، خطيرٍ أحيانًا، لكنه نادرًا ما يُنظر إليه كذاتٍ فاعلة.

قال الطيب صالح: “إنني أُفكر في ذلك الرجل الذي ذهب إلى أوروبا، ثم عاد، وكان في عينيه شيء لا أعرفه”، وهذا “الشيء” هو بالضبط ما نحاول أن نحلله هنا: تلك الشروخ الدقيقة في الوعي، التي تتسلل من تماس الثقافات، وتنتج فردًا ممزقًا بين مرجعيتين، لا يستطيع الانتماء الكامل لأيٍّ منهما دون أن يخون الأخرى.

لم يكن الطيب صالح مجرد مراقب للأزمة التي تتولد من الاغتراب بين الثقافات، بل كان جزءًا من هذه المعادلة. فقد عاش في لندن ودرس فيها، وتزوج من إنجليزية، ليختبر بشكل مباشر تلك المسافة النفسية والجغرافية بين الشرق والغرب. كانت تجربته الشخصية، كما جسدها في مصطفى سعيد، تتجاوز مجرد سرد قصة فردية، بل كانت تتعلق بمفارقة عميقة: كيف يتماهى الفرد مع ثقافة جديدة في حين يظل ملزمًا بتفكيك هويته الأصلية.

مع إقامته في الغرب، عاش صالح ذاته كما لو كانت في حالة تفاعل دائم مع بيئة أخرى، ولكنّه لم يسلّم بسهولة لمفهوم الاندماج المريح الذي يروج له الغرب. فكان في كل خطوة من خطواته يحاول التوفيق بين كونين لا يلتقيان دائمًا.

في هذا السياق، نجد أننا أمام ذات مُراقَبة، ذات تُعِدّ خطابها باستمرار، تخشى الزلل، تخشى التأويل المغلوط، تعاني من فرط الانتباه لذاتها. إنها ذات “منقسمة على نفسها”، كما يسميها لاكان، تتحدث ولكنها تسمع نفسها أيضًا كأنها تتقمص دور المراقِب والمراقَب في آن.

في جلسات النقاش، يلاحظ بعضهم كيف يضبط المثقف العربي نبرته، وكيف يُراجع ألفاظه وهو يتحدث، كأن اللغة أصبحت فخًا، أو كأنها تَجُرُّه إلى طرف من أطراف الصراع الذي يحاول أن يتجاوزه.

تُسائلنا هذه الظاهرة أيضًا عن فداحة المسافة بين الحرية والاعتراف، بين أن تكون ما أنت عليه، وأن يُسمح لك بأن تكونه. الاغتراب هنا ليس ماديًا فحسب، بل هو اغتراب رمزي، هوياتي، نفسي.

لذلك فإن كثيرًا من أبناء هذا المثقف، الذين وُلدوا ونشأوا في الغرب، يتعثرون بدورهم في شبكة من التناقضات: فهم لا ينتمون تمامًا إلى أوطان آبائهم، ولا يشعرون بالطمأنينة الكاملة في أوطان نشأتهم. إنهم يرثون الهشاشة في أقسى صورها: هشاشة لا تُرى، لكنها تدمغ الوعي بقلقٍ دفين، يصعب تشخيصه، ويصعب التعايش معه.

إن هذا كله لا يدعو إلى الرثاء، بل إلى التفكير الجاد. على المثقف أن يستعيد زمام خطابه، لا بردّة فعلٍ هوياتية متشنجة، بل بخلق سرديات جديدة، تمتلك القدرة على مساءلة الهيمنة لا بإنكار الآخر، بل بتعرية شروط ظهوره. المثقف ليس “ترجمانًا” للشرق، ولا “عارضًا” للخصوصية، بل فاعلٌ فكري يعبر السياقات بشروطه، دون أن يتحول إلى مرآة لأحد.

إن أعظم ما يفعله هذا المثقف، هو أن يصوغ من شتاته هويةً مرنة، صلبة، قادرة على قول “لا” دون صراخ، وعلى أن تُسائل دون أن تستجدي الاعتراف. أن يكون شاهقًا في حضوره، لا لأن الغرب اعترف به، بل لأنه اختار أن يكون هو، وسط هذا الركام من الصور المقولبة والمواقف المؤدلجة.

في النهاية، كل اغترابٍ يحمل نداءً داخليًا: أن تبحث عن ذاتك لا بين الجغرافيا واللغة فقط، بل بين المعنى والموقف. أن تظل مخلصًا لما تراه عدلاً، حتى لو تغير السياق، لأن الأصل في الهوية ليس الانتماء، بل الموقف من العالم.

Sent from Yahoo Mail for iPhone

zoolsaay@yahoo.com

   

مقالات مشابهة

  • الرئيس السوري يعتزم زيارة تركيا والإمارات الأسبوع المقبل
  • نجل حفتر في تركيا لتوقيع اتفاقات عسكرية.. ما المصالح التي تربط الطرفين؟
  • إعلامي: زيزو كان يرغب في الانضمام للعين.. ومقربون منه نصحوه بالأهلي
  • أمير هشام: زيزو كان يرغب في الانضمام للعين.. والمقربين منه نصحوه بالأهلي
  • شاب يهدد بإلقاء نفسه من برج ضغط عال على الأوتوستراد في المعصرة
  • نذر مواجهة بين تركيا واسرائيل في سوريا بعد قصف قواعد ترغب بها أنقرة
  • مازق المثقف في المنفى: بين التماهي والهويات المنقسمة
  • رئيس أرمينيا يوقع قانون الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي.. ما موقف روسيا؟
  • دي بروين ينهي قصته مع مانشستر سيتي بصعوبة على نفسه
  • مساعي تركيا لإنشاء قاعدة جوية في سوريا تُثير مخاوف إسرائيل