محمد حامد جمعه نوار .. شراسة الصدق ومعنى كتابة الرأي
تاريخ النشر: 20th, June 2024 GMT
فطرة الثقافة ، واتساع الأفق ، وشراسة الصدق ، هي أوضح خطوط التماس التي تلتقى بانسجام جميل في شخصية ذلك الكاتب الصحفي الذي تخال أحيانا أنك تسمع حتى نبر صوت الكلمات طالعة من بين سطور مكتوباته ، الماتعة السرد ، بمنطق تسلسل باذخ الحسن ، فنخال أننا نقرأ تخييلا في حين أننا نقرأ وقائع حدث مكتمل الوحدات ( الزمان والمكان ) .
محمد حامد جمعة ترى بأي إيقاع من إيقاعات الكلام أبدأ القول عن كاتب صحفي شامل المعرفة ، متعدد المواهب مثل محمدحامد جمعه ؟
والأسئلة تطرح نفسها بإلحاح لا بسبب السعة المعرفية له ، وتنوع إهتمامته فحسب ، بل كذلك لأن الرجل شديد الإنتماء للسودان وأهله بتعدد مشارب ثقافاتهم ، ومواقفهم تجاه الأشياء من حولهم .
وذلك ما جعله يغوص في عوالم الألسن ناظرا إلى الطرائق التي ينطقون بها العربية ، إذ لكل كتلة إجتماعية لهجتها وعاميتها الدارجة ، فذهب محمد حامد جمعه ، إتجاها مبدعا في كتاباته حاقنا شرايين الفصحى ، بدماء العامية الدارجة ، منتقاة من وسط السودان وغربه – أغلب الأحيان – مع دارجة ( أولاد أم درمان ) فتأتلف هذه مع تلك ، وتلك مع هذه ، فيتكون من أمشاج ذلك الإئتلاف ، هجنة دافئة ولغة حنينة تعزز جمالية المنجز الكتابي .
وما تلك الأسلوبية إلا مفتاح الدخول إلى الوجدان الجماعي المشترك لدى الجمهور المتلقي الذي يقصده الكاتب .
بهذا يمكن القول أن محمد حامد جمعه نوار قد اجترح طريقته الخاصة في فن كتابة المقال الصحفي ، مرتكزا على منظومة إشارات تمنح جمهور القراء ، بمختلف مستوياتهم المعرفية ، قدرة على فك شفرات دلالات تلك الإشارات ، من خلال التفاعل بين ملكة الإدراك لدى كل قارئ وثقافة كتلته الإجتماعية ، وموارده اللغوية .
وتلك في تقديري ميزة ، لا يتميز بها إلا كاتب متعدد الزكاءات ، صاحب مخيال واسع ومستودع زاخر بالثقافة المحلية أولا ، ومن ثم علو كعبه في الثقافة الإنسانية ، مكنته على القبض بأدواته ، والتي بها ملك ناصية الإشارات والرموز التي تكشف العلاقة بين المعنى والبنية من جهة ، وبين المعنى والمتلقي ، أي القارئ من جهة أخرى .
كما دأب محمد حامد جمعه ، في أغلب محتويات أو مضامين مقالاته المتنوعة – ولا يزال – أن يجمع بين الرصانة الجمالية في أسلوب إخباريته ، أو تقريريته ، أو تحقيقاته ، أن يدمج في نصه المكتوب ‐ أيا كان – صوته ” الحكواتي ” بأصوات الناس جميعا ، وحالاتهم ، وتقلبات الأحوال عليهم ، ومزيلا باقتدار المتاريس بين النخبوي والشعبي في اللغة ببراعة إستخدامه لها في كتابة النص .
بهذا يجتاز محمد حامد جمعة نوار وبامتياز باهر الإمتحان أو مختبر التلقي التفاعلي الذي تكونه الذهنيات الناقدة من جمهور القراء ، وتسؤلاتهم التى تبدأ منذ لحظة قراءة عنوان المقال :
هذا الكاتب الصحفي لحساب من يكتب ؟
لهذه الجهة أو لتلك ؟
وما الذي يدفعه لأن يكتب اصلا ؟
بيد أن محمد حامد جمعه ، بشراسة صدقه ، وقوة إنتماءه الوطني ، وإدراكه بوظيفة الكاتب ومعنى الكتابة الإبداعية ، يتجاوز الإختبار ، ليصبح علامة مائزة في الكتابة الصحفية ، بل هو تاريخنا الذي نقف عنده عندما تحين ساعة قراءة الحدث وصدق التحليل الذي يكشف بوضوح الحدود بين الموقف السياسي ، والموقف الوطني .
محمد حامد جمعه نوار ، نعده من الكتاب الصحفيين العارفين بإن الزمن هو أصدق كل الكاتبين ، إذ ليس في هذه الحياة كتابة أكبر وأخطر من كتابة وقائع الحياة ؟
فالكاتب المبدع الحق لا يبدع مقالته من أجل عيون العشيرة والقبيلة ، أو يسبح في موجة التيار العالي ، ولا يأخذه سوق الكتابة .
الدكتور فضل الله أحمد عبدالله
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
بحضور حامد بن زايد.. خالد بن محمد بن زايد يزور فعاليات مهرجان الحصن
بحضور سمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان، العضو المنتدب لـجهاز أبوظبي للاستثمار، زار سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، "مهرجان الحصن" الذي تنظمه دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي في دورته التاسعة تحت شعار "تعبير حي عن ثقافة أبوظبي"، وتستمر فعالياته من 25 يناير الجاري حتى 9 فبراير المقبل في منطقة الحصن، للاحتفاء بتراث أبوظبي النابض بالحياة وثقافتها الأصيلة.
كما زار المهرجان سمو الشيخ ذياب بن محمد بن زايد آل نهيان، نائب رئيس ديوان الرئاسة للشؤون التنموية وأسر الشهداء؛ وسمو الشيخ زايد بن محمد بن زايد آل نهيان؛ ومعالي الشيخ شخبوط بن نهيان بن مبارك آل نهيان، وزير دولة؛ والفريق ركن متقاعد الشيخ سعيد بن حمدان بن محمد آل نهيان؛ ومعالي الشيخ خليفة بن طحنون بن محمد آل نهيان، رئيس ديوان ولي عهد أبوظبي؛ واللواء الشيخ محمد بن طحنون آل نهيان، مدير عام شرطة أبوظبي؛ وعددٌ من الشيوخ وأنجالهم.
وأكد سمو الشيخ خالد بن محمد بن زايد آل نهيان أهمية الفعاليات الثقافية والتراثية، لدورها المحوري في غرس قيم الإرث الثقافي الوطني في نفوس الأجيال الناشئة، باعتبارها جزءاً لا يتجزأ من الهوية الوطنية التي تعكس عراقة التقاليد الإماراتية؛ مشيراً سموّه إلى أهمية المهرجان الذي يشكّل فرصة لتعزيز التواصل بين الأجيال وحماية الإرث الثقافي الذي يعكس أصالة الهوية الوطنية ويُجسد القيم الإماراتية.
والتقى سمو الشيوخ، خلال الزيارة، أعضاء اللجنة المُنظمة للمهرجان الذين استعرضوا أهمية هذا الحدث ودوره في الحفاظ على الإرث الحضاري والثقافي لدولة الإمارات والاحتفاء به.
وتفقد سموّهم عدداً من الفعاليات الثقافية والفنية والترفيهية التي يتضمنها برنامج نسخة هذا العام من المهرجان، والتي تحتفي بالعادات والتقاليد الأصيلة وتعكس أصالة وعراقة القيم التراثية الإماراتية.
يذكر أن مهرجان الحصن يُعد عنصراً أساسياً في الأجندة الثقافية لدولة الإمارات، وتحتضن نسخة هذا العام مجموعة من الفعاليات وعروض الأداء وورش العمل التي تحتفي بالهوية الوطنية وتستعرض مهارات الحرف التقليدية الإماراتية إلى جانب مجموعة متنوعة من الأنشطة الفنية التي تسلط الضوء على الجوانب التاريخية لأصالة الموروث الثقافي الإماراتي.
المصدر: الاتحاد - أبوظبي