رغم أن الخرطوم كانت نسبياً تقع على مسافة لابأس بها من كل الولايات، إلا أن السفر عبر مطارها كان بمثابة المعاناة لأهل 17 ولاية يتحتّم عليهم قطع مساحات شاسعة من بلد مترامية الأطراف وصولاً إلى العاصمة عند السفر خارج البلاد او قطع ذات المسافات عند العودة والتوجه نحو الأهل.

فقد كان على مواطني الشمال السفر عبر مطار الخرطوم رغم وجود مطاري دنقلا ومروي، وذات الشئ كان مفروضاً على سكّان إقليم دارفور الذي يبعد أكثر من ألف كيلو متر من العاصمة والذي توجد فيه ثلاث مطارات تأخذ الصبغة الدولية، وغير بعيد عن ذلك فإن أهل كردفان، كسلا، النيل الأبيض، النيل الأزرق وحتى البحر الأحمر كان عليهم أيضا حزم حقائبهم والتوجه شطر الخرطوم إن أرادوا السفر إلى خارج البلاد ويفعلوا ذات الشئ عند العودة.


وكثيراً ما جأر أهل السبعة عشر ولاية من احتكار السفر الدولي على مطار الخرطوم في دولة شاسعة المساحة تفتقد للطرق المسفلتة الجيدة ويعتبر السفر البري فيها عبارة عن قطعة من جحيم، وكثيراً ما طالب سكان الولايات بضرورة تشغيل مطارات أخرى للسفريات الخارجية لتقليل المعاناة، غير أن العقلية المركزية فرضت السفر عبر الخرطوم رغم نجاح تجربة سفر الحجاج من ولاياتهم.

وعقب اندلاع الحرب تفاقمت المعاناة لوجود مطار بورتسودان في أقصى الشمال الشرقي للبلاد، ومطار المدينة الساحلية يبعد عن أقرب ولاية مسافة 500 كيلو وعن أبعد ولاية أكثر من الف كيلو متر، وهذا يعني أن السفر إلى الخرطوم كان بمثابة رفاهية مقارنة بالسفر من والي بورتسودان.

ولتعضيد ماذهبنا إليه نتخذ معاناتنا الأخيرة مثالا، فعقب وصولنا البلاد ومغادرتنا مطار بورتسودان عند السابعة صباحا، خرجنا نحو الساحة الخارجية للمطار التي تقف فيها مركبات نقل الركاب الصغيرة وذلك حتى نتمكّن من السفر إلى ولاياتنا لصعوبة الدخول إلى مدينة بورتسودان لارتفاع درجات الحرارة والرطوبة وعدم وجود حجوزات في الفنادق، عملياً لم تكن هناك إمكانية للحاق برحلات البصات السياحية لأنها تتحرك من بورتسودان عند السادسة صباحا.
وكان خيارنا الوحيد حافلة ركاب صغيرة “هايس” ظللنا جلوسا داخلها وحولها حتى منتصف النهار، وعند الثانية عشر ظهراً امتلأت مقاعدها ونظير 100 الف جنيه للراكب تحركت في طريق بالغ السوء خاصة جنوب دورديب ووصلت إلى مقصدنا مدينة كسلا عند الساعة الحادية عشر ليلاً بعد رحلة شاقة .

وفي ذات يومنا ذلك كان معنا في رحلة طيران بدر عدد من الأخوة من منطقة المحس بالولاية الشمالية لم يجدوا حلا للسفر غير استئجار حافلة هايس نظير 130 ألف لكل راكب، ولم يجد عريس شاب ومرافقيه غير استئجار ليموزين إلى كوستي نظير مليون وسبعمائة ألف جنيه، وكذلك امرأة من المناقل كان عليها قطع تذكرة بمبلغ 120 ألف جنيه للوصول إلى القضارف وقضاء ليلة فيها ثم السفر في اليوم الثاني صوب الجزيرة، وهكذا تتعدد النماذج.
علماً بأن معظمنا قضى ليلة الأربعاء بمطارات خارجية، كما كان يوجد شباب قادمون من أوربا وامريكا عبر قطر ودبي وجدة،القاهرة في ذات صباح الخميس لقضاء العيد مع أهلهم، وهذا يعني ان الإرهاق الناتج من السهر قد امسك بتلابيب القادمين إلى مطار بورتسودان عبر رحلات قادمة من دبي، القاهرة، جدة والشارقة هبطت في وقت متقارب.

كل هؤلاء ما كان لهم ليتجرعوا كأس معاناة السفر من مطار بورتسودان براً صوب الولايات لو تمّ تشغيل مطاري دنقلا وكسلا بجانب مطار العاصمة الإدارية بورتسودان كمرحلة أولى بحكم أن الولايتين يسيطر عليهما الجيش ويظللهما الإستقرار الأمني.

ودخول مطاري كسلا ودنقلا بجانب مطار بورتسودان كان من شأنه تجسير المسافة وتوفير الراحة للمواطن، فمطار دنقلا يمكنه خدمة أهل الشمال والغرب، أما مطار كسلا فهو الأقرب لولايات الوسط والقضارف، وتشغيلهما كان يعني المزيد من الخيارات أمام المواطن وتقليل المعاناة والتكاليف المادية.

خُلاصة الأمر ورغم الظروف التي تمُر بها البلاد إلا أنه من المُمكن ومراعاة لمعاناة المواطن إدخال المزيد من المطارات في المناطق الآمنة للتشغيل للرحلات الدولية، وحدوث هذا يعني عدم تكرار ذات احتكار الخرطوم للسفر الخارجي،كما يمكن حال تعذر تسييّر رحلات دولية عبر مطاري كسلا ودنقلا أن يتمّ تسييّر رحلات داخلية بين مطار بورتسودان ومطاري دنقلا وكسلا والدمازين وذلك لتخفيف معاناة المواطن.

رئيس التحرير
طيران بلدنا

إنضم لقناة النيلين على واتساب

المصدر: موقع النيلين

كلمات دلالية: مطار بورتسودان

إقرأ أيضاً:

الإمارات: الحوار بين الأديان والثقافات ضروري لمواجهة الإسلاموفوبيا

نيويورك (الاتحاد)

أخبار ذات صلة «الأونروا» تحذر من حرمان جيل كامل من التعليم حال انهيارها الحكام يواصلون تقبل التهاني بالشهر الفضيل

أكدت دولة الإمارات ضرورة التصدي للإسلاموفوبيا ومظاهر التعصب الأخرى التي تروج لكراهية الأديان، وتحرض على التمييز والعداء والعنف، سواء ضد المسلمين أو ضد اتباع الأديان الأخرى، مشيرة إلى أن الحوار البناء بين الأديان والثقافات أمر بالغ الأهمية في مواجهة الظاهرة.
وقالت الإمارات، أمس، في بيان ألقته سارة العوضي، عضو بعثة الدولة الدائمة لدى الأمم المتحدة في الجلسة العامة غير الرسمية للجمعية العامة: «إن هذه المناسبة تذكرنا بالحاجة الملحة للتصدي للإسلاموفوبيا ومظاهر التعصب الأخرى، خاصة في ظل تفشي هذه الظاهرة، وتسببها في تأجيج الانقسام والعداء».
وأضاف البيان: «من المؤسف للغاية استغلال المتطرفين لظاهرة الإسلاموفوبيا في المنصات الإلكترونية ووسائل التواصل الاجتماعي، مما أدى إلى تأجيج مشاعر الكراهية، والتحريض في بعض الحالات على ارتكاب أعمال عنف، ومنها تدنيس كتب مقدسة ومواقع دينية».
ومن هذا المنطلق، أكد البيان إدانة الإمارات للدعوات التي تروج لكراهية الأديان، وتحرض على التمييز والعداء والعنف، سواء ضد المسلمين أو ضد أتباع الأديان الأخرى، مشددة على ضرورة اتخاذ إجراءات عاجلة من أجل مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة.
وأكد البيان ضرورة تعزيز جهود الأمم المتحدة الرامية إلى مواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا، حيث يُعد اعتماد الجمعية العامة للقرار (78/264) بشأن «تدابير مكافحة الإسلاموفوبيا» خطوةً هامة تعكس التزام المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات ملموسة. 
وفي هذا الصدد، رحب البيان بترشيح الأمين العام لمعالي ميغيل موراتينوس لتولي منصب المبعوث الخاص لشؤون مكافحة الإسلاموفوبيا، حاثاً على تسريع إجراءات الموافقة على تخصيص الموارد المالية اللازمة لضمان التنفيذ الفوري للقرار، لأهمية ذلك في التصدي الفعال لهذه الظاهرة الهدامة.
كما شدد على ضرورة ترسيخ قيم التسامح والتعايش السلمي، باعتبارها عنصراً أساسياً في مكافحة ومنع ظاهرة الإسلاموفوبيا، لافتاً إلى أن مجلس الأمن اعترف في قراره رقم 2686 بشأن «التسامح والسلام والأمن» بأن خطاب الكراهية والتطرف وأشكال التعصب الأخرى من العوامل التي تضاعف تهديدات السلم والأمن الدوليين. 
ولفت إلى أن هذا القرار يُعتبر أول قرار يتصدى لمسألة الإسلاموفوبيا ومعاداة السامية وكراهية المسيحية، ويدعو إلى اتباع نهج قائم على التنسيق بين الأمم المتحدة والمجتمعات لتعزيز قيم التسامح والتعايش السلمي ومنع نشوب الصراعات. ونحث جميع الجهات المعنية على تنفيذ هذا القرار.
وقال البيان: «يُعدّ الحوار البناء بين الأديان والثقافات أمراً بالغ الأهمية في مواجهة ظاهرة الإسلاموفوبيا، وتجسد (وثيقة الأخوة الإنسانية) التي تم توقيعها بين بابا الفاتيكان وشيخ الأزهر في أبوظبي عام ألفين وتسعة عشر التزامنا الثابت بالحوار كأساس للتعايش السلمي»، مضيفاً أنه من واجبنا جميعاً أن نواصل دعم الجهود الرامية إلى تفكيك المفاهيم الخاطئة، وتعزيز سبل التفاهم والاحترام المتبادل بين جميع الأديان والثقافات.

مقالات مشابهة

  • بولاية شمال كردفان .. 10 آلاف نازح من قرى غرب الرهد يواجهون أوضاعاً قاسية
  • الإمبراطورية العُمانية.. تاريخ مُشرق
  • بين دفتين لن تتكلم لغتي للأديب الناقد د. عبد الفتاح كيليطو
  • إصابة قاسية لكاسادو قد تبعده عن برشلونة لأكثر من شهرين
  • الفساد الإخلاقي في بورتسودان بلغ أوجه
  • بحضور السفير القطري .. إفطار رمضاني بمسجد النور بمدينة بورتسودان – صور
  • حميدتي يعود للظهور محذّرا من تصعيد جديد بالخرطوم ومهددا بورتسودان
  • الإمارات: الحوار بين الأديان والثقافات ضروري لمواجهة الإسلاموفوبيا
  • برتقالية وحمراء.. قائمتان امريكيتان لمنع السفر من وإلى الولايات المتحدة تشمل مواطني عدد من الدول بينها اليمن
  • القوات المسلحة العراقية: مقتل أبو خديجة ضربة قاسية لتنظيم داعش