الهند في طريقها نحو الإقتصاد المتقدم
تاريخ النشر: 20th, June 2024 GMT
نيو دلهي : البلاد
وقد فاجأت بيانات الناتج المحلي الإجمالي الهندية الأخيرة الصادرة في 31 مايو 2024م مرة أخرى حيث نما إقتصاد السنة المالية 2024م بنسبة 8.2% على اساس العالي لنمو بنسبة 7% في السنة المالية 2023 و 9.1% في السنة المالية 2022 في حين يؤكد هذا الإنجاز الملحوظ مرونة الهند في مواجهة الإضطرابات الجيوسياسية المتفاقمة والرياح الإقتصادية العالمية المعاكسة مما يدل على الأسس الإقتصادية القوية للبلاد وصنع السياسات الإستراتيجية .
كما ساهمت عدة قطاعات رئيسية بشكل كبير في الأداء الإقتصادي القوي للهند بما في ذلك القطاعات التصنيع ، والبناء والكهرباء والغاز وإمدادات المياه وخدمات المرافق الأخرى والتعدين والمحاجر والإدارة العامة والدفاع وغيرها من الخدمات الأخرى وتبرز مساهمات هذه القطاعات المتنوعة الطبيعة المتعددة الأوجه للمشهد الإقتصادي في الهند والأهمية الإستراتيجية لكل قطاع في دفع النمو الإقتصادي الشامل للبلاد.
وكان قطاع التصنيع محركاً رئيسياً للنمو والذي توسع بمعدل مثير للإعجاب بلغ 9.9% في السنة المالية 2023-2024 حيث تم تعزيز هذا النمو من خلال الإصلاحات الإستراتيجية والتدابير السياسية الحكيمة التي نفذتها الحكومة بجانب الجهود المشتركة لأصحاب المصلحة في الصناعة . وقد لعبت مبادرة ” صنع في الهند” التي تهدف إلى تحويل الهند إلى مركز تصنيع عالمي دوراً محورياً في توسع هذا القطاع بالإضافة إلى ذلك فإن التركيز على تعزيز البنية التحتية وتحسين سهولة ممارسة الأعمال التجارية وتعزيز الإبتكار وتبني التكونولوجيا كلها أدت إلى خلق بيئة مواتية لنمو التصنيع.
كما اظهر قطاع البناء نمواً مستمراً بنسبة 9.9% مما يشير إلى نشاط اقتصادي قوي وخلق فرص عمل جديدة وقد أدى تركيز الحكومة على تطوير البنية التحتية من خلال برامج مثل ” مهمة المدن الذكية” و “برادهان مانتري أواس يوجانا” إلى تعزيز النمو في أنشطة البناء مما أدى إلى التقدم الإقتصادي وتحسين مستويات المعيشة في جميع أنحاء البلاد بينما نما قطاع الكهرباء والغاز وامدادات المياه والخدمات المرافق الأخرى بنسبة 7.5% خلال الفترة 2023-2024 مما يعكس الدور الأساسي الذي تلعبه هذه الخدمات في دعم أنشطة التصنيع والنمو الإقتصادي الشامل .
كما أظهر القطاع الثالثي الذي يشمل خدمات مثل الإدارة العامة والدفاع والخدمات الأخرى نمواً مستمراً حيث حافظ على وتيرة تزيد عن 7% في الفترة 2023-2024 ويشير توسع هذا القطاع إلى نمو الإقتصادي الذي يعتمد بشكل متزايد على الخدمات في الأنشطة الإقتصادية وتوليد فرص العمل حيث كانت صناعة تكنولوجيا المعلومات والخدمات المدعومة بتكونولوجيا المعلومات والخدمات المالية من بين أمور أخرى مساهماً كبيراً في أداء القطاع الثالث مما يؤكد أهمية وجود قاعدة اقتصادية متنوعة .
علماً أن أحد المؤشرات الحاسمة لصحة الإقتصاد الهندي وآفاق النمو المستقبلية هو اجمالي تكوين رأس المال الثابت الذي بلغ 33.5% من الناتج المحلي الإجمالي للسنة المالية 2023-2024 ويقيس اجمالي رأس المال الثابث صافي الإستثمار في الأصول الثابتة مثل البنية التحتية والآلات والمعدات مما يعكس قدر ة الإقتصاد الهندي على التوسع والتحديث حيث يشير ارتفاع نسبة اجمالي رأس المال الثابث إلى نشاط استثماري قوي والذي يترجم إلى زيادة في القدرة الإنتاجية وخلق فرص عمل ونمو اقتصادي مستدام.
كما لعب التحول الرقمي للاقتصاد الهندي دورًا حاسمًا في دعم النمو. حيث أدى الاعتماد الواسع للتقنيات الرقمية، بفضل مبادرات مثل “الهند الرقمية”، إلى ثورة في مختلف القطاعات، بما في ذلك المالية والرعاية الصحية والتعليم والتجارة. ايضاً أدى نمو المدفوعات الرقمية والتجارة الإلكترونية والخدمات الرقمية إلى زيادة الكفاءة وسهولة الوصول، كما خلق طرقًا جديدة للأنشطة الاقتصادية والابتكار.
كما تحققت الهند خطوات كبيرة نحو الاستدامة البيئية، وهو أمر بالغ الأهمية لمرونة الاقتصاد على المدى الطويل وهو يظهر التزام الحكومة بالطاقة المتجددة من خلال الأهداف الطموحة لقدرات الطاقة الشمسية والرياح، مما يقلل من البصمة الكربونية للاقتصاد من خلال تعزيز أمن الطاقة حيث يتم تعزيز الممارسات المستدامة في الزراعة والصناعة والتطوير الحضري لضمان أن النمو الاقتصادي لا يأتي على حساب التدهور البيئي.
يذكر انه من الآن فصاعداً ، يعد مسار النمو الاقتصادي للهند منارة أمل في ظل المشهد العالمي مليء بالتحديات. كما تعكس نسبة نمو الناتج المحلي الإجمالي المثيرة للإعجاب البالغة 8.2٪ في السنة المالية 2023-24، والتي تقودها القطاعات المتنوعة، مرونة البلاد وبعد نظرها الاستراتيجي. ومن المتوقع أن تصبح الهند اقتصاداً بقيمة 4 تريليون دولار في السنة الحالية 2024-25، و5 تريليون دولار بحلول 2026-27، واقتصاداً بقيمة 7 تريليون دولار بحلول 2030م في حين تستعد الهند لتكون المرتبة الثانية في منطقة آسيا والمحيط الهادئ والثالثة على مستوى العالم بحلول 2030، و”الهند المتقدمة” بحلول عام 2047.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: الهند
إقرأ أيضاً:
جائزة بمليون دولار لمن يفك رموز تُحير العلماء منذ أكثر من 150 عام
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- من سمكة تحت سقف، إلى شخصية بلا رأس، وسلسلة من الخطوط التي تبدو كمجرفة، هذه الرموز جزء من نص غير مُشفَّر تابع لحضارة قديمة متطورة عمرها آلاف السنين.
أثارت الرموز مناقشات ساخنة، كما عُرِضت جوائز نقدية للحصول على إجابات.
وعُرِضت أحدث جائزة الشهر الماضي من قِبَل الوزير الأول لإحدى الولايات الهندية، والتي تَعِد بمنح مليون دولار لأي شخص يمكنه فك شفرة حضارة وادي السند، والتي امتدت عبر ما يُعرف الآن بباكستان وشمال الهند.
قال أستاذ علوم الكمبيوتر في جامعة واشنطن بأمريكا، راجيش راو، الذي حاول حل اللغز لأكثر من عقد: " قد يتم حلّ سؤال مهم للغاية حول فترة ما قبل التاريخ في جنوب آسيا بشكلٍ كامل إذا تمكنا من فك شفرة النص تمامًا".
وفي حال فكّ شفرته، يمكن أن يقدم النص لمحة عن هذه الحضارة من العصر البرونزي، والتي يُعتقد أنّها نافست مصر القديمة وبلاد ما بين النهرين.
لماذا يصعب فك الرموز؟تنتشر بعض المعرفة عن ثقافة وادي السند بفضل الحفريات الأثرية التي خضعت لها مدن كبرى مثل "موهينجو دارو"، الواقعة في ما يُعرف الآن بإقليم السند الباكستاني، على بُعد حوالي 510 كيلومترات شمال شرق كراتشي.
صُمِّمت هذه المدن لتشكل نظامًا شبكيًا مثل مدينة نيويورك أو برشلونة، وكانت مجهزة بأنظمة الصرف، وإدارة المياه، وهي ميزات اعتُبِرت "لا مثيل لها في التاريخ" آنذاك، كما جاء في إحدى الأوراق البحثية.
في عام 1،800 قبل الميلاد تقريبًا، أي قبل أكثر من ألف عام من ولادة روما القديمة، انهارت هذه الحضارة، وهاجر الأشخاص إلى قرى أصغر.
ويعتقد البعض أنّ تغير المناخ كان العامل المحرك لذلك.
لكن ما نعرفه عن حضارة وادي السند محدود مقارنة بثروة المعلومات المتاحة عن الحضارات الأخرى، مثل مصر القديمة، وبلاد ما بين النهرين، والمايا.
ويعود هذا لحدٍ كبير إلى نَصّها غير المشفر، والذي عُثِر عليه بقطع أثرية مثل الفخار والأختام الحجرية.
أما صعوبة فكّ الرموز فيرجع إلى عدّة عوامل، حيث لا يوجد مثلاً الكثير من القطع الأثرية التي يمكن تحليلها، إذ عثر علماء الآثار على حوالي 4 آلاف نقش فقط، مقارنة بنحو 5 ملايين كلمة متوفرة في اللغة المصرية القديمة.
وتُعتبر آثار وادي السند صغيرة جدًا، ما يعني أنّ نصوصها قصيرة.
والأهم من ذلك هو انعدام قطعة أثرية ثنائية اللغة تحتوي على نص وادي السند وترجمته إلى لغة أخرى.
وقالت الباحثة في معهد "تاتا" للأبحاث الأساسية في الهند، نيشا ياداف، والتي عملت مع راو في المشروع ودرست النص لعشرين عامًا تقريبًا إنه حتى بعد عقود "لم يتم فك رموز أي علامة حتى الآن".
نظريات مثيرة للجدللا يُعد فك الرموز مسألة فضول أو دراسة أكاديمية لبعض الأشخاص، بل هو سؤال وجودي عالي المخاطر، إذ يعتقد هؤلاء أنّه قد يحسم الجدل حول من هم شعب وادي السند بالضبط، ولأي اتجاه تدفقت الهجرة، سواءً كانت داخل أو خارج الهند.
هناك مجموعتان رئيسيتان تدّعيان بأنّ حضارة وادي السند تابعة لهما. وتزعم إحدى المجموعتين أنّ النص يرتبط باللغات الهندو-أوروبية، مثل السنسكريتية القديمة، التي تفرّعت إلى العديد من اللغات المُستخدمة شمال الهند الآن.
ويعتقد غالبية العلماء أنّ المهاجرين الآريين من آسيا الوسطى جلبوا اللغات الهندو-أوروبية إلى الهند.
لكن هذه المجموعة تزعم أنّ العكس هو الصحيح، وأنّ السنسكريتية واللغات المتعلقة بها نشأت في حضارة وادي السند وانتشرت نحو أوروبا.
ومن ثمّ هناك مجموعة ثانية تَعتقد أنّ النص مرتبط بعائلة اللغة الدرافيدية المُستَخدمة الآن على نطاق واسع في جميع أنحاء جنوب الهند، ما يشير إلى أنّ اللغات الدرافيدية كانت موجودة أولاً، ومنتشرة على نطاقٍ واسع في جميع أنحاء المنطقة قبل اختفائها مع وصول الآريين إلى الشمال.
كيف يحاول العلماء العثور على الحل؟لطالما أذهل النص الباحثين والهواة على حدٍ سواء، وكرّس بعضهم حياتهم المهنية لحل اللغز.
وحاول البعض، مثل أسكو باربولا، وهو من الخبراء البارزين في هذا المجال، معرفة المعنى وراء علامات معينة.