سلطت صحيفة "وول ستريت جورنال" الضوء على عائق جديد وكبير أمام إيصال المساعدات للمتضررين من الحرب في قطاع غزة، وهو تهريب السجائر، والذي زادت وتيرته لاسيما في ظل ارتفاع أسعار التبغ.

وأشارت إلى أن تهريب السجائر يعد أحدث مظاهر انهيار القانون والنظام في القطاع، ما يتسبب في عرقلة تقديم المساعدات اللازمة لإنقاذ حياة المواطنين الفلسطينيين.

وذكرت الصحيفة أن شاحنات المساعدات ومستودعات التخزين أصبحت أهدافا لتهريب السجائر في الشحنات، كما يقول مسؤولون في الأمم المتحدة وإسرائيل. ويضيفون أنه تتم أيضا مهاجمة المركبات التي يشتبه في أنها تحتوي على سجائر مخبأة.

ووفقا للصحيفة، تباع السجائر بمبلغ يصل إلى 25 دولارا للعلبة الواحدة في غزة، ما يجعل تداولها وبيعها أمرا مربحا للغاية.

إيصال المساعدات في غزة "لا يزال صعبا" (أرشيف)

وأشارت الصحيفة إلى حادث وقع، الأسبوع الماضي، عندما اقترب عدد من الرجال الفلسطينيين من مستودع تابع للأمم المتحدة في وسط غزة، وطالبوا بالوصول إلى المساعدات المخزنة بداخله، وليس من أجل الطعام أو الوقود أو الدواء، بل السجائر المهربة وسط البضائع الإنسانية.

ونقلت الصحيفة عن أحد المسؤولين في الأمم المتحدة قوله إن ثلاثة رجال مسلحين وصلوا، الثلاثاء، إلى مستودع آخر للأمم المتحدة في وسط غزة مطالبين بتفتيش المساعدات، وعثروا على السجائر التي كانوا يبحثون عنها في صندوق المساعدات. وأضاف: "أصبحت السجائر مثل الذهب الجديد في غزة".

وذكرت "وول ستريت جورنال" أنها شاهدت صورة للصندوق الذي يحمل شعار الأمم المتحدة وهو مفتوح، ما يكشف عن علب سجائر كاريليا بداخله.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين إسرائيليين قولهم إنهم عثروا على سجائر يتم تهريبها بين المساعدات أو يحملها السائقون.

وقال فلسطيني مُطلع على عمليات التهريب للصحيفة إن المهربين يقومون في بعض الأحيان بوضع علبة أو اثنتين في البطيخ المجوف أو حشوها في كيس أو كرتونة من البضائع.

تواجه الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية صعوبات معقدة في إيصال المساعدات الإنسانية للمدنيين في غزة

وأضاف: "يجري الإسرائيليون عمليات تفتيش دقيقة على عدد قليل من الصناديق المختارة، لكنهم لا يستطيعون تفتيش كل علبة أو صندوق أو كرتونة".

وقال رجل فلسطيني في دير البلح للصحيفة إنه رأى رجالا مسلحين على متن شاحنات مساعدات يفتحون ثلاثة أكياس طحين سقطت من إحدى الشاحنات لفحصها بعناية. وعندما لم يجدوا شيئًا، قفزوا مرة أخرى إلى الشاحنة وواصلوا طريقهم.

وأضاف الرجل: "لو كانت تلك الحقائب تحتوي على سجائر، لقتل هؤلاء الرجال أي شخص يلمسها".

وأشارت الصحيفة إلى أن أسعار الدخان ارتفعت منذ أن اقتصرت إسرائيل الواردات إلى غزة على السلع الأساسية، والتي لا تشمل السجائر، وذلك بعد هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر والذي أسفر عن مقتل حوالي 1200 شخص، وفقا للسلطات الإسرائيلية. وقُتل أكثر من 37 ألف فلسطيني في الحرب التي تلت ذلك، بحسب السلطات الصحية الفلسطينية.

وأوضحت الصحيفة أن تجارة السجائر استمرت لأشهر، حيث كان الدخان يمر خلسة عبر معبر رفح الحدودي بين مصر وغزة، والذي كانت تسيطر عليه السلطات المدعومة من حماس. لكن عندما سيطرت القوات الإسرائيلية على ذلك المعبر في 6 مايو، أُغلق الباب أمام شحنات السجائر.

الفوضى والقتال يعصب إمكانية تنظيم إيصال المساعدات في غزة

ووفقا للصحيفة، وجد مهربو السجائر طريقا آخر عبر معبر كرم أبو سالم بين إسرائيل وغزة، لكنهم لم يتمكنوا من سحب الشاحنات جانبا لتفريغ حمولتها المهربة، كما حدث في رفح.

وذكرت "وول ستريت جورنال" أن الهجمات الإجرامية على قوافل المساعدات أصبحت كثيفة للغاية لدرجة أن أكثر من ألف شاحنة محملة بالمساعدات تُركت على جانب غزة عند معبر كرم أبو سالم الحدودي مع إسرائيل.

وحتى التوقف الإسرائيلي اليومي عن القتال على طول طريق الإمداد الحيوي لم يكن كافيا لدفع مجموعات الإغاثة إلى نقل الشحنات.

ونقلت الصحيفة عن جماعات الإغاثة، قولها إنه توجد تحديات أخرى إلى جانب تهريب السجائر تعرقل جهود توزيع المساعدات.

دمرت الحرب الإسرائيلية على غزة البنى التحتية والمباني

ووأضافت أن إسرائيل تفرض قيودا على تدفق المساعدات، كما أن القتال وغياب القانون والتدمير الواسع النطاق للطرق والبنية التحتية جعل من الصعب عليهم تسليمها وتوزيعها بأمان في جميع أنحاء قطاع غزة.

وتقول إسرائيل إنها لا تضع أي قيود على كمية المساعدات التي يمكن أن تدخل غزة، وإنها أصلحت الطرق التي تستخدمها قوافل المساعدات، وإن الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الأخرى لم تقم بزيادة قدرتها بما يكفي.

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: إیصال المساعدات الأمم المتحدة فی غزة

إقرأ أيضاً:

كيف يدفع الاحتلال الإسرائيلي إلى الفوضى بغزة عبر عصابات النهب المنظم؟

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للصحفيين آدم راسجون وآرون بوكسرمان من القدس بناء على أكثر من 20 مقابلة مع مسؤولين وعمال إغاثة ورجال أعمال وسكان غزة قالا فيه إن العصابات تملأ الفراغ الذي خلفه الاحتلال الإسرائيلي في بعض أجزاء جنوب غزة، وتختطف المساعدات التي يحتاج إليها السكان الفلسطينيون بشدة.

فبينما كان حازم إسليم، سائق شاحنة فلسطيني، يمر عبر أنقاض جنوب غزة الشهر الماضي بشاحنة محملة بالمساعدات نصب له لصوص مسلحون كمينا لقافلة الشاحنات التي كان فيها.

وقال، عبر الهاتف من غزة، إن أحد المسلحين اقتحم شاحنته، وأجبره على القيادة إلى حقل قريب حيث تم تفريغ آلاف الأرطال من الدقيق المخصص للفلسطينيين الجائعين. وبحلول صباح اليوم التالي، كانت العصابة قد جردت كل الإمدادات تقريبا من القافلة التي تضم نحو مئة شاحنة من المساعدات التابعة للأمم المتحدة، والتي تكفي لإطعام عشرات الآلاف من الناس، فيما وصفته الأمم المتحدة بأنه أحد أسوأ حلقات الحرب.


وقال إسليم، 47 عاما، الذي احتجزه اللصوص لمدة 13 ساعة أثناء نهبهم للدقيق: "لقد كان الأمر مرعبا. ولكن الجزء الأسوأ هو أننا لم نتمكن من توصيل الطعام إلى الناس".

وينتشر الجوع على نطاق واسع بالقطاع، كما فرض الاحتلال الإسرائيلي قيودا على دخول المساعدات إلى غزة ومنع حركة شاحنات المساعدات بين الشمال والجنوب.

وقالت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) هذا الشهر إنها لن تسلم المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم، وهو المعبر الحدودي الرئيسي بين الاحتلال وجنوب غزة، بسبب انهيار القانون والنظام. وتتراكم مئات الشاحنات المحملة بمواد الإغاثة عند المعبر جزئيا لأن جماعات الإغاثة تخشى أن تتعرض للنهب.


وقال جورجيوس بيتروبولوس، وهو مسؤول كبير في الأمم المتحدة ومقره مدينة رفح الجنوبية، إن ما بدأ كمحاولات أصغر حجما للاستيلاء على المساعدات في وقت مبكر من العام ــ غالبا من قِبَل سكان غزة الجائعين ــ أصبح الآن "نهبا منهجيا وتكتيكيا ومسلحا من قِبَل عصابات الجريمة" المنظمة. وأضاف: "هذه مجرد سرقة واضحة".

ويستند هذا التقرير إلى أكثر من عشرين مقابلة مع مسؤولين إسرائيليين ومن الأمم المتحدة، وعمال إغاثة، وسكان غزة، ورجال أعمال فلسطينيين. كما استعرضت صحيفة نيويورك تايمز مذكرات داخلية للأمم المتحدة ناقش فيها المسؤولون عمليات النهب وعواقبها.

تدهور الوضع في غزة بعد أن دخول الاحتلال الإسرائيلي رفح في أيار/ مايو الماضي، سعيا في القضاء على المقاومة في أحد معاقلها الأخيرة٬ واستغلت العصابات المنظمة ـ دون أن يوقفها أحد ـ الفراغ الذي حدث بعد غياب الإدارة المدنية٬ في اعتراض شاحنات المساعدات أثناء توجهها من معبر الحدود الرئيسي إلى جنوب غزة. وتقول منظمات الإغاثة إن هذه العصابات تقوم بسرقة الدقيق والزيت وغير ذلك من السلع وبيعها بأسعار فلكية.


وفي جنوب غزة، ارتفع سعر كيس الدقيق الذي يزن 55 رطلا إلى ما يصل إلى 220 دولارا. وفي شمال غزة، حيث تقل حالات انقطاع المساعدات، قد يكلف نفس الكيس 10 دولارات فقط.

وقد اتهم عمال الإغاثة الدوليون الاحتلال الإسرائيلي بتجاهل المشكلة والسماح للصوص بالتصرف دون عقاب. ولا تسمح الأمم المتحدة للجنود الإسرائيليين بحماية قوافل المساعدات، خوفا من أن يؤدي ذلك إلى المساس بحيادها، وقد دعا مسؤولوها إسرائيل إلى السماح لشرطة غزة، التي تخضع لسلطة حماس، بتأمين قوافلها.

وقد استهدف الاحتلال مرارا وتكرارا شرطة حماس، مما أدى إلى إضعافها بشدة، ويقول السكان إنه نادرا ما يُرى ضباط الشرطة في معظم أنحاء غزة.

وعلى مدى الأسبوعين الماضيين، سمح الاحتلال لبعض شاحنات المساعدات بالسفر على طول حدود غزة مع مصر، وهو طريق جديد تسيطر عليه بالكامل القوات العسكرية الإسرائيلية. وتمكنت وكالات الأمم المتحدة من تجنب اللصوص وتقديم بعض الإغاثة.


ولكن هذا لم يكن كافيا لمعالجة النقص في المساعدات، كما تقول جماعات الإغاثة والسكان. وقد ساهمت الأسعار المرتفعة للسلع التي يبيعها اللصوص في خلق مشاهد يائسة بين سكان غزة العاديين الذين يكافحون من أجل الحصول على القليل من الطعام المتاح بأسعار معقولة.

في أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، تجمعت الحشود بالفعل عند مخبز "زادنا" في مدينة دير البلح بوسط غزة قبل ساعات من افتتاحه، على أمل شراء كيس من الخبز يحتوي على عشرين قطعة بسعر دولار واحد تدعمه الأمم المتحدة. وفجأة، اندلعت الفوضى عندما اندفع الناس العاديون في الحشد ــ بعضهم يحمل السكاكين ــ للوصول إلى مقدمة الصف، بحسب ما قاله عبد الحليم عوض، صاحب المخبز.

وأثناء الاضطرابات، دوت طلقات نارية. وقال إن امرأتين قتلتا وأصيبت أخريات، وتوفيت امرأة ثالثة في وقت لاحق متأثرة بجراحها. ومع تصاعد الاضطرابات، أغلقت جميع المخابز التي تدعمها الأمم المتحدة في جنوب ووسط غزة أبوابها في الوقت الحالي.
وقال عوض: "اليوم، أصبح حلم المواطن الغزي العادي وطموحه هو الحصول على قطعة خبز. لا أستطيع أن أقول أي شيء أكثر حزنا من ذلك".


يقول أصحاب شركات النقل في غزة وسائقو الشاحنات ومنظمات الإغاثة إن عصابات متعددة شاركت في عمليات النهب مؤخرا. لكن العديد من الأشخاص المشاركين في توصيل المساعدات أطلقوا على ياسر أبو شباب، 35 عاما، اسم الرجل الذي يدير العملية الأكثر تعقيدا.

يقولون إن عصابة أبو شباب تهيمن على جزء كبير من حي النصر في شرق رفح، والذي حولته الحرب إلى أرض قاحلة. ووصفه بيتروبولوس، المسؤول الأممي، بأنه "صاحب النفوذ في شرق رفح".

قال إسليم، سائق الشاحنة الذي تعرض لكمين في رفح، إن اللصوص الذين أسروه أخبروه أن أبو شباب هو رئيسهم. وقال عوض عبيد، وهو نازح من غزة حاول شراء الدقيق من عصابة أبو شباب في رفح، إنه رأى مسلحين يحرسون مستودعات تحتوي على صناديق مسروقة من المساعدات التي تحمل علامة الأمم المتحدة. وقال عابد: "طلبت من أحدهم كيسا من الدقيق لإطعام أطفالي، فرفع مسدسا في وجهي".


ونفى أبو شباب نهب شاحنات المساعدات على نطاق واسع، رغم أنه اعترف بأن رجاله ـ المسلحين ببنادق كلاشينكوف الهجومية ـ قاموا بمداهمة عددا من الشاحنات منذ بداية الحرب.

وقال في مقابلة هاتفية: "نحن نأخذ الشاحنات حتى نتمكن من الأكل، وليس حتى نتمكن من البيع"، مدعيا أنه كان يطعم أسرته وجيرانه. "كل شخص جائع يأخذ المساعدات".

إن سيطرة اللصوص على الإمدادات وارتفاع الأسعار تقوض حماس في المناطق التي لا تزال تسيطر عليها. وفي 25 من تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، داهمت قوات الأمن التابعة لحماس الحي الذي يقطنه أبو شباب، فقتلت أكثر من عشرين شخصا، من بينهم شقيقه، حسبما قال أبو شباب.

وأفادت وسائل الإعلام الرسمية التابعة لحماس في ذلك الوقت أن قواتها قتلت عشرين عضوا من "عصابات اللصوص الذين كانوا يسرقون المساعدات".
ومع انتشار عمليات النهب في المناطق التي تسيطر عليها إسرائيل ظاهريا، اقترح سائقو الشاحنات وعمال الإغاثة أن الجيش الإسرائيلي يغض الطرف في الغالب عن هذه العمليات.


وقال بيتروبولوس: "إن القوات الإسرائيلية تتسامح باستمرار مع كميات غير مقبولة من عمليات النهب في المناطق التي تخضع ظاهريا وفعليا لسيطرتها العسكرية".

وفي بعض الأحيان، تنتشر الدبابات الإسرائيلية على طول الطرق الرئيسية التي تسافر عليها شاحنات المساعدات. وقال الوزراء الإسرائيليون إنهم ناقشوا تفويض شركات الأمن الخاصة بحماية قوافل المساعدات الدولية داخل غزة.

مقالات مشابهة

  • الأمم المتحدة: "من المستحيل تقريبًا" إيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة
  • البرهان يدعو الأمم المتحدة إلى اتخاذ إجراءات لتنفيذ القرارات الخاصة بوقف إدخال السلاح لدارفور
  • الأمم المتحدة: إسرائيل تواصل تقييد دخول المساعدات إلى غزة
  • إسرائيل تتبنى رسميًا اغتيال إسماعيل هنية وتهدد بقطع رؤوس قادة الحوثيين
  • الأمم المتحدة: أصبح من المستحيل تقريبًا توصيل المساعدات إلى غزة
  • البرهان يدعو الأمم المتحدة لاتخاذ إجراءات لوقف إدخال السلاح إلى دارفور
  • كيف يدفع الاحتلال الإسرائيلي إلى الفوضى بغزة عبر عصابات النهب المنظم؟
  • البرهان يلتقي لعمامرة ويطالب بوقف إدخال السلاح لدارفور
  • أوكسفام تكشف عدد شاحنات المساعدات التي دخلت لشمال غزة
  • ضبط 5 أشخاص يستغلون الشوارع المحيطة بالمولات لجمع الأموال من أصحاب السيارات