لجريدة عمان:
2024-12-23@11:02:41 GMT

عن الشهرة وتحولاتها

تاريخ النشر: 19th, June 2024 GMT

عن الشهرة وتحولاتها

تحيرني مسألة أن يكون الكاتب مشهورا جدا في حقبة زمنية معينة ثم يغيب نهائيا في الحقب القادمة، كأنه لم يكن ثمة حسرة في المشهد وأسئلة كثيرة. بحب كبير أتابع قراءة حياة ومواقف الكاتب والباحث اللغوي والمفكر المقدسي محمد إسعاف النشاشيبي،1898- 1948 الذي طبّقت شهرته الآفاق في فلسطين والعالم العربي خلال عقود العشرينيات والثلاثينيات والأربعينيات من القرن الماضي.

ما الذي يجعل من أدب كاتب عابرا للزمن أو متجمدا في زمن واحد؟ هذا موضوع بحاجة لبحث، وهذا المقال لن يحاول التوسع في ذلك، سأكتفي بالسؤال، لعل أحدا من علماء الاجتماع الأدبي يسعفنا ببحث، أو مقال.

أطلب من طلابي كثيرا أن يبحثوا لي كتب نجيب محفوظ في المكتبات، في محاولة لدراسة وتأمل توقف شهرة الكتّاب الذين ملأوا الأرض صخبا وأدبا ومعجبين، يعود طلابي بجملة واحدة يرشقهم بها أصحاب المكتبة: (هو في حدا لسه بيقرأ لنجيب محفوظ، هذا قديم). أشعر بغصة وأحاول أن أخفيها عن طلابي الصغار (في المرحلة الإعدادية). كيف سأشرح لهم يا الله أن القديم يمكن أن يكون جديدا، لكنها الذائقة المشوهة التي تحكمت بها سوق الكتب، وتجارتها، وهي أيضا ضياع البوصلة الأدبية في زحام عصر مجنون يبحث عن السريع والمثير والقشري. تعرفت على عالم الكبير المقدسي الفلسطيني محمد إسعاف النشاشيبي من خلال مذكرات لكاتب مقدسي، كتب هذا المقدسي واصفا إسعافا، (بقاموس يمشي على قدمين).

«رحت افتش عن حياة وأثر هذا القاموس البشري الذي ينتمي لأسرة مقدسية أصيلة وثرية جدا هي النشاشيبي» فاكتشفت كتبا له مهمة جدا وآراء في اللغة غاية في الإثارة وإذا به صديق حميم لأحمد شوقي وحسن الزيات والمازني وعبد القادر المغربي والريحاني، من ألقابه: أديب العربية، (وأبي الفضل) تيمنا ببديع الزمان الهمذاني الملقب بأبي الفضل، لأنه كتب على منوال مقاماته. عثرتُ على معظم كتبه في الشبكة العنكبتوية: ( نقل الأديب)، وهو مختارات لأهم أشعار وأخبار العرب، (الإسلام الصحيح) وهو كتاب خطير جدا دافع فيه إسعاف عن الإسلام وضرورته وتسامحه، وترك ضجة كبيرة وردود فعل متواصلة، وكتاب (مجموعة النشاشيبي)، الذي نشر معظمه في مجلة الرسالة المصرية التي رأس تحريرها الكاتب والمحقق والصحفي المعروف حسن الزيات، وغيرها الكثير من الكتب في اللغة والشعر والسرد.

نشأ إسعاف في بيت علم وأدب، والده السيد عثمان بن سليمان النشاشيبي من أبرز رجالات عصره ذكاءً وعلمًا وبسطة حال، تقلب في مناصب الدولة العثمانية حتى أصبح عضوًا في مجلس المبعوثين في الأستانة، ووالدته ابنة الحاج مصطفى أبو غوش الملقب بـ (ملك البر) في جبل القدس وابنة عمة أبيه عثمان، كانت تنعقد حلقات الدرس في بيت والده، وتضم عددًا كبيرًا من أعيان العلماء المقادسة والوافدين، يتقارضون الشعر ويتذاكرون الأدب ومسائل الفقه، ولعل النشاشيبي ارتاد الحلقة مرارًا، وسمع نوادر اللغة والأدب، ورأى الكتب النفيسة في خزائن والده وخزائن الشيوخ.

لا يعرف إسعاف أحد هذه الأيام في فلسطين وإن اقترب من كتبه أحد فيكون ذلك، لأسباب بحثية، للأسف، حتى أصدقاؤه الأدباء في العالم العربي لم يعودوا مثار نقاش أو إعجاب أو إعادة نشر لكتبهم، أتحدث عن المازني كنموذج.

في الأشهر الأولى، من عام 1948 قبل أشهر قليلة من النكبة، سافر إسعاف إلى القاهرة، لطباعة عدد من كتبه، نزل في فندق، وتدافع نحوه أدباء مصر ومشاهير أدبها، بمجرد أن نشرت خبر وصوله جريدة مصرية، لكن القدر لم يمهله، فقد سقط في غرفته بالفندق صريع نوبة قلبية حادة، انتشر خبر رحيل إسعاف في صحف العالم العربي، وشكّل رحيله السريع، صدمة للعديد من الأدباء العرب، الذي كتبوا ناعين إياه غير مصدقين أنه لن يعود بيننا مالئا الدنيا معارك نظيفة في الأدب واللغة والتاريخ.

المصدر: لجريدة عمان

إقرأ أيضاً:

إسعاف جوي لـ 3 إماراتيين أصيبوا في حادث سير بالسعودية

نفّذت وزارة الخارجية، بالتنسيق مع المركز الوطني للبحث والإنقاذ التابع للحرس الوطني، مهمة إسعاف جوي، لنقل ثلاثة مواطنين إماراتيين مصابين تعرضوا لحادث سيارة أثناء تواجدهم في المملكة العربية السعودية، وقد أسفر الحادث عن حالتي وفاة وعدد من الإصابات.

وتم بتعاون ودعم السلطات السعودية، نقل المصابين عبر الإسعاف الجوي إلى مستشفى مدينة الشيخ خليفة الطبية في دولة الإمارات، لاستكمال العلاج بعد تلقيهم الرعاية الطبية الأولية في مستشفى الملك خالد بمدينة حائل في المملكة، بالإضافة إلى نقل جثمان المتوفين إلى أرض الوطن.
وفي هذا السياق، تعرب وزارة الخارجية عن شكرها وتقديرها للسلطات السعودية على تعاونها الكبير ودورها البارز في تقديم الدعم لسفارة دولة الإمارات في الرياض، ما أسهم في إنجاح مهمة الإسعاف الجوي وضمان سلامة المواطنين المصابين وتسهيل الإجراءات لنقل الجثمانين.

مقالات مشابهة

  • أحمد زعيم.. صوت الإبداع الذي يحلّق في سماء الفن العربي
  • عندما تحرق الكتب من أجل رغيف الخبز!
  • إسعاف المنية بشمال لبنان ينفذ 51 مهمة
  • كيف اختزلت حادثة ماغديبورغ مدى الاحتقان الطائفي والعرقي والسياسي الذي ينخر في جسد الوطن العربي؟
  • تركيا.. مقتل 4 أشخاص بتحطم مروحية إسعاف اصطدمت بمستشفى
  • مصرع 4 أشخاص في تحطم طائرة إسعاف بـ موغلا
  • "القومي للمرأة" ينظم لقاء طلابي لرفع الوعي باختصاصات وحدة مناهضة العنف بجامعة طنطا
  • إسعاف جوي لـ 3 إماراتيين أصيبوا في حادث سير بالسعودية
  • تفعيل دور وحدات مناهضة العنف بالجامعات المصرية .. لقاء طلابي بـ القومي للمرأة
  • القومي للمرأة ينظم لقاء طلابي لتفعيل دور وحدات مناهضة العنف ضد المرأة