لجريدة عمان:
2024-06-27@08:05:00 GMT

أحاديث الأعياد

تاريخ النشر: 19th, June 2024 GMT

في السنوات الأولى من حياتنا المدرسية، عقب كلّ عيد، وبعد انقضاء إجازته، اعتاد معلمونا أن يخصّصوا الحصص الأولى، لأحاديث العيد، وكثيرا ما يطرحون هذا السؤال:

كيف قضيت العيد؟

كان الفضول يمدّ عنقه من نوافذ هذا السؤال، فتذهب السكرة، وتعود الفكرة، لكن السؤال يظلّ يبحث عن جواب، ونحتار: من أين نبدأ؟ التفاصيل الكثيرة، تزدحم في أذهاننا، ولكن، هل تصلح كلها للكلام؟ هل سيقابلها التلاميذ الأشقياء بالسخرية؟ وحين يطول الصمت، يطرح المعلم أسئلة تحفيزية من طراز: هل ارتديتم الملابس الجديدة؟ فيجيب الجميع: نعم أستاذ،

هل عايدتم الأهل، والأقارب والأباعد؟

- نعم أستاذ

هل ذهبتم لأماكن اللعب والأراجيح؟

- نعم أستاذ

إذن تكلّموا عن هذا

وتبدأ الألسن بالكلام، وتتدفّق التفاصيل، ولكعك العيد والحلوى حصّة، لابدّ من ذكرها، مثلما للعربات الخشبية التي تجرّها الخيول حصّة، ودواليب الهواء الخشبية المتهالكة الأضلاع، والأراجيح، والألعاب، ولكي تكتمل بهجة العيد لا بدّ من مشاهدة فيلم من أفلام المغامرات التي تُعرض داخل خيمة تنصب في ساحة عامة، أو في قاعة صغيرة، ويذهب البعض إلى حديقة الحيوانات، والمتنزهات، أو يجلس في البيت قبالة الشاشة الصغيرة لمشاهدة الأفلام والبرامج التلفزيونية التي تعرضها القناة الوحيدة، وغالبا ما تكون الإجابات في البداية تطوعية، لمن يرغب بالحديث، وحين تنتهي أحاديث الراغبين ويسود الصمت، يبدأ المعلم باشراك بقية التلاميذ، وكثيرا ما يكون بالدور حسب العدد الموجود في الصف، وعادة تكون الغيابات كثيرة بعد إجازة العيد، فالجميع يعرف أن اليوم الأول بعد الإجازة تكون الدراسة به غير منتظمة، وليس الدوام في الصفوف سوى تزجية وقت.

ونعود إلى سؤال المعلّم، المحرج: كيف قضيت العيد؟

قلّة من التلاميذ يقولون إنهم قرأوا قصصا مسلية، اشتروها، من مكتبات صغيرة، بما حصلوا من (عيديّات) سخيّة، وفي النهاية معظم إجاباتنا تكون متكرّرة، كوننا نعيش في مدينة امتصّ الفقر دمها، وأكل أطرافها، وجعل أيامها متشابهة، خالية من الألوان، سوى ألوان العيد، وبعد أن ينتهي الجميع من الكلام، يطلب المعلّم الانتقال إلى المرحلة الثانية وهي الأصعب، كونها مرحلة الانتقال من الشفاهية إلى التدوين، عندما يطلب المعلم من التلاميذ تحويل الأحاديث إلى نصوص في دفاتر التعبير، فيسود الصمت، فالجميع يفكّر بكيفية تحويل الكلام الدارج العادي إلى نصّ مكتوب بلغة عربية فصيحة، خالٍ من الأخطاء الإملائية، طبعا الأخطاء النحوية واردة جدا، ولكن يشفع لنا كوننا لم نكن نعرف النحو، ولم ندرسه، ولاحقا درسناه تحت مسمّى (درس القواعد)، ولكن المعلّم لا يتركنا لوحدنا في متاهة سؤاله، فيقوم بمساعدتنا، وشيئا فشيئا ننجز المهمة، وإذا اتّسع وقت الحصّة، يختار المعلم بعضها للقراءة أمام التلاميذ، لينال أصحابها التصفيق، وكلمات ثناء من المعلم، وعلامة في دفتر الدرجات.

وحين يرنّ الجرس معلنا نهاية الحصّة، نغادر الفصول، فيما تبقى أحاديث العيد مستمرّة.

وعيدا بعد عيد، صرنا نجهّز أنفسنا لنجيب عن سؤال المعلّم: (كيف قضيت العيد؟) بكلّ أريحية، فنسعى لملء أيام الأعياد بكل ما يتاح لنا من تفاصيل تجعلنا نتباهى بها أمام زملائنا، تلك التفاصيل لو استرجعناها، وقارناها بأعياد هذه الأيام لاستغربنا بساطتها، فوجه الحياة تغيّر، وتغيّرت معه الأعياد، فالقناة التلفزيونية الواحدة صارت مئات القنوات، ووسائل التواصل الاجتماعي أصبحت تأتي بالعيد لبيتك، والمولات المليئة بالمطاعم والأسواق تفتح أبوابها على مدى 24 ساعة، والفنادق والمنتجعات توفّر اليوم جوّا من المتعة والاسترخاء، أمّا غرف الضيوف التي تغصّ بالمهنئين، فمعظم وقت جلوسهم يمضونها في قراءة رسائل التهاني التي تصل إليهم عبر هواتفهم النقّالة، فالكثيرون يستقبلون التهاني عبرها، والسفر صار متاحا، للكثيرين، وتلك هي طبيعة الحياة، التغيّر والتبدّل المستمرّان، كما قال الفيلسوف اليوناني هرقليطس: «إنك لا تنزل في النهر الجاري مرتين، فهناك مياه تجري فيه باستمرار»، ومع ذلك لا يزال الأطفال في المناطق العمانية يعيشون تفاصيل العيد بكل حذافيرها، يرتدون الدشاديش ويتحزمون بالخناجر الصغيرة، ويضعون المصرّ (العمائم) على رؤوسهم، وحين يتحصّلون على العيديات يحثّون الخطى إلى مكان (العيود) الذي يزدحم بالباعة الذين ترتفع أصواتهم بنداء (عيود عيود) وسط الأهازيج والفنون الشعبية التقليدية، والرزحات التي تحيي تراث الأجداد، ليشتروا ما يحتاجون إليه من ألعاب ومأكولات وحلوى تشكل مصدر فرح وسرور للصغار والكبار.

وللعيدين، عيد الأمس واليوم نكهة فرح، تعطّر أيّامنا، وتجعلنا نعود لممارسة أعمالنا بروحية جديدة.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: المعل م

إقرأ أيضاً:

ابن كيران: الحكومة فاشلة وتحاربنا بأموال الدولة ودعمها لمستوردي الأضاحي رشوة انتخابية

وجه عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، ورئيس الحكومة الأسبق، مرة أخرى، انتقادات لاذعة للحكومة التي وصف عملها بـ « الفاشل »، وقال في كلمة له خلال الاجتماع الأخير للأمانة العامة لحزبه: « الحكومة فشلت وتفشل في كل شيء تقريبا ».

وحمّل ابن كيران، مسؤولية غلاء أسعار أضاحي العيد، إلى الحكومة، مستنكرا الدعم المالي الذي قدمته للمستوردين بدون أي نتيجة عادت على المواطنين بالتخفيف من التكاليف التي أصبحت باهظة، حيث اكتوت جيوبهم ومر العيد مطبوعا  بعدم السعادة ».

واعتبر المسؤول الحزبي « الدعم الذي قدمته الحكومة لمستوردي أضاحي العيد، بمثابة رشوة انتخابية سابقة لأوانها لأشخاص عندهم الأموال ولهم رصيد انتخابي سوف يستعملونه لصالح من منحها لهم »، مشددا أن « كل الأموال التي توزع في هاته المراحل وبهاته الطريقة، يظهر أنها حملة انتخابية مالية سابقة لأوانها ».

واتهم المتحدث الحكومة بمحاربة حزب العدالة والتنمية، حيث قال: « هاته الحكومة حاربتنا بأموال الريع في المرحلة السابقة، وفي هاته المرحلة تحاربنا بأموال الدولة »، مؤكدا: « نحن ماضون في أداء واجبنا، ليس بطريقة قوية كما هو مطلوب، لكن بطريقة محترمة ».

وفي الصّدد نفسه، أبرز ابن كيران أن حزبه يمارس المعارضة بطريقة مشرفة ومحترمة، ولا تهمّه الانتخابات المقبلة بشكل كبير بقدر ما يهمه البقاء متمسكا بمرجعيته ومبادئه وقيمه، وإن كانت الانتخابات تحظى بالأهمية لكونها تحدد مدى قدرتك كهيئة سياسية على التأثير في الشأن العام.

وقال: « إذا أصبح حزب العدالة والتنمية يبحث عن (« الحْصيْصة ديالو ») من خلال وضع أشخاص ومناضلين في البرلمان والجماعات الترابية ومجالس الجهات، فمن الأفضل أن يندثر، ولا حاجة للمغاربة به »، مضيفا: « علينا أن يبقى حزبنا صوتا ممثلا للمبادئ والقيم والحق والعدل والإحسان والصدق ».

كلمات دلالية أخنوش ابن كيران الحكومة العدالة والتنمية عيد الأضحى

مقالات مشابهة

  • العيد والإجازة
  • لا يشاهدون السينما فى العيد!
  • "قطار الذاكرة" يصل إلى بطرسبورغ (فيديو)
  • أسواق الشارقة للمواشي تستقبل ما يقارب 46 ألف زائر
  • 3 ملايين زائر .. وأُسر عدنية تفضّل أجواء وحدائق صنعاء
  • ابن كيران: الحكومة فاشلة وتحاربنا بأموال الدولة ودعمها لمستوردي الأضاحي رشوة انتخابية
  • معاناة أهلنا في غابات أثيوبيا
  • في غياب حفيد الفراهيدي.. السيد عبدالله بن حمد البوسعيدي
  • كيف عاش اليمنيون فرحة عيد الأضحى؟
  • بحث يصنف التلميذ المغربي ضمن الأقل إبداعاً في العالم