هيبة الرئيس دائمًا من هيبة الدولة.. ينطبق هذا على الدولة - أى دولة - سواء كانت دوله صغيرة أو دولة عظمى..
هذا يعنى أن منصب الرئيس أو الملك أو الأمير هو منصب رفيع المستوى وعظيم التأثير هذا على افتراض أن الدولة هى دولة عادية.. فما بالنا اذا كان هذا الرئيس هو بايدن والدولة هى الولايات المتحدة أكبر قوة فى العالم وإن شئت قل عليها رئيس مجلس إدارة العالم.
هنا من المفترض أن يكون الرئيس متفردا وصاحب مؤهلات وقدرات ومقومات وخبرات تتناسب مع المنصب الذى يشغله.. لكن الصوره التى يبدو عليها الرئيس الأمريكى بايدن اليوم هى صورة غريبة وفريدة من نوعها.. فالرجل يتقلب منذ فترة طويلة بين سقطات وهفوات خطيرة وسقوط جسدى على سلم الطائرة وتعودنا أن يخرج علينا المتحدث باسم البيت الأبيض ليبرر كل حالة.. ولكن تطور الأمر أخيرا إلى أخطر من ذلك.. ففى أقل من أسبوع ظهر بايدن تائهًا فى موقفين متشابهين على التوالى سواء فى سلوكه أو فى طريقة جذبه وإعادته إلى صوابه..
المشهد الأول كان على هامش اجتماع مجموعة السبع الأخير وهو مشهد خطير ويستحق أن نتوقف أمامه.. فالرجل كان يقف مع قادة الدول وهم يشاهدون عرضًا مظليًا، وفجأة تركهم وذهب مع نفسه بعيدًا شريدًا بعد أن قطع مسافة بخطوات متثاقلة وكأنه طفل تائه، ولاحظت رئيسة وزراء إيطاليا جورجيا ميلونى ما حدث فذهبت نحوه بسرعة وجذبته من يديه وأعادته إلى حيث يقف القادة.
اهتمت الصحف ووكالات الأنباء العالمية بالواقعه نظرًا لخطورتها وأعجبنى تعليق وكالة اسكاى نيوز عربية على الفيديو حيث اختصرت المشهد فى كلام صورة من كلمتين «بايدن التائه».
ولأن هذه الواقعة ليست مجرد هفوة أو موقف عابر وتمثل تطورا خطيرا فقد سارع مساعدو بايدن بالبحث عن مخرج وتم إعادة نشر الفيديو فى وسائل الإعلام المساندة أبرزها «الحرة» وزعموا أن الفيديو تم اجتزاؤه وقالوا إنه لم يكن تائهًا، وإنما كان يؤدى التحية للمظليين .. وإذا سلمنا بما قالوه فإن الحدث ينقلنا إلى الأسوأ لعدة أسباب.. أولها مبدأ الدفاع عن رئيس أكبر دولة فى العالم بالقول إنه لم يكن تائهًا هو أمر خطير، والسبب الثانى أن بايدن لم يكن أمامه مظليون ليلقى عليهم التحية باستثناء مظلى واحد كان يجلس على الأرض بعد مروره من أمام القادة وهذا طبقا للفيديو الجديد الذى نشروه.. أما السبب الثالث فيتعلق بالصورة التى ظهر عليها بايدن أمام العالم.. فإذا سلمنا جدلا أنه كان يلقى التحية على مظليين - وهذا غير صحيح- فإن اعادته بهذه الطريقة إلى حيث يقف الزعماء هو أمر يؤكد أن هيبة هذا الرجل قد انتهت ولن تعود..
أما المشهد الثانى فقد كان بداية هذا الأسبوع وبعد مرور أيام قليلة على المشهد الأول .. وكان ذلك أثناء حفل لجمع تبرعات لحملة بايدن الانتخابية بحضور صديقه الرئيس الأمريكى الأسبق أوباما.. ففى نهاية الحفل وجه أوباما التحية للحاضرين وبدأ فى الانصراف لكنه لاحظ أن بايدن قد تاه وتجمد فى مكانه لا يتحرك.. فتوجه نحوه وجذبه من يديه وسحبه حتى خرج به من القاعة وهى نفس الطريقة التى أعادت بها ميلونى بايدن بعد أن كان تائهًا فى حفل المظليين.
إن الحالة التى وصل إليها الرئيس الأمريكى تمس هيبة أمريكا وتدفع نحو تساؤلات تتعلق بالحالة التى ستكون عليها أكبر دولة فى العالم سواء فى الفترة المتبقية من ولايته الحالية أو فى حالة فوزه بولاية ثانية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: رسالة حب ن منصب الرئيس رئيس مجلس إدارة العالم تائه ا
إقرأ أيضاً:
الجارديان البريطانية: الرئيس الأمريكي يختبر حدود السلطة التنفيذية ويهمش الكونجرس.. ويزعزع استقرار الاقتصاد العالمي.. استيلاء «ترامب» على السلطة انقلاب محجوب بالفوضى
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
رأت صحيفة "الجارديان" البريطانية أن الرئيس الأمريكي؛ دونالد ترمب، يثير أزمة دستورية فى الولايات المتحدة، بزعم امتلاكه سلطات واسعة النطاق لتجاوز سيطرة الكونجرس على الإنفاق فى محاولة لمركزية السلطة المالية فى يد السلطة التنفيذية. وإذا نجح فى ذلك، كما يحذر الحائز على جائزة نوبل "بول كروجمان"؛ فسوف يكون ذلك بمثابة انقلاب فى القرن الحادى والعشرين؛ حيث تنزلق السلطة من أيدى المسئولين المنتخبين. ويقول "إن القصة الحقيقية المخفية وراء الحرب التجارية التى يشنها الرئيس هى اختطاف الحكومة"؛ و"كروجمان" محق.
وأضافت "الجارديان" فى افتتاحيتها يوم الثلاثاء الماضي، أنه من خلال اغتصاب السلطة لإغلاق البرامج الحكومية حسب الرغبة - حتى تلك التى يمولها الكونجرس - يمكن لترامب خفض الإنفاق الفيدرالى والضرائب بينما يتظاهر بموازنة الحسابات. فى الواقع، يسرق الفقراء لإثراء الأثرياء.
وتابعت: "فى عالم حيث تم تحريف المصطلحات الاقتصادية لتصوير الاستغلال على أنه "خلق الثروة"؛ فإن جرأة ترامب - وأتباعه - على الاستفادة الشخصية مذهلة. فلسفة ترامب بسيطة: دع الأثرياء يفعلون ما يريدون، مع القليل من الإشراف أو بدونه. ستكون النتيجة ثروة هائلة لقلة مختارة بينما تصبح الحياة أكثر سوءًا وأقصر بالنسبة للكثيرين".
وأشارت الصحيفة البريطانية إلى أن خطة "ترامب" قد بدأت تتبلور فى نهاية الأسبوع الماضى عندما أقال مسئولا رفيع المستوى فى وزارة الخزانة كان يمنع صديقه الملياردير إيلون ماسك من الوصول إلى نظام الدفع الفيدرالي؛ ما أدى إلى كشف البيانات الشخصية الحساسة لملايين الأمريكيين، بالإضافة إلى تفاصيل المقاولين العموميين الذين يتنافسون مباشرة مع أعمال "ماسك".
ويصرف النظام أكثر من ٥ تريليونات دولار سنويا، ويهدف "ماسك" وحلفاؤه، كما كتب المحلل ناثان تانكوس، "بشكل واضح إلى إعادة تصميمه" لخدمة أجندة "ترامب"؛ ما يفتح الباب أمام الرئيس الأمريكى للسعى إلى الانتقام من خصومه السياسيين.
وقال المحلل "تانكوس": "كى نرى التأثير، يكفى أن ننظر إلى إحدى الخطوات الأولى التى اتخذها ترامب:
- تجميد تريليونات الدولارات من الإنفاق الفيدرالى وخاصة على المساعدات الخارجية، والمنظمات غير الحكومية.
- مبادرات التنوع والإنصاف والإدماج، وأيديولوجية النوع الاجتماعي.
- الصفقة الخضراء الجديدة.
وقد منعت المحاكم هذا الإجراء باعتباره غير دستورى ولكن ليس قبل أن يخلف دمارًا هائلًا فى الوكالات الحكومية والمنظمات غير الربحية، وخاصة تلك التى تساعد الفئات الضعيفة مثل المحاربين القدامى المشردين.
ويزعم "ماسك" أنه سيغلق الوكالة الأمريكية للمساعدات الدولية ــ ولكن هذا لا يزال محل جدال؛ لأن هيئة فيدرالية ملزمة قانونًا بإدارة المساعدات.
وكما هو الحال مع حربه التجارية؛ فإن ادعاء "ترامب" بامتلاكه سلطة "الحجز" ــ الحق المفترض فى وقف الإنفاق من جانب واحد ــ يكشف عن التناقض الجوهرى فى استيلائه على السلطة؛ فهو يتصرف مثل الملك لأنه أضعف من أن يحكم كرئيس.
وهو يمارس الرسوم الجمركية متى شاء، متجاوزًا الكونجرس بمزاعم "الأمن القومي" ــ ومع ذلك فقد أبرم صفقة مع المكسيك اعتبرها الجانبان انتصارًا.
ولاية ترامب الأولى
وفى ولايته الأولى، تم تسويق حملة الحماية التى شنها "ترامب" - الرسوم الجمركية على الصين، وتعديل اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية ومهاجمة سياسات التجارة للحلفاء - على أنها ثورة. بدلًا من ذلك، كانت جرحًا ذاتيًا.
وفرضت إدارته ٨٠ مليار دولار فى "ضرائب" جديدة على الأمريكيين من خلال الرسوم الجمركية، فقط لرؤية سلاسل التوريد تعيد توجيهها إلى فيتنام وإندونيسيا بدلًا من إعادة الوظائف إلى الوطن. التكلفة الحقيقية؟ ضربة بنسبة ٠.٢٪ للناتج المحلى الإجمالى و١٤٢٠٠٠ وظيفة مفقودة، وفقًا لمؤسسة الضرائب.
واختتمت "الجارديان" بالتأكيد على أنه بدون استثمار جاد فى الصناعة المحلية، لن تنجح استراتيجية التجارة "أمريكا أولاً" فى إعادة بناء التصنيع الأمريكي؛ بل أدت فقط إلى ارتفاع التكاليف.
وفوضى "ترامب" ليست ثقة - إنها يأس، إنه يحاول استحضار القوة التى لا يمتلكها بالفعل، إنه يصنع تصورًا للهيمنة على أمل أن يقبلها الأمريكيون ببساطة، الخطر الحقيقى هو السماح لوهمه بالقوة أن يصبح حقيقة.