لجريدة عمان:
2024-12-16@18:27:05 GMT

زيارات العيد.. إرث مترسخ في الهوية العمانية

تاريخ النشر: 19th, June 2024 GMT

تتبادل الأسر العمانية خلال العيد الزيارات مع الأقارب والأرحام والجيران في مشهد يعبر عن الترابط الأسري والاجتماعي الراسخ والهوية العمانية المتأصلة التي هي نتاج تراكم زمني ومعرفي من الثقافة الإنسانية التي لم تتأثر بمتغيرات العصر، حيث تحيي الأسر خلال هذه المناسبة مظاهر الفرحة والابتهاج متمسكة بالقيم والعادات الحميدة، وتعيش أجمل اللحظات والذكريات السعيدة، ابتداء من التجمع في بيت العائلة وانتهاء بمحيطها المجتمعي الكبير.

تحدثت الدكتورة أحلام بنت حمود الجهورية باحثة وكاتبة في التاريخ، عضو مجلس إدارة الجمعية التاريخية العُمانية حول تميز المجتمع العماني تاريخيًا منذ العصور القديمة في محافظته على العادات والتقاليد ومنها الترابط الاجتماعي، قائلة: لكل مجتمع من المجتمعات هويته التي تميزه عن بقية المجتمعات، وهذه الهوية تتشكل عبر عناصر متنوعة من الدين واللغة والتاريخ والثقافة المتنوعة التي أخذت عناصرها من عادات وتقاليد من مكونات دينية ولغوية وسكانية وبيئية وهذا الأمر أكسب المجتمع العماني خصوصية وهوية متفردة هي نتاج تراكم زمني ومعرفي لهذا المجتمع، ومن أهم العادات والتقاليد المميزة للمجتمع العماني هو احتفالاته بالعديد من المناسبات الاجتماعية والدينية، وعلى رأسها عيد الفطر وعيد الأضحى المباركين، وما يتخلل ذلك من تعدد أدوات وأساليب الترفيه، ومظاهر الزينة والتطيب، وخصوصية وتفرد الملابس، وتنوع المائدة العُمانية بمختلف الأطعمة والأشربة، ويمكن أن نشير إلى بعض مظاهر تلك العادات والتقاليد منذ القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي، فعلى سبيل الذكر اهتم العمانيون بملابسهم إذ كانت تصبغ بالزعفران والشوران والورس والفوة والنيل.

أما بالنسبة للزينة فقد تنوعت الحلي التي تلبسها المرأة العُمانية، مثل الأقراط والأساور والخلاخل. كما اهتمت المرأة العُمانية بزينة العين، فكانت تستعمل الكحل لإضفاء مظهر جميل يبرز العين وتعددت المواد التي كانت المرأة تستخدمها للاكتحال بها، ومنها: اللاصف، والزاج، والصبر وغيرها.

وقد استعملت بعض المواد النباتية التي تسمى الداروف لزينة الشفاه، حيث تدهن بها وتترك أثرا يميل إلى الصفرة والحمرة، ولا تزال تستعمل حتى اليوم بنفس التسمية، كما اهتمت المرأة العُمانية بزينة الكفين والقدمين، فكانت ألوان الحناء المختلفة مما يزين كفي المرأة ظاهرا وباطنا، وكذلك قدميها، وكانت الحناء واسعة الاستخدام، وخاصة في مناسبات الزواج، ولم تكتف المرأة العُمانية بتلوين كفيها وقدميها، بل كانت تلون ملابسها بالزعفران والورس والمشبع بالعصفر، ليضفي على تلك الملابس لونًا جميلًا ورائحة عطرية فواحة، هذا إضافة لأنواع من العطور والطيوب التي كانت تضعها على جسمها وملابسها. وقد وفرت المراكز التجارية العُمانية المواد التي كانت تستخدم في اللباس والزينة، وقد اشتهرت نزوى بصنف من الثياب المنمقة بالحرير وتتميز بالجودة ولا يصنع ما يشابهها في الأقاليم العربية الأخرى.

مظاهر الابتهاج

وأضافت: تنوعت الأطعمة التي يُعدها العُمانيون وتمتلئ بأصنافها موائدهم، لكن يعتمد طعامهم بشكل رئيس على الحنطة والشعير والأرز، ويُعد الغداء في عُمان الوجبة الأساسية بين وجبات الطعام اليومية، ولعل أشهر الأكلات العُمانية، وأكثرها انتشارا في أنحاء عُمان كوجبة غداء كاملة هي العيش مع المرق، والعيش في عُمان هو تسمية الأرز، والمرق تسمية الإدام، وهو عبارة عن ماء يضاف إلى اللحم أو السمك أو الدجاج، مع شيء من التوابل والبهارات والملح، ولما كان أهل عُمان أهل بحر فقد تنوعت طرق حفظ السمك وطهيه، فهناك السمك المملح الذي يطلق عليه في سهل الباطنة الساحلي (المالح)، حيث يسمون الطازج من الأسماك سمكا، وأما المملح منه فيعرف عندهم بالمالح، وكذلك استخدموا اللحم في غذائهم، ومن الطرق المستخدمة في إعداده الشواء، وكان يتم على حجارة أو جمر أو حديد.

وقالت الجهورية إن العُمانيين يحتفلون كما هو الحال لدى المسلمين بأداء الواجبات والفرائض التي تأمر بها الشريعة في المناسبات الدينية (عيد الفطر وعيد الأضحى)، كالتصدق على المحتاجين، وأداء الصلوات، ولبس الملابس الجديدة، والتزاور وصلة الأرحام. كما تتعدد المناسبات الاجتماعية التي يحتفلون بها، مثل احتفالات الزواج، والاحتفال بالمولود الجديد، والختان وغيرها.

وعن مدى تأثر الترابط الاجتماعي في العيد بتطورات العصر، أوضحت: أثرت تطورات العصر في أشكال الترابط الاجتماعي حيث إنها أخذت أشكال مختلفة ومتنوعة متماشية مع التطورات فيما يتعلق بوسائل التواصل الاجتماعي الحديثة، وعلى الرغم من المآخذ الكثيرة على وسائل التواصل الاجتماعي إلا أنها لا تخلو من فوائد عدة منها أنها سهلت التواصل الاجتماعي بين الأفراد الذين يبعدون مكانيا وزمنيا عن أسرهم بسبب العمل أو الدراسة، كما أنها أوجدت أشكال وقوالب مختلفة للتعبير عن مظاهر الاحتفال بالعيد.

زيادة الألفة

وفي السياق قالت أسماء بنت عبدالله البلوشية عضوة لجنة دعم الأعضاء بجمعية الاجتماعيين العُمانية: تعدد الزيارات بين الأهل والجيران والأنساب والتجمع في ما بينهم له دور عميق في تعزيز الروابط بين أفراد المجتمع العماني وزيادة الألفة والمحبة بينهم بمختلف فئاتهم العمرية والاجتماعية، ومن مظاهر الترابط الاجتماعي في الأعياد بين شرائح المجتمع هو التجمع والتعاون في ذبح الأضاحي وتجهيز المشاكيك والشواء وتقديم مختلف الوجبات العمانية مثل اللحم المقلي مع عسل النحل العماني وخبز الرخال وكذلك تقديم الرز العماني بمختلف مسمياته، وتتميز الضيافة بالحلوى العمانية والعديد من أصناف الحلويات المنوعة.

إضافة إلى إحياء العادات والتقاليد الاجتماعية في المناسبات والأعياد كالفنون الشعبية في مختلف ولايات السلطنة مثل: الرزحة والعيالة والليواء ومختلف الفنون، له من الأثر الجميل على نفوس أفراد المجتمع وهذه الفنون هي عبارة عن مدرسة للأدب والفن وإلقاء الشعر الارتجالي والتغني به.

وفي هذه الفعاليات يجتمع أفراد المجتمع وتترابط القلوب ببعضها وتزداد التلاحمات المجتمعية ويتلقى الأطفال تعليمات غير مباشرة عن أهمية هذه التجمعات وضرورة التمسك بها ونقلها للأجيال القادمة.

بناء جسور الثقة

وعن دور التجمعات الأسرية خلال العيد في تعزز الترابط الاجتماعي، أوضحت البلوشية: يعد العيد السعيد فرصة لتوطيد أواصر الترابط الاجتماعي، فالعيد مناسبة دينية تدخل البهجة والسرور على الكبار والصغار، وله خصوصية ثقافية واجتماعية، فهو يحمل أجمل المعاني، ويعزز أرفع القيم في نفوس جميع أفراد المجتمع.

لذلك تأتي زيارة الأقارب وتبادل التهاني بأهمية كبيرة، حيث إنها تعزز الروابط العائلية والاجتماعية وتعكس قيم الترابط الأسري والتراحم والتآخي فهو مناسبة عائلية تجمع الجميع، سواء على صعيد الأسرة الصغيرة أو الأسرة الممتدة (العائلة الكبيرة)، فيعم الترابط والتراحم والتعاطف، وهو فرصة للتصالح وصفاء الأنفس، وزيادة الترابط المجتمعي قبل الأسري، لذلك فهي تسهم في بناء جسور الثقة والمودة بين الأجيال المختلفة.

وأشارت بأن الترابط الاجتماعي له فوائد عديدة للأفراد والمجتمع، منها تعزيز التلاحم الأسري والعائلي، والشعور بالراحة النفسية، وهذا ينعكس إيجابا على الأجيال القادمة بتعليمهم وتعويدهم في المحافظة على أهمية التمسك بالقيم والعادات للعيد السعيد والحفاظ على هذه العادة الطيبة من حيث استمرار التجمعات العائلية والترابط الأسري وصناعة أجواء اجتماعية متماسكة بعيدا عن الشحناء والخلافات.

وتابعت:لا يخفى على الجميع بأن بعض الأمور الدخيلة تحاول بأن تقلل من هذا التواصل والترابط والتلاحم الأسري، كوسائط التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي التي تحاول بأن تحل بديلا عن هذا التواصل وبديلا عن هذه التجمعات، ولكن لا يمكنها أن تكون بديلا عن الحضور للتهنئة في مثل هذه المناسبات إذ للحضور والمشاركة الأثر الذي لا يمكن أن تحدثه تلك الوسائل مهما كتبت من كلمات، لتبقى جامدة غير فعالة إلا لضرورة مثل البعد المكاني أو نطاقات المعارف الكبيرة، ليبقى التزاور والمواجهة المباشرة هي الأصل في تعزيز الروابط الاجتماعية.

رابط أسري

وقال هشام بن محمد العريمي إن المجتمع العماني بشكل عام محافظ على قيم الترابط العائلي والتكافل الاجتماعي لذا تجده في المناسبات والأعياد يحرص على الاهتمام بالأسرة والأقارب وتعزيز الترابط الاجتماعي من خلال الزيارات والتواصل بين أفراد أسرته ومجتمعه في القرية، مشيرا إلى أهمية تعزيز الترابط الأسري من خلال الزيارات لتقوية العلاقات الأسرية وتجمع الأسرة الواحدة في منزل الجد أو الأب ما يتيح الفرصة للتعرف على أحوال العائلة والتواصل المباشر الذي يقوي الرابط الأسري بينهم والشعور بالانتماء والتماسك الأسري.

وعبرت عهود البلوشية عن رأيها في التجمعات الأسرية وتبادل الزيارات خلال الأعياد والمناسبات بأنه فرصة لإشراك الشباب في التجمعات الأسرية والتقرب من العائلة الكبيرة وفرصة لتبادل الآراء والحوار الفعال بين الأجيال المختلفة وتبادل الأفكار والاطلاع على قصص وأحاديث كبار السن والاستفادة منها كما أن إقامة الفعاليات والأنشطة خلال التجمعات والزيارات الأسرية تعد من الطرق المناسبة لتقوية العلاقات بين جميع أفراد العائلة، مشيرة بأن المناسبات تعد فرصة لإشراك الأقارب البعيدين في التجمعات الأسرية الذين قد لا نراهم إلا في الإجازات لذا تعد الزيارات فرصة ثمينة لتعزيز الترابط المجتمعي والتماسك الأسري.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الترابط الاجتماعی العادات والتقالید التواصل الاجتماعی المرأة الع مانیة المجتمع العمانی الترابط الأسری أفراد المجتمع

إقرأ أيضاً:

272.8 مليون ريال إجمالي الصادرات العُمانية والمبيعات المحلية المؤمنة بكريدت عُمان

شهدت الصادرات العُمانية غير النفطية والمبيعات المحلية المؤمنة بـ «كريدت عُمان» في الربع الثالث من العام الجاري نموًّا بنسبة 5 بالمائة لتبلغ قيمتها 272.8 مليون ريال عُماني، مقارنة بـ 259.1 مليون ريال عُماني في الفترة نفسها من العام الماضي.

كما أظهرت البيانات نموًّا ملحوظًا في المبيعات المحلية المؤمنة بـ «كريدت عُمان» بنسبة 15 بالمائة لتصل قيمتها إلى 126.9 مليون ريال عُماني، مقارنة بـ 110.7 مليون ريال عُماني في الربع الثالث من عام 2023م.

في حين سجلت الصادرات المؤمنة غير النفطية انخفاضًا طفيفًا بنسبة 2 بالمائة لتبلغ قيمتها 145.9 مليون ريال عُماني، مقارنة بـ 148.4 مليون ريال عُماني في الفترة المماثلة من العام الماضي.

وعلى مستوى القطاعات التصديرية، سجل قطاع البتروكيماويات والبلاستيك نموًّا بنسبة 58 بالمائة، مرتفعًا من 13.9 مليون ريال عُماني إلى 22 مليون ريال عُماني، مقابل انخفاض قطاع التعدين بنسبة 42 بالمائة متراجعًا من 2.9 مليون ريال عُماني إلى 1.7 مليون ريال عُماني.

أما في السوق المحلي، فقد حقق قطاع التعبئة والتغليف أعلى نسبة نمو في حجم المبيعات المؤمنة بـ 156 بالمائة؛ حيث ارتفعت قيمته من 155 ألف ريال عُماني إلى 397 ألف ريال عُماني، وسجل قطاع التعدين نموًّا بنسبة 95 بالمائة، مرتفعًا من 329 ألف ريال عُماني إلى 643 ألف ريال عُماني، بينما شهد قطاع مواد البناء انخفاضًا بنسبة 12 بالمائة، متراجعًا من 16.8 مليون ريال عُماني إلى 14.7 مليون ريال عُماني، ونما قطاع السلع الاستهلاكية والغذائية في المبيعات المحلية المؤمنة بنسبة 13 بالمائة، حيث ارتفعت قيمته من 72.2 مليون ريال عُماني إلى 81.4 مليون ريال عُماني.

وأكد الشيخ خليل بن أحمد الحارثي الرئيس التنفيذي لكريدت عُمان أن هذا النمو الإجمالي يعزى إلى التحسن الملحوظ في أداء القطاعات الصناعية المختلفة وخاصة في مجالات التعبئة والتغليف والبتروكيماويات، إضافة إلى النمو المستمر في قطاع السلع الاستهلاكية والغذائية.

وقال: إن كريدت عُمان تسعى لدعم الشركات العُمانية في استكشاف أسواق جديدة وزيادة قدرتها التنافسية وتعزيز حضور الصادرات العُمانية على الصعيدين الإقليمي والدولي، من خلال تقديم خدمات تأمين الائتمان لحماية المصدرين وتخفيف المخاطر التجارية وغير التجارية، بما يسهم في تعزيز النمو الاقتصادي.

وأشار إلى أن خدمات تأمين الائتمان تعزز من حضور الصادرات عبر تقليل المخاطر المالية وتحفيز التوسع وتعزيز القدرة التنافسية، مما يشجع الشركات على استهداف أسواق إضافية ويزيد من استقرارها المالي.

مقالات مشابهة

  • رئيسة الصالون: نسعى لتهيئة فرص التلاقي بين أهل الفكر إضافة إلى اكتشاف وإبراز المواهب العمانية
  • برنامج مودة يؤهل الشباب للزواج عبر ثلاثة محاور لتحقيق الاستقرار الأسري
  • وزير الأوقاف: المفتي الراصد الأول لمخاطر المجتمع التي تهدد الأمن الفكري
  • مفتي الجمهورية: وسائل التواصل الاجتماعي ساعدت على انتشار فوضى الفتاوى
  • النائب أيمن محسب يطالب المجتمع الدولي بالتصدى للانتهاكات الإسرائيلية التي تمس السيادة السورية
  • هزاع بن زايد: التواصل مع أبناء الوطن ترسيخ لقيم التلاحم التي يتحلى بها المجتمع الإماراتي
  • 272.8 مليون ريال صادرات عُمانية ومبيعات محلية مؤمن عليها
  • من نوفمبر إلى مارس.. عوامل انتشار عدوى الفيروسات التنفسية وطرق الوقاية
  • 272.8 مليون ريال إجمالي الصادرات العُمانية والمبيعات المحلية المؤمنة بكريدت عُمان
  • 4 جرائم يناقشها مسلسل ساعته وتاريخه.. أبرزها الابتزاز الإلكتروني والعنف الأسري