675 عنصرا من قوات النظام السوري هي حصيلة القتلى التي وثقها المرصد السوري لحقوق الإنسان منذ بداية العام الحالي وحتى منتصف يونيو، ورغم أن القسم الأكبر من الرقم يرتبط بهجمات تنظيم داعش تشير الإحصائية بالعموم إلى حالة "استنزاف" لا ترتبط بمنطقة بعينها بل تنسحب إلى بقاع جغرافية مختلفة.

الإحصائية توضح أن 330 عنصرا قتلوا على يد التنظيم بين شهري يناير ويونيو وأن الـ345 الآخرين قضوا بحوادث وهجمات تنوعت ما بين الاقتتالات الداخلية وحوادث الفلتان الأمني وعمليات الاغتيال والقتل على يد فصائل معارضة ومتشددين.

ويقول مدير المرصد، رامي عبد الرحمن، لموقع "الحرة" إنها تعطي دلالات على أن "جيش النظام السوري غير مسيطر بشكل حقيقي على مناطق تواجده، وحتى على خطوط الجبهات في شمال سوريا"، وفي درعا جنوبي البلاد.

كما يضيف أن الرقم "الصادم" الموثق لقتلى النظام ترتبط أسبابه بعدة مسارات، إن كان على مستوى منطقة البادية وما تشهده منذ سنوات من هجمات وكمائن واغتيالات أو على مستوى المناطق المعروفة اسميا بأنها تحت سلطة نظام الأسد وقواته، لكن الواقع على الأرض يذهب بخلاف ذلك.

بعد عام 2018 انحسرت العمليات العسكرية على الأرض السورية، وكان هذا التاريخ نقطة مفصلية اختلف ما بعدها عن ما قبلها، حيث سيطرت قوات النظام السوري على محافظة درعا جنوبي البلاد بالكامل، وعززت حضورها على خطوط التماس مع فصائل المعارضة شمالا.

ومع ذلك، ورغم السيطرة الأمنية والعسكرية على درعا تشير إحصائية "المرصد" إلى أن عدّاد القتلى لم ينقطع في المنطقة الجنوبية، حيث قضى عناصر وضباط من النظام بحوادث مختلفة، بينها الاغتيال والتفجيرات بالعبوات الناسفة.

ذات المشهد يخيّم أيضا على منطقة البادية السورية، التي قتل فيها الرقم الأكبر من قوات الأسد مع أن النظام السوري أعلن عدة مرات فرض سيطرته على مناطقها الشاسعة، بعد سلسلة حملات أمنية كانت في غالبيتها بدعم وإسناد روسي.

"الاستنزاف" له أسباب ودلالات

ومنذ أن خسر تنظيم داعش آخر حضور حضري في منطقة الباغوز بريف دير الزور عام 2019 بدأ باستراتيجية تعود إلى ما كان عليه سابقا فيما كان يسمى بـ"دولة العراق والشام"، حسب مراقبين تحدثوا لموقع "الحرة".

تقوم الاستراتيجية على التواجد في البادية السورية ونصب كمائن ومصائد بشكل خاص على الطرقات الرئيسية وفي محيطها.

وعندما تمر قوات النظام من هناك كمجموعات فردية وضمن أرتال سرعان ما تتحول إلى هدف سهل، وسط غياب الدعم أو الإسناد من الجو.

ويعتقد عبد الرحمن أن النظام السوري غير قادر حتى الآن على وقف حالة "الاستنزاف" القائمة، ولو أن لديه السيطرة على ذلك "لما رأينا أعداد القتلى ضمن قواته في ازدياد".

وفي منطقة البادية السورية يتعرض لحالة "استنزاف كبيرة"، وينسحب ذلك أيضا إلى جنوبي البلاد وإلى مناطق في ريف دمشق. ويضاف إلى كل ذلك الاستهدافات الإسرائيلية التي توقع قتلى بين ضربة وأخرى، وفق مدير المرصد.

ويعتبر عبد الرحمن أن كل ما سبق يدل على "حالة فشل في السيطرة الحقيقية" على المناطق التي يقول النظام السوري إنه يسيطر عليها.

وتبعا لإحصائية المرصد فإن حوالي 50 في المئة من قتلى قوات النظام منذ بداية عام 2024 ولغاية تاريخه كانت على يد تنظيم داعش.

ويليها قتلاه على يد "الفصائل والجهاديين" ثم قتلاه الذين وقعوا نتيجة الفلتان الأمني في درعا، وأولئك الذين قتلوا نتيجة اغتيالات وتفجيرات شملت مناطق النظام.

ويأتي في المرتبة التالية العناصر والضباط الذين قتلوا نتيجة الضربات الإسرائيلية، وأقل الذين قضوا كانوا أولئك الذين قتلوا على يد "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد).

ويوضح الباحث السوري في مركز "عمران للدراسات الاستراتيجية"، أيمن الدسوقي، أن الأرقام الموثقة تعطي مؤشرات على "ضعف قدرة المؤسستين العسكرية والأمنية للنظام على مواجهة التهديدات الأمنية القائمة".

ويأتي ذلك في ظل تمدد النظام السوري الجغرافي والقيود التي تفرضها عليه طبيعة الميدان والتفاهمات القائمة، وقدراته التي لم يكتب له بعد ترميمها بالشكل الكافي على صعيد الخبرات والسلاح.

ومن ناحية أخرى، تعطي الإحصائية مؤشرا على اتباع خصوم النظام السوري وأبرزهم تنظيم داعش والجهاديين نمط "حرب العصابات"، بعيدا عن المواجهات المباشرة والمفتوحة.

وما سبق مؤشر على تكيف المجموعات المذكورة مع واقع ما بعد توقف العمليات العسكرية الكبرى، وتنامي قدراتهم على استنزاف قوات النظام التي يبدو بأنها غير مؤهلة بعد لمثل هكذا حروب، بحسب حديث الدسوقي لموقع "الحرة".

ويعتقد الباحث أيضا أن استمرار حاجة النظام السوري لدعم حليفيه الروسي والإيراني للتغلب على المعضلات الأمنية التي تواجهه تصب في ذات الحالة القائمة على صعيد "الاستنزاف".

ويضاف إلى ما سبق تردي الحالة الأمنية في المناطق التي يسيطر عليها، وعدم قدرته على التوسع وضم مناطق جديدة راهنا.

"الرقم قد يكون أكبر"

وتنتشر قوات الأسد في معظم المناطق السورية، دون أن يشمل ذلك المناطق الخاضعة لـ"هيئة تحرير الشام" في إدلب وريفها (شمال غرب)، وفصائل "الجيش الوطني" في ريف حلب الشرقي والشمالي.

ورغم أنه لا سلطة عسكرية أو أمنية لها في مناطق سيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" في شمال وشرق البلاد كانت دخلت إلى هناك بالتدريج وفي إطار "تفاهمات" مع القوات الكردية، منذ عام 2019.

وتخوض تلك القوات الآن عمليات عسكرية في منطقة البادية، التي تنتشر فيها خلايا تتبع لتنظيم داعش.

وكانت هذه الخلايا نفذت سلسلة هجمات خلال الأشهر الماضية، ما أسفر عن مقتل مئات العناصر، غالبيتهم من "لواء القدس"، وهو أحد التشكيلات المسلحة المساندة لقوات الأسد، والتي تحظى بدعم روسي.

ويعتقد المحلل العسكري السوري، العقيد إسماعيل أيوب، أن الرقم الموثّق من جانب المرصد السوري "قد يكون أكبر"، على صعيد قتلى قوات الأسد خلال الأشهر الخمسة الماضية.

ويوضح لموقع "الحرة" بالقول: "لأن غالبية القتلى يتركزون في البادية السورية وأطراف محافظة دير الزور، والطريق الواصل بين حماة والرقة في المنطقة المعروفة باسم أثريا".

وتوجد عدة أسباب وراء حالة "الاستنزاف" الحاصلة، وفق أيوب. 

فمن جانب ترتبط بالحالة الأمنية المتردية في سوريا، وخليط الميليشيات العاملة على الأرض هناك.

وغالبا ما تكون الاستهدافات التي تضرب عناصر وضباط قوات النظام السوري مرتبطة بأفعال وحوادث كان الهدف منها قتل عناصر الميليشيات المساندة للأخيرة.

ومن جانب آخر يضيف أيوب أن حالة "الاستنزاف" يمكن ربطها بغياب الخبرة والتدريب لغالبية العناصر الذين التحقوا بقوات النظام السوري عن طريق "الخدمة الإلزامية"، وتم الزج بهم في المناطق الساخنة مباشرة.

وترتبط أيضا بغياب قدرة النظام السوري على تقديم الدعم الجوي الفوري من سلاح الطيران.

ويشير أيوب إلى أن "الحوامات وسلاح الجو السوري غير قادر في الوقت الحالي على التواجد بشكل سريع في مسرح الأحداث، والذي يشمل مساحات كبيرة، مثل بادية حمص ودير الزور والرقة وغيرها.

"بدلا عن الميليشيات"

وتبلغ مساحة البادية السورية (التي قتل فيها نصف قوات الأسد منذ بداية 2024) نحو 80 ألف كيلومتر مربع. وتقسم على عدة محافظات سورية، بينها دير الزور وحمص وحماة والرقة وحلب وحماة.

وكان النظام قد أطلق سلسلة عمليات تمشيط فيها على مدى السنوات الماضية، وكذلك روسيا التي أعلنت لمرتين عن حملة بغرض القضاء على داعش هناك، تحت اسم "الصحراء البيضاء".

لكن كل ذلك لم يسفر عن نتائج، وعلى العكس زاد "داعش" من شراسته، وحتى أنه بات يوسع من دائرة الاستهداف على صعيد الرقعة الجغرافية.

ولا يعرف بالتحديد عدد عناصر داعش في البادية السورية، أو كيفية بقائهم على قيد الحياة هناك ومصادر الأسلحة والتمويل.

ومع ذلك تشير بيانات القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) إلى أن عدد مقاتلي تنظيم داعش في سوريا والعراق يبلغ نحو 2500 شخص، أي ضعف التقديرات الصادرة نهاية يناير الماضي.  

ويرى المحلل العسكري أيوب أن "الوضع قد يسوء" على مستوى الخسائر التي يتلقاها جيش النظام السوري، ويقول إنه "لا يوجد تقدم للأمام، بل تذهب الأمور بمختلفها إلى الوراء".

ويعتقد أنه وفيما يتعلق بمنطقة البادية السورية فإن "قوات النظام هي من تستوعب الهجمات عوضا عن الميليشيات الإيرانية".

وما يجعلها أكثر عرضة للقتل والوقوع في الكمائن هو "التدريب الضحل والإمكانيات السيئة، وغياب القدرة على الخوض في حرب العصابات لا الحروب الكلاسيكية".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: قوات النظام السوری البادیة السوریة منطقة البادیة تنظیم داعش قوات الأسد على صعید على ید

إقرأ أيضاً:

استدراج الجيش الإسرائيلي لحرب استنزاف

حال إصرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو على مواصلة العدوان على قطاع غزّة ولبنان، لن يكون أمام المقاومة الفلسطينية هناك من سبيل سوى ممارسة "حرب استنزاف"، وصفها أبو عبيدة، الناطق باسم كتائب القسام (الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية – حماس)، بأنها "وحْل غزة"، وذلك في معرض تعقيبه في خطابه الأخير على ضرب جماعة الحوثيين تل أبيب للمرّة الثانية.

وتجربة "حرب الاستنزاف" تخوضها المقاومة الفلسطينية للمرة الثانية في تاريخها، بعد معركة الكرامة عام 1970، حيث جرّب الفلسطينيون على مدار أكثر من نصف قرن وسائل أخرى للكفاح، منها الانتفاضات الشعبية، والعمليات الاستشهادية، والاشتباكات المحدودة عند نقاط التماس، والقصف الصاروخي الذي يرمي بالأساس إلى تخفيض قدرة الجيش الإسرائيلي على تحقيق الأمن للمجتمع اليهوديّ.

نعم، خاضت المقاومة في غزة تجربة التهديد المستمرّ للجيش الإسرائيلي من خلال عمليات فردية وضربات جماعية محدودة، أجبرته على الانسحاب الأحادي من القطاع في أغسطس/آب من عام 2005، لكنها كانت مختلفة في الدرجة والأساليب والكثافة عما تعتزمه في الوقت الراهن، كما أنه لم تكن واقعة في أتون حرب ضروس، إنما في سياق كفاح يزاوج بين الوسائل المسلّحة والمدنية خلال احتلال إسرائيل للقطاع على مدار 38 عامًا.
وحرب الاستنزاف، وفق القواميس العسكرية، هي قتال محدّد مستمر يرمي إلى إضعاف وتدمير أفراد العدوّ، من كافة الأسلحة، وخصوصًا القوات البرية، وكذلك تكبيده خسائر مادية، وتحطيم معنوياته، حين يتم جرّه إلى مواجهات متقطعة أو غير محسومة تستغرق فترة طويلة، تحرمه من بلوغ النصر، وتسمح للمقاومين بترتيب أوراقهم ورصّ صفوفهم؛ استعدادًا لمواجهة حاسمة فيما بعد.

ظهرت هذه الممارسة للمرّة الأولى خلال الحرب العالمية الأولى في الهجمات البريطانية والفرنسية على التحصينات الألمانية، ثم شاعت خلال الحرب العالمية الثانية، لا سيما في معركة ستالينغراد ضد الألمان، بعد استدراجهم إلى أرض يجهلونها، ووسط مناخ لم يألفوه ولم يستعدّوا له.

ومثّلت حرب فيتنام تجربة مهمة لهذا النوع من الحروب، حيث تمّ توريط الولايات المتحدة في مستنقع فيتنام الشمالية، وراحت موسكو وبكين تمدّان المقاومة بالسلاح والمؤونة؛ لإنهاك الجيش الأميركي. وفي اتجاه معاكس فعلت الولايات المتحدة الأمر نفسه بالقوات السوفياتية التي غزت أفغانستان عام 1979 حتى أرهقت تمامًا، وهُزمت في النهاية.

وللجيش الإسرائيلي تجربة سابقة خاضتها ضده مصر، استمرّت من يونيو/حزيران 1967 حتى أغسطس/آب 1970، وكان مسرحها ممتدًا من عمق الدولة المصرية حتى أعماق سيناء، بل ويبلغ ما هو أبعد، حين ضربت مصر حفارًا إسرائيليًا كان راسيًا في ميناء أبيدجان عاصمة السنغال، وكان سيُستخدم في الحفر عن النفط في خليج السويس.

هذه الحرب أرهقت الجيش الإسرائيلي كثيرًا، وحرمته من تعزيز وجوده في سيناء، ومهّدت لمبادرة روجرز التي تمكن الجيش المصري بمقتضاها من بناء حائط الصواريخ الذي أعانه في حرب أكتوبر/تشرين الأوّل عام 1973. لكن هذه التجربة، على أهميتها، كانت لجيش نظامي، حتى لو لجأ إلى أسلوب "حرب العصابات".

ربما تكون تجربة الإسرائيليين في لبنان بين 1982 و2000 هي الأقرب لتجربة غزة التي بدأت منذ توغل الجيش الإسرائيلي في القطاع في نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وإقامة مراكز ثابتة لقواته في بعض المناطق، لكنه لم ينجح في غزة، مثلما تمكّن في لبنان من تكوين مليشيات محلية عميلة، كانت تخوض بعض المعارك والاشتباكات بديلًا له، أو تخفف وطأة ضربات المقاومة نيابة عنه.

وترمي المقاومة في غزة إلى تحقيق عدة أهداف من خوضها حربَ استنزاف ضد الجيش الإسرائيلي، هي:

الاستنزاف المستمر للقدرات البشرية والتسليحية للجيش الإسرائيلي بما يجعل قادته يدركون، في خاتمة المطاف، أن البقاء في قطاع غزة مكلف جدًا. توسيع دائرة المشتبكين مع القوات الإسرائيلية، إذ إن طول بقائها في القطاع، وتلقيها ضربات متلاحقة، سيشجّع بعض شباب غزة على الانخراط في المقاومة، كل على قدر استطاعتِه. وقد نشهد عمليات فردية، يقوم بها من يمكن أن نطلق عليهم "الأسود المنفردة"، علاوة على نجاح المقاومة بالفعل في استقطاب وتجنيد شباب جدد ينضمون إلى صفوفها ذات القوام المتماسك والمنتظم. كما أن مثل هذه العمليات يمكنها أن تنتقل إلى الضفة الغربية بمرور الوقت، وهي إقليم لم تُنزع منه المقاومة، رغم ظروفه السياسية والاقتصادية المختلفة عن قطاع غزة. تحقيق انتصارات في معارك صغيرة أو محدودة، ترفع الروح المعنوية للمقاتلين، ولأهل غزة حولهم، ممن يشكلون حاضنة اجتماعية للمقاومة، فيتعزز صمودهم، ويقوى إصرارهم على البقاء في مكانهم، رافضين الاقتلاع أو التهجير القسري. إبقاء المقاومة فاعلًا سياسيًا في أي ترتيبات لاحقة تخص إدارة قطاع غزة بعد الحرب، على العكس من سعي تل أبيب إلى إبعادها تمامًا عن المشهد السياسي والإداري، حتى لو لم تحقق هدفها الذي أعلنته في بداية الحرب من استئصال فصائل المقاومة. زيادة إنهاك الاقتصاد الإسرائيلي، الذي تأثر عميقًا بهذه الحرب، حيث ضُربت السياحة، وأُغلقت عشرات الآلاف من الشركات الصغيرة، وزاد العبء على الموازنة العامة إثر تخصيص أموال لإيواء النازحين بسبب الحرب، سواء من غلاف غزة، أو من شمال إسرائيل الذي يتلقى ضربات منتظمة من المقاومة اللبنانية. تعميق إدراك المواطنين في إسرائيل للورطة الأمنية التي يعيشونها، إثر تأكدهم من عجز الجيش عن تحقيق الحماية المطلقة لهم وفق ما يعولون عليه دومًا، ويثقون في تمكنه من منع أي أذى من أن يطولهم أو يلحق بهم. وسيؤدي هذا مع الأيام إلى زيادة معدلات الهجرة من إسرائيل، لتتحول إلى دولة طاردة، بعد أن ظلت سنوات طويلة دولة جاذبة لليهود من مختلف أرجاء العالم. يُبقي الاستنزاف القضية الفلسطينية ملتهبة لدى أصحاب الضمائر في العالم بأسره، إذ إن إسرائيل سترد بعنف وقسوة على عمليات المقاومة المستمرة، مفرغة طاقتها الغضبية في المدنيين كالعادة، وهو السلوك الذي جلب تعاطفًا مع تضحيات الفلسطينيين، وجعل إسرائيل تخسر معركة الصورة التي ربحتها على مدار عقود من الزمن.

لقد اعتاد الجيش الإسرائيلي الحروب الخاطفة، أو الاستنزاف المحدود الذي يُطوقه سياج حمائي يقوم به العملاء المسلحون المنظمون، أو ذلك الذي يندلع ضد جيش نظامي يسهل مع الوقت تحديد أنماط عملياته، وطبيعة اختراقاته، ونوع ضرباته، لكنه يجد نفسه الآن في قطاع غزة يواجه تجربة جديدة عليه، زادت قسوتها بالنسبة له من قدرة المقاومة على الصمود نحو أحد عشر شهرًا.

لكن حرب الاستنزاف لا تجري في اتجاه واحد بالطبع، فالجيش الإسرائيلي يريد استنزاف المقاومة أيضًا، لا سيما بعد الحصار المطبق الذي فرضه عليها، معولًا على صعوبة حصولها على السلاح اللازم لمواصلة المعركة، والتمكن من قتل كثير من مقاتليها المدربين جيدًا.

لكن، رغم قسوة الظروف، فإن التأثير السلبي للاستنزاف على قوة تمارس "حرب عصابات" أقل منه لدى جيش نظامي، لا سيما أن المقاومة تعرف أرض المعركة جيدًا، بينما الجيش الإسرائيلي يحاول تحقيق أهدافه في أرض غريبة عليه نسبيًا.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2024 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • مسؤول أميركي يكشف تفاصيل خطة إنهاء مهام قوات التحالف في العراق
  • ظاهرة جوية تضرب مصر غدا السبت.. تزداد كثافتها في 8 محافظات
  • أمريكا تجدد تأكيدها..قواتنا لن تنسحب من العراق
  • استنزاف العالم
  • السيطرة على حريق شب داخل شقة دون إصابات بشرية فى سوهاج
  • تحاكي زلزالا بقوة 3.6.. ما هي صواريخ «المطرقة» التي تضرب لبنان؟
  • مشاهد من داخل ميناء “إيلات” للحظة انفجار الطائرة المسيرة التي أثارت الذعر في الميناء (فيديو)
  • استدراج الجيش الإسرائيلي لحرب استنزاف
  • مكتب الصحافة الإسرائيلي ينشر إحصائية بالأضرار التي خلفتها صواريخ "حزب الله"
  • فلوريدا تستعد لمواجهة "هيلين": أقوى عاصفة تضرب الولايات المتحدة منذ عام