سودانايل:
2024-06-27@08:47:05 GMT

طريق طويل

تاريخ النشر: 19th, June 2024 GMT

ذكر هينري سيسيل جاكسون أحد البريطانيين الذين انخرطوا بالخدمة المدنية في السودان، في العام 1907 "كانت الحمير بنعيقها تستقبل القادمين إليها". أضيف على ما ذكره معاصرةً بعد الحرب وإذا قدر الله أن تنتهي قريباً، فإن مواء القطط وعواء الكلاب الجائعة هي من ستستقبل سكانها. ولسخرية القدر فقد وعد حميدتي بأن العمارات ستسكنها "الكدايس".


تسببت الحرب في تهجير الملايين وتدمير العديد من المدن والقرى، مما أثر بشكل كبير على النسيج الاجتماعي والثقافي للسودان. فقد تضررت المدارس والمستشفيات والمباني الحكومية بشكل كبير، بالإضافة إلى شبكات المياه والكهرباء، مما أدى إلى تفاقم الظروف المعيشية للسكان. وتعرضت العديد من المواقع الأثرية والتاريخية للتدمير أو النهب، مما يشكل خسارة كبيرة للتراث الثقافي للسودان وللعالم. كما أجبرت الحرب الملايين على النزوح من منازلهم، مما أدى إلى أزمات إنسانية حادة. يعيش الكثير من النازحين في ظروف قاسية في مخيمات اللاجئين. علاوة على تعطل الأنشطة الاقتصادية بشكل كبير، مما أدى إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية وارتفاع معدلات البطالة والفقر. تضررت الزراعة والتجارة بشكل خاص. وما تزال الجهود الدولية والإقليمية مستمرة لإحلال السلام وإعادة إعمار ما دمرته الحرب، لكن الطريق طويل وصعب أمام السودان لاستعادة عافيته واستقراره.
فقد طالت الحرب تدمير المتاحف والجامعات إنها ليس مجرد خسارة مادية، بل هو اعتداء على مستقبل الأمم وقدرتها على التعافي والنهضة. هذه المؤسسات ليس لها ذنب في النزاعات العسكرية، بل هي ضحية بريئة تُعاني نتائج قرارات سياسية وعسكرية لا تملك حيالها حيلة. الاعتداء على المتاحف والجامعات هو اعتداء على هوية الشعوب وتراثها، وعلى مستقبل أجيالها في التعلم والمعرفة.
وهذا ما يأخذنا إلى اليابان بعد الحرب العالمية الثانية، كانت اليابان تعاني من دمار شامل في بنيتها التحتية، واقتصادها، ونسيجها الاجتماعي. ومع ذلك، تمكنت اليابان من تحقيق تنمية مذهلة وحققت قفزات هائلة في الاقتصاد والتكنولوجيا خلال العقود التالية. يعود الفضل في ذلك إلى مجموعة من العوامل والاستراتيجيات المتكاملة، يمكن تلخيصها في الإصلاحات الزراعية حيث تم توزيع الأراضي على الفلاحين مما عزز الإنتاج الزراعي ورفع مستويات المعيشة في الريف. كما تبنت اليابان دستور جديد أسهم في استقرار البلاد السياسي. ثم استثمرت اليابان بشكل كبير في نظام التعليم، مما أسفر عن إعداد قوة عمل متعلمة و ماهرة قادرة على تشغيل الصناعات الحديثة والمساهمة في البحث والابتكار. ودعمت الحكومة اليابانية الشركات الخاصة في مجالات البحث والتطوير من خلال سياسات تمويلية وحوافز ضريبية، مما حفز الابتكار والنمو التكنولوجي. واعتمدت سياسات صناعية موجهة من الدولة، حيث ركزت على تطوير صناعات محددة مثل السيارات والإلكترونيات، مما ساعد في بناء قاعدة صناعية قوية ومتنوعة. أضف لذلك ثقافة العمل الجاد، والالتزام، والولاء المؤسسي كانت عوامل أساسية في نجاح اليابان. إضافة إلى قيم الجودة والابتكار المستمر التي تبنتها الشركات اليابانية. بفضل هذه العوامل، تستطيع الدول أن تتحول من دول مدمرة إلى واحدة من أقوى الاقتصاديات العالمية في غضون عدة عقود.
وأقول للذين يروجون عن عدم نهوض السودان من كبوته مرة أخرى بأن رغم جور وطغيان الحكم العثماني في السودان هذا العصر كان مليئًا بالصراعات والتغيرات التي أدت إلى دمار واسع في البلاد ولكن رغم ذلك نهض السودان مرة أخرى. والآن إلى أن تتوقف نيران الحرب فإن القادم سيكون عمراناً ونهضة وتطور لدرء ما صنعته أيدي أبنائها العاقين.

د. سامر عوض حسين
19 يونيو 2024

samir.alawad@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: بشکل کبیر

إقرأ أيضاً:

لماذا تريد إسرائيل عدم استقرار الوضع الشرق الأوسط؟.. خبير يوضح

قال اللواء الدكتور محمد قشقوش أستاذ الأمن القومي بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا، إن الولايات المتحدة الأمريكية، بدأت في دعم دول حلف الأطلنطي بشكل كبير بعد توسعه، مضيفا أن الوضع أصبح ليس مريحا مع روسيا.

بالفيديو.. رامي جمال يطرح أغنيته الجديدة "يا دمعي" عاجل.. سماع دوي انفجار كبير في هضبة الجولان المحتلة بسوريا

وتابع أستاذ الأمن القومي بالأكاديمية العسكرية للدراسات العليا، خلال لقائه مع الإعلامية عزة مصطفى ببرنامج صالة التحرير المذاع على قناة صدى البلد، أن روسيا تدعم نفسها بشعبها، وتسعى لـ كسب رضا الصين وكوريا الجنوبية، وكذلك مصادقة إيران لأن بينهما حدود مشتركة.

وذكر اللواء الدكتور محمد قشقوش، أن الولايات المتحدة الأمريكية تدعم إسرائيل بشكل كبير، مضيفا أنه دولة إسرائيل لا تريد أن يستقر الوضع الشرق الأوسط.

وتابع: إسرائيل تعيش بعدم الاستقرار في الشرق الأوسط، وهناك دول ضحية مثل لبنان، موضحا أن الولايات المتحدة تتحرك في إطار دعم إسرائيل والحلف الأطلنطي، من خلال الدعم المادي الكبير ودعم بالأسلحة المتطورة، لترفع من طاقة الجيش الإسرائيلي.

كما أشار إلى إسرائيل تمتلك مزايا ضخمة من خلال الدعم المقدم من الولايات المتحدة الأمريكية، مضيفا أن إسرائيل دولة صغيرة ولكنها قوية وأصبحت مؤخرا تضم بعض المناطق وتتوسع بشكل مقلق.


 

مقالات مشابهة

  • طرفا القتال في السودان مسلحان بما يكفي لصراع طويل الأمد
  • منير فخري عبدالنور: جبهة الإنقاذ تعاملت بجدية مع «تمرد» منذ البداية
  • لماذا تريد إسرائيل عدم استقرار الوضع الشرق الأوسط؟.. خبير يوضح
  • بسبب المقاطعة .. انهيار كبير في مبيعات سلسلة مطاعم عالمية بالأردن
  • أسباب فشل جهود الأمم المتحدة في السودان
  • برشلونة يخسر لاعبه لصالح تشيلسي
  • أسباب التغيرات المناخية وارتفاع الحرارة بشكل كبير (شاهد)
  • بنك السودان يوجه المصارف بتمويل أنظمة الطاقة الشمسية  
  • كاتب صحفي: مصر تتصدر دول إفريقيا في الاستثمار الأجنبي المباشر
  • مسئول ياباني: الحكومة ستستجيب بشكل مناسب في أي وقت لتحركات "الين" السريعة