بعثة دولية لتقصي الحقائق:

قال رئيس البعثة الدولية المستقلة لتقصي الحقائق في السودان، محمد شندي عثمان، إن "التجاهل الصارخ" لحقوق الإنسان الأساسية والقانون الدولي الإنساني منذ اندلاع الصراع في البلاد أدى إلى أعمال قتل ونهب ونزوح جماعي وعنف جنسي وأزمة إنسانية خطيرة.

وفي معرض تقديمه لتقرير شفهي لمجلس حقوق الإنسان اليوم الثلاثاء، قال السيد عثمان إن المعلومات التي جمعتها البعثة حتى الآن تشير إلى أن الصراع المميت بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع قد انتشر إلى معظم أنحاء البلاد ويستمر بلا هوادة على نطاق واسع، وأصبح يضم الآن جهات فاعلة متعددة داخل السودان وخارجه.



وذكر أن البعثة تلقت روايات موثوقة عن هجمات عشوائية ضد المدنيين والأعيان المدنية، بما في ذلك من خلال الغارات الجوية والقصف على المناطق السكنية المكتظة بالسكان، فضلا عن الهجمات البرية ضد المدنيين في منازلهم وقراهم.

الوضع في دارفور
وقال السيد عثمان إن البعثة تشعر بقلق خاص إزاء الوضع في دارفور، داعيا جميع الأطراف إلى الالتزام بقرار مجلس الأمن رقم 2736 الذي يطالب قوات الدعم السريع بوقف حصار الفاشر، ويدعو إلى الوقف الفوري للقتال وخفض التصعيد في الفاشر ومحيطها.

ودعا جميع الدول إلى الالتزام بحظر الأسلحة الذي فرضه مجلس الأمن على دارفور، مضيفا أن البعثة تحقق حاليا في هجمات واسعة النطاق ضد المدنيين على أساس عرقهم في دارفور، والتي شملت عمليات قتل واغتصاب وغيرها من أشكال العنف الجنسي والتعذيب والتهجير القسري والنهب.

الهروب من الصراع
وأكد رئيس بعثة تقصي الحقائق أن النزاع لا يزال يتسبب في نزوح جماعي للسكان المدنيين بمستويات غير مسبوقة. وقال: "سمعنا من الضحايا كيف اضطروا إلى القيام برحلة طويلة ومحفوفة بالمخاطر من الخرطوم إلى مصر أو كينيا أو أوغندا، وفي بعض الأحيان يعبرون عدة بلدان في محاولة للهروب من الصراع الوحشي. وتم إجلاء آخرين قسرا من منازلهم على يد الأطراف المتحاربة. معظمهم تركوا بلا شيء وسافروا لعدة أسابيع بحثا عن الأمان".

العنف الجنسي
وقال السيد عثمان إن البعثة تلقت أيضا تقارير موثوقة عن العديد من حالات العنف الجنسي التي ترتكبها الأطراف المتحاربة في أنحاء مختلفة من البلاد. وأضاف: "أخبرنا الضحايا والمستجيبون في الخطوط الأمامية كيف لم تتعرض النساء والفتيات فحسب للاغتصاب العنيف - بما في ذلك الاغتصاب الجماعي والحرمان من الدعم الطبي، بل أيضا كيف تعرضن للوصم والتخلي عنهن لاحقا من قبل أسرهن. هناك تقارير عن استعباد وتعذيب جنسيين في مرافق الاحتجاز، بما في ذلك ضد الرجال والفتيان، ونحن نقوم بالتحقيق فيها".

تجنيد الأطفال
وقال رئيس البعثة إنه يتم الإبلاغ بشكل متكرر عن تجنيد الأطفال واستخدامهم على نطاق واسع عند نقاط التفتيش لجمع المعلوبعثمات الاستخبارية، فضلا عن المشاركة في القتال المباشر وارتكاب جرائم عنيفة، "مما يعرض حياة ومستقبل العديد من الأطفال للخطر"، فضلا عن التقارير الموثوقة لاعتقالات تعسفية جماعية تعرض لها المدنيون بناء على الاشتباه في دعم أطراف النزاع الأخرى، أو التعبير عن المعارضة أو دعم حقوق الإنسان والعودة إلى الحكم الديمقراطي.

نداء من شعب السودان
وقال السيد عثمان إنه عند دراسة الأسباب الجذرية للانتهاكات والتجاوزات المزعومة، فقد حددت البعثة عددا من القضايا الهيكلية والنظامية، بما في ذلك "استمرار تسليح المدنيين دون سيطرة حقيقية، وتعبئة الميليشيات والجماعات المسلحة على أساس عرقي، وحماية الأشخاص والكيانات المسؤولة عن الجرائم الفظيعة من المساءلة". وقال إن الأطراف المتحاربة تحيي بعض هذه الممارسات من صراعات سابقة، وتمهد الطريق لدورات حالية ومستقبلية من الانتهاكات الجسيمة.

وشدد السيد عثمان على أنه من الصعب رؤية تحسن في وضع حقوق الإنسان والوضع الإنساني في السودان دون وقف فوري لإطلاق النار. وقال إنه يجب حماية المدنيين والمعاقبة على الهجمات ضدهم، بما في ذلك القتل والنهب والانتهاكات الجنسية والتهجير القسري. واختتم كلمته بالقول: "شعب السودان يستغيث من أجل استعادة كرامته وحقوقه، وهو بحاجة إلى دعم واهتمام هذا المجلس".

بعثة تقصي الحقائق
استجابة لأزمة حقوق الإنسان والأزمة الإنسانية الناجمة عن النزاع المسلح المستمر في السودان، قرر مجلس حقوق الإنسان في 11 تشرين الأول/أكتوبر 2023، من خلال القرار A/HRC/RES/54/2، إنشاء بعثة دولية مستقلة لتقصي الحقائق في السودان للتحقيق في جميع الانتهاكات والتجاوزات المزعومة لحقوق الإنسان وانتهاكات القانون الإنساني الدولي وإثباتها وإثبات الوقائع والظروف والأسباب الجذرية لها، بما في ذلك تلك المرتكبة ضد اللاجئين، والجرائم ذات الصلة في سياق النزاع المسلح بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع، فضلا عن الأطراف المتحاربة الأخرى.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: الأطراف المتحاربة حقوق الإنسان فی السودان بما فی ذلک فضلا عن

إقرأ أيضاً:

التفاصيل الكاملة لجولة اقتصادية حقوق الإنسان بالبحر الأحمر

واصلت اللجنة الاقتصادية بالمجلس القومي لحقوق الإنسان، أنشطتها الميدانية بمحافظة البحر الأحمر، بهدف دعم قدرات العاملين في المؤسسات الحكومية، وتعزيز دور التعليم في تحقيق التنمية، وتعميق الشراكة مع المجتمع المدني لتحسين جودة الحياة للمواطنين.

تأتي هذه الزيارة تنفيذًا لخطة عمل اللجنة الاقتصادية بالمجلس، وتفعيلًا لبروتوكول التعاون مع وزارة المالية، ممثلةً في وحدة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص.

ونظمت البعثة، التي ضمت الدكتور محمد ممدوح، عضو المجلس وأمين اللجنة الاقتصادية، وسعيد عبد الحافظ، عضو المجلس، وعددًا من ممثلي الأمانة العامة للمجلس، ورشة عمل متخصصة للعاملين بوزارة المالية، مستهدفةً قطاعات الضرائب المصرية، الضرائب العقارية، مصلحة الجمارك، وقطاع الحسابات والمديريات المالية بمحافظات البحر الأحمر والأقصر وقنا، بمشاركة 103 متدربين.

افتتح الورشة علاء عبد الحميد إبراهيم، مدير المديرية المالية بالبحر الأحمر، مشيرًا إلى أهمية بناء قدرات العاملين بوزارة المالية في مجال الحقوق الاقتصادية، بما ينعكس إيجابيًا على الأداء المؤسسي وكفاءة تقديم الخدمات للمواطنين.

من جانبها، أكدت الدكتورة ماجدة حنا، نائب محافظ البحر الأحمر، أن هذه الورش تسهم في تعزيز الوعي الحقوقي لدى العاملين في القطاع الحكومي، ما يساعد في تطبيق سياسات مالية عادلة تضمن حقوق المواطنين الاقتصادية.

وأوضحت زينب علي، عضو وحدة حقوق الإنسان وتكافؤ الفرص بوزارة المالية، أن هذه الورشة تأتي ضمن برنامج تدريبي موسع في إطار تنفيذ بروتوكول التعاون المشترك بين المجلس ووزارة المالية، حيث تُعد الورشة الثامنة ضمن هذه السلسلة.

وفي حديثه للمشاركين، أكد الدكتور محمد ممدوح، أن المجلس القومي لحقوق الإنسان يعمل على دعم وتعزيز الحقوق الاقتصادية عبر بناء قدرات المؤسسات الحكومية، مشيدًا بالتعاون المثمر مع وزارة المالية في هذا المجال، لما له من تأثير مباشر على تحسين جودة الخدمات المالية والضريبية المقدمة للمواطنين.

وإدراكًا لأهمية التعليم في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية، زار وفد المجلس القومي لحقوق الإنسان جامعة الغردقة، برفقة نائب المحافظ، واستقبلهم الدكتور محفوظ عبد الستار، رئيس الجامعة.

ناقش اللقاء الجهود التي تبذلها الجامعة في تطوير العملية التعليمية والبحث العلمي بما يخدم التنمية الاقتصادية في المنطقة، بالإضافة إلى استعراض أوجه التعاون المشترك بين المجلس والجامعة في مجال نشر ثقافة حقوق الإنسان بين الطلاب، باعتبارهم موردًا بشريًا أساسيًا لنهضة المجتمع.

وأكد الدكتور ممدوح خلال اللقاء، أن الجامعات تلعب دورًا محوريًا في تأهيل الكوادر البشرية القادرة على المساهمة في النمو الاقتصادي، مشددًا على حرص المجلس على تعزيز الثقافة الحقوقية في المؤسسات التعليمية، لضمان تخريج أجيال واعية بدورها في تحقيق التنمية المستدامة.

عقب الاجتماع، زار الوفد المركز الجامعي للتطوير المهني، حيث اطلع على التجهيزات والخدمات التي يقدمها المركز لدعم الطلاب والخريجين، وتمكينهم من تنمية مهاراتهم المهنية بما يعزز فرصهم في سوق العمل، ما يسهم في تقليل معدلات البطالة وتحقيق الاستقرار الاقتصادي في المحافظة.

واختتمت اللجنة الاقتصادية بالمجلس القومي لحقوق الإنسان زيارتها بعقد لقاء موسع مع عدد من رؤساء وممثلي الجمعيات الأهلية والكيانات الشبابية بمحافظة البحر الأحمر، حيث تمت مناقشة دور منظمات المجتمع المدني في دعم الحقوق الاقتصادية وتعزيز جهود التنمية الشاملة.

وأشارت الدكتورة ماجدة حنا إلى أن الجمعيات الأهلية والشباب يلعبون دورًا أساسيًا في تنفيذ مبادرات اقتصادية وتنموية مستدامة، مؤكدةً ضرورة تمكينهم من المشاركة في صياغة السياسات المحلية لضمان تلبية احتياجات المواطنين.

من جانبه، أوضح الدكتور محمد ممدوح، أن المجلس القومي لحقوق الإنسان يولي أهمية كبرى لدعم التعاون مع منظمات المجتمع المدني، باعتبارها شريكًا رئيسيًا في تحقيق التنمية الاقتصادية وحماية الحقوق الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين.

كما ناقش الاجتماع عدة قضايا تتعلق بتمكين الشباب اقتصاديًا، وتعزيز دورهم في نشر ثقافة حقوق الإنسان، وإشراكهم في المشروعات القومية التي تسهم في خلق فرص عمل وتحسين جودة الحياة.

وخلال اللقاء، أكد سعيد عبد الحافظ، عضو المجلس القومي لحقوق الإنسان، أن المجتمع المدني يعد أحد الركائز الأساسية في دعم الحقوق الاقتصادية والتنمية الشاملة، مشيرًا إلى أن الجمعيات الأهلية والكيانات الشبابية لها دور محوري في تمكين الفئات الأكثر احتياجًا، وتعزيز الشمول المالي، ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، التي تُعد قاطرة النمو الاقتصادي في المحافظات.

وأضاف أن المجلس القومي لحقوق الإنسان يعمل على خلق آليات تواصل فعالة بين الحكومة والمجتمع المدني والقطاع الخاص، لضمان تنفيذ سياسات اقتصادية عادلة تحقق تنمية مستدامة وتحسن مستوى معيشة المواطنين.

كما شدد على أهمية التوسع في برامج التوعية بالحقوق الاقتصادية والتشريعات ذات الصلة، لضمان تحقيق مبدأ تكافؤ الفرص والعدالة الاجتماعية.

تخلل اللقاء حوار مفتوح بين ممثلي المجلس والمشاركين، تم خلاله مناقشة تحديات التنمية الاقتصادية بالمحافظة، والإجابة عن تساؤلات الحاضرين، مع تأكيد أهمية تضافر الجهود الحكومية والمجتمعية لتحقيق تنمية شاملة ومستدامة.

وتعكس هذه الجهود الميدانية التي يقوم بها المجلس القومي لحقوق الإنسان التزامه بتعزيز الحقوق الاقتصادية والتنمية المستدامة من خلال دعم المؤسسات الحكومية، وتمكين الشباب، وتعزيز دور المجتمع المدني.

وتؤكد الزيارة إلى البحر الأحمر أهمية دمج مفاهيم حقوق الإنسان في السياسات الاقتصادية، بما يسهم في تحسين جودة الخدمات العامة، ورفع كفاءة المؤسسات المالية، وتعزيز فرص الشباب في سوق العمل، لضمان تنمية اقتصادية عادلة وشاملة يستفيد منها جميع المواطنين.

مقالات مشابهة

  • بعد النجاحات التي حققها.. العربي الأوربي لحقوق الإنسان يتحصل على صفة «مراقب»
  • التفاصيل الكاملة لجولة اقتصادية حقوق الإنسان بالبحر الأحمر
  • تيتة لـ”الباعور”: سنتعامل مع جميع الأطراف الليبية
  • الولايات المتحدة ترفض المشاركة في رعاية مشروع قرار في الأمم المتحدة لدعم أوكرانيا قبل الذكرى السنوية للحرب
  • المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفن دوجاريك: الحكومة الموازية إن أعلنت في السودان ستضاعف احتمالات تجزئة البلاد
  • بمشاركة الإمارات.. الأمم المتحدة تطلق خططاً إنسانية للاستجابة للوضع في السودان
  • الإمارات تشارك في اجتماع الأمم المتحدة لإطلاق خطط إنسانية للاستجابة للوضع في السودان
  • تيتيه تصل إلى طرابلس لتولي مهام رئاسة البعثة الأممية رسمياً
  • محافظ إدلب يبحث مع المنظمة الدولية لحقوق الإنسان وشؤون اللاجئين واقع النازحين في المخيمات
  • منظمتان: إيران نفذت 975 عملية اعدام عام 2024