طهران- تصنف المناظرات التي يبثها التلفزيون الرسمي الإيراني مباشرة بين المرشحين لانتخابات الرئاسة كل 4 أعوام، بأنها البرنامج الأكثر مشاهدة. وتجمع المناظرات المرشحين، وتتسم عادة بالجدلية، وتظهر فيها بوضوح الاتجاهات المعاكسة للتيارات السياسية في إيران.

يقول الإصلاحيون إن المناظرات فرصتهم الوحيدة للتعبير عن آرائهم ومواقفهم عبر التلفزيون الرسمي الذي يهيمن عليه الأصوليون.

وتحتل المناظرات جزءا مهمّا من الذاكرة السياسية لدى الشعب الإيراني، فينتظرها في كل انتخابات رئاسية، وتفرغ الشوارع ويجلس الجميع أمام الشاشات، ويسمع صوتها من جميع أجهزة الإذاعة في إيران، وتخلق -بعد انتهائها- موجة كبيرة من النقاشات في المشهد الانتخابي.

وانطلقت مساء الاثنين 17 يونيو/حزيران أولى مناظرات الانتخابات الإيرانية المرتقبة بمحاور اقتصادية. وتحدث المرشحون الستة حول خططهم في الشأن الاقتصادي وأجابوا على أسئلة الخبراء.

وتنتظر إيران انتخابات رئاسية مبكرة من المقرر إجراؤها يوم 28 يونيو/حزيران الجاري، بعد أن رحل الرئيس إبراهيم رئيسي في 19 مايو/أيار الماضي إثر تحطم المروحية التي كانت تقله شمالي غربي البلاد.

ويتنافس في هذه الانتخابات 4 مرشحين أصوليين وهم محمد باقر قاليباف وسعيد جليلي وعلي رضا زاكاني وأمير حسين قاضي زاده هاشمي، ومرشح إصلاحي وهو مسعود بزشكيان، ومرشح مستقل وهو مصطفى بور محمدي.

"ظاهرة" المناظرة

ورأى المحلل السياسي الإصلاحي مصطفى فقيهي أن المناظرات لعبت في دورات مختلفة من الانتخابات، دورا مهمّا في تحديد بنية التصويت في البلاد وأنتجت ظواهر مهمة، وعلى وجه الخصوص، وصلت إلى ذروتها في انتخابات 2009 و2013 و2017.

وتابع -في حديثه للجزيرة نت- أنه في عام 2021، وبسبب حالات الاستبعاد الواسعة وانخفاض المشاركة، وصل قبول برامج المناظرة إلى الحد الأدنى، ولكن مع تزايد التفاعل بين أفراد المجتمع بالأيام الأخيرة، يمكن التوقع أن تكون المناظرات المقبلة حاسمة، على غرار مناظرات عامي 2013 و2017.

ورأى فقيهي أن المناظرة الأولى، لم تكن مثيرة للاهتمام بسبب سوء تنظيمها من قبل التلفزيون، وتسببت في بعض الأحيان بالشعور بالملل لدى الجمهور، مشيرا إلى غياب أي تأثير من قبل المرشحين الأصوليين الأربعة. فالإيرانيون -يضيف فقيهي- يعرفون آراء قاليباف وأفكار جليلي الحادة والنمطية، ويعرفون أيضا لغة زاكاني الحادة، وكذلك وعود قاضي زاده المستحيلة، كوعده في الانتخابات السابقة بحل أزمة سوق الأوراق المالية خلال 3 أيام.

لكن آراء الناس كانت مغايرة تجاه الوجهين غير المألوفين، وهما: بور محمدي، الذي ظهر قويا جدا وأظهر أنه يكن احتراما كبيرا لقضايا البلاد، وبزشكيان الذي انتقد الوضع القائم، وفق المتحدث.

ورأى المحلل السياسي فقيهي أن بزشكيان كان الأنجح في المناظرة الأولى، وتوقع أنه سيظهر بشكل أفضل في المناظرات القادمة، وأنه سيتمكن من الفوز باستقطاب جزء من الأصوات الرمادية.

ارتفاع نسبة المشاركة

من جهة أخرى، أوضح أستاذ العلاقات الدولية محمد علي صنوبري، وهو أكاديمي يحمل أفكارا أصولية، أن المناظرة في الانتخابات الإيرانية تحمل خلفية نوستالجية (معاناة تسببها الرغبة غير المشبعة للعودة والحنين للماضي) بالنسبة للشعب وتذكر بانتخابات عام 1997 و2009.

واعتبر -في حديثه للجزيرة نت- أن أهم مناظرة في تاريخ الجمهورية الإسلامية هي المناظرة الثنائية التي جمعت بين الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد والمرشح للرئاسة آنذاك مير حسين موسوي عام 2009، إذ حددت نتيجة الانتخابات وتركت آثارها في السياسة الإيرانية لسنوات.

وأضاف أنه بعد تلك المناظرة واعتراض بعض السياسيين على نتيجة الانتخابات وبالتالي حدوث أزمة 2009، قرر النظام أن لا تكون المناظرات ثنائية، بل تجمع كل المرشحين، كي يتجنب إيجاد القطبين المختلفين، معتبرا أن ذلك "قلل من نسبة المشاركة لكن في نهاية المطاف فالأمن القومي والاستقرار أهم من نسبة المشاركة".

وقال صنوبري إن تأثير المناظرات ودورها بالانتخابات الإيرانية كبير للغاية ولا مثيل له "فكلما حملت كلاما مهمّا ارتفعت نسبة المشاركة في الانتخابات".

مناظرة غير جدلية

ورأى أستاذ العلاقات الدولية أن المناظرة الأولى لم تعجب كثيرا من الإيرانيين، لا سيما أنها كانت حول الاقتصاد، وهذا الموضوع ليس شعبويا بل نخبويا، ومن جانب آخر، اعتاد الناس على مناظرات جدلية.

وفي تقييمه لمضمون المناظرة، قال صنوبري إن قاضي زاده أشار إلى ملاحظات عامة، بينما قدم قاليباف ملاحظات عملية، وقدم جليلي خطة لكنها قد لا تكون قابلة للتنفيذ، فيما حاول زاكاني أن يخلق اتجاهات معاكسة بالمناظرة.

بالمقابل، يضيف المتحدث، اعتمد بزشكيان "الشعبوية الخفية"، فيما كان بور محمدي الأقوى بالخطابة، لأنه رجل دين ولديه تجربة في حكومة الرئيس السابق حسن روحاني، لكنه لم يتناول الموضوع الرئيسي (الاقتصاد) كثيرا. وخلص صنوبري إلى أن مناظرة الاثنين لم تكن جدلية ولم تقنع الشعب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات نسبة المشارکة

إقرأ أيضاً:

انطلاق آخر أسبوع من الحملة الانتخابية في فرنسا

يبدأ في فرنسا -اليوم الاثنين- آخر أسبوع من الحملة الانتخابية، قبل الجولة الأولى من الانتخابات التشريعية التي تعتبر الأهم منذ عام 1945، ويبدو أن اليمين المتطرف هو الأوفر حظا في مواجهة جبهة اليسار.

وقبل أسبوع من الدورة الأولى للانتخابات التشريعية الفرنسية، يعمل معسكر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون جاهدا لتقليل الفجوة بينه وبين ائتلاف اليسار، خاصة في ظل تقدم اليمين المتطرف.

وأظهرت أحدث استطلاعات الرأي أن التجمع الوطني اليميني المتطرف وحلفاءه يتوقعون الحصول على نسبة تتراوح بين 35.5% و36% من الأصوات، متقدمين على الجبهة الشعبية الجديدة التي تضم أحزاب اليسار (27% إلى 29.5%)، ومعسكر ماكرون (19.5% إلى 20%).

الأحزاب في المواجهة

ويستعد حزب مارين لوبان اليميني للكشف عن "أولويات حكومة الوحدة الوطنية" اليوم الاثنين، والتي يعتزم تشكيلها في حال فوزه.

بالمقابل، يسعى رئيس التجمع الوطني جوردان بارديلا إلى تقديم نفسه بأنه الشخصية القادرة على توحيد الفرنسيين، حيث أكد في مقابلة مع صحيفة "لو جورنال دو ديمانش" أنه يريد أن يكون رئيس الوزراء لكل الفرنسيين بدون تمييز، وأنه لن يقبل بالمنصب ما لم يحصل على الأغلبية المطلقة في الانتخابات التشريعية.

ومن جانبه، أكد زعيم اليسار الراديكالي جان لوك ميلانشون مساء السبت عزمه على قيادة البلاد، وهو ما يراه الاشتراكيون تجاوزا للخطوط الحمراء.

وأوضح الرئيس الاشتراكي السابق فرانسوا هولاند أنه على ميلانشون أن يتراجع ويصمت إذا كان يريد خدمة الجبهة الشعبية الجديدة بشكل فعّال.

كما شدد الأمين العام للحزب الشيوعي فابيان روسيل على أن ترشيح ميلانشون لرئاسة الوزراء لم يُتّفق عليه داخل الجبهة الشعبية الجديدة.

معسكر ماكرون

من جانبه، أقر ماكرون، الذي يستبعد الاستقالة قبل انتهاء ولايته في مايو/أيار 2027، بضرورة إحداث تغيير عميق في طريقة الحكم.

وفي مواجهة اليمين المتطرف وتحالف "الجبهة الشعبية" اليساري، دعا الرئيس الفرنسي إلى ما سماه "النهج الثالث". وقال ماكرون إن الهدف لا يمكن أن يكون مجرد استمرارية لما تم فعله في الماضي، وأعرب عن فهمه لرغبة الناس في التغيير.

وشدد على أهمية تقديم استجابات أكثر قوة وحزما لمواجهة قضايا مثل انعدام الأمن وغياب المحاسبة. وأضاف أن الحكومة المقبلة يجب أن تعيد صياغة سياسة الطفولة، وتؤمن حماية أفضل للشباب، وتتصدى بقوة أكبر لكل أشكال التمييز.

ومن جانبه، أكد رئيس الوزراء غابرييل أتال في مقابلة مع وسائل إعلام فرنسية أن الانتخابات ستكون نقطة تحول.

وأشار إلى أن كتلته هي "الأكثر ديناميكية" في هذه الحملة، رغم حصولها على 14.6% فقط من الأصوات في الانتخابات الأوروبية، مؤكدا أن الانتخابات تمثل "خيار المجتمع" وأنه ينتظر "شرعية إضافية" للبقاء في منصبه.

 

وتظاهر عشرات الآلاف في فرنسا الأحد للتنديد بـ"الخطر" الذي يهدد حقوق النساء في حال فوز التجمع الوطني.

ونشرت صحيفة لوموند عريضة وقعها 170 دبلوماسيا ودبلوماسيا سابقا، يحذرون من فوز اليمين المحتمل في الانتخابات التشريعية، مما قد يضعف فرنسا وأوروبا.

كما أعرب المستشار الألماني أولاف شولتس عن قلقه من احتمال فوز اليمين المتطرف في الانتخابات الفرنسية.

وتثير نتائج الانتخابات مخاوف واسعة في فرنسا وخارجها، بين شبح تشكيل أول حكومة يمينية متطرفة وجمعية وطنية يهيمن عليها 3 أقطاب متباينة.

وتتزايد هذه المخاوف في ظل الوضع الاقتصادي القاتم والحرب في أوكرانيا، وقبل شهر من دورة الألعاب الأولمبية في باريس 2024.

مقالات مشابهة

  • بحث آليات تحفيز المرأة الليبية على المشاركة الانتخابية
  • من المظهر إلى زلة اللسان.. مناظرات غيرت تاريخ أميركا
  • قبل المناظرة بساعات.. ما ينبغي أن يتجنبه كل من بايدن وترامب
  • قبل المناظرة بساعات.. ما ينبغي أن يتجنبه كلا من بايدن وترامب
  • بايدن وترامب وجها لوجه.. أسباب تضاعف أهمية المناظرة بينهما
  • مع قرب موعد الاقتراع.. احتدام السجال بين المرشحين لرئاسيات موريتانيا (صور)
  • كنعاني: المشاركة الشعبية الكبيرة في الانتخابات الرئاسية تعزز مكانة إيران في العالم
  • مفوضية الانتخابات: نسبة المسجلين من الشباب 49.5%
  • المفوضية: بلغت نسبة الشباب المسجلين بانتخابات المجالس البلدية 45.5%
  • انطلاق آخر أسبوع من الحملة الانتخابية في فرنسا