صحيفة التغيير السودانية:
2024-09-28@04:53:15 GMT

خطاب الكراهية… و«الزينوفوبيا»

تاريخ النشر: 19th, June 2024 GMT

خطاب الكراهية… و«الزينوفوبيا»

خطاب الكراهية… و«الزينوفوبيا»

فيصل محمد صالح

المتابع للسوشيال ميديا السودانية والمصرية يلحظ نمو خطاب كراهيةٍ متزايد، ربما لم يصل لمرحلة الظاهرة، من حيث الانتشار والتمدد، لكنَّه يمثل نذيرَ خطر ينبغي الانتباه له ومواجهته بما يستحق. ويتمحور الخطاب حول شعور متزايد، ينم التعبير عنه في وسائل التواصل الاجتماعي، من بعض المدونين المصريين، عن الضيق من انتشار الوجود السوداني في مصر، خاصة بعد الحرب التي اشتعلت العام الماضي، وتحميله كل ما يحدث في مصر من ارتفاع الأسعار، ويصل للضيق من الممارسات الاجتماعية للسودانيين التي قد لا تتقيد بالواقع المصري المختلف.

ويتطور الخطاب من هذا الشكل المبسط ليعبر عن الضيق كون السودانيين أسَّسوا مطاعمَهم وبقالاتهم، بل بعض مدارسهم ومصانعهم، وهم بالتالي ينقلون حياتهم السودانية كاملة إلى مصر، بدلاً من أن يتأثروا بالثقافة والحياة الاجتماعية المصرية. مثل هذا الخطاب المجرب في بلدان أخرى، يمكن أن يلعب دور المحرض ضد القادمين، وهم هنا السودانيون، وربما الأفارقة بشكل عام، ويساهم في خلق وإيجاد ظاهرة الزينوفوبيا (العداء للأجانب) التي قد تجد لها حواضن اجتماعية وسياسية تستثمر فيها، حتى تصل إلى حالات العنف البدني ضد الأجانب.

وقد يستغرب المرء إن عرف أن بلداً مثل جنوب أفريقيا يعدّ من الدول التي برزت فيها هذه الظاهرة بشكل كبير، وقد تصاعدت حملة العداء للأجانب (زينوفوبيا) عام 2008، ووصلت إلى مرحلة إشعال النار في المساكن المؤقتة التي يعيش فيها المهاجرون في أطراف المدن، فاحترقت أعداد منهم، واحترقت مساكنهم وممتلكاتهم. قاد الحملة العمال أعضاء النقابات الذين تضرروا من وجود العمالة الأجنبية الرخيصة التي تعمل في ظروف صعبة وبأجور زهيدة ودون ضمانات، ما دفع أصحاب المصانع والمحلات الكبرى لتفضيلهم على العمال الجنوب أفريقيين الذين ينضوون تحت نقابات قوية وكبيرة تحفظ لهم حقوقهم، واتجه فقراء المدن في جنوب أفريقيا لتفريغ غضبهم في بني عمومتهم المهاجرين، بحجة أنهم يسرقون منهم فرص العمل ويضايقونهم في لقمة العيش.

وحمَّلوا المهاجرين الأجانب، وكلهم أفارقة، وزر كل مصيبة في البلد، فهناك نيجيريون مسؤولون عن انتشار وبيع واستجلاب المخدرات، والعطالة سببها القادمون من زيمبابوي وموزمبيق، ومضايقة التجار في السوق سببها سيطرة الصوماليين والإثيوبيين على بعض الأسواق.

خرج نيلسون مانديلا من عزلته التقاعدية ليخاطب الأمة، يعبر عن خجله وإدانته لما حدث، ويذكر مواطنيه بالعون والسند الذي قدمته الشعوب الأفريقية، وفي مقدمتها زيمبابوي وموزمبيق، لنضالهم ضد التفرقة العنصرية، ويتحشرج صوته وهو يقول: «هل نسيتم ذلك…؟ هل نحن أمة بلا ذاكرة…؟! إنني أشعر بالعار».

في بلاد أخرى، قد تكون هناك سياسات حكومية تشجع التضييق على الأجانب، وتلعب على أوتار العنصرية والعصبية والتعصب القومي، فتقدمهم كبش فداء للمشاكل التي تعاني منها البلد.

لكن في حالة جنوب أفريقيا لم تكن الحكومة ولا شعبها مسؤولين عمّا حدث، فقد خرجت مظاهرات شعبية منددة بهذه الحوادث ومعبرة عن تعاطفها مع العمال المهاجرين. وشهادات السودانيين المقيمين في مصر تقول إنهم لم يجدوا ممارسات كثيرة على الأرض وفي المجتمع تعكس هذا الاتجاه، ومعظمهم لم يحس بهذا الأمر.

غاية الأمر أن مثل هذا الخطاب، وإن صغر، يجب الانتباه له ومواجهته في المهد، وهناك مسؤوليات على القطاعات المختلفة في المجتمعين السوداني والمصري، وخصوصاً مجتمعات المثقفين والمفكرين والقيادات السياسية والاجتماعية والدينية، عليهم مواجهة مثل هذا الخطاب وفضحه. والسودانيون الموجودون في مصر، بمختلف قطاعاتهم، عليهم أيضاً مسؤوليات كبيرة، أولاها ضرورة مراعاة التقاليد والعادات المصرية واحترامها، فكثير من الاحتكاكات قد يكون سببها تصرف خاطئ من هنا أو هناك. السودانيون مغرمون بالحياة الاجتماعية الصاخبة والتلاقي في المناسبات المختلفة بأعداد كبيرة، قد يكون هذا مناسباً في السودان، حيث المنازل الواسعة ذات «الحوش» الكبير، لكنَّها لا تصلح لساكني الشقق. رغم علاقات الأخوة وروابط التاريخ والجغرافيا واللغة والدين، فإنَّ مصر ليست السودان، والسودان ليس مصر بالضرورة.

ربما نحتاج نحن السودانيين، سواء كنا في مصر أو كمبالا أو الخليج، أن نتذكر أننا نعيش ضيوفاً على هذه البلاد، ونزاحم أهلها في مواردها، وعلينا أن نتحمل بعض علامات ضيقهم، التي ربما كنا نمارسها على ضيوف السودان من اللاجئين، ومن واجبنا أن نراعي كثيراً من الحساسيات الاجتماعية والثقافية، وأن نحترم عادات وتقاليد هذه الشعوب.

* نقلاً عن الشرق الأوسط

الوسومالخليج الزينوفوبيا السودان الشرق الأوسك جنوب أفريقيا خطاب الكراهية فيصل محمد صالح كمبالا مصر نيجيريا نيلسون مانديلا

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الخليج السودان جنوب أفريقيا خطاب الكراهية فيصل محمد صالح كمبالا مصر نيجيريا نيلسون مانديلا جنوب أفریقیا فی مصر

إقرأ أيضاً:

أطباء السودان: حصار مدينة الدلنج يهدد أرواح المدنيين

أدى الحصار المفروض على المدينة  إلى نقص حاد في الإمدادات الغذائية والطبية، مما تسبب في زيادة حالات سوء التغذية خاصة بين الأطفال وكبار السن، وارتفاع معدلات الوفيات بشكل مقلق..

التغيير: الخرطوم

أطلقت شبكة أطباء السودان نداءً عاجلاً للسلطات المحلية ومنظمات المجتمع المدني والدولية للتدخل السريع لإنقاذ أرواح المدنيين المحاصرين، خاصة الأطفال وكبار السن الذين يعانون من سوء التغذية المتزايد وارتفاع معدلات الوفيات.

مدينة الدلنج، التي تقع جنوب غرب السودان، تعد واحدة من المدن الرئيسية في ولاية جنوب كردفان، وتعتبر مركزاً استراتيجياً في المنطقة.

وتسيطر قوات الدعم السريع على معظم مناطق الولاية، بما في ذلك مدينة الدلنج، مما أدى إلى تدهور الأوضاع الأمنية والإنسانية  في الأشهر الأخيرة.

وأدى الحصار المفروض على المدينة  إلى نقص حاد في الإمدادات الغذائية والطبية، مما تسبب في زيادة حالات سوء التغذية خاصة بين الأطفال وكبار السن، وارتفاع معدلات الوفيات بشكل مقلق.

ووفقاً لتقارير محلية، فإن الأوضاع الإنسانية في المدينة تزداد سوءاً بشكل مستمر، مع عدم وجود حل في الأفق.

وناشدت شبكة أطباء السودان في بيان، الثلاثاء، منظمات المجتمع المدني والمنظمات الإقليمية والدولية بالتحرك الفاعل لإيقاف العبث بأرواح المدنيين، خاصة الشرائح الضعيفة، نتيجة هذا الحصار.

وناشدت الشبكة المنظمات المحلية والدولية التحرك الفوري لوقف هذا الوضع الإنساني المتدهور وحماية حقوق المدنيين، مع ضرورة توفير الإمدادات الغذائية والطبية بشكل عاجل.

وأكدت شبكة أطباء السودان أن التدخل العاجل من قبل المجتمع الدولي ومنظمات الإغاثة أصبح ضرورة قصوى لوقف النزيف الإنساني في الدلنج وإنقاذ الأرواح، كما دعت إلى  تعزيز الجهود لإعادة تأهيل البنية التحتية وتوفير الحماية للمدنيين.

ويشهد السودان منذ 15 أبريل 2023 قتالاً عنيفاً بين الجيش وقوات الدعم السريع، بدأ في الخرطوم، وامتد إلى مناطق واسعة من دارفور وكردفان والجزيرة وسنار، وأدى إلى أزمات إنسانية كارثية.

الوسومالدلنج حرب الجيش والدعم السريع حماية المدنيين ولاية جنوب كردفان

مقالات مشابهة

  • إعلام المواجهة بين الإسلاميين والقوى المدنية في السودان و أدوات التواصل ومضامين الخطاب
  • نص خطاب البرهان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة
  • غارات على جنوب لبنان.. وكشف عدد الأهداف التي قُصفت لحزب الله
  • صافرة مصرية تدير مباراة أوغندا وجنوب السودان في تصفيات أمم إفريقيا
  • الخارجية السودانية: البرهان يلقي غدا “خطاب السودان” من نيويورك
  • الخارجية السودانية: البرهان يلقي غدا خطاب السودان من نيويورك
  • أطباء بلا حدود: الصراع السوداني يرفع وفيات الأمهات بولاية جنوب دارفور بمعدل صادم
  • مكتب الصحافة الإسرائيلي ينشر إحصائية بالأضرار التي خلفتها صواريخ "حزب الله"
  • الغارات مُتواصلة في جنوب لبنان... إليكم البلدات التي قصفها العدوّ
  • أطباء السودان: حصار مدينة الدلنج يهدد أرواح المدنيين