قررت المفوضية الأوروبية، كجزء من التوجيه السياسي المقدم في حزمة فصل الربيع الأوروبي، أن تقترح على المجلس فتح إجراءات العجز المفرط لـ 7 دول أعضاء، من بينها إيطاليا، حسبما نقلت وكالة نوفا الإيطالية.

وبحسب بيان للمفوضية، فإن السلطة التنفيذية للاتحاد الأوروبي "أعدت تقريرًا لـ 12 دولة عضوًا من أجل تقييم امتثالها لمعيار العجز المنصوص عليه في المعاهدات"، مع الأخذ في الاعتبار نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي، والتي يجب أن تكون أقل من 60%، وعجزها الذي يجب أن يكون أقل من 3% من الناتج المحلي الإجمالي.

وللعجز المفرط ما يبرره لسبع دول أعضاء: بلجيكا، فرنسا، إيطاليا، المجر، مالطا، بولندا وسلوفاكيا، في حين أن رومانيا ما زالت تجري إجراءات مفرطة (تم افتتاحه في عام 2020). وأضاف البيان أن "التقرير ليس سوى خطوة أولى نحو فتح إجراءات العجز المفرط".

وفي ضوء هذا التقييم، وبعد النظر في رأي اللجنة الاقتصادية والمالية، تعتزم المفوضية أن "تقترح على المجلس فتح إجراءات العجز المفرط لهذه الدول الأعضاء في يوليو 2024”.  ومن بين الدول الـ12 الخاضعة للتحقيق، لم يتم تضمين جمهورية التشيك وإستونيا وإسبانيا وفنلندا وسلوفينيا في الإجراء.

وتابعت المفوضية الأوروبية، في بيانها التحليلي: "في اليونان وإيطاليا، بعد أن سجلتا اختلالات مفرطة حتى العام الماضي، لم تعد تعانيان من اختلالات، حيث تضاءلت نقاط الضعف، لكنها لا تزال مثيرة للقلق. وسيتم فحص مخاطر الاستدامة المالية في ظل القواعد المالية التي تم إصلاحها".

ومن أجل التخفيف من الآثار المترتبة على النمو المحتمل، يجب على إيطاليا "معالجة الاتجاهات الديموغرافية السلبية، بما في ذلك عن طريق جذب العمال المؤهلين تأهيلا عاليا والاحتفاظ بهم ومعالجة تحديات سوق العمل، لا سيما فيما يتعلق بالنساء والشباب والعاملين الفقراء، ولا سيما العمال الذين لديهم عقود غير نمطية"، على حد قول المفوضية.

وبموجب التوصيات، "يجب على إيطاليا تحديد استراتيجية صناعية وتنموية لتقليص الفجوة الإقليمية من خلال ترشيد التدابير السياسية الحالية ومراعاة مشاريع البنية التحتية الرئيسية والقيم الاستراتيجية لسلاسل التوريد، فضلاً عن معالجة القيود المفروضة على المنافسة، لا سيما في قطاعات البيع بالتجزئة والمهن المنظمة والسكك الحديدية".

بشكل عام، يشير التحليل إلى وجود مخاطر عالية على المدى المتوسط بالنسبة لإيطاليا.  وتواصل المفوضية أنه "وفقا لتوقعات خط الأساس لعشر سنوات، فإن نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي الإجمالي ترتفع بشكل مطرد إلى حوالي 168% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2034. ومسار الدين حساس لصدمات الاقتصاد الكلي".

وبحسب التوقعات العشوائية، التي تحاكي مجموعة واسعة من الصدمات المؤقتة المحتملة لمتغيرات الاقتصاد الكلي، فمن المرجح جدًا أن تكون نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي أعلى في عام 2028 مما كانت عليه في عام 2023.

والجدير بالذكر أن غالبية الدين العام الإيطالي لا يزال يحتفظ به المقرضون المحليون. علاوة على ذلك، فإن "حقيقة أن الدين العام مقوم بالكامل باليورو يستبعد مخاطر العملة".

وتعاني إيطاليا من اختلالات في الاقتصاد الكلي، "بعد أن تم تشخيصها بأنها تعاني من اختلالات مفرطة في عام 2023. وتواجه على وجه الخصوص نقاط ضعف مرتبطة بارتفاع الدين العام وضعف نمو الإنتاجية في سياق هشاشة سوق العمل وبعض نقاط الضعف المتبقية في القطاع المالي، والتي لها أهمية عابرة للحدود"، بحسب بيان المفوضية الأوروبية.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: المفوضية الأوروبية الناتج المحلی الإجمالی الدین العام فی عام

إقرأ أيضاً:

تركيا تدخل مرحلة فاصلة بعد بيان أوجلان

شهدت القضية الكردية في تركيا تطورًا جديدًا بعد دعوة زعيم حزب الحركة القومية، دولت بهتشلي، في 22 أكتوبر/ تشرين الأول 2024، إلى التواصل مع عبدالله أوجلان، مؤسس حزب العمال الكردستاني. وقد أسفرت هذه الدعوة عن تصريح مفاجئ من أوجلان، دعا فيه التنظيم إلى التخلي عن السلاح وحلّ نفسه، وهو ما يشير إلى دخولنا مرحلة غير مسبوقة في تاريخ هذه القضية.

على مدى 41 عامًا، كلفت أنشطة حزب العمال الكردستاني الإرهابية تركيا ثمنًا باهظًا، ولم يكن من المتصور، حتى قبل أشهر قليلة، أن يصدر مثل هذا النداء عن مؤسس التنظيم نفسه. وقد نقل أوجلان رسالته هذه عبر وفد من حزب الشعوب الديمقراطي (DEM)، الذي زاره مرارًا في سجنه.

لمتابعة هذه الرسالة، أقام فرعا حزب الشعوب الديمقراطي في ديار بكر وفان، شاشات عملاقة لبثها أمام الجمهور. ففي فان، تم عرض الرسالة في ساحة المدينة، بينما نُقل البث في ديار بكر في ميدان داغكابي. كما تمت مشاهدتها مباشرة في ملعب 12 مارس بمدينة القامشلي السورية، التي تقع تحت سيطرة وحدات حماية الشعب الكردية (YPG).

في كلمته، استعرض أوجلان الظروف التاريخية التي أدت إلى ظهور حزب العمال الكردستاني، وهي الظروف المرتبطة، كما هو معلوم، بإنكار الهوية واللغة والوجود الكردي نتيجة سياسات الدولة القومية.

إعلان

وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أقرّ بهذه الحقيقة سابقًا، حيث اعتبر أن غياب المساحة السياسية للتعبير عن الهوية الكردية، هو ما أدى إلى نشوء التنظيم.

بيدَ أن أوجلان أكد أن هذه الظروف لم تعد قائمة اليوم، ما يعني أن استمرار حزب العمال الكردستاني في نضاله المسلح لم يعد له مبرر. فقد شدد على أن "لا مكسب ولا حق يمكن تحقيقه بعد الآن من خلال السلاح"، وهو تصريح جوهري يقوّض الأساس الذي قام عليه التنظيم، خاصة أنه صادر عن زعيمه ومؤسسه.

قبل وصول أردوغان وحزب العدالة والتنمية إلى الحكم، لم تكن الدولة التركية تعترف بالهوية الكردية، مما وفّر لحزب العمال الكردستاني ذريعة للاستمرار، وإن لم يكن ذلك مبررًا لشرعيته. لكن أردوغان، انطلاقًا من قناعاته الإسلامية التي ترفض إنكار أي قومية أو حظر لغتها، اعتبر أن الحل يكمن في ترسيخ الأخوّة بين الأتراك والأكراد والعرب.

وفي 12 أغسطس/ آب 2005، أعلن أردوغان في خطاب تاريخي بمدينة ديار بكر أنه يعترف بوجود "المشكلة الكردية"، متعهدًا بحلها، على عكس السياسيين السابقين الذين تجنبوا اتخاذ خطوات جدية في هذا الاتجاه. وقد عمل أردوغان على تفكيك عناصر هذه المشكلة بجرأة لم يسبق لها مثيل، متناولًا مختلف أبعادها:

قضية اللغة الكردية. مسألة الهوية. الحق في التنظيم والتعليم. رفع حالة الطوارئ. معالجة التفاوت التنموي في المناطق الكردية.

لم يكتفِ أردوغان بالإصلاحات القانونية، بل أطلق عملية "الانفتاح" ثم "عملية الحل"، رغم إدراكه المخاطر السياسية التي قد تترتب على ذلك.

وكان جوهر عملية الحل يقوم على الاعتراف بالوجود الكردي وهويته ولغته وثقافته مقابل تخلي حزب العمال الكردستاني عن السلاح. ولأن التنظيم هو الطرف المسلح، فقد كان لا بد من التعامل معه لتحقيق هذا الهدف.

كيف انهارت عملية الحل؟

خلال عملية الحل، توقف إطلاق النار، ولم تشنّ الدولة أي عمليات عسكرية ضد حزب العمال الكردستاني، منتظرةً منه تنفيذ تعهده بالتخلي عن السلاح وسحب مقاتليه من تركيا.

إعلان

لكن التطورات في سوريا غيرت مسار الأمور. فقد حصل حزب العمال الكردستاني على دعم أميركي تحت ذريعة محاربة تنظيم الدولة، ما أغراه بالبقاء في المشهد المسلح.

وهنا ظهر جليًا أن القوى الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة وأوروبا والنظام السوري، لم تكن معنية بحلّ القضية الكردية في تركيا، بل كانت تستخدم حزب العمال الكردستاني كورقة ضغط ضد أنقرة.

استغل الحزب توقف العمليات العسكرية ضده ليعزز انتشاره في الجبال التركية، واستفاد من البلديات التي كان يسيطر عليها حزب الشعوب الديمقراطي؛ لتجنيد المزيد من الشباب وحتى الأطفال، ما أدى في النهاية إلى انهيار عملية الحل.

مع انتهاء عملية الحل، شنت الدولة التركية حملة غير مسبوقة ضد الإرهاب، وتمكنت من القضاء على وجود حزب العمال الكردستاني داخل الأراضي التركية بشكل شبه كامل. وهكذا، لم يعد الإرهاب مشكلة داخلية بقدر ما بات مصدر قلق خارجي؛ بسبب استمرار وجود الحزب في سوريا، حيث تدعمه الولايات المتحدة وإسرائيل؛ لاستخدامه كورقة ضد تركيا.

من خلال هذه العملية السياسية الجديدة، التي يقودها أردوغان وبهتشلي، ومع إعلان أوجلان الأخير، تم حسم البُعد الكردي من القضية. ومن الآن فصاعدًا، فإن أي جهة تتعاون مع الولايات المتحدة تحت اسم حزب العمال الكردستاني لن تكون ممثلة للأكراد، بل ستكون مجرد كيان يسعى إلى البقاء لأجل مصلحته الخاصة.

وقد أكد أردوغان مرارًا أن حزب العمال الكردستاني ليس ممثلًا للأكراد، وأنه لا بد من التعامل مع الشعب الكردي نفسه عند الحديث عن حقوقه. وتجدر الإشارة إلى أن عدد النواب الأكراد داخل حزب العدالة والتنمية يفوق عددهم في حزب الشعوب الديمقراطي، كما أن معظم الإصلاحات المتعلقة بالقضية الكردية جاءت على يد أردوغان وحزبه.

لم يقتصر إعلان أوجلان على الدعوة إلى التخلي عن السلاح، بل شمل أيضًا رفض المطالب المتعلقة بالحكم الذاتي أو الفدرالية، مؤكدًا أنها لا تحقق أي فائدة للأكراد.

إعلان

ورغم أن الاستجابة الفورية لدعوته كانت موضع شك، فإن لقاءات حزب الشعوب الديمقراطي مع قيادات حزب العمال الكردستاني في قنديل وإمرالي تشير إلى أن هناك تجاوبًا إيجابيًا. ولم يكن أوجلان ليطلق هذا النداء دون أن يكون على يقين من وجود استعداد لدى الحزب للاستجابة له.

يتزامن هذا التحول مع التغيرات في سوريا، خاصة بعد تراجع موقف النظام السوري. ولطالما كان بشار الأسد من أكبر داعمي حزب العمال الكردستاني، ما ساعده على البقاء، خاصة من خلال التعاون مع الولايات المتحدة. ومع تغير المعادلات الإقليمية، ربما وجد الحزب نفسه في مأزق، ما دفع أوجلان إلى تقديم هذه الدعوة كحل يتيح له الخروج من الأزمة.

بفضل هذه الخطوة، تدخل المنطقة مرحلة جديدة، وتثبت تركيا مرة أخرى أنها لاعب رئيسي قادر على إعادة تشكيل المعادلات السياسية في المنطقة بما يخدم مصالحها.

الآراء الواردة في المقال لا تعكس بالضرورة الموقف التحريري لشبكة الجزيرة.

aj-logo

aj-logo

aj-logo إعلان من نحناعرض المزيدمن نحنالأحكام والشروطسياسة الخصوصيةسياسة ملفات تعريف الارتباطتفضيلات ملفات تعريف الارتباطخريطة الموقعتواصل معنااعرض المزيدتواصل معنااحصل على المساعدةأعلن معناابق على اتصالالنشرات البريديةرابط بديلترددات البثبيانات صحفيةشبكتنااعرض المزيدمركز الجزيرة للدراساتمعهد الجزيرة للإعلامتعلم العربيةمركز الجزيرة للحريات العامة وحقوق الإنسانقنواتنااعرض المزيدالجزيرة الإخباريةالجزيرة الإنجليزيالجزيرة مباشرالجزيرة الوثائقيةالجزيرة البلقانعربي AJ+

تابع الجزيرة نت على:

facebooktwitteryoutubeinstagram-colored-outlinersswhatsapptelegramtiktok-colored-outlineجميع الحقوق محفوظة © 2025 شبكة الجزيرة الاعلامية

مقالات مشابهة

  • تواصل الأعمال الميدانية لمسح قياس مساهمة الاقتصاد الرقمي في الناتج المحلي الإجمالي
  • لأول مرة منذ عام 2015… إيطاليا تدخل قائمة أكبر 3 شركاء تجاريين لروسيا في أوروبا
  • النقد الدولي يسجل نمواً ملحوظاً في الناتج المحلي العراقي غير النفطي بنسبة 5% خلال 2024
  • مسحُ قياس إسهام الاقتصاد الرقمي في الناتج المحلي الإجمالي
  • بينها اليمن.. أسوأ 8 اقتصادات في 2025
  • الفدرالي الأميركي في أتلانتا: تراجع نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الأول
  • نمو الناتج المحلي الإجمالي لتركيا متجاوزا التوقعات
  • تركيا تدخل مرحلة فاصلة بعد بيان أوجلان
  • الحصادي: أزمة الأصابعة بين العجز والخرافة تستدعي تدخل خبراء محليين ودوليين
  • الإحصاء التركي يكشف نمو الناتج المحلي الإجمالي 3.2 بالمئة.. تجاوز التوقعات