تولى ويصا واصف باشا رئاسة البرلماني المصري في عهد الملك فؤاد الأول، والثانية بعدما فاز حزب الوفد بالانتخابات، ليكون أول رئيس قبطي للبرلمان المصري.
عرف ويصا باشا بالحكمة، والاتزان والثقافة، وثقافته الواسعة، كما أن أفكاره الليبرالية جعلته من محبي الآداب والفنون، فتولى الرئيس الشرفي لجماعة الخيال للفنون والتصوير والرسم التي أسسها الفنان محمود مختار في عام ١٩٢٨، وتأييدا من ويصا باشا للدور الذي لعبته حركة الفن التشكيلي في ذلك الوقت بتأييدها لحركة الكفاح المصري، وتأكيد الهوية المصرية.
وحسب كتاب الأقباط والبرلمان أصوات من زجاج للكاتب عادل منير، بدأت الطموحات السياسية للأقباط في مصر في فترة محمد سعيد باشا، عندما كان الأقباط جزءا من كبار ملاك الأراضي في مصر، كما أن الفكر الليبرالي لحزب الوفد دفع الكثير من الأقباط في المشاركة في الحياة السياسية المصرية.
ولد ويصا باشا في محافظة سوهاج، وتحديدا في مدينة طهطا، فاكتسب الإصرار من نشأته الصعيدية، ليتخرج من مدرسة الحقوق ، ويبدأ مشواره الوطني بمقالات، تنشر على صحيفة اللواء، التي كانت يصدرها الزعيم مصطفى كامل، وبدأ يتقرب من مصطفى كامل، ومحمد فريد باشا، وتنشأ علاقته بالحزب الوطني، قال عنه المؤرخ عبدالرحمن الرافعي: «ويصا واصف قد تم اختياره في اللجنة الإدارية للحزب الوطني ضمن ثلاثين عضوا بارزا، وبالتالي أصبح من قادة هذا الحزب إلى جانب الزعماء الكبار للحزب وبعد رحيل الزعيم مصطفي كامل باشا مؤسس الحزب في ريعان شبابه فتر بريق الحزب واختلت موازينه وضعفت قبضة الزعيم الجديد محمد فريد ومن ثم ظهرت أجنحة متضاربة أبرزها جناح الشيخ عبد العزيز جاويش المتطرف دينيا، والذى كان يدعو إلى الارتباط بالباب العالي والخليفة العثماني وظهر جناح آخر ينادي بشعار مصر للمصريين يتزعمه أحمد لطفي السيد وأدي هذا الانقسام إلى خروج عدد من العناصر الهامة من الحزب كان منهم ويصا واصف الذي استقال من الحزب قرب أواخر عام 1908ميلاديا بعد ستة أشهر فقط من رحيل الزعيم مصطفي كامل باشا».
شعر الاحتلال الانجليزي بخطورة الأحزاب المصرية وتكاتف الأقباط مع المسلمين، فبدأ ببث الفتنة الطائفية بينهما، وفي الوقت ذاته قام كل من الدولة العثمانية التي يمثلها عبد العزيز جاويش والخديوى عباس حلمي الثاني الجالس على عرش مصر بإشعال سعير نيران الفتنة، كان وعي ويصا بخطورة هذه الأفكار التي تبناها الإنجليز جعلته يتصدى بشدة لنيران الفتنة المشتعلة، وسانده العقلاء وفي مقدمتهم أحمد لطفي السيد، فقام بإخماد صوت المؤتمر القبطي الذى انعقد بأسيوط في يوم 6 مارس عام 1911، كما تصدى لأفكار أخن خ فانوس، وهو من أعيان أسيوط، والممول الرئيسي للفتنة الطائفية، وتصدى لكل محاولات الهدم، وساعده في ذلك مطران أسيوط، فقام ويصا بالتأكيد على نبذ العنف، ورفض كل أشكاله، وأن حصول الأقباط على العمل يكون من خلال التعليم، والاندماج في نسيج الوطن، وليس في التمييز، وأن الانتخابات الحرة هي الوسيلة الصحيحة للمشاركة في الحياة النيابية، دفع ويصا واصف الكثير من أجل التصدي لهذه الدعوات الهدامة، وتعرض للكثير من الإهانات، حتى إنهم لقبوه بيهوذا الإسخريوطي الذى خان المسيح عيسي عليه السلام، فصمد أمام الاحتلال ودعاة الفتنة، وساهم في إنقاذ مصر من مخطط للخراب.
المصدر: البوابة نيوز
إقرأ أيضاً:
سراج الدين..ووطنية القرار
زعيم الوفد مهد لزوال الاحتلال البريطاني عن مصر
مبارك رد اعتبار الباشا وأعاد الحزب للحياه السياسية
فؤاد سراج الدين وزير الداخلية التاريخى مهّد بقراره التاريخى لزوال الاحتلال الإنجليزى لمصر.. «مبارك» والنبوى إسماعيل يعيدان للباشا اعتباره بعد 29 سنة من قراره التاريخى
لست أبالغ إذا قلت إن زعيم الوفد الراحل فؤاد سراج الدين من أبرز الساسة فى مصر فى القرن العشرين، ليس فقط لأنه زعيم حزب الوفد التاريخى بعد سعد باشا زغلول ومصطفى باشا النحاس وهو من أعاد الوفد للحياة عام 1978، ولكن هو الزعيم الذى تولى مناصب مختلفة ما قبل عام 1952، هو الزعيم الذى أصدر القرار التاريخى يوم 25 يناير 1952، بصفته وزير داخلية مصر بتصدى قوات الشرطة لجحافل الاحتلال الإنجليزى رغم عدم التكافؤ بين الطرفين.
الشرطة المصرية قدمت فى هذا اليوم ملحمة لن تمحى من تاريخ مصر بقيادة فؤاد باشا سراج الدين، هذا اليوم الذى أصبح عيدا قوميا فى مصر وعيدا للشرطة المصرية.
التاريخ يقول إن معركة الإسماعيلية كانت بداية الشرارة لتحرير مصر من الاحتلال الإنجليزى الذى دام 76 عاما.
نستعرض فى هذا التقرير ما حدث فى هذا اليوم التاريخى، وهل هناك أحداث مهدت لتلك المعركة التاريخية إلى خلّدت بطولات الشرطة المصرية؟
إلغاء معاهدة 36 بداية الشرارة
فى يوم 18 أكتوبر 1951، قررت الحكومة المصرية متمثلة فى حزب الوفد الحاكم بقيادة الزعيم خالد الذكر مصطفى النحاس إلغاء معاهدة 36، وكان لفؤاد باشا سراج الدين وزير الداخلية فى ذلك الوقت دور حيوى للغاية فى إلغاء هذه المعاهدة المجحفة، كان بحق قرارا تاريخيا أسعد الملايين من الشعب المصرى.
فؤاد سراج الدين ودوره مع الفدائيين
بعد إلغاء معاهدة 36 قرر فؤاد باشا بحسه الوطنى الرفيع مساعدة الفدائيين فى منطقة الإسماعيلية فى نضالهم ضد جحافل الاحتلال الإنجليزى بالمال والسلاح، وفى خطوة تعكس شجاعة ووطنية فؤاد باشا كان فى نفس الوقت عضوا فى الحكومة المصرية لم يعبأ إطلاقا بغضب الإنجليز، لم يكتف بذلك بل أمر قوات الشرطة المصرية فى الإسماعيلية بمساعدة الفدائيين بكل ما أوتوا من قوة، لذلك كان الاحتلال يتوعد ضباط الشرطة المصرية ووزير الداخلية. معركة الإسماعيلية كانت بمثابة انتقام من الإنجليز ضد فؤاد باشا ورجاله من أبطال الشرطة المصرية.
القرار التاريخى لفؤاد سراج الدين بمحاربة قوات الاحتلال فى الإسماعيلية
فى صباح يوم الجمعة 25 يناير 1952، استدعى القائد البريطانى بمنطقة القناة «إكسهام»، ضابط الاتصال المصرى وسلمه إنذارا لتسليم قوات الشرطة المصرية بالإسماعيلية أسلحتها للقوات البريطانية ورحيلها عن مبنى المحافظة فورا وانسحاب القوات إلى القاهرة. جاء هذا القرار بعد أن أدرك الإنجليز أن الفدائيين يعملون تحت حماية الشرطة المصرية بتعليمات مباشرة من وزير الداخلية فؤاد باشا سراج الدين.
فى هذا اليوم التاريخى اتصل ضابط الشرطة بفؤاد باشا وزير الداخلية الذى أصدر على الفور أمره التاريخى بالتصدى لقوات الاحتلال والمقاومة وعدم الاستسلام مهما كانت النتيجة، اشتد غضب القائد الإنجليزى وأمر قواته بمحاصرة قوات الشرطة فى الإسماعيلية، استمرت المعركة أكثر من 6 ساعات بين الجانبين، حاصر أكثر من 7 آلاف جندى إنجليزى مبنى المحافظة كانت معركة غير متكافئة ولكن قوات الشرطة المصرية استطاعت قتل 18 جنديا إنجليزيا بالإضافة إلى العديد من الجرحى.
وبلغ عدد شهداء الشرطة فى ذلك اليوم 56 شهيدا و80 جريحا تصدت قوات الشرطة بكل بسالة للقوات الإنجليزية، كان بحق ملحمة تاريخية من البطولة والفداء، وكان بطل هذه المعركة النقيب مصطفى رفعت الذى كان بطلا بمعنى الكلمة فى هذا اليوم.
فؤاد سراج الدين يصنع التاريخ
قرار فؤاد باشا فى هذا اليوم جعله يدخل التاريخ من أوسع أبوابه، قراره التاريخى جعل الشرطة المصرية فى مكان آخر، 25 يناير أصبح عيدا قوميا لمصر وعيدا لبطولات الشرطة المصرية تحتفل به مصر كل عام، ليكون فؤاد سراج الدين بحق وزير الداخلية التاريخى فى العصر الحديث.
حريق القاهرة
فى اليوم التالى السبت 26 يناير 1952، وقع حريق القاهرة، استشاط غضب جموع المصريين ضد الاحتلال وأعوانه بعد استشهاد 56 من خيرة رجال الشرطة فى الإسماعيلية، القرار التاريخى لفؤاد سراج الدين بمقاومة الاحتلال فى الإسماعيلية ألهب حماس المصريين جميعا. كان حريق القاهرة مجرد رد وإنذار للإنجليز أن احتلالهم لمصر إلى زوال، كل ذلك بفضل القرار التاريخى لزعيم الوفد الراحل فؤاد سراج الدين.
الخونة يعتقلون فؤاد سراج الدين بعد قراره التاريخى
فى مارس 1952، أصدر رئيس الوزراء نجيب الهلالى قرارا باعتقال فؤاد سراج الدين لمدة 5 أشهر، للأسف المعلومات عن سبب الاعتقال غير معروفة، لكن يبدو أن هذا القرار جاء لإرضاء الاحتلال الإنجليزى الذين استشاطوا غضبا من جرأة وصلابة فؤاد سراج الدين.
النبوى إسماعيل يرد الاعتبار لسراج الدين بعد 29 سنة
فى 5 سبتمبر 1981، أمر الرئيس الراحل أنور السادات باعتقال أكثر من 1500 شخصية سياسية على رأسهم فؤاد باشا سراج الدين كان فى هذا الوقت اللواء النبوى إسماعيل يتولى وزارة الداخلية، كان من الطبيعى أن ينفذ أمر رئيس الجمهورية، وأصدر وزير الداخلية أوامر مشددة لرجال الشرطة الذين يتولون القبض على فؤاد باشا بحسن معاملته لأقصى درجة قائلا بالحرف الواحد: «لا تنسوا أبدا أن فؤاد باشا هو صاحب عيد الشرطة وهو قدوتنا، لا تنسوا حينما تغضبون عليه أنه كان وزير داخلية مصر وأنا كنت مجرد ضابط صغير، يجب أن تعوا ذلك جيدا، تعليماتى تنفذ بالحرف الواحد من يخالفها سيتعرض منى لعقاب شديد».
.. و«مبارك» يعيد الاعتبار للباشا
حينما تولى الرئيس الراحل محمد حسنى مبارك حكم مصر فى 14 أكتوبر 1981، أصدر قراره بالإفراج عن معتقلى سبتمبر 1981، خرج فؤاد باشا قائد معركة الإسماعيلية من المعتقل إلى القصر لمقابلة الرئيس مبارك مع عدد من الرموز السياسية فى 20 نوفمبر 1981.
ولكن بعد أيام قليلة طلب مبارك مقابلة فؤاد باشا فى لقاء منفرد استمر لعدة ساعات عاد بعدها الوفد للحياة السياسية بشكل كامل ليصبح أقوى أحزاب المعارضة فى مصر.
تلك مجرد إطلالة على زعيم الوفد الراحل البطل فؤاد سراج الدين.