واشنطن- شكّل هجوم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المفاجئ على إدارة جو بايدن، بسبب ما اعتبرها خطوة سلبية من جانبها بوقفها شحن أسلحة وذخائر لإسرائيل، صدمة في واشنطن؛ وذلك بالنظر لما قدمته وتقدمه الإدارة الأميركية من دعم بلا حدود لإسرائيل دبلوماسيا، وتسليحيا، وسياسيا، وماليا، منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة بعد السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

وتحدث نتنياهو باقتضاب ولأقل من دقيقة على موقع إكس، وانتقد إدارة بايدن، وقال متحدثا باللغة الإنجليزية "من غير المعقول أنه في الأشهر القليلة الماضية، كانت الإدارة الأميركية تحجب أسلحة وذخائر عن إسرائيل".

وأضاف أن "وزير الخارجية أنتوني بلينكن أكد لي أن الإدارة تعمل ليلا ونهارا لإزالة هذه العقبات. آمل أن يكون هذا هو الحال. بل يجب أن يكون هذا هو الحال".

Give us the tools and we’ll finish the job. pic.twitter.com/eQHpyd9q0X

— Benjamin Netanyahu – בנימין נתניהו (@netanyahu) June 18, 2024

وختم نتنياهو كلمته بالقول "خلال الحرب العالمية الثانية، قال رئيس وزراء بريطانيا الأسبق ونستون تشرشل للولايات المتحدة، أعطونا الأدوات، سنقوم بالمهمة. وأقول أنا: أعطونا الأدوات وسننتهي من المهمة بشكل أسرع بكثير".

ونفى بلينكن والبيت الأبيض في وقت لاحق أن الإدارة تمنع أي مساعدة عسكرية باستثناء شحنة تحتوي على قنابل تزن ألفي رطل أوقفها الرئيس بايدن في أوائل مايو/أيار بسبب مخاوف من استخدامها في المناطق الحضرية والتسبب في سقوط ضحايا مدنيين في رفح.

وقال بلينكن خلال مؤتمر صحفي في واشنطن مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) ينس ستولتنبرغ "نحن، كما تعلمون، نواصل مراجعة شحنة واحدة تحدث عنها الرئيس بايدن فيما يتعلق بقنابل تزن ألفي رطل بسبب مخاوفنا بشأن استخدامها في منطقة مكتظة بالسكان مثل رفح. وهذا لا يزال قيد المراجعة".

ضربة لجهود بايدن

جاء هجوم نتنياهو في وقت اعتبر محللون أميركيون أن جهود الرئيس بايدن الساعية للتوصل لصفقة بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس) -يتم بمقتضاها الإفراج عن بقية المحتجزين لدى الحركة، ومن بينهم 5 أميركيين، ووقف إطلاق النار- تعرضت لضربة موجعة تمثلت في استقالة بيني غانتس من حكومة الحرب الإسرائيلية، في خطوة زادت من قوة التيار المتشدد داخل حكومة نتنياهو.

وبما أن حزب غانتس ليس عضوا في الائتلاف الحاكم لرئيس الوزراء، لذلك من غير المرجح أن يؤدي رحيله إلى إسقاط نتنياهو في أي وقت قريب. وإذا تم إسقاط نتنياهو في نهاية المطاف، فمن المرجح أن يرضي ذلك إدارة بايدن، خاصة مع استعداد نتنياهو للوقوف إلى جانب الجمهوريين الذين يستخدمون أزمة غزة لإلحاق الضرر ببايدن.

كذلك، يدفع انسحاب غانتس نتنياهو ليصبح أكثر اعتمادا على أعضاء اليمين المتشدد في ائتلافه الذين يضغطون عليه من أجل التشدد في الحرب. وقد يزيد ذلك من مخاطر التصعيد، الأمر الذي قد يزيد من حدة الحرب الإقليمية الأوسع التي تشارك فيها الولايات المتحدة، ولا يريدها بايدن في عام الانتخابات.

ويهدد تشدد الحكومة الإسرائيلية جهود بايدن للوصول لصفقة تهدئ من غضب التيار التقدمي داخل المعسكر الديمقراطي الانتخابي ممن يشعرون بالغضب من دعمه لإسرائيل وعملياتها، وفشله في بذل المزيد من الجهد للضغط على إسرائيل لحماية المدنيين.

ويخشى البيت الأبيض من أن أي انخفاض كبير في أصوات مسلمي وعرب أميركا يُمكن أن يعرض بايدن للخطر في الولايات المتأرجحة؛ حيث يمكن حسم المنافسة الانتخابية ضد دونالد ترامب بآلاف الأصوات. وتعد قضية غزة بشكل خاص ذات أهمية في ولاية ميشيغان، باعتبارها موطنا لكثير من الأميركيين المسلمين والعرب.

نتنياهو يتطلع للكونغرس

ومن المرجح أن يتعرض موقف بايدن من نتنياهو لاختبار نادر بعد أن وافق الأخير على إلقاء خطاب أمام مجلسي الكونغرس يوم 24 يوليو/تموز، تلبية لدعوة من قادة الكونغرس من كلا الحزبين، ولكن بمبادرة من الجمهوريين بمن فيهم رئيس مجلس النواب مايك جونسون.

ويرى نتنياهو أنه ربما تغير الانتخابات الأميركية المقبلة المعادلة الداخلية في إسرائيل، الأمر الذي من شأنه أن يساعد في تفسير سبب رغبته في المجيء ومخاطبة الكونغرس، ومن خلالهم الرأي العام الأميركي.

وقال آرون ديفيد ميلر، مفاوض السلام في الشرق الأوسط لعدة رؤساء أميركيين، لشبكة "سي إن إن"، إن "نتنياهو لا يمكنه التصويت في انتخاباتنا، ولكن إذا كان بإمكانه، أظن أنه لن يصوت لجو بايدن".

ويرى الدبلوماسي الأميركي السابق أنه "إذا تمكن نتنياهو من الصمود حتى 25 يوليو/تموز عندما يدخل الكنيست في عطلة صيفية ولا يجتمع مرة أخرى إلا قبل فترة وجيزة من الانتخابات الأميركية، فيمكنه التمسك بالسلطة لمعرفة من هو الرئيس القادم، بايدن أو الرجل الآخر، مرشحه المفضل".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

نتنياهو والعودة إلى الحرب

لا شك في أن نتنياهو يخطط، علناً، بأن يوقف مسار اتفاق وقف إطلاق النار في غزة، ليعود إلى الحرب. فقد وقع على الاتفاق، مكرهاً، استجابة لرغبة ترامب الذي كان يريد تسلّم الرئاسة الأمريكية، وغزة في حالة وقف إطلاق النار.

وجاء الاتفاق بأغلبية بنوده استجابة لشروط المفاوض الفلسطيني. فكان أول يوم في تنفيذ الاتفاق، إعلاناً بانتصار المقاومة، بعد حربين، بريّة وإباديّة تدميرية، امتدّت لخمسة عشر شهراً، تقريباً. ويا للحالة النفسية والوضع السياسي، اللذين كان نتنياهو عليهما، ذليلاً مهزوماً يتفجّر حقداً وغضباً.

مع كل خطوة في تنفيذ المرحلة الأولى من الاتفاق كان انتصار المقاومة والشعب، يتأكد. وكان نتنياهو، يحاول التعطيل والتأجيل. ويحاول أن يظهر، بصاحب السطوة أمام حملات داخلية ضدّه، ولا سيما تذكيره، بوعيده، أن يُحقق من خلال الحرب، نصراً مطلقاً. 

التفسير الوحيد لفشل نتنياهو، في عرقلة تنفيذ المرحلة الأولى، بالرغم مما فعل من توتير وتعطيل، خصوصاً في تطبيق البروتوكولات الإنسانية في الاتفاقية، كان انقياده لترامب، وخوفه منه. لكن مع سعي مستمر، لاستمالته في السماح له بالعمل في المرحلة الثانية، باتجاه تعطيلها. بل العودة إلى الحرب ثانية.

إن موقف المقاومة (المفاوض الفلسطيني) هو الأقوى من الناحية السياسية، ومن ناحية صدقية الموقف، والحرص على تلبية الاتفاق، واحترام بنوده، والتزام الوسيطين المصري والقطري، فيما الموقف الأمريكي، في حرج من عدم احترام توقيعه، فضلاً من حرج نتنياهو، داخلياً، بسبب موضوع عدم إطلاق كل الأسرى، وما يواجه من ضغوط مختلفة.هذا ولعل طرح ترامب، لمشروع تهجير فلسطينيي قطاع غزة، وما لاقاه من معارضة فلسطينية وعربية وإسلامية ودولية، دفعا ترامب، لدعم نتنياهو، ليلعب دوره في المرحلة الثانية. ولكن من دون أن يوقف، مساعي مندوبه الخاص ويتكوف، المكلف بمواصلة تطبيق الاتفاق، من أجل تحرير كل الأسرى المحتجزين. الأمر الذي جعل الموقف الأمريكي، أمام مفترق طرق، أحدهما راح يشجع نتنياهو، كما يدعي نتنياهو، والآخر لم يأخذ من ويتكوف، صلاحية عدم المضيّ في المرحلة الثانية، من الاتفاق.

ولهذا دخل الوضع الآن، في مواجهة احتمالين: الأول، تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بكامل بنوده (شروط المقاومة)، بإتمام تبادل الأسرى كاملاً، وانسحاب الجيش الصهيوني، من كل قطاع غزة، وإعلان وقف الحرب، بضمانات دولية وعربية. والثاني، تعطيل المضيّ في تطبيق الاتفاق، والعودة إلى التأزيم، وصولاً إلى الحرب، كما يريد نتنياهو.

إن موقف المقاومة (المفاوض الفلسطيني) هو الأقوى من الناحية السياسية، ومن ناحية صدقية الموقف، والحرص على تلبية الاتفاق، واحترام بنوده، والتزام الوسيطين المصري والقطري، فيما الموقف الأمريكي، في حرج من عدم احترام توقيعه، فضلاً من حرج نتنياهو، داخلياً، بسبب موضوع عدم إطلاق كل الأسرى، وما يواجه من ضغوط مختلفة.

من هنا، فإن موقف نتنياهو ضعيف جداً، سياسياً في العودة إلى الحرب، مما يُضعف موقف ترامب، إذا ما أعطاه الضوء الأخضر، ليخرّب الاتفاق، ويعود إلى الحرب الخاسرة من جديد.

ومن هنا، فإن إصرار المقاومة، من خلال المفاوض الفلسطيني، على تنفيذ الاتفاق، بكل بنوده، كما وقع عليه، والرفض الحازم، لأيّ طرح يخرج على هذه البنود، لا سيما إقحام موضوع سلاح المقاومة، أو بقاء قوات احتلال. فالسلاح، موضوع يتعلق بحماية أمن الشعب، وحقه بالمقاومة، وعدم عودة نتنياهو، للحرب والعدوان متى شاء. وهو موضوع، لم يتطرق له اتفاق وقف إطلاق النار، والمُوَّقَع عليه. 

ولهذا فالمتوقع تراجع ترامب، وإجبار نتنياهو على قبول التفاوض كما يريد ويتكوف، بعيدا من شن الحرب التي يسعى لها. وإن كان استبعاد الحرب من قِبَل نتنياهو يشكل ضرباً من المخاطرة في تقدير الموقف، حيث يتوجب أن يبقى الأصبع على الزناد.

مقالات مشابهة

  • تحديات صعبة تواجه الرئيس الشرع للسيطرة على التمرد
  • خبير اقتصادي: الهند تواجه تحديات في مفاوضاتها مع واشنطن وتسعى لنهج مرن
  • خبير اقتصادي: الهند تواجه تحديات بمفاوضاتها مع واشنطن وتسعى لنهج مرن
  • محللان: دخول الأميركيين على الخط مع حماس أحرج نتنياهو
  • الرئيس الغاني: المخابرات الأميركية وراء الإطاحة بالرئيس نكروما
  • كندا تبحث عن زعيم جديد خلفا لترودو وسط تحديات أوكرانيا ومواجهة ترامب
  • السفيرة الأمريكية لدى أوكرانيا تندد بسقوط ضحايا مدنيين
  • نتنياهو والعودة إلى الحرب
  • صحيفة تتحدث عن تفاصيل محادثات "واشنطن – حماس" بشأن غزة
  • هل سحبت أميركا بحوارها مع حماس البساط من تحت أقدام نتنياهو؟