تشاور بمن حضر.. هل تقبل القوات بمثل هذا السيناريو؟!
تاريخ النشر: 19th, June 2024 GMT
في ظلّ "الاستعصاء" الذي تصطدم به كلّ المبادرات النشطة على خلفية استحقاق الانتخابات الرئاسية، والتي تتقاطع فيما بينها على العناوين نفسها تقريبًا، رغم ما تثيره من تحفّظات وفيتوات أطالت أمد أزمة الفراغ الرئاسي، طُرِحت في الأيام الأخيرة فكرة "التشاور بمن حضر"، وقد مرّرها رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير السابق جبران باسيل بصورة أو بأخرى، على هامش الجولة التي قام بها على مختلف الأفرقاء.
لعلّ باسيل، "المنفتح حديثًا" على حوار يرأسه رئيس مجلس النواب نبيه بري، بعدما كان ممّن قطعوا الطريق على مبادرته الحوارية في مرحلة سابقة، أراد أن يقفز فوق "فيتو القوات" على مثل هذا التشاور، بالذهاب إليه من دونها، على أن تشارك في جلسات الانتخاب التي يفترض أن تعقبه، باعتبار أنّها تعلن جهارًا أنّها لن تشارك في أيّ حوار يرأسه بري، ولا تبدي أيّ مرونة باستثناء موافقتها على "مشاورات على الواقف" على هامش جلسة الانتخاب.
لكنّ فكرة باسيل كغيرها من الأفكار المطروحة في "البازار الرئاسية" أثارت جدلاً واسعًا في الأوساط السياسية، فهل يقبل رئيس مجلس النواب أن يدعو إلى مثل هذا التشاور، إذا أصرّت "القوات" على موقفها؟ وهل تقبل الأخيرة بتشاور من هذا النوع، قد يُفهَم في مكان ما على أنّه "محاولة عزل" لها؟ وهل يقبل حلفاء "القوات" المفترضون في المعارضة الذهاب إلى حوار من دونها، علمًا أنّ بعضهم لا يخفي "تمايزه" في موضوع الحوار تحديدًا؟!
"محاولة عزل"؟
ينفي المحسوبون على "التيار الوطني الحر" أن تكون الفكرة التي طرحها باسيل تنطوي على محاولة عزل لـ"القوات"، وإن كان بين هؤلاء من يعتبر أنّ "القوات" هي التي "تعزل نفسها" ببعض المواقف التي تأخذها، وبإصرارها على رفض التجاوب مع المبادرات المطروحة والمساعي المبذولة، وآخرها مسعى باسيل الذي بدل أن تتلقفه القيادة "القواتية" إيجابًا، اختارت "التصويب" عليه، بل اتهام "التيار" بالخضوع للثنائي، خلافًا للوقائع الحقيقية.
يشير هؤلاء إلى أنّ ما طرحه باسيل في هذا السياق كان مجرّد فكرة، تهدف إلى تجاوز "الخلاف الشكلي" على الحوار أو التشاور، من خلال التوصّل إلى "نقطة وسط" بين إصرار رئيس مجلس النواب عليه كشرط مسبق للدعوة إلى أيّ جلسة انتخابية، ورفض "القوات" المطلق له، بأيّ شكل من الأشكال، بحجّة عدم تكريسه "عرفًا"، ولذلك فإنّ الحوار "بمن حضر" قد يشكّل "مَخرَجًا"، طالما أنّ "القوات" جاهزة لحضور جلسات الانتخاب متى تمّت الدعوة إليها.
بهذا المعنى، فإنّ عدم حضور "القوات" للحوار لا يفترض أن يشوّش عليه، إذا ما تأمّن "النصاب" المطلوب، وطالما أنّ الميثاقية مؤمَّنة من جانب "التيار"، وسائر القوى التي سبق أن أعلنت جهوزيتها للمشاركة فيه في أيّ وقت، ما يعني أنّ التفاهم بين هؤلاء قد يكون كافيًا للانتقال إلى مرحلة جلسات الانتخاب، وإذا ما تعذّر، فيمكن عندها الذهاب إلى جلسة انتخابية تنافسية، كما تريدها "القوات" أساسًا، وبالتالي فهي لن تشكّل "عائقًا" أمام حدوثها.
"القوات" والمعارضة
لكنّ هذا السيناريو يصطدم بدوره بالعديد من "المطبّات"، إن جاز التعبير، بينها موقف رئيس مجلس النواب، وما إذا كان سيقبل بالدعوة إلى حوار "بمن حضر"، يسبق جلسات الانتخاب التي يتعهّد بالدعوة إليها من بعده، خصوصًا بعدما أصبحت المعركة "شبه شخصية" بينه وبين رئيس حزب "القوات" سمير جعجع، علمًا أنّ بعض المحسوبين عليه أو المؤيدين لوجهة نظره يقولون إنّ ما يهمّه هو "ضمان" وجود 86 نائبًا في جلسات الانتخاب في المقام الأول.
أما المشكلة الثانية، فتتعلق بموقف المعارضة مجتمعةً من هذا الحوار، في ظلّ حديث عن وجهتي نظر تتنازعان داخل صفوفها، انطلاقًا من "التمايز" القائم بينها حول موضوع الحوار، حيث ثمّة من يؤكد أنّ بعض قوى المعارضة ستشارك في الحوار بضمانات محدّدة، بمعزل عن موقف "القوات"، فيما يشير آخرون إلى أنّ "وحدة المعارضة" تبقى الأساس، وبالتالي فالمشاركة إما تكون جماعية أو لا تكون، وهو ما قد ينسف الفكرة من أساسها.
وإزاء ذلك، تؤكد أوساط "القوات" أنّ لا تغيير في موقفها بمعزل عن كلّ ما يُطرَح ويُحكى، ففكرة "الحوار بمن حضر" تعني من يطرحونها حصرًا، ولا تعليق من جانب "القوات" عليها قبل حصولها، علمًا أنّ المهمّ بالنسبة لـ"القوات" يبقى أن يؤدّي رئيس مجلس النواب واجبه بالدعوة إلى جلسات انتخابية من دون ايّ شروط، وهي لن تتردّد في المشاركة بها، وفي الانخراط بأيّ حوارات جانبية على هامشها، وبين جولاتها، بما يفضي لانتخاب رئيس.
قد تنهي فكرة "التشاور بمن حضر" الخلاف بين بري وجعجع، وفق مبدأ "لا غالب ولا مغلوب"، باعتبار أنّها ستتيح لكل منهما القول إنّه "كسب"، فالحوار سيحصل كما يريد بري، وجعجع لن يحضر وبالتالي لن يكرّسه عرفًا. لكن مع ذلك، لا شيء يوحي بأنّ الفكرة يمكن أن تشكّل "مَخرَجًا جدّيًا" للأزمة، ولا سيما أنّ الانطباع الغالب يبقى أنّ مشكلة الحوار "شكلية" ليست إلا، وتأتي للتغطية على غياب إرادة الانتخاب، وهنا بيت القصيد!
المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: رئیس مجلس النواب بمن حضر
إقرأ أيضاً:
سكاف: ثمة زمن جديد على حزب الله تقبل وقائعه وآن الاوان ليكون لنا دولة عميقة
لا شك أن هناك مجموعة خلاصات انتهت إليها الحرب الاسرائيلية على لبنان وما أعقبها من سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، والهجمات الإسرائيلية على الحديدة وصنعاء في اليمن والتهديد الإسرائيلي بضرب المنشآت النووية في إيران قبل 20 كانون الثاني. ونقلت صحيفة العدو هآرتس أن مسؤولاً كبيراً في الجيش الإسرائيلي أشار إلى أن سلاح الجو يستعد لما سماها المهمة الكبرى المقبلة. وكشف المسؤول العسكري عن أن المهمة المقبلة قد تحظى بدعم إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب الجديدة، خصوصا أنها تستهدف إيران. وصرح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الإثنين، بأنه نفذ وعده الذي قطعه منذ عام بتغيير الشرق الأوسط، مؤكدًا أن الأوضاع في سوريا ولبنان وغزة لم تعد كما كانت، مشيرًا إلى أن إيران أيضًا ليست كما كانت في السابق.ولا شك أيضاً أن الحرب الاسرائيلية على لبنان وما خلفته من شهداء وجرحى فضلا عن الدمار والخسائر التي منيت بها القطاعات الاقتصادية والانتاجية والزراعية والصناعية يفترض أن تكون تبعاتها وتداعياتها محل نقاش سواء على المستوى الداخلي لحزب الله أو على المستوى الوطني أيضاً، فالأوان قد حان لإجراء مراجعة وطنية من المكونات السياسية كافة من أجل الذهاب فعلاً لا قولاً إلى بناء دولة المؤسسات، ومحاكاة التطورات بواقعية، بعيداً عن منطق المكابرة أو الاستقواء.
وفيما يسود وقف هش لإطلاق النار، وسط الخروقات الجوية التي ينفذها العدو الاسرائيلي فوق العاصمة بيروت فضلا عن غاراته التي تطال بلدات جنوبية حدودية،لفت الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم إلى أن اتفاق وقف إطلاق النار يهدف فقط إلى وقف العدوان، ولا يعني إنهاء المقاومة، حيث يقتصر على المنطقة الواقعة جنوب نهر الليطاني. كما أكد في الشأن السوري أن من حق الشعب السوري أن يختار حكومته ودستوره وخياراته، بعدما كان في إطلالة سابقة قدم رؤية الحزب وخارطة الطريق لمرحلة ما بعد الحرب لا سيما في ما خص تسهيل انتخاب رئيس جمهورية ضمن الأطر الدستورية وتحت سقف اتفاق الطائف.
ويعتبر النائب غسان سكاف في حديث لـ"لبنان24" أن خطاب الشيخ قاسم الأخير كان خطاباً موجهاً إلى بيئته الحاضنة وهو لم يتوقف عن المكابرة واعتبار ان ما حققه حزب الله هو انتصار. مكابرة كان يجب ان تستحي من آلاف الضحايا ومئات آلاف المشردين. انه "خطاب نصر بلهجة هزيمة". اما حديثه عن تطبيق القرار الأممي 1701 في جنوب الليطاني فهو محاولة لإبقاء القديم على قدمه فالقرار الدولي في اليمن لم يمنع ايران من تسليح الحوثيين.
في القراءة السياسية لخطابه الأخير مرر الشيخ قاسم ، بحسب سكاف مواقف جديدة:
١- اعتراف بالنظام السوري الجديد وذلك حفاظاً منه على اسقاط الفتنة السنية-الشيعية في لبنان
٢- إشارته ان حزب الله سيكون مسهلاً ومتعاوناً إلى ابعد الحدود لانتخاب الرئيس الجديد للجمهورية في 9 كانون الثاني 2025.
٣- تأكيد التزام حزب الله على تنفيذ القرار 1701 وانسحابه من جنوب الليطاني
اما في ما خص الاستراتيجية الدفاعية،فيشدد سكاف على أنها مهمة الدولة اللبنانية والجيش ،فنحن لا نريد ان يكون جيش لبنان القوي على شاكلة الحشد الشعبي في العراق
يدرك حزب الله اليوم، وفق سكاف، أن ثمة تحولات ستملي عليه في وقت قريب الدخول في مساومات وتفاهمات مع الآخرين بدءاً باختيار مرشح لرئاسة الجمهورية وهو ليس مرشحه والانخراط في الدولة . فزمن فرض الأجندات الخارجية قد ولّى وثمة زمن جديد على حزب الله تقبل وقائعه ومعادلاته والانتقال من مقولة حماية المقاومة إلى مقولة حماية لبنان.
وبالنسبة إلى سكاف، لقد آن الاوان أن يكون لنا في لبنان "دولة عميقة" أي أن تكون المصالح الاستراتيجية للدولة اللبنانية مؤمنة مهما تبدلت الحكومات ومهما كان اسم الرئيس. لقد وصل لبنان في غضون شهرين إلى واقع جديد كلياً ما يحتم إنهاء مفاعيل اتفاق الدوحة في ما خص الانتخابات الرئاسية وتشكيل حكومة من دون ثلث معطل. ونحن نسعى إلى توفير مناخ توافقي يوصل الى توافق واسع على مرشح يحظى بأرضية متقدمة داخلياً وخارجياً ويطبق اتفاق الطائف بكل مندرجاته.
وعليه، يمكن القول بحسب سكاف، أن لبنان يشكل جزءاً أساسياً من التسوية المقبلة على المنطقة ضمن المشروع الأميركي لشرق أوسط جديد، ولذلك على لبنان تحصين الاستقرار الداخلي والعمل على منع محاولات زعزعته وذلك بالتزامه تطبيق قرار مجلس الامن 1701 على نحو يعزز صدقيته في الإيفاء بالتزاماته واستعادة سيادته على أرضه. وعلى الرئيس الجديد والحكومة الجديدة أن يحصلان على ضمانات دولية تدعم الاستقرار الداخلي وطرح "الحياد الايجابي" في بداية العهد الجديد المقبل، وعلى اللاعبين السياسيين في لبنان أن يرتقوا إلى مستوى المرحلة الخطيرة التي يمر بها الوطن.
المصدر: خاص لبنان24