عودة سوق بلدة مسلمات.. انتعاشة اقتصادية في وادي المعاول
تاريخ النشر: 19th, June 2024 GMT
وادي المعاول- محمد بن خميس الرواحي
بعد انقطاع دام لأكثر من ربع قرن، تعود روح الحياة إلى سوق بلدة مسلمات في ولاية وادي المعاول، ليصبح ملتقى تجاريا وحيويا ينير سماء البلدة ببريقه الخاص.
وعودة هذا السوق للحياة تعكس استعادة الأمل والتفاؤل في قلوب الأهالي، حيث استعاد السوق نشاطه بجانب أسواق الولاية الأخرى والمناطق المحيطة به.
وما يميز سوق بلدة مسلمات هو تنوع المنتجات والسلع التي يقدمها، فهو ليس مجرد سوق تقليدي؛ بل هو ملتقى للثقافات والتجارب المختلفة، من الحرف اليدوية الفنية إلى المنتجات الزراعية الطازجة، تملأ الممرات والأزقة بألوانها وروائحها العطرة، مما يجذب الأهالي والزوار والسياح على حد سواء.
وإلى جانب الأثر الاقتصادي الإيجابي الذي يُحدثه هذا السوق، فإن عودته تعزز من المنافسة والروح الريادية بين أهالي الولاية؛ إذ إن التنافس في عرض المنتجات وجذب الزبائن يُسهم في تحفيز الاقتصاد المحلي وتعزيز الروابط المجتمعية.
ويروي من عاصروا هذا السوق من كبار الآباء أنه وعلى صعوبة المواصلات سابقا إلا أن منتجات الجبل الأخضر وجبال وادي مستل كانت حاضرة وبقوة، مثل: البوت والخوخ والمشمش والعنب والبصل والثوم، إلى جانب ماء ورد الجبل وغيرها من المنتجات، أضف إلى ذلك فإن منتجات الشق الساحلي (الباطنة) لعُمان كانت حاضرة دائما وأبرزها الأسماك بمختلف أنواعها.
ولا يمكن إغفال الجانب الإنساني الذي يتمتع به التجار في ذلك الوقت، فهناك الوالد سعيد بن علي المعولي الذي يؤكد وجود هذه السمة المميزة التي بدورها تساعد الكثير من المحتاجين على توفير ما يسد حاجتهم اليومية وهو تبرع الباعة ميسوري الحال لمن يحتاج دون أخذ مقابل، وهذا بدوره يقوي الروابط المجتمعية بين الناس ويوثق العلاقة بين التاجر والمستهلك، وهذا تجسيد صريح لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم: (رحم الله رجلا سمحا إذا باع وإذا اشترى، وإذا اقتضى) ولعله أحد أسباب البركة في السوق آنذاك.
ولا يقتصر دور سوق بلدة مسلمات على توفير فرص العمل وزيادة دخل السكان، بل يمتد إلى تعزيز التواصل الاجتماعي والقيمة المحلية المضافة وتبادل الثقافات والتجارب بين الناس. فهو مكان يجمع بين الجمال البسيط للتراث وروح الحداثة في عالم التجارة.
وبعودة سوق بلدة مسلمات، ينطلق الأهالي نحو مستقبل واعد مليء بالفرص المختلفة فقد أصبح السوق محورا حيويا يدفع عجلة التنمية و الازدهار في ولاية وادي المعاول وما حولها.
ويعكس توافد سكان الولاية من مختلف القرى إلى سوق بلدة مسلمات، حجم الجذب والأهمية التي يحملها هذا السوق ليكون محطة للتسوق؛ بل وجهة تجارية رئيسية للمنطقة بأكملها.
وإضافة إلى أهالي الولاية والمقيمين، يأتي زوار من الولايات المجاورة لاستكشاف مجموعة واسعة من المنتجات والسلع التي يقدمها السوق. وهذا التوافد يُعزز التبادل التجاري بين البلدات ويسهم في تعزيز الروابط الاجتماعية بين أهالي الولايات المختلفة.
ويمثل سوق بلدة مسلمات نقطة تلاقٍ حقيقية للتجارة وتبادل الخبرات، مما يجعله واحدًا من أهم المراكز التجارية في محافظة جنوب الباطنة ومنبرًا للتنمية والسياحة المستدامة والتبادل الثقافي.
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
كلمات دلالية: وادی المعاول هذا السوق
إقرأ أيضاً:
لماذا تغيب مصر والسودان عن استخدام الولاية القضائية الجنائية العالمية؟
أفادت لجنة العدالة (كوميتي فور جستس) بأن استخدام الولاية القضائية الجنائية العالمية يُعد أداة قانونية حاسمة لمحاسبة مرتكبي جرائم الإخفاء القسري على المستوى الدولي، خاصة في الحالات التي تعجز فيها السلطات الوطنية عن تحقيق العدالة أو ترفض محاسبة المسؤولين.
ومع ذلك، أشارت اللجنة في تقريرها الصادر الاثنين، إلى أن هذا الوضع لا ينطبق على مصر والسودان، حيث لم يتم تطبيق هذا المبدأ بشكل فعلي.
وأوضحت اللجنة أن مبدأ الولاية القضائية العالمية يسمح للدول بمقاضاة مرتكبي جرائم خطيرة، بغض النظر عن مكان ارتكابها أو جنسية الجناة أو الضحايا.
ومع ذلك، لم تُحرك أي قضايا في مصر أو السودان ضد مرتكبي هذه الجرائم، سواء على أراضيهما أو خارجها. وأرجعت اللجنة ذلك إلى عقبات هيكلية وقانونية وسياسية تعيق تطبيق هذا المبدأ، حيث تواجه الدولتان تحديات داخلية كبيرة في محاسبة المسؤولين عن انتهاكات حقوق الإنسان، نتيجة ضعف الأنظمة القانونية والمؤسساتية.
وأشارت لجنة العدالة إلى أن "الإفلات الممنهج من العقاب" يُعد أحد العوائق الرئيسية أمام تحقيق العدالة في حالات الإخفاء القسري، مشيرة إلى أن الصراع في دارفور يعد مثالا بارزا على هذه المشكلة في السودان.
وعلى الرغم من انضمام السودان إلى الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الإخفاء القسري في عام 2021، إلا أن الإطار القانوني المحلي ما زال يفتقر إلى أحكام صريحة تسمح بمقاضاة هذه الجرائم بموجب الولاية القضائية العالمية.
كما أن المحاكم الخاصة بدارفور، التي أُنشئت في عام 2005، لم تحقق العدالة الفعالة بسبب التدخل السياسي وغياب الاستقلال القضائي.
أما في مصر، فقد أشارت اللجنة إلى أن التزاماتها بموجب الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الإخفاء القسري لم تُدمج بشكل كافٍ في القوانين المحلية، حيث لا يجرم القانون المصري الإخفاء القسري بشكل كامل، كما لا تتوفر أحكام صريحة لتطبيق الولاية القضائية العالمية.
وأضافت أن القضاء المصري، المتأثر بالسلطة التنفيذية، لا يبدي رغبة في ملاحقة المسؤولين عن هذه الجرائم، مما يعزز ثقافة الإفلات من العقاب.
ووثقت اللجنة أكثر من 633 حالة إخفاء قسري في مصر حتى الآن، بينما تستمر السلطات المصرية في نفي مسؤوليتها عن هذه الانتهاكات وتعيق التحقيقات وتستهدف المدافعين عن حقوق الإنسان والصحفيين.
وأكدت لجنة العدالة أن العوائق لا تقتصر على غياب التشريعات فحسب، بل تمتد إلى ضعف استقلالية القضاء، مما يجعل من الصعب ملاحقة مرتكبي الجرائم الخطيرة بموجب الولاية القضائية العالمية. ففي مصر، يتردد القضاء في محاكمة المسؤولين الحكوميين، كما يتم استخدام قوانين الطوارئ والتشريعات المناهضة للإرهاب لحماية الجناة بدلاً من محاسبتهم.
وفيما يتعلق بمشاركة الضحايا ومنظمات المجتمع المدني في التحقيقات والمحاكمات، أوضحت اللجنة أن آليات إشراكهم بفعالية في القضايا المرفوعة بموجب الولاية القضائية العالمية غير متوفرة.
ففي كل من مصر والسودان، يواجه الضحايا مخاطر جسيمة مثل المضايقات والاحتجاز التعسفي والتشهير، مما يجعل من الصعب عليهم الإدلاء بشهاداتهم أو تقديم أدلة تدعم القضايا ضد الجناة. كما أن منظمات حقوق الإنسان والمحامين العاملين في هذا المجال يتعرضون للقيود والتهديدات، كما حدث مع الناشط المصري إبراهيم متولي، الذي تعرض للاعتقال بسبب عمله في الدفاع عن ضحايا الإخفاء القسري.
وبشأن حماية الضحايا والشهود والدعم النفسي والاجتماعي، أشارت اللجنة إلى أن الأوضاع في مصر والسودان تعاني من غياب تام للآليات الرسمية التي تضمن سلامتهم. ففي مصر، يواجه الضحايا ومحاموهم مخاطر جسيمة مثل الملاحقة الأمنية والتشويه الإعلامي والاعتقال التعسفي، مما يجعل من الصعب عليهم متابعة القضايا أو التعاون مع المحاكم الدولية.
وأكدت لجنة العدالة أن الولاية القضائية العالمية تظل أداة رئيسية لمكافحة الإفلات من العقاب، كما أثبتتها قضايا سابقة مثل إدانة الضباط الأرجنتينيين في إسبانيا عام 2007، والمحاكمات المتعلقة بفترة حكم أوغوستو بينوشيه في تشيلي.
ودعت اللجنة المجتمع الدولي إلى تعزيز استخدام الولاية القضائية العالمية كآلية لمحاسبة مرتكبي الجرائم الخطيرة في مصر والسودان، وتشجيع الدول التي تتيح تشريعاتها ذلك على فتح تحقيقات جدية في هذه القضايا لضمان تحقيق العدالة.
يأتي هذا التقرير في إطار بحث يجريه الفريق العامل المعني بحالات الإخفاء القسري لدى الأمم المتحدة حول استخدام الولاية القضائية الجنائية العالمية في قضايا الإخفاء القسري، المقرر تقديمه إلى مجلس حقوق الإنسان في أيلول/ سبتمبر القادم.
ويهدف هذا البحث إلى تقييم تطبيق الولاية القضائية العالمية في معالجة هذه الانتهاكات الجسيمة، والتعرف إلى التحديات والدروس المستفادة والممارسات الجيدة التي تعزز المساءلة وتحقيق العدالة.
واعتمدت لجنة العدالة في إعداد تقريرها على خبرتها الواسعة في توثيق حالات الإخفاء القسري ومكافحتها في منطقة شمال أفريقيا، خاصة في مصر والسودان، بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من المصادر العامة، بما في ذلك الاتفاقيات الدولية والإقليمية واجتهادات آليات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وتقارير وتحليلات منظمات أخرى.
وأكدت اللجنة على التزامها المستمر بمكافحة الإفلات من العقاب وضمان العدالة لضحايا الإخفاء القسري وعائلاتهم.