أكد برنامج الأمم المتحدة للبيئة أن الآثار البيئية الناجمة عن الحرب في غزة غير مسبوقة، مما يعرض المجتمع للمعاناة من تفاقم مشكلة تلوث التربة والمياه والهواء بصورة سريعة ومخاطر الأضرار التي لحقت بنظمها الإيكولوجية الطبيعية والتي لا يمكن إصلاحها.

استشهاد العشرات في اليوم الـ257 من العدوان الإسرائيلي على غزة نشرة التوك شو.

. تطورات حرب غزة وشبكة تخطط لمهاجة ريال مدريد

وجدد برنامج الأمم المتحدة للبيئة، في تقييم أولي نشره اليوم الأربعاء، دعوته إلى وقف فوري لإطلاق النار لحماية الأرواح والمساعدة في نهاية المطاف في التخفيف من الآثار البيئية الناجمة عن نشوب النزاع.

وقالت إنجر أندرسن، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة: "لا يواجه سكان غزة معاناة لا توصف من الحرب المستمرة فحسب، بل إن الأضرار البيئية الكبيرة والمتزايدة في غزة تهدد بمعاناتهم من جراء تنفيذ برامج إنعاش مؤلمة وتستغرق زمنا طويلا".

وأضافت أندرسن أنه "في حين لا تزال هناك العديد من الأسئلة بشأن نوع وكمية الملوثات التي تؤثر على البيئة في غزة، يعيش شعب غزة بالفعل في معاناة من عواقب الأضرار الناجمة عن نشوب النزاعات على نظم الإدارة البيئية والتلوث في الوقت الحالي، حيث تعرضت نظم المياه والصرف الصحي للتدمير، ولا تزال البنية التحتية الحيوية تتعرض للتدمير، وقد تأثرت المناطق الساحلية والتربة والنظم الإيكولوجية بشدة جراء ذلك".

وأكدت أن كل هذه العواقب تضر بصحة الناس بشدة وأمنهم الغذائي وقدرة غزة على الصمود،قائلة ’"نحن بحاجة ماسة إلى وقف إطلاق النار لإنقاذ الأرواح وإصلاح البيئة، ولتمكين الفلسطينيين من البدء في التعافي من آثار النزاع وإعادة بناء حياتهم وسبل عيشهم في غزة".

ولعقود من الزمن، واجهت البيئة في غزة تدهورا وضغوطا أثرت على نظمها الإيكولوجية، نتيجة لنشوب النزاعات المتكررة، والتوسع الحضري السريع، والكثافة السكانية العالية، والظروف السياسية، وقابلية المنطقة للتأثر بتغير المناخ.

ويخلص التقييم الأولي، الذي أجراه برنامج الأمم المتحدة للبيئة إلى تقويض التقدم الذي أُحرز مؤخرا، وإن كان محدودا، في نظم الإدارة البيئية في غزة، بما في ذلك تطوير مرافق تحلية المياه ومعالجة مياه الصرف الصحي، والنمو السريع في استخدام الطاقة الشمسية، والاستثمارات في إصلاح الأراضي الرطبة الساحلية في وادي غزة.

وأشار التقرير إلى توليد ما يقدر بنحو 39 مليون طن من الحطام حيث يوجد حاليا أكثر من 107 كيلوجرامات من الحطام لكل متر مربع في قطاع غزة، موضحا أن كمية الحطام هذه هي أكثر من خمسة أضعاف كمية الحطام الناتج عن النزاع الذي نشب في عام 2017 في الموصل بالعراق. 

وشدد على أن الحطام يشكل مخاطر على صحة الإنسان والبيئة، بدءا من الغبار والتلوث بالذخائر غير المنفجرة ووصولا إلى الأسبستوس والنفايات الصناعية والطبية وغيرها من المواد الخطرة، مؤكدا ضرورة التعامل مع الرفات البشرية المدفونة تحت الأنقاض بحساسية وبشكل مناسب، لافتا إلى أن إزالة الأنقاض ستكون بمثابة مهمة ضخمة ومعقدة، ويجب أن تبدأ في أقرب وقت ممكن لتمكين البدء في تنفيذ برامج أخرى من الإنعاش وإعادة الإعمار.

ولفت التقرير إلى تعطُل نظم المياه والصرف الصحي والنظافة العامة بالكامل تقريبا، حيث أدى النزاع إلى إغلاق محطات معالجة مياه الصرف الصحي الخمس في غزة، مما أدى إلى تلويث الشواطئ والمياه الساحلية والتربة والمياه العذبة بمياه الصرف الصحي بمجموعة من مسببات الأمراض والمواد المغذية والجسيمات البلاستيكية الدقيقة والمواد الكيميائية الخطرة، مما يشكل تهديدات مباشرة وطويلة المدى على صحة سكان غزة والحياة البحرية والأراضي الصالحة للزراعة.

ونوه التقرير بتعرُّض نظام إدارة النفايات الصلبة لأضرار بالغة. ولحقت أضرار بخمسة من أصل ستة مرافق لإدارة النفايات الصلبة في غزة. وبحلول نوفمبر 2023، تراكم 1200 طن من القمامة بصورة يومية حول المخيمات والملاجئ. وقد أدى النقص في الغاز المستخدم في الطهي إلى إجبار الأسر المعيشية على حرق الأخشاب والمواد البلاستيكية والنفايات بدلاً من استخدام غاز الطهي، مما يعرض النساء والأطفال للخطر على وجه الخصوص. ومن المرجح أن يؤدي هذا، إلى جانب نشوب الحرائق وحرق الوقود، إلى انخفاض حاد في نوعية الهواء في غزة، على الرغم من عدم توفر بيانات مفتوحة المصدر عن نوعية الهواء في غزة.

كما حذر التقرير من انتشار ذخائر تحتوي على معادن ثقيلة ومواد كيميائية متفجرة في المناطق المكتظة بالسكان في غزة، مما أدى إلى تلويث التربة ومصادر المياه، وتشكيل خطر على صحة الإنسان سيستمر لفترات طويلة بعد وقف الأعمال العدائية، حيث تشكل الذخائر غير المنفجرة مخاطر جسيمة على وجه الخصوص على الأطفال.

وتوقع التقرير أن يؤدي تدمير الألواح الشمسية إلى تسرب مادة الرصاص والمعادن الثقيلة الأخرى، مما يسبب نوعا جديدا من المخاطر على التربة والمياه في غزة.

وأضاف أن نظام الأنفاق التي حفرتها حماس والجهود التي تبذلها إسرائيل لتدميرها قد يسهم في زيادة الأضرار البيئية. واعتمادا على معايير بناء الأنفاق ومدى غمر هذه الأنفاق بالمياه، يحذر التقييم الأولي من مخاطر طويلة المدى على صحة الإنسان من تلوث المياه الجوفية والمباني التي يتم تشييدها على أسطح الأراضي التي يحتمل أن تكون غير مستقرة.

ونظرا للوضع الأمني الراهن والقيود المفروضة على الوصول، يعتمد التقييم الأولي على تقييمات الاستشعار عن بعد، والبيانات الواردة من الكيانات الفنية الفلسطينية، والمشاورات مع الشركاء المتعددي الأطراف، والمواد غير المنشورة سابقًا من النشاط الميداني الذي اضطلعت به الأمم المتحدة، والمؤلفات العلمية.

ويرى معدو التقييم أن حل التحديات البيئية المباشرة والمزمنة في غزة أمر أساسي لصحة سكانها والذي يجب دمجه في خطط الإنعاش وإعادة الإعمار، مؤكدين ضرورة أن يكون التحليل البيئي، بما في ذلك تقييم التلوث الناجم عن الذخائر وغيرها من أشكال التلوث الناجمة عن نشوب النزاع، جزءاً لا يتجزأ من التخطيط المتعلق بالإنعاش وإعادة الإعمار، وأن تعالج عملية إعادة إعمار غزة أيضًا القضايا البيئية المزمنة التي كانت موجودة قبل نشوب الحرب.

وأضافوا أنه "بمجرد أن تسمح الظروف الأمنية بذلك ويتم إتاحة الوصول، يتوقع برنامج الأمم المتحدة للبيئة إجراء تقييم ميداني لمدى ونوع التدهور البيئي الذي تعرضت له غزة"، لافتين إلى أنه سيتم وضع خيارات التعافي بالتشاور مع مجتمع البحث العلمي في غزة، والمهنيين في القطاعين العام والخاص، والمجتمع المدني، بما في ذلك النساء والشباب.

يذكر أن هذا التقييم الأولي لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة يأتي استجابةً لطلب رسمي من دولة فلسطين في ديسمبر 2023.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: الأمم المتحدة الحرب في غزة غزة

إقرأ أيضاً:

50 عاما على نهاية حرب فيتنام التي غيّرت أميركا والعالم

لم يكن 30 أبريل/نيسان 1975 يوما عاديا في التاريخ الفيتنامي، فقد انتصرت فيتنام الشمالية آنذاك، وأُعيد توحيد شطري البلاد بعد حربين مع إمبراطوريتين أودتا بحياة نحو مليوني فيتنامي، وفقدت فرنسا كامل نفوذها تقريبا بالمنطقة، بينما خسرت الولايات المتحدة -التي تورطت بعدها- نحو 58 ألف جندي و120 مليار دولار في الحرب التي باتت الأكثر "إذلالًا" في تاريخها.

وبدت حرب فيتنام -أو حروبها- بتشابكاتها الدولية والإقليمية تجسيدا لنظرية "الحرب التي تلد أخرى" في ظل صراع ساخن في بواكير الحرب الباردة. فقد أدت معركة ديان بيان فو (13مارس/آذار-7 مايو/أيار 1954) عمليا إلى نهاية الإمبراطورية الاستعمارية الفرنسية في منطقة الهند الصينية برمتها، وخسرت أيضا مستعمراتها الأخرى في أفريقيا بفعل صعود حركات التحرير التي تأثرت بالمقاومة الفيتنامية، وبمفاعيل "نظرية الدومينو" العسكرية والسياسية.

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4كوارث بيئية لا تنسى.. "العامل البرتقالي" الأميركي بفيتنامlist 2 of 4الجزيرة نت في فيتنام.. احتفالات عارمة في "هو تشي منه" بخمسينية النصر والوحدةlist 3 of 4حرب فيتنام.. خمسينية النصر والوحدةlist 4 of 4هو شي منه قائد ثورة فيتنام ضد فرنسا وأميركاend of list

كانت حرب فيتنام نتاج سنوات من مقاومة الاحتلال الفرنسي للبلاد (منذ عام 1883) ثم الغزو الياباني الذي انتهى بهزيمتها في الحرب العالمية الثانية، والمد الشيوعي في المنطقة وصراع الأيديولوجيات، ومحاولات تقسيم البلاد، وبلغت أوجها مع التدخل الأميركي العسكري المباشر لمحاولة صد التوغل الشيوعي السوفياتي الصيني.

إعلان

وعمليا، لم تكن حرب الهند الصينية الأولى (بين عامي 1946 و1954) معركة الولايات المتحدة، لكنها كانت تمول فعليا نحو 78% من تكلفة تلك الحرب -وفق أوراق البنتاغون المنشورة عام 1971- وتقدم مساعدات عسكرية ولوجستية ضخمة لفرنسا، خوفا من التمدد الشيوعي وسيطرة الصين على المنطقة وصعود الاتحاد السوفياتي إذا هزمت القوات الفرنسية.

كما ناقش المسؤولون الأميركيون -تبعا لهواجسهم تلك- دعما إضافيا لفرنسا ضمن ما عرف بـ"عملية النسر" (Operation Vulture) وهي مقترح خطة عسكرية كبيرة، من أجل إسناد الفرنسيين في معركة ديان بيان فو، وضعها الرئيس دوايت آيزنهاور (حكم بين 1953 و1961) ومستشاروه.

وتضمنت العملية -اعتمادا على وثائق رفعت عنها السرية- قصفا مركزا ومكثفا مع احتمال استخدام قنابل ذرية اقترح تقديمها لفرنسا، وتدخلا بريا. لكن العملية لم تنفذ في النهاية وانسحبت فرنسا بخسائر فادحة، بعد توقيع اتفاقية جنيف للسلام في يوليو/تموز 1954 التي نصت على تقسيم فيتنام إلى شطرين، ولم توقع الولايات المتحدة وحكومة سايغون الموالية لها على الاتفاق رغم حضورهما. وبدأ التورط الأميركي العسكري تدريجيا لحماية النظام الموالي لها في فيتنام الجنوبية ومحاربة المد الشيوعي، إلى حد التدخل المباشر والمعلن عام 1963.

الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون (يمين) ووزير خارجيته هنري كيسنجر (أسوشيتد برس) نظرية الرجل المجنون

في منتصف عام 1968، وتحت ورطة الفشل في حرب فيتنام، اعتمد الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون (1969-1974) على مبدأ تحقيق "السلام بالقوة" عبر "المزيد من قاذفات بي 52" التي أوصاه بها وزير خارجيته هنري كيسنجر، مبتدعا ما سماها "نظرية الرجل المجنون".

ويكشف رئيس موظفي البيت الأبيض بوب هالدمان في مذكراته عام 1994 عن إستراتيجية الرئيس نيكسون لإنهاء حرب فيتنام التي أسرّ له بها قائلا "أنا أسميها نظرية الرجل المجنون، بوب.. سنرسل لهم رسالة مفادها يا إلهي، أنتم تعلمون أن نيكسون مهووس بالشيوعية لا يمكن كبح جماحه عندما يكون غاضبا ويده على الزر النووي.. سيصل هو شي منه (الزعيم الفيتنامي) بنفسه إلى باريس في غضون يومين ويطلب السلام".

إعلان

وكتب هالدمان أن الرئيس نيكسون سعى إلى تنفيذ إستراتيجية التهديد باستخدام القوة المفرطة لتقويض خصومه، وإجبارهم على الاستسلام أو التسوية. وبهذه الطريقة، يصبح عدم يقين الفيتناميين بشأن الخطوات المستقبلية للزعيم "أداة إستراتيجية في حد ذاتها".

وفي 4 أبريل/نيسان 1972 قال نيكسون لهالدمان والمدعي العام جون ميتشل "لم يُقصف الأوغاد قط كما سيُقصفون هذه المرة" عند اتخاذه قرارا بشن ما أصبح يُعرف باسم عملية "لاينباكر التي مثلت تصعيدا هائلا في المجهود الحربي، الذي شمل قصف ميناء هايفونغ، وحصار ساحل فيتنام الشمالية، وحملة قصف جديدة ضخمة ضد هانوي.

ولا تثبت الوقائع التاريخية أن الزعيم الفيتنامي هو شي منه خضع لنظرية "الرجل المجنون" عندما تم توقيع اتفاق السلام في باريس يوم 23 يناير/كانون الثاني 1973، لكن الولايات المتحدة استخدمت قوة هائلة ومفرطة لمحاولة إخضاع الفيتناميين، وفكرت في استعمال السلاح النووي.

كانت نظرية "الرجل المجنون" تجسيدا للإحباط الذي أصاب الإدارة الأميركية من صمود المقاومة الفيتنامية والخسائر الفادحة في صفوف الجيش الأميركي، ومن حركة الرفض الواسعة للحرب في المجتمع الأميركي، واهتزاز الضمير العالمي من المشاهد المؤلمة للمجازر البشعة، سواء في مذبحة "ماي لاي" في 16 مارس/آذار 1968 التي قتل فيها 504 من المدنيين العزل، وغيرها من المجازر.

وفي المقابل، كانت نظرية الجنرال فو نغوين جياب قائد قوات قوات "الفيت منه"(رابطة استقلال فيتنام) تراوح بين خطتي "هجوم سريع.. نصر سريع" و"هجوم ثابت.. تقدم ثابت" واعتماد الحرب الشعبية وحروب العصابات الخاطفة واستنزاف العدو، حيث يقول في مذكراته "إن كل واحد من السكان جندي، وكل قرية حصن" وكانت نظريته أن حرب العصابات هي "حرب الجماهير العريضة في بلد متخلف اقتصاديا ضد جيش عدواني جيد التدريب".

الزعيم الفيتنامي الراحل هو شي منه رفض التخلي عن فكرة توحيد فيتنام (غيتي) ) الورطة والمقاومة

بدأ التورط الأميركي عمليا في حرب فيتنام بعد خروج القوات الفرنسية، ومنذ عام 1961 أرسلت واشنطن 400 من الجنود والمستشارين لمساعدة حكومة سايغون الموالية في مواجهته قوة هو شي منه الشيوعية، ومع التوصيات بزيادة المساعدات استجاب الرئيس جون كينيدي. وبحلول عام 1962 زاد الوجود العسكري الأميركي في جنوب فيتنام إلى نحو 9 آلاف جندي.

إعلان

ومع بداية عهد الرئيس ليندون جونسون (1963-1969) -الذي منحه الكونغرس صلاحيات واسعة في الشؤون الحربية- بدأت القاذفات الأميركية تنفيذ عمليات قصف منتظمة على فيتنام الشمالية وقوات "الفيت- كونغ" (الجبهة الوطنية لتحرير جنوب فيتنام). وفي مارس/آذار 1965، بدأ تدفق القوات الأميركية إلى فيتنام الشمالية، حتى وصل إلى 200 ألف عام 1966، ثم نحو 500 ألف في نوفمبر/تشرين الثاني 1967.

وكانت قوات الزعيم هو شي منه، وقائد العمليات الجنرال جياب، تعتمد على التكتيكات الحربية النوعية والهجمات الخاطفة والكمائن والأنفاق والحرب الطويلة الأمد كما كانت تعتمد على الإمدادات القادمة من كمبوديا ولاوس المجاورتين، وعلى الدعم النوعي الذي تتلقاه من الصين ومن الاتحاد السوفياتي، خصوصا منظومات الدفاع الجوي التي أسقطت عشرات قاذفات "بي-52". ومع بداية عام 1968 بلغت الخسائر الأميركية 15 ألف قتيل و109 آلاف جريح.

وفي المقابل، زادت الولايات المتحدة من وتيرة القصف الجوي العنيف واستعمال الأسلحة المحرمة دوليا مثل "النابالم" وما سمي "العامل البرتقالي" -الذي يحتوي على "الديوكسين" وهو أكثر تلك المبيدات ضررا وفتكا- على فيتنام ولاوس وكمبوديا، ومازالت آثاره البيئية الخطيرة قائمة.

فتاة النابالم اعتبرت وثيقة تدين الحرب الأميركية في فيتنام (أسوشيتد برس) صورة الهزيمة

لم تكن الخسائر البشرية لوحدها ذات التأثير الأكبر فيما اعتبر هزيمة أميركية عسكرية وأخلاقية في فيتنام، فقد مثلت تلك الحرب أول "حرب تلفزيونية" مع بروز سطوة التلفزيون والصورة، وكانت للتقارير الإعلامية عن المجازر في فيتنام ذات تأثير واسع في الرأي العالم الأميركي والعالمي وفي قرارات الإدارة الأميركية لاحقا، خصوصا صورة "طفلة النابالم" التي كانت تجري عارية بعد أن أسقطت طائرة أميركية مادة النابالم الحارقة على قريتها في 8 يونيو/حزيران 1972.

إعلان

وفي 29 أبريل/نيسان 1975، ألقى الرئيس الأميركي جيرالد فورد (1974-1977) بيانا أعلن فيه إجلاء الموظفين الأميركيين من فيتنام قائلا "تعرض مطار سايغون لقصف صاروخي ومدفعي متواصل، وأُغلق بالكامل. تدهور الوضع العسكري في المنطقة بسرعة. لذلك، أمرتُ بإجلاء جميع الموظفين الأميركيين المتبقين في جنوب فيتنام" وكانت تلك نهاية الوجود الأميركي في هذه البلاد، ودخول قوات الجنرال جياب إلى المدينة اليوم التالي.

ولا تزال مجريات حرب فيتنام، بمآسيها وصمود مقاومتها وتوحيد شطريها، من بين أحداث العالم الفارقة خلال القرن العشرين، وواحدة من الحروب التي غيّرت وجه الولايات المتحدة والعالم بأبعادها العسكرية والسياسية وآثارها الإنسانية، كما باتت تكتيكاتها وأساليبها تدرس في الكليات العسكرية، وتتبعها حركات مقاومة أخرى حول العالم.

وبينما تحتفل بالذكرى الخمسين ليوم تحرير الجنوب وإعادة التوحيد الوطني، لم تعد مدينة سايغون (عاصمة فيتنام الجنوبية سابقا) -التي باتت تسمى هو شي منه نسبة إلى الزعيم الأسطوري لفيتنام- رهينة جراحات الماضي الأليم وأهواله، فقد تحولت على مدى الـ50 عاما الماضية إلى مدينة ناطحات سحاب براقة، وأعمال مزدهرة ومركز صناعي حيوي ونقطة جذب سياحية عالمية.

مقالات مشابهة

  • المراحل العشر التي قادت فيتنام إلى عملية الريح المتكررة ضد أميركا
  • الجرائم البيئية تحت المجهر في الإمارات
  • الأمم المتحدة: الحرب في أوكرانيا تمر بنقطة تحول ويتعين وقف إطلاق النار فورًا
  • المجد للبندقية التي حرست المواطن ليعود الى بيته الذي كانت قحت تبرر للجنجويد احتلاله
  • 50 عاما على نهاية حرب فيتنام التي غيّرت أميركا والعالم
  • وسط التصعيد في كييف .. دعوات أممية لاتفاق سلام فوري بين روسيا وأوكرانيا
  • الماضي الذي يأسرنا والبحار التي فرقتنا تجربة مُزنة المسافر السينمائية
  • مكتب “أوتشا” يعبر عن قلقه بشأن الغارات التي ضربت مركزًا لإيواء المهاجرين بصعدة
  • “أوتشا” يعبر عن قلقه بشأن الغارات التي ضربت مركزًا لإيواء المهاجرين بصعدة
  • العالم يدخل مرحلة تسلح غير مسبوقة منذ نهاية الحرب الباردة