أحمد حلمي عبد الباقي (1882-1963) من أبرز رجالات فلسطين في المجالات الاقتصادية والتجارية والمصرفية والاجتماعية والزراعية.

ألباني الأصل تركي النشأة، عروبي الهوى وفلسطيني الولاء والإيمان، تولى رئاسة حكومة عموم فلسطين التي أنشأتها جامعة الدول العربية خلال حرب 1948 لتنظيم الجيب التي تسيطر عليه مصر في قطاع غزة.

المولد والنشأة

وُلد أحمد حلمي عبد الباقي عام 1882 في مدينة صيدا اللبنانية لأب ذي أصول ألبانية، كان والده يعمل ضابطا في جيش الإمبراطورية العثمانية حينها.

لأحمد حلمي 3 بنات من زوجته الأولى هن وصفية، وهي زوجة السياسي الليبي منصور قدارة، وسنية زوجة عبد الحميد شومان مؤسس البنك العربي في فلسطين، ونائلة زوجة عبد المجيد عبد الحميد شومان.

كما كان له ابن وحيد، وهو من زوجته الثانية واسمه محمد، وقد تزوج محمد من سعاد ابنة السياسي الفلسطيني رشيد الحاج إبراهيم.

الدراسة والتكوين

تلقى أحمد حلمي عبد الباقي علومه الأولية في نابلس، ثم تابع دراسته في إسطنبول، وعاد مع والده إلى مدينته طولكرم، وهناك تلقى علومه في اللغة العربية والآداب على يد العالم سعيد الكرمي، وهو ما جعله يتميز في هذا المجال.

الوظائف والمسؤوليات

شارك عبد الباقي في العمارة بحركة متطوعي أبناء العشائر العراقية لمحاربة القوات البريطانية الغازية إلى جانب الجيش العثماني أثناء الحرب العالمية الأولى.

كان عبد الباقي بصفته عضوا في جمعية "العربية الفتاة" القومية السرية من أركان حزب الاستقلال العربي الذي نشأ في دمشق سنة 1919 كواجهة سياسية علنية لهذه الجمعية.

عُيّن في سنة 1919-1920 مديرا عاما لوزارة المالية في حكومة الأمير فيصل بن الحسين في دمشق.

نزح عبد الباقي سنة 1922 إلى شرق الأردن، حيث عُيّن مشاورا (وزيرا) للمالية، واختاره ملك الحجاز الحسين بن علي ناظرا للخط الحديدي الحجازي ومنحه لقب باشا.

وبعد اندلاع الثورة السورية في سنة 1925 ضد الاحتلال الفرنسي شارك في عضوية اللجنة المركزية لإعانة منكوبي سوريا.

نفته السلطات الإنجليزية إلى الحجاز بتهمة التحريض على مقاومة الانتداب الفرنسي على سوريا، وغادر بعدها إلى القاهرة، ثم توجه في سنة 1926 إلى فلسطين بدعوة من رئيس المجلس الإسلامي الأعلى الحاج أمين الحسيني، حيث عُيّن مراقبا عاما للأوقاف الإسلامية.

استقال عبد الباقي من عمله في سنة 1930 حين أصبح مديرا عاما للبنك العربي الذي أسسه مع عبد الحميد شومان، ثم أسس البنك الزراعي لإمداد الفلاحين بالقروض الزراعية، وبنك الأمة العربي و"صندوق الأمة" لإنقاذ الأراضي العربية المهددة باستيلاء الحركة الصهيونية عليها.

كما أسس مشروع الدونم الذي كان يهدف إلى تملك كل فلسطيني دونما (ألف متر مربع) من الأرض في المواقع التي تتعرض أراضيها لخطر الاستيلاء الصهيوني عليها، وأسس مدرسة أبناء الأمة العربية (كلية الأمة في القدس).

التجربة السياسية

شارك عبد الباقي ضمن مندوبي القدس في المؤتمر الإسلامي للدفاع عن حائط البراق والأماكن الإسلامية المقدسة، والذي عقد في خريف سنة 1928.

كما كان عضوا في اللجنة المركزية لإعانة المنكوبين التي شكّلها المجلس الإسلامي الأعلى عقب ثورة البراق في أغسطس/آب 1929.

شارك عبد الباقي في المؤتمر الإسلامي العام الذي عقد بالقدس في ديسمبر/كانون الأول 1931 بصفته أمين المال في المؤتمر ومقرر لجنة السكة الحجازية فيه.

اختير أحمد حلمي عبد الباقي رئيسا فخريا للغرفة التجارية في القدس وللجمعية الخيرية الصالحية التي أنشأت معهد أبناء الأمة لإيواء أبناء الشهداء.

بعد عودته إلى فلسطين في نهاية سنة 1942 شارك عبد الباقي في المساعي الهادفة إلى إعادة تأليف لجنة سياسية مسؤولة لقيادة الحركة الوطنية، لكن تلك المساعي باءت بالفشل.

وفي أغسطس/آب 1943 أعاد عبد الباقي مع عوني عبد الهادي ورشيد الحاج إبراهيم تأسيس صندوق الأمة العربي لإنقاذ الأراضي العربية.

ومن نوفمبر/تشرين الثاني 1945 إلى مايو/أيار 1946 حاول عبد الباقي مع قادة فلسطينيين آخرين إعادة تأسيس اللجنة العربية العليا التي حلها البريطانيون سنة 1937.

ومع فشل هذا الجهد أعاد مجلس الجامعة العربية بنفسه تشكيل اللجنة العربية العليا (تحت تسمية الهيئة العربية العليا) في بلودان في يونيو/حزيران 1946، ودعا عبد الباقي إلى الانضمام.

وفي الفترة اللاحقة صمد عبد الباقي وحيدا من بين سائر زملائه في قيادة الدفاع عن مدينة القدس في وجه الهجمات الصهيونية على إثر إصدار الأمم المتحدة قرار تقسيم فلسطين سنة 1947.

وفي 16 يونيو/حزيران 1948 عيّنه ملك الأردن عبد الله الأول حاكما عسكريا على القدس، ثم عينه مجلس جامعة الدول العربية رئيسا لـ"حكومة عموم فلسطين" التي أُعلن تشكيلها في غزة في أواخر سبتمبر/أيلول 1948، وصار يشارك بصفته هذه في اجتماعات جامعة الدول العربية بالقاهرة حتى وفاته.

مؤلفاته

ألّف أحمد حلمي عبد الباقي ديوان شعر بعنوان "ديواني"، وصدر بإعداد وتقديم من الكاتب والروائي والشاعر الأردني من أصل فلسطيني إبراهيم نصر الله.

تأسيس بنك الأمة العربية

أسس حلمي هذا البنك عام 1937 بعد أن استقال من البنك العربي، واستهدف به تقديم القروض إلى المزارعين العرب لآجال تصل إلى عام، في الوقت الذي كانت فيه المصارف التجارية تمنح قروضها لمدة لا تزيد على 3 أشهر.

وقد استمر بنك الأمة العربية في نشاطه حتى نهاية فترة الانتداب البريطاني، وبعدها استأنف من مركزه الجديد في القاهرة برئاسة أحمد حلمي باشا، وظلت له ديون كبيرة على المزارعين العرب الذين لم يتمكنوا من الوفاء بالتزاماتهم بسبب طردهم من أملاكهم.

وفاته

توفي أحمد حلمي عبد الباقي يوم 29 يونيو/حزيران 1963 في سوق الغرب بلبنان، ودُفن في الرواق الغربي للمسجد الأقصى بجوار الأمير محمد علي الهندي والقائد عبد القادر الحسيني وثلة من القادة العرب والمسلمين.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الأمة العربی فی سنة

إقرأ أيضاً:

ما سبب غياب الدول العربية عن تحالف لاهاي لدعم فلسطين ومحاسبة الاحتلال؟

شكلت تسع دول حول العالم تحالفا دوليا تحت اسم "مجموعة لاهاي" بعد دعم الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة، بالإضافة إلى ملاحقة دولة الاحتلال الإسرائيلي عبر المحاكم الدولية ووضع حد لانتهاكاتها للقانون الدولي.

وجاء الإعلان عن التحالف الجديد الذي يضع إنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية ضمن أهدافها، خلال مؤتمر مشتركة في مدينة لاهاي في هولندا.

وتأتي على رأس الدول المنضوية ضمن التحالف الجديد جنوب أفريقيا التي رفعت دعوى ضد الاحتلال الإسرائيلي أمام محكمة العدل الدولية بتهمة ارتكاب إبادة جماعية بحق الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

ويرى الخبير القانوني المعتصم الكيلاني، أنه من الممكن تحالف لاهاي أن يكون أداة فعالة في زيادة الضغط على إسرائيل من خلال دعمه القانوني والسياسي المتواصل.


ويضيف في حديثه مع "عربي21"، أن التحالف يسهم في تعزيز الجهود الرامية إلى تسليط الضوء على انتهاكات الاحتلال وتوثيقها، بالإضافة إلى دعمه لتحقيقات المحكمة الجنائية الدولية بشأن الجرائم المرتكبة في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وبجانب جنوب أفريقيا، فقد ضم التحالف الذي يأتي على وقع تحديات عديدة تواجه المحكمة الجنائية الدولية ومحكمة العدل الدولية جراء انتهاك الاحتلال للقانون الدولي، دول ماليزيا وكولومبيا وبوليفيا وكوبا وهندوراس وناميبيا والسنغال وجزر بليز. وهذه دول توصف بأنها من الجنوب العالمي.

إفلات "إسرائيل" من المحاسبة
وتعكس هذه الخطو الغضب المتزايد في الجنوب العالمي إزاء ما ينظر إليه على أنه معايير مزدوجة للقوى الغربية عندما يتعلق الأمر بالقانون الدولي. وهو ما تعزز بعد الدعم الأمريكي للاحتلال الإسرائيلي عقب إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس وزراء بنيامين نتنياهو ووزير حربه السابق يوآف غالانت.

وكان وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو أيد مشروع قانون معروضا حاليا على الكونغرس لفرض عقوبات على أي فرد أو كيان على اتصال بتحقيق المحكمة الجنائية الدولية ضد أمريكيا أو حليف لها، وستشمل هذه العقوبات أفراد الأسرة أيضا، حسب "الغارديان".

وبالرغم من العزلة الدولية التي تعيشها دولة الاحتلال والقرارات الصادرة من محكمتي لاهاي، إلا أن "إسرائيل" لم تظهر أي اهتمام بالالتزام بأحكام محكمة العدل الدولية أو المحكمة الجنائية الدولية.

ولم تمتثل إسرائيل لأحكام محكمة العدل الدولية، ولا سيما النتيجة التي توصلت إليها وهي أن استمرار وجود إسرائيل في الأراضي المحتلة غير قانوني وأنه ينبغي عليها سحب قواتها في غضون 12 شهرا.

وقال وزير الشؤون الدولية لجنوب أفريقيا رونالد لامولا، إن الحملة تهدف للتأكد من الالتزام بالقانون الدولي وحماية الضعفاء، مضيفا أن "تشكيل مجموعة يرسل رسالة واضحة: لا دولة فوق القانون ولا جريمة ستمر بدون عقاب".

ويرى الكيلاني أن تشكيل تحالف لاهاي لدعم فلسطين في المحاكم الدولية يعكس تحولا مهما في مقاربة القضية الفلسطينية على المستوى الدولي.

ويوضح أن هذا التحالف يُبرز وجود إرادة سياسية وجماعية لدعم الحقوق الفلسطينية في إطار القانون الدولي، ويعزز فكرة أن القضية الفلسطينية ليست فقط قضية سياسية أو نزاعًا إقليميًا، بل هي أيضًا مسألة قانونية تتعلق بانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.

علاوة على ذلك، يسهم هذا التحالف في نقل القضية إلى ساحات قضائية ذات مصداقية، مثل محكمة العدل الدولية  والمحكمة الجنائية الدولية، ما يزيد من احتمالات مساءلة الاحتلال الإسرائيلي عن جرائمه، حسب الكيلاني.

ويستدرك الخبير القانوني بالقول إنه "رغم أن تنفيذ قرارات المحاكم الدولية يواجه تحديات بسبب غياب آليات إلزامية قوية، فإن وجود هذا التحالف قد يُسهم في خلق ضغط سياسي ودبلوماسي لدفع نحو تنفيذ هذه القرارات".

ما سبب الغياب العربي والإسلامي؟
لم يضم التحالف الداعم لحقوق الشعب الفلسطيني أي دولة عربية إلى الآن كما كان من اللافت غياب الدول الإسلامية عن هذه المجموعة باستثناء ماليزيا.

وغابت تركيا التي انخرطت في وقت سابق في قضية الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد الاحتلال الإسرائيلي، كما غابت إيران بدورها عن المظلة الدولية الجديدة التي تعهدت بمنع رسو السفن التي تستخدم لنقل الأسلحة أو الوقود العسكري إلى الاحتلال في أي ميناء من موانئ الدول المشاركة بالتحالف.

وبحسب الكيلاني فإن غياب الدول العربية والإسلامية عن هذا التحالف، يعود لأسباب متعددة، من بينها الضغوط السياسية والاقتصادية التي تمارسها بعض القوى الدولية، خاصة الولايات المتحدة، على هذه الدول.

ويوضح أن بعض الدول العربية تخشى أن يؤدي انضمامها لتحالف كهذا إلى توتر علاقاتها مع إسرائيل في ظل موجة التطبيع الإقليمي.

يُضاف إلى ذلك الانقسامات السياسية الداخلية وعدم الاستقرار في بعض الدول، ما يجعلها أكثر حذرا في تبني مواقف قد تُعتبر تصعيدية على الساحة الدولية، وفقا للخبير القانوني.

ومن غير المؤكد ما إذا كان التحالف الجديد سيظل مقتصرا على الدول المؤسسة أم سوف يشهد توسعا يشمل دول عربية في المستقبل، سيما أن الدور العربي في دعم قضية جنوب أفريقيا كان غائبا إلى حد كبير.

وفي حال اتجه تحالف لاهاي نحو التوسع فإن من الدول العربية التقي قد تنضم إليه هي ليبيا التي انضمت بشكل فردي إلى دعم دولة جنوب أفريقيا في دعواها في محكمة العدل الدولية، إلا أن هذا الدور ضل ثانوي بسبب الأزمة الداخلية التي تعيشها ليبيا، وفق الكيلاني.

وبشأن تركيا، يرى الخبير القانوني أن أنقرة تلعب دورا متوازنا في هذا السياق؛ فعلى الرغم من علاقاتها الدبلوماسية والاقتصادية مع إسرائيل، فإنها تدعم القضية الفلسطينية سياسيًا وقانونيًا في المحافل الدولية.

ويرجح في حديثه مع "عربي21"، أن تقدم تركيا دعمًا للتحالف في إطار مساعيها لتعزيز نفوذها في قضايا الشرق الأوسط، حسب تعبيره.

وفيما يتعلق بإيران، يوضح الكيلاني أن دعم طهران للقضية الفلسطينية "يعتبر جزءا من سياستها الخارجية بالرغم من دورها الشيطاني"، مرجحا أن "تؤيد التحالف بقوة، لكنها قد تُواجه تحديات في التنسيق مع دول أخرى بسبب حساسياتها السياسية في المنطقة ولعبها دور سلبي في استقرار دول المنطقة".


ويلفت الخبير القانوني إلى وجود دول إسلامية أخرى من الممكن أن تنضم إلى التحالف أو تظهر موقفا داعما بحذر نظرا إلى علاقاتها مع الغرب مثل باكستان.

كما قد تقدم إندونيسيا التي تظهر تقليديا دعما قويا لفلسطين كأكبر دولة ذات أغلبية مسلمة، على أن تكون شريكا رئيسيا في هذا التحالف، حسب الكيلاني.

وكان ممثلو الدول المؤسسة لـ"مجموعة لاهاي"، دعوا "جميع الدول إلى اتخاذ خطوات ملموسة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي ودعم جهود إحلال السلام والعدالة".

وحثوا في بيان المجتمع الدولي على "الانضمام إلى مجموعة لاهاي، والالتزام بمبادئ النظام الدولي القائم على سيادة القانون، باعتباره أساسا للتعايش السلمي والتعاون بين الدول".

وتعتبر مبادرة تأسيس هذه المجموعة "استثنائية وغير مسبوقة"، إذ يتشكل تحالف دولي للمرة الأولى، ويعلن بشكل واضح أن سيعمل لمحاسبة دولة الاحتلال على الجرائم التي ترتكبها بحق الشعب الفلسطيني.

مقالات مشابهة

  • قائد الثورة: المجاهدون في فلسطين ولبنان هم المترس الأول للأمة الإسلامية
  • كارمن سليمان تشيد بمسرحية “بني آدم” لـ أحمد حلمي: “حاجة تشرف وضحك متواصل”
  • الشعب الديمقراطي: توصيات «وزراء الخارجية العرب» تعبر عن طموحات الأمة العربية
  • ما سبب غياب الدول العربية عن تحالف لاهاي لدعم فلسطين ومحاسبة الاحتلال؟
  • يعطيني مساحة للإفيهات.. علاء زينهم: أفضل العمل مع أحمد حلمي عن محمد هنيدي
  • "يعطيني مساحة للإفيهات".. علاء زينهم: أفضل العمل مع أحمد حلمي عن محمد هنيدي
  • الفنان علاء زينهم: أحمد حلمي يتيح الارتجال.. وعادل إمام الأفضل فنيا
  • أشرف عبد الباقي بـ لوك جديد في مسلسل قلبي ومفتاحه
  • أحمد حلمي عن سبب تجنبه لمقالب رامز جلال: البعد عنه غنيمة
  • أحمد حلمي يتلقى تهديدًا علنيًا.. ويرد بطريقته!