هل صحيح أن الموفد الرئاسي الأميركي أموس هوكشتاين حمل معه إلى بيروت، التي توجّه إليها مباشرة بعد زيارة له لتل أبيب آخر رسالة إسرائيلية قبل أن تُفتح أبواب الجحيم ليس فقط على الجنوب والبقاع هذه المرّة، بل على كل لبنان؟ وهل صحيح أن فرنسا بلسان مصدر مسؤول حمّلت "حزب الله" مسؤولية التصعيد الحاصل في الجنوب؟ وهل ثمة مؤشرات خطيرة استدعت انتقال الموفد الأميركي من واشنطن إلى تل أبيب، ومنها إلى بيروت على وجه السرعة؟ وهل سيوفق في مهمة نقل الرسائل من إسرائيل إلى لبنان، وبالتحديد إلى "حزب الله" عبر الرئيس نبيه بري، ومنه إلى المسؤولين الإسرائيليين، وهل سيتمكن من لجم إسرائيل من جهة، وإقناع "حارة حريك" من جهة أخرى بسحب رجال "المقاومة الإسلامية" إلى جنوب الليطاني، وهل سيقبل "الحزب" بما لم يقبل به في السابق، وهو الذي يعلن أن الحرب لا تخيفه إذا فُرضت عليه، وهو مستعد له، وسيفاجئ الإسرائيليين بما لا يحسبون له حساب وبما لا يتوقعونه، وأن تورطّهم في حرب شاملة ضد لبنان ستكون غلطة العمر، وستكّلفهم الكثير من الخسائر، بعدما تمّ التأكيد أنه يملك صواريخ عابرة للقارات قد تصل إلى إيلات؟
لا شك في أن مهمة هوكشتاين هذه المرّة صعبة جدًّا، وهو يعرف أن فشله في اقناع كل من "تل أبيب" و"حارة حريك" يعني الوصول إلى طريق مسدود، وأن الحرب الواسعة والشاملة واقعة لا محال "في الزمان والمكان المناسبين".
ولكن وعلى رغم صعوبة هذه المهمة، التي يعتبر بعض المراقبين أنها ستكون الأخيرة، فإن ما صرّح به هوكشتاين من بعد لقائه كلًا من رئيس الحكومة نجيب ميقاتي في دارته والرئيس بري في عين التينة، يؤشّر إلى أن "رجل المهمات المستحيلة" لم ييأس بالتوصّل إلى تسوية تنهي القتال بين الإسرائيليين ورجال "المقاومة الإسلامية"، بحيث تسمح تلك التسوية بعودة النازحين اللبنانيين إلى منازلهم الجنوبية من جهة، وبالتالي عودة النازحين الإسرائيليين إلى مستوطناتهم الشمالية بعدما أصبحت أهدافًا سهلة لصواريخ "حزب الله".
وبعيدًا عن التحليلات وما يُنقل عن بعض المصادر من هنا وهناك عمّا حمله معه الموفد الرئاسي الأميركي من رسائل إسرائيلية إلى المسؤولين اللبنانيين نلجأ إلى ما قاله الرجل، وهو الذي عوّد مستمعيه على قول ما يفكرّ به حتى ولو لم يكن ما يقوله يرضي الجميع. فما صرّح به وهو خارج من لقائه كلًا من الرئيسين ميقاتي وبري واضح ولا يحتمل التأويل والاجتهاد. قال "إننا نمر بأوقات صعبة ونريد، أي الأميركيون، حلولا حاسمة للوضع على الحدود بين لبنان وإسرائيل". وأكد أن "التهدئة على الحدود ستسمح بعودة السكان لجنوب لبنان وشمال إسرائيل". ولم يخفِ قلقه من "الوضع الخطير على الحدود"، وقال: "نريد تجنب مزيد من التصعيد بين لبنان وإسرائيل بدلا من حرب مفتوحة".
فإذا لم ينجح هوكشتاين في "مهمته المستحيلة" فلن ينجح أحد سواه. وإذا لم يقتنع الإسرائيليون و"حزب الله" بأن الحرب ستكون مدّمرة فإنها ستأكل الأخضر واليابس في لبنان وفي إسرائيل على حدّ سواء. ومن يعرفه عن كثب يعرف أنه لن يستسلم بسهولة، ولن يرمي "سلاحه" عند أول صعوبة تواجهه، وهو لن يستكين قبل أن يكون له في "البرّ" ما كان له في "البحر". المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: حزب الله
إقرأ أيضاً:
هل تعطي أورتاغوس ضمانات بانسحاب إسرائيل بالكامل قبل 18 شباط؟
كتبت دولللي بشعلاني في" الديار": يريد رئيس الجمهورية جوزاف عون وجود حكومة كاملة الصلاحيات قبل 18 شباط الجاري، ويودّ الرئيس المكلّف القاضي نوّاف سلام النجاح في مهمّة التشكيل، وإعلان حكومته هذا الأسبوع قبل أن يضمحل الزخم الداخلي والخارجي، الذي رافق انتخاب عون والإجماع على خطاب القسم. فبقاء القوّات "الإسرائيلية" في بعض القرى الحدودية التي دخلتها أخيراً، هو أمر يرفض لبنان تمديده مرّة ثانية.فلبنان يرفض تمديد مهلة انسحاب القوّات "الإسرائيلية" من القرى الحدودية مرة ثانية، على ما تقول أوساط ديبلوماسية مطّلعة، لأنّ التمديد الثاني قد يؤدّي الى تمديد ثالث ورابع وربما بقاء دائم. فهدف "إسرائيل" معروف، وهو البقاء في الجنوب اللبناني ويمثّل هذا الأمر تهديداً خطراً للسيادة اللبنانية.
فهل ستُقدّم الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس خلال زيارتها اليوم الجمعة تطمينات للمسؤولين اللبنانيين بانسحاب "إسرائيل" بشكل كامل من القرى الحدودية بعد 18 شباط، ومقابل ماذا؟ تجيب الأوساط الديبلوماسية بأنّ الولايات المتحدة ستُعطي على لسان الوسيطة الأميركية مثل هذه الضمانات للبنان، مقابل أن تقوم الحكومة الجديدة بالإصلاحات المطلوبة، كما بتطبيق القرار 1701. فـ "إسرائيل" تُبدي رغبتها بالبقاء في الجنوب من أجل إعلاء سقف مطالبها في تطبيق القرار 1701، وفي انسحابها لاحقاً من مزارع شبعا وتلال كفرشوبا والقسم الشمالي من بلدة الغجر، والتي تحتاج الى حلّها مع النظام السوري الجديد من جهة، ومع الأمم المتحدة من جهة ثانية.
من هنا، تلفت الأوساط الديبلوماسية الى أنّ أورتاغوس ستُناقش مع المسؤولين اللبنانيين اليوم ملفات عديدة أبرزها:
1- تطبيق إتفاق وقف إطلاق النار، لا سيما في ما يتعلّق باستكمال نشر الجيش اللبناني في الجنوب، وضبط الأمن وعدم وجود أي سلاح غير شرعي فيه، وانسحاب القوّات "الإسرائيلية"، وإنهاء ملف الحدود البريّة في فترة لاحقة، الأمر الذي يُسهّل على شركات النفط الدولية الاستثمار في البلوكات البحرية اللبنانية.
2- مسألة الإفراج عن الأسرى السبعة من حزب الله لدى "إسرائيل".
3- البحث في حلّ النقاط المتبقية من النقاط الـ 13 المتنازع عليها على الخط الأزرق.
وفي ما يتعلّق بالملف الحكومي، وبمسألة طلب الولايات المتحدة عدم توزير أشخاص محسوبين على حزب الله فيها، تقول الأوساط إنّ أورتاغوس سبق وأن أجابت عن هذا السؤال قبل مجيئها الى لبنان. فقد أوضحت أنّها تحدّثت مع سلام وآخرين، و"لم أقل مَن عليهم أن يختاروا في الحكومة اللبنانية". علماً بأنّ الجهود الحثيثة من قبل سلام قد ظهرت أمس، من خلال زيارته الصباحية للمفتي الشيخ عبد اللطيف دريان في دار الفتوى، لإطلاعه على أسماء الوزراء السنّة في تشكيلته، والتي تلاها زيارته الى قصر بعبدا، واجتماعه بالرئيس عون وبرئيس مجلس النوّاب نبيه برّي، بهدف إعلان ولادة الحكومة قبل وصول الموفدة الأميركية الى لبنان، لأنّ الأمور تتغيّر بشكل كلّي مع وجود حكومة كاملة الصلاحيات. لكن عدم الاتفاق على الشيعي الخامس مع برّي، جعل الأمور تتأخّر للمزيد من البحث.
كذلك، تلفت الأوساط الى أنّ الرئيس عون استبق زيارة أورتاغوس بالاجتماع بالسفير الفرنسي في لبنان هيرفيه ماغرو، وبنائب رئيس لجنة المراقبة الجنرال الفرنسي غيوم بونشان، وبالقيام باتصالات ديبلوماسية مباشرة، طالباً دعم موقف لبنان الداعي الى الانسحاب الكامل للقوات "الإسرائيلية" من الأراضي التي احتلتها خلال الحرب الأخيرة، والضغط عليها لوقف انتهاكاتها لاتفاق 27 تشرين الثاني الفائت، لا سيما لجهة استمرارها في تدمير المباني ودور العبادة في القرى الجنوبية الموازية للحدود. كما طلب الضغط لتنفيذ الاتفاق بإطلاق سراح الأسرى اللبنانيين ضمن المهلة المحددة في 18 شباط الجاري. فعودة الاستقرار الى الجنوب، وانسحاب "الإسرائيليين" الى ما بعد الخط الأزرق، وانتشار الجيش هي أمور أساسية تُسهّل عمل الحكومة الجديدة في تطبيق خطاب القسم.