طهران – بعد أن استبشرت المرأة الإيرانية خيرا بتقدم 4 ناشطات سياسيات بأوراق الترشح لخوض السباق الرئاسي يوم 28 يونيو/حزيران الجاري، تبددت آمالهن مرة أخرى باستيفاء حقهن في الرئاسة؛ إذ خلت قائمة المرشحين النهائيين التي أجازها مجلس صيانة الدستور من أسماء أي منهن.

لم يُشكّل خلو قائمة المرشحين من النساء مفاجأة للرأي العام البتة، إذ سبق أن تقدمت بعض السياسيات للمهمة خلال الدورات الانتخابية الماضية لكن النتيجة كانت واحدة، ولطالما شكّل المجلس عقبة تصطدم بها الإيرانية الطامحة إلی تولي الرئاسة.

في تحدٍ للمادة 115 من الدستور الإيراني التي "تشترط انتخاب الرئيس من بين رجال الدين والسياسة"، سبق أن تقدّمت كل من الناشطة المحافظة النائبة السابقة في البرلمان الثامن والحادي عشر زهرة إلهيان، والنائبة الإصلاحية السابقة في البرلمان العاشر حميدة زر آبادي.

المحافظة زهرة إلهيان قدمت أوراق ترشحها للانتخابات الرئاسية ورفض أهليتها مجلس صيانة الدستور (الصحافة الإيرانية) آراء الشارع

كما ترشحت النائبة في البرلمان خلال دورتيه العاشرة والحادية عشرة هاجر جناراني، والنائبة البرلمانية في الدورة السابعة رفعت بيات بأوراق ترشّحهما لمنصب الرئاسة في البلاد.

ومع دخول إيران فترة الحملات الانتخابية، استطلعت الجزيرة نت آراء عدد من الإيرانيات في حي "تهران نو" شرقي العاصمة طهران.

وتفاوتت الآراء بين رؤية مريم (43 عاما) التي تتهم السياسيات بمواكبة الأفكار الرجولية في البلاد على حساب حقوق المرأة، وفروزان (29 عاما) التي ظهرت متفائلة بقدرة الإيرانيات على كسر المحظور واستيفاء حقوقهن مثل دخولهن البرلمان.

أما الحاجة معصومة (59 عاما) فترى أن المرأة الإيرانية ليست مستعدة لقبول المهمة، ناهيك بالمجتمع الذكوري الذي لا يقبل بذلك، مستدركة أنه لا يوجد قانون يمنع تولي المرأة مناصب عليا في البلاد. وهو رأي عارضته الشابة "آوا" (19 عاما)، إذ تقول إن القانون الإيراني "مجحف بحق النساء".

وللوقوف على نظرة الرجال تجاه موضوع تولي المرأة الإيرانية منصب الرئاسة في البلاد، استطلعت الجزيرة نت آراء 3 منهم أجمعوا على أنهم لا يخالفون ذلك إذا توفرت لديها القدرة على إدارة شؤون إيران والعبور بها إلى بر الأمان.

وعما إذا كان الدستور يحظر انتخاب الرئيس من بين المرشحات، سبق أن أكد المتحدث السابق باسم مجلس صيانة الدستور عباس كدخدائي -قبيل الانتخابات الرئاسية عام 2021- أنه "لا يوجد منع قانوني، وإنما هناك ملاحظات ثقافية". وقال إنهم قد يشهدون رئاسة النساء في حقبة ما كما حدث في حكومة الرئيس الأسبق محمود أحمدي نجاد، حيث تولت المرأة للمرة الأولى إحدى الحقائب الوزارية.

خلاف في التفسير

ونقلت وسائل إعلام ناطقة بالفارسية عن رجل الدين البارز فاضل ميبدي، عضو مجمع المحققين والمدرسين بالحوزة العلمية في مدينة قم، قوله إن "بعض السادة في مجلس صيانة الدستور، وبناء على النظرة التقليدية، يعتقدون أنه لا يمكن للمرأة أن تتولى رئاسة البلاد مثل منعها من تولي منصب القضاء والمرجعية الدينية".

وبين جواز القانون وملاحظات المؤسسة الدينية، يُرجع مراقبون في طهران السبب الحقيقي وراء رفض ترشح جميع النساء خلال الدورات الماضية إلى الخلاف بين الأوساط القانونية والدينية على تفسير مصطلح "الرجل السياسي" الوارد في المادة 115 من الدستور.

وعلى وتر الخلاف القائم بين من يعتقد أن هذا المصطلح إنما يدل على جنس الذكور وبين آخرين يستلهمون معنى "الأفراد الصالحين من الرجال والنساء" منه، توجهت الجزيرة نت بالسؤال إلى المحامي الدولي والخبير القانوني عبد الصمد خرمشاهي حول المعنى المراد منه.

ويشير خرمشاهي إلى عدم وجود تفسير قانوني وفقهي واضح بشأن المصطلح في البلاد، ويضيف أن شريحة من رجال الدين يعارضون تولي المرأة هذا المنصب نظرا لحساسيته الفائقة، كون منصب الرئيس يحل في المرتبة الثانية بعد المرشد الأعلى في سلم هرم السلطة بالبلاد.

وفي حديثه للجزيرة نت، يوضح أنه مع وجود تفسيرات مختلفة عن مصطلح "الرجل" ومعانيه اللغوية، فإن هناك شريحة لا تعتقد إلا المعنى الظاهري لمفردتي "رجل ورجال" العربيتين وليس المعاني الواردة لهما مجازيا. وأضاف أن الدستور الإيراني يساوي بين جنسي الذكر والأنثى، لكن يبدو أن المعنى المراد في المادة 115 هو المعنى الظاهري أي الرجل بمعنى الذكر وليس الأنثى.

الوسط الديني

أما في الوسط الديني، فيقول أستاذ الحوزة العلمية بمدينة قم الشيخ مهدي مسائلي إنه رغم معارضة شريحة من رجال الدين المحافظين تولي المرأة منصب الرئاسة، فإنهم لا يرون مبررا لرفع الصوت عاليا طالما يرون سلوك مجلس صيانة الدستور في رفض أهلية المرشحات مناسبا.

وفي تصريحه للجزيرة نت، يعتقد مسائلي أن الوسط الديني في إيران يتحفظ في إعلان رأيه حول ترشح النساء لمنصب رئاسة البلاد بسبب ترجيحه بعض الملاحظات في التعاطي مع الملفات الحساسة. واستدرك أنه في حال مصادقة المجلس على أهلية بعض المرشحات، حينها ستشهد البلاد معارضات واضحة من بعض الأوساط الدينية.

وأشار إلى ممارسة الشريحة الدينية المحافظة "ضغوطا خلف الكواليس لعدم المصادقة على ترشح النساء لمنصب رئاسة الجمهورية". وأوضح الشيخ مسائلي أن هناك قوانين غير مكتوبة تنفذ بحذافيرها في المؤسسات الرسمية دون الحاجة إلى الكشف عنها أو المصادقة عليها أو تبرير سبب تشريعها، وقد يكون موضوع ترشح النساء للرئاسة ضمنها.

من ناحيتها، تصف الناشطة الإصلاحية عفيفة عابدي تفسير مجلس صيانة الدستور مصطلح "الرجل السياسي" في المادة 115 بأنه "ذكوري". وأكدت أنه لا يمكن لرفض المجلس أهلية المتقدمات بأوراق الترشح لرئاسيات البلاد أن "يضع نقطة على سطر نضال المرأة الإيرانية لنيل حقوقها".

وفي حديثها للجزيرة نت، ترى عابدي أن تقدم عدد من الناشطات بأوراق التسجيل في الانتخابات جزء من نضال المرأة الإيرانية لاستيفاء حقوقها ومكانتها السياسية والاجتماعية، موضحة أن المرأة الإيرانية تعتزم مواصلة الترشح حتى تغيير التفسير الراهن حول مصطلح الرجل السياسي.

وتشير عابدي إلى عدم ثقة المجتمعات الذكورية -بما فيها الغربية- في المرأة لتولي المناصب الإستراتيجية، وبرأيها، فإن المرأة الإيرانية أضحت قاب قوسين أو أدنى من كسب ثقة الرأي العام، وأنها مؤهلة للعب دور مؤثر في حلحلة التحديات الداخلية وإدارة سياسة البلاد الخارجية.

ويطرح نجاح 14 امرأة فقط من أصل 1700 مرشحة حصلن على أهلية مجلس صيانة الدستور خلال الانتخاب البرلمانية في مارس/آذار الماضي ودخولهن البرلمان المكون من 290 مقعدا، علامة استفهام كبيرة عن ثقة الشارع في المرأة، واحتمالات تغيير القوانين لصالحها وتخويلها تولي المناصب الإستراتيجية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات مجلس صیانة الدستور المرأة الإیرانیة تولی المرأة فی البلاد

إقرأ أيضاً:

الشاب نوبوا يفوز بانتخابات الإكوادور الرئاسية.. ومنافسته اليسارية تحتج

أعلنت السلطات الانتخابية في الإكوادور فوز الرئيس المنتهية ولايته دانيال نوبوا في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية الأحد، متغلبا بفارق كبير على منافسته اليسارية لويزا غونزاليس، في اقتراع كان متوقعا أن تكون نتائجه متقاربة.

وبحسب النتائج غير النهائية والتي تشمل 92% من الأصوات، فإن نوبوا يتقدم بفارق كبير على غونزاليس، بنسبة 56% مقابل 44%، لكن الأخيرة أعلنت أنها "لا تعترف بالنتائج" وطلبت "إعادة فرز الأصوات".

وقال نوبوا للصحافة "هذا الفوز تاريخي، فوز بأكثر من 10 نقاط، فوز بأكثر من مليون صوت لا يدع مجالا للشك في هوية الفائز"، بحسب ما نقلت وكالة "فرانس برس".

وأدلى الناخبون الإكوادوريون الأحد بأصواتهم للاختيار بين الرئيس المنتهية ولايته دانيال نوبوا ومنافسته اليسارية لويزا غونزاليس في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية في بلد يواجه تحديات أمنية على صلة بالاتّجار بالمخدرات.

صباحا بالتوقيت المحلي، بدأ الناخبون بالتوجه بأعداد كبيرة إلى مراكز الاقتراع حيث انتشرت قوات أمنية وعسكرية في استحقاق شهد منافسة محتدمة.

وقالت الناخبة إيلينا بيتانكور وهي متقاعدة تبلغ 73 عاما ردا على سؤال لوكالة فرانس برس "في هذه الانتخابات (...) إما نتحرّر وإما نغرق".

وكانت لويزا غونزاليس، المحامية البالغة 47 عاما والسائرة على خطى الرئيس الاشتراكي السابق رافائيل كوريا (2007-2017)، تتطلع إلى أن تصبح أول امرأة تتولى سدة الرئاسة في البلاد.

أما نوبوا البالغ 37 عاما، وهو ابن رجل أعمال ملياردير، فعبّر في وقت سابق عن أمله في الفوز بولاية من أربع سنوات.

وانتهت الجولة الأولى بتقدّم نوبوا على غونزاليس بأقل من 17 ألف صوت.

وفتحت مراكز الاقتراع عند السابعة صباحا بالتوقيت المحلي (12,00 ت غ) أمام الناخبين المسجلين البالغ
عددهم الإجمالي 13,7 مليونا، علما بأن التصويت إلزامي في البلاد.

نظرا إلى موقعها الجغرافي بين كولومبيا والبيرو، أكبر منتجي كوكايين في العالم، ومرافئها الاستراتيجية على المحيط الهادئ، أصبحت الإكوادور مسرحا لمواجهات عنيفة مرتبطة بالاتجار بالمخدرات.

وانتقل معدل جرائم القتل فيها من ست جرائم لكل مئة ألف نسمة في 2018 إلى 38 لكل مئة ألف في 2024 بعد معدل قياسي بلغ 47 في 2023.

ويمر نحو 73 بالمئة من الكوكايين المنتج في العالم عبر الإكوادور على ما جاء في تقرير لوزارة الداخلية استشهد به مكتب الأمم المتحدة المعني بمكافحة المخدرات والجرية.

مقالات مشابهة

  • هل توجد ملابس ممنوعة على النساء أثناء الإحرام؟.. أمينة المرأة توضح
  • الرئيس الإكوادوري الحالي يتصدر الانتخابات الرئاسية في البلاد بعد فرز 55 بالمئة من الأصوات
  • رئيس الدولة ونائباه يهنئون رئيس الغابون بفوزه في الانتخابات الرئاسية
  • رئيس الدولة ونائباه يهنئون رئيس الغابون بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية
  • الإكوادور.. الرئيس نوبوا يعلن تقدمه في الانتخابات الرئاسية
  • الشاب نوبوا يفوز بانتخابات الإكوادور الرئاسية.. ومنافسته اليسارية تحتج
  • فوز نوبوا بالانتخابات الرئاسية في الإكوادور
  • قائد انقلاب الغابون يفوز في الانتخابات الرئاسية
  • أسباب تساقط الشعر عند النساء وطرق علاجها الطبيعية
  • الإكوادور تصوت في الانتخابات الرئاسية