أصدر مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار بمجلس الوزراء، عددا خاصا من نشرته الدورية «نظرة على الأحداث»، التي تهتم بإلقاء الضوء على ما تصدره مراكز الفكر والبحوث الدولية والصحف ووكالات الأنباء العالمية في تحليلها لأبرز الأحداث العالمية، لتزويد صنَّاع السياسات العامة بالتحليلات الدقيقة فيما يتعلق بالقضايا السياسية والاستراتيجية، وصدر العدد الجديد بعنوان «المواطنة الرقمية.

. شكل جديد من أشكال المواطنة».

دور التكنولوجيا الرقمية في تعزيز رفاهية الشعوب

وسعى العدد إلى تسليط الضوء على مفهوم المواطنة الرقمية، وما يتصل به من مفاهيم، وأبرزها مفهوم المواطن الرقمي، والتمييز بين المواطنة الرقمية الإيجابية والسلبية، والأمان الرقمي، ومحو الأمية الرقمية، والرفاهة الرقمية وغيرها من المفاهيم وثيقة الصلة، كما تطرَّق العدد إلى أبعاد المواطنة الرقمية، ودعائم المواطنة الرقمية، فضلًا عن انعكاسات العولمة على المواطنة الرقمية والعلاقة بينهما، وانتهى بتوضيح الدور المحوري للتكنولوجيا الرقمية في تعزيز رفاهية الشعوب، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة بحلول عام 2030.

ثورة تكنولوجية عالمية

أوضح المركز من خلال العدد، أنّ العالم يعيش اليوم في خضم ثورة تكنولوجية، أبزر تجلياتها هيمنة الرقمنة ومواقع التواصل الاجتماعي، إلى الحد الذي يثير المخاوف من هيمنة العالم الافتراضي على عالمنا الواقعي، حيث أضحى للعالم الافتراضي أسس ربما تتناقض كثيرًا مع القيم التي تعارفت عليها المجتمعات والشعوب، وفي ظل هذا الواقع، بزغ مفهوم «المواطنة الرقمية»، والذي يتمحور حول الاستخدام الكفء والواعي للتكنولوجيا الرقمية، وتنمية مهارات التفكير النقدي لدى رواد المواقع الإلكترونية بما يحول دون انسياقهم وراء أي محتوى، ويضمن استخدامهم التكنولوجيا على نحو آمن ومسؤول.

تزايد معدلات التقدم التكنولوجي حول العالم

وبرز مفهوم المواطنة الرقمية في ضوء تزايد معدلات التقدم التكنولوجي حول العالم، واتجاه المجتمعات لتصبح أكثر اعتمادًا على الانترنت في الأنشطة اليومية، ويُعرَف المواطن الرقمي بأنّه «الشخص الذي يحظى بالمهارات والمعرفة اللازمة لاستخدام الإنترنت والتقنيات الرقمية بشكل فعال، من أجل المشاركة المسؤولة في المجتمع على جميع المستويات السياسية، والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية».

مفهوم المواطن الرقمي

وعلى هذا النحو، يتضح وجود تركيز خاص على بُعد «التعليم» في مفهوم المواطن الرقمي، بالنظر إلى أنّ اكتساب الأفراد لمهارات المشاركة الإيجابية في المجتمع الرقمي يحتاج إلى التعلم والممارسة، بما يجعل دور التعليم حيويًا لإعداد المواطن الرقمي وتأهيله.

وتُعرَف المواطنة الرقمية بأنّها «القدرة على الاستخدام الكفء للتكنولوجيا، من خلال تفسير وفهم المحتوى الرقمي وتقييم مصداقيته، والتواصل عبر الأدوات الرقمية المناسبة، والتفكير النقدي في الفرص والتحديات الأخلاقية التي تواجه العالم الرقمي، واتخاذ خيارات آمنة ومسؤولة»، كما تُعرَف أيضًا بأنّها «معايير السلوك المناسب والمسؤول لاستخدام التكنولوجيا».

 أبعاد المواطنة الرقمية

ويرتكز مفهوم المواطنة الرقمية على 3 أبعاد رئيسية، وهي «التثقيف، والتمكين، والحماية».

استعرض مركز المعلومات من خلال العدد مجموعة من المفاهيم ذات الصلة بالمواطنة الرقمية كـ«محو الأمية الرقمية»، وهو يعبر عن «القدرة والمعرفة اللازمتين للتدريس والتعلم باستخدام أدوات التكنولوجيا»، ومفهوم «الأمان الرقمي» وهو يشير إلى «توعية المواطنين بشأن كيفية استخدام شبكة الانترنت ومنصات التواصل الاجتماعي بشكل آمن وفعَّال وإدراك المخاطر التي تنطوي عليها والحيلولة دون تعرض الأفراد لأي تهديدات أو مخاطر من شأنها تهديد خصوصياتهم وسرية بياناتهم»، ومفهوم «الرفاهة الرقمية» والذي يسعى إلى الاستخدام الأمثل للأدوات الرقمية لمساعدة المستخدم في الحفاظ على نمط حياة صحي، لا سيمَّا وأنّ الاستخدام المفرط للتكنولوجيا، ومنصات التواصل الاجتماعي ينطوي على تداعيات سلبية إذا لم يحسن الفرد استخدامها، ومفهوم «مواطن الإنترنت» والذي يمكن تعريفه بأنّه فرد يمتلك المعرفة اللازمة لاستخدام التكنولوجيا الرقمية، وإنشاء محتوى رقمي قد يتضمن كتابة مقالات، أو نشر مقاطع فيديو، أو المشاركة في المدونات، بالإضافة إلى مناقشة القضايا المختلفة عبر منصات التواصل الاجتماعي.

وسلَّط مركز المعلومات من خلال العدد، الضوء على بعض العناصر الأساسية الداعمة للمواطنة الرقمية، والتي تمثلت في توافر فرص متساوية لاستخدام الإنترنت، ما يعني ضمان أن تتوافر للجميع فرص متساوية للوصول إلى أجهزة الكمبيوتر، والهواتف المحمولة، وشبكة الإنترنت، وتعزيز المهارات الرقمية لدى الأفراد حتى يتسنى لهم التعامل بأمان في العالم الرقمي وفهم دور التكنولوجيا في تشكيل مجتمعنا.

وإضافة إلى «ضوابط التواصل الرقمية»، ظهرت مجموعة من القواعد لتوجيه التفاعلات الاجتماعية من خلال التكنولوجيا، يشار إليها باسم (نيتيكيت)، وتعني مجموعة من الآداب المهنية والاجتماعية التي تتم ممارستها في الاتصالات الإلكترونية عبر شبكة الإنترنت، وتتضمن الإرشادات العامة التي يجب الالتزام بها، مثل اللباقة والدقة وتجنب التنمر الإلكتروني والالتزام بقوانين حقوق النشر، ومن العناصر الداعمة للمواطنة الرقمية أيضًا «دعم أمن البيانات» حيث تعد حماية الخصوصية ركيزة أساسية لتأمين الأفراد في العالم الرقمي، لذا يتوجب على الفرد أن يكون على دراية ببرامج الأمان، وإعدادات الخصوصية اللازمة التي تساعده على مواجهة الفيروسات، والتصدي للمتسللين عبر الإنترنت.

مبادئ المواطنة الرقمية العالمية 

كما استعرض العدد المواطنة الرقمية العالمية حيث ينطوي مفهوم المواطن الرقمي العالمي على خمس مبادئ كالتالي:

- المسؤولية الشخصية: وهي أن يتمتع المواطن الرقمي العالمي بالشعور بأهمية التعلم مدى الحياة، ويتضمن ذلك سيطرة الفرد على تصرفاته فيما يتعلق بمجالات الشؤون المالية، والحدود الأخلاقية، والصحة الشخصية التي تحكم جميعها مختلف العلاقات.

- المواطنة العالمية: وتتضمن اعتراف واحترام الفرد لما قامت به التكنولوجيا والوسائط الرقمية من إلغاء للحدود بين الأفراد في العالم، من خلال تمكينهم من التواصل والحوار والنقاش.

- المواطنة الرقمية: وتعني الانخراط في سلوك مناسب ونموذجي في بيئة عبر الإنترنت.

- خدمة الإيثار: وتعني الاهتمام برفاهية الأشخاص الذين يتشاركون عالم الانترنت ومن ثمّ اغتنام الفرص لتقديم التبرعات لمساعدة الآخرين، بغض النظر عن انتماءاتهم أو جنسياتهم أو دينهم أو أعراقهم.

- الحرص البيئي: بمعنى تمتع الفرد بالفطرة السليمة اللازمة لتحمل مسؤولية الحفاظ على البيئة، ومعرفة كيفية الاستفادة من الموارد مع الحفاظ على استدامتها على صعيد شخصي، ومحلي، وإقليمي ودولي.

وارتباطًا تم تسليط الضوء على العلاقة بين المواطنة الرقمية والعولمة، حيث أشار العدد إلى أن المواطنة إذا كانت تشير إلى حق الأفراد في المشاركة في المجتمع، فإن العولمة تمهد الطريق لتمكين الأفراد من المشاركة العابرة للحدود القومية للدول، من خلال ما تتيحه من وسائل تكنولوجية تُعزز قدرة الأفراد على التواصل عبر العالم الخارجي، لتصبح بذلك المواطنة غير قاصرة على حدود الدولة القومية، ويمكن توضيح مظاهر ارتباطهما فيما يلي:

أولًا: وسائل التواصل الاجتماعي فضاء جديد للمشاركة: حيث انتشر استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، وإذا كانت المواطنة بمفهومها التقليدي تتشكل عبر المجال العام، فإنّ المواطنة الرقمية أصبحت تتشكل عبر المجال العام الإلكتروني الذي أتاحته العولمة، حتى أصبح الفرد عضوا مدنيا عالميا، وليس عضوا في دولة بعينها فحسب.

ثانيًا: «ثقافة تحقيق الذات»: حيث كان لتطور تكنولوجيا المعلومات في عصر العولمة أثر كبير على نشر ثقافة «افعلها بنفسك» أو ما يسُمى بثقافة تحقيق الذات، ما جعل المواطن أكثر استقلالية، وبات منُتجا ومسُتهلكا في الوقت ذاته، وبالتالي أصبحت أنشطة المواطن الرقمي غير محدودة في ضوء إمكانية الوصول المتزايد للتقنيات المعقدة، مثل محركات البحث، والطابعات ثلاثية الأبعاد، وغيرهما من التقنيات المتطورة.

ومن هذا المنطلق أيضا، أصبح المواطنون يشاركون في فعاليات سياسية عبر الإنترنت، مثل التصويت الإلكتروني، ومن ثمّ أصبحنا أمام شكل جديد من أشكال الديمقراطية، بدلا من الأشكال التقليدية للمشاركة.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: أجهزة الكمبيوتر التنمية المستدامة الحفاظ على البيئة الدولة القومية المواطنة الرقمية المواطنة التواصل الاجتماعی الضوء على الرقمیة ا من خلال

إقرأ أيضاً:

السوداني: العراق على المسار الصحيح في بناء دولة تحترم المواطن وتلتزم بالدستور

بغداد اليوم- بغداد

قال رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، اليوم الأحد، (22 كانون الأول 2024)، ان: "العراق اليوم على المسار الصحيح في بناء دولة تحترم المواطن، وتلزم بالدستور، وتبني مؤسساتها بالشكل الذي يلبي تطلعات المواطنين".

وذكر بيان للمكتب الاعلامي لرئيس مجلس الوزراء، تلقته "بغداد اليوم"، ان السوداني "التقى، في مدينة الموصل، اليوم الأحد، مجموعة من شيوخ العشائر وممثلي المكونات والأطياف المختلفة في محافظة نينوى".

وأكد السوداني "حرصه على لقاء الشيوخ والوجهاء ورجال الدين والنخبة من أبناء المحافظة، مبيناً أن زيارته إلى نينوى تأتي ضمن منهجية عمل الحكومة لمتابعة  شؤون المواطنين في مختلف المحافظات، ووضع حجر الأساس لعدد من المشاريع، ومتابعة العمل في مطار الموصل الدولي، وتحديد يوم العاشر من حزيران المقبل موعداً لافتتاحه".

وأشار رئيس مجلس الوزراء إلى، أنّ "جميع المشاريع التي أُطلق العمل بها اليوم في نينوى، كانت مدمرة من قبل الإرهاب، ونحن في أيام الاحتفال بيوم النصر على العصابات الإرهابية، نعمر خراب حقبة داعش المظلمة ونعمل على إطلاق مشاريع جديدة".

وأكد السوداني، أنه "ستنطلق خلال 30 يوماً سلسلة من مشاريع البنى التحتية بالمحافظة، وستتم المباشرة بمشروع الطريق الحولي - المرحلة الثانية لتخفيف الازحامات المرورية بالمدينة، مشدداً على أن عجلة البناء والإعمار بالمحافظة مستمرة بتكاتف أبنائها".

ولفت الى، ان "الصورة الحقيقية للشعب العراقي انتصرت على ما أراده الإرهاب في استهداف الأمن والتعايش السلمي بين جميع المكونات والطوائف" مبينا، ان "فتنة الإرهاب والأجندة الخارجية أساءت للمجتمع في نينوى، وحاولت دق إسفين الفرقة بين العراقيين".

وأكد السوداني "استعاد العراق دوره الريادي في المنطقة وأصبح بلداً مؤثراً وفاعلاً في محيطه" مشيرا الى، ان "العراق اليوم يطرح المبادرات والحلول والمواقف التي تتناسب مع التحديات في المنطقة".

وتابع "بادرنا بإجراء اتصالات وزيارات مع الدول الشقيقة، وأطلقنا مبادرة لإرساء الأمن في سوريا، وقدمنا ورقة عراقية في مؤتمر العقبة بالأردن بشأن سوريا، وحظيت بترحيب جميع الأشقاء".

مقالات مشابهة

  • السوداني: العراق على المسار الصحيح في بناء دولة تحترم المواطن وتلتزم بالدستور
  • وزيرة التنمية المحلية: مفهوم الصحة الواحدة يعكس وعيا لأهمية الترابط بين النظام البيئي
  • عضو بلدي بني وليد: شائعات ومحاولات لبث الفوضى عبر وسائل التواصل تهدف إلى زعزعة الاستقرار في المدينة
  • لإدارة المدفوعات الرقمية بأمان.. كل ما تريد معرفته عن تطبيق Google Wallet
  • المركز الوطني لنظم الموارد الحكومية يحصد جائزة الحكومة الرقمية في منتدى حوكمة الإنترنت (IGF)
  • عبر الوسائط الرقمية طبيب غزي يعزز الوعي بالقضية الفلسطينية في الصين
  • غياب مفهوم التماس الأعذار بين الزوجين وجبر الخواطر.. مفتي الجمهورية يوضح
  • رجال الأعمال المصريين الأفارقة: يجب ترسيخ مفهوم المشروعات الصغيرة لدى المواطن
  • نشرة الفن: عودة مكسيم خليل إلى سوريا وهنا الزاهد تكشف حقيقة زواجها في 2025
  • رئيس حكومة بنجلاديش: الدراسة بالأزهر تمنح الطلاب نظرة ثاقبة على العالم