في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، وُزّع على الوزراء تقرير صادر عن البنك الدولي بعنوان «الأثر الاقتصادي والاجتماعي للصراع السوري على لبنان: تحديث آخر عشر سنوات».
يُقدّر البنك أن النموّ الاقتصادي الفائت على لبنان في الفترة ما بين 2011 و2017 كبّد لبنان نحو 31 مليار دولار. بمعنى أوضح، لو لم يأت النازحون السوريون إلى لبنان، لكان الاقتصاد قد نما بمعدل يراوح بين 2% و3% سنوياً في هذه الفترة ليزيد حجم الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد بما قيمته 31 مليار دولار.

فمن الانعكاسات الأساسية للنزوح السوري على لبنان، أنه أدّى إلى أزمات أمنية وسياسية أثّرت على الاستهلاك، الاستثمار والتجارة. ففي الفترة ما بين 2011 و2017، تراجع الاستثمار بنحو 20%، وتراجع الاستيراد والتصدير بـ35% و45%. وقد أدّى «تزايد انعدام الأمن الإقليمي وعدم اليقين إلى انخفاض صادرات الخدمات، وخاصة السياحة»، كما توقّفت «صادرات الخدمات عن النمو مع بداية الحرب السورية، ثم واصلت انخفاضها بشكل كبير مع الأزمة المالية».
وكان لبنان أول بلد مستضيف للسوريين تصيبه هذه الانعكاسات. وقد أتت هذه الضربة فوق طبقة من الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية كانت موجودة أصلاً، إذ كان يمكن رؤيتها بوضوح في ضعف المؤسّسات وفي العلاقات الاقتصادية والاجتماعية الطويلة الأمد. وكان للأزمة السورية دور في تراكم الاختلالات في الاقتصاد الكلّي في فترة ما قبل انفجار الأزمة عام 2019، ما أسهم في تكثيف ديناميات غير مستدامة.
ورغم أن النازحين السوريين أسهموا في النشاط الاقتصادي، إلا أن الأثر لم يظهر بوضوح، وفق البنك الدولي، والانعكاسات السلبية كانت أكبر من هذه المساهمة. كما أن التنافس على الوظائف بين السوريين والمجتمعات المضيفة ازداد بشكل كبير ولا سيما بعد الأزمة في عام 2019. وبدا أن اللبنانيين مجبورون على العمل في وظائف تتطلب مهارات متدنية كان يشغلها السوريون في لبنان تاريخياً.
أيضاً، انعكس الأمر على الخدمات العامة التي لم تكن أوضاعها جيدة قبل الصراع في سوريا. وانعكس وجود النازحين على مدى ونوعية الخدمات العامة بدرجات متفاوتة:
- أدّى التمويل الإضافي من الجهات المانحة إلى توسيع خدمات الرعاية الصحية والتعليم استجابةً لزيادة أعداد المرضى والطلاب؛ وأدّى ذلك إلى زيادة الاعتماد على تمويل الجهات المانحة في كلا القطاعين. ولوحظ تدهور جودة الخدمة وزيادة المنافسة على الرعاية الصحية بعد أزمة 2019.
- تأثّرت خدمات البنية التحتية بشكل سلبي أكبر؛ لم تتمكن الإصلاحات والاستثمارات من معالجة التحديات القائمة أو تخفيف الضغوط المتزايدة، ما انعكس سلباً على النازحين والمضيفين.
- تعاني الخدمات المحلية من ضعف الاستجابة المناسبة قياساً بالتدفق الكبير للنازحين.
وبحسب البنك الدولي، فإن الكلفة السنوية للحاجات الأساسية للنازحين السوريين، والتي تشمل الغذاء والمسكن والحدّ الأدنى من الحصول على الخدمات العامة، تُقدّر بنحو 1.55 مليار دولار. ولا يعبّر هذا الرقم عن التمويل الذي يُصرف فعلياً من قبل الجمعيات العاملة في المجال الإنساني والحكومة. كذلك، لا يشمل هذا الرقم انعكاس وجود النازحين على الاستثمار الرأسمالي والتكاليف الاقتصادية الأوسع وإيرادات الضرائب المباشرة وغير المباشرة، بسبب نقص البيانات لدى البنك الدولي.
وانخفضت التدفقات الرأسمالية بنحو 20% بين عامي 2011 و2017 بسبب الحرب السورية. كما انخفض صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بشكل كبير في تلك الفترة. وانخفضت الاستثمارات الأخرى (مثل القروض والسندات) بشكل كبير منذ عام 2019، ما يعكس، إلى حد كبير، تأثير الأزمة المالية المحلية. في المقابل ازداد هروب رؤوس الأموال من لبنان بعد عام 2011، وارتفع بشكل أكثر حدّة بعد الأزمة المالية المحلية.
أما في ما يتعلق بنسبة الدين إلى الناتج المحلّي، فقد انعكس انخفاض النمو بنحو 2% بسبب الحرب السورية، من خلال ارتفاع مستويات الدين العام إلى الناتج المحلّي. فلو شهد النمو ارتفاعاً، لكان من الممكن أن تكون نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في لبنان في عام 2019 أقل بنسبة 30% من نسبة 172% المسجّلة حالياً، بحسب تقديرات البنك الدولي. «وبما أن ديناميكيات الدين والناتج المحلي الإجمالي تتشكل أيضاً من خلال السياسة المالية، فستكون هناك حاجة إلى تقدير النتائج المالية في غياب الصراع السوري لإجراء تقييم كامل لديناميكيات الديون غير الواقعية. كما أن الأثر المالي للدعم العشوائي (مثل الوقود والخبز)، والذي أدّى إلى تفاقم ديناميكيات الديون السلبية، لم يتم أخذه في الاعتبار، وذلك بسبب عدم كفاية البيانات».
النزوح السوري أضاف الضغط على البنى التحتية للبلد، خصوصاً تلك المتعلّقة بالخدمات الأساسية من المياه إلى المجاري والنفايات الصلبة. فبحسب تقديرات البنك الدولي، يبلغ الطلب الإضافي على إمدادات المياه وتصريف مياه الصرف الصحي الناتجة عن اللاجئين السوريين حوالي 21-22% من إجمالي الكميات، ما يؤدي إلى زيادة الضغط على موارد المياه وزيادة أحمال التلوث من مياه الصرف الصحي. في الوقت الحالي، تتم معالجة 5-6% فقط من مياه الصرف الصحي. من ناحية أخرى، ينتج اللاجئون السوريون حوالي 20% من إجمالي كميات النفايات الصلبة، بحسب أرقام البنك، وهو «ما يزيد الضغط على البنية التحتية الضعيفة ويزيد من أحمال التلوث الناجمة عن عدم كفاية خدمات النفايات». فحالياً، تتم معالجة 8% فقط من النفايات الصلبة، مع زيادة كبيرة في مكبات النفايات المكشوفة، كما يقول التقرير.
بحسب البنك الدولي يتركّز النازحون السوريون في المجتمعات المضيفة في أطراف لبنان، وخاصة في المناطق الحضرية في الشمال والشمال الشرقي. ويتركز أكبر تجمع للاجئين المسجّلين في منطقة البقاع، الغنية زراعياً، بنسبة 24% تقريباً، يليها جبل لبنان (21%) وشمال لبنان (15%). ويمثل جنوب لبنان والنبطية وبيروت العدد القليل من النازحين السوريين بنسبة 7.3% و3.8% و1.5% على التوالي( جريدة الاخبار)

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: البنک الدولی ملیار دولار بشکل کبیر عام 2019

إقرأ أيضاً:

"الخدمات المالية" تحذر من المنصات الإلكترونية غير المرخصة

 

 

مسقط- الرؤية

حذَّرت هيئة الخدمات المالية جميع الأفراد والمؤسسات من التعامل مع المنصات الإلكترونية غير المرخصة التي تُرَوِّج عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، والتي تستهدف جذب المستثمرين من خلال تقديم خدمات تتعلق بالأوراق المالية مثل العملات الرقمية، والأدوات المالية المرتبطة بالسلع كالذهب والنفط الخام، ومنصات التمويل الجماعي، والترويج لأسهم الشركات المدرجة في أسواق إقليمية أو عالمية، مشيرةً إلى أن هذه المنصات -رغم ما يبدو عليها من مصداقية- تحمل مخاطر كبيرة قد تؤدي إلى خسارة الأموال وتعريض استثمارات الأفراد للخطر.

وقال ماجد بن أحمد العبري المتحدث الإعلامي باسم الهيئة، إن هذه المنصات تعتمد على استراتيجيات تسويقية مغرية للإيقاع بالمستثمرين، مثل الوعود بعوائد ضخمة وسريعة، وتقديم عروض مغرية تشمل خصومات على الرسوم أو تداولات مجانية خلال الأشهر الأولى، إضافة إلى تقديم مكافآت مالية للمستثمرين الجدد عند التسجيل أو من خلال دعوة أصدقاء ومعارف للانضمام إليها، مضيفا أنه يتم الترويج لقصص نجاح وهمية لأشخاص زعموا تحقيق أرباح كبيرة، في محاولة لإقناع الآخرين بأن الفرصة قد تضيع.

وأكد العبري أن وعي الجمهور يمثل صمام الحماية للوقاية من الوقوع في فخ هذه المنصات، ولذلك فإن الهيئة تدعو الجمهور أفرادًا ومؤسسات إلى رفع درجات الحذر وعدم الانجراف خلف الوعود الكاذبة والإغراءات الوهمية من خلال تجنب التعامل مع أي منصة إلكترونية تتعامل بالأنشطة المرتبطة بالأوراق المالية ما لم تكن مرخصة من هيئة الخدمات المالية.

وأشار إلى أن المنصات غير المرخصة لا توفر حماية قانونية للمستثمرين، مما يجعل أموالهم عرضة للمخاطر، مبينا أن هذه المنصات غالبًا ما تتسم بالعمليات المالية غير الشفافة، مما يعزز من احتمالات ارتكاب أنشطة غير قانونية مثل غسل الأموال، ويشكل تهديدًا للاستقرار المالي والاقتصادي في البلاد.

وتابع قائلًا: "نناشد الجميع بضرورة التحلي بالوعي الكامل والتحقق من مصداقية المنصات قبل اتخاذ أي خطوة استثمارية، إذ أوصت الهيئة الراغبين في الاستثمار عبر الأنشطة المرتبطة بالأوراق المالية من خلال المنصات الإلكترونية أو الشركات التأكد أولًا أنها مُرخَّصة ومُسجَّلة في الموقع الإلكتروني للهيئة (www.fsa.gov.om) وتطبيق الهاتف الذكي والذي يمكن من الاطلاع على قائمة الشركات والجهات المرخصة لمزاولة هذه الأنشطة".

وفي إطار مسؤولية المستمرة، تؤكد الهيئة التزامها التام برصد ومتابعة أي ممارسات غير نظامية في السوق المالية، واتخاذ الإجراءات القانونية المناسبة لحماية حقوق المستثمرين، وتعزيز الثقة في البيئة الاستثمارية، داعية المواطنين والمستثمرين إلى الإبلاغ عن أي منصات مشبوهة، عبر خدمة بلاغات المتاحة في الموقع الإلكتروني وتطبيق الهاتف الذكي.

مقالات مشابهة

  • مجلس إدارة البنك الإسلامي للتنمية يُقرّ أكثر من 1.4 مليار دولار لدعم أهداف التنمية في 8 دول أعضاء
  • البنك المركزي يُدّشن عملية إتلاف 13 مليار ريال من العملة الورقية فئة “100 ريال”
  • مع خبراء البنك الدولي.. وزارة المالية تتجه لإعداد قانون جديد
  • “البنك الإسلامي” يجمع 1.75 مليار دولار من أسواق رأس المال
  • "الخدمات المالية" تحذر من المنصات الإلكترونية غير المرخصة
  • ارتفاع فائض صافي الأصول الأجنبية للبنك المركزي المصري إلى 12.8 مليار دولار
  • المالية النيابية عن تأخر الموازنة: الحكومة تستهين بدور البرلمان
  • الأمريكيون يخسرون5.7 مليار دولار بسبب عمليات الاحتيال الاستثماري في 2024
  • لبنان يبلور نقاط اتفاق مجدّد مع صندوق النقد الدولي
  • 14 الف نازح من ابناء الساحل السوري الى منطق الشمال