تقرير للبنك الدولي على طاولة الحكومة: 31 مليار دولار ضاعت بسبب النزوح
تاريخ النشر: 19th, June 2024 GMT
في جلسة مجلس الوزراء الأخيرة، وُزّع على الوزراء تقرير صادر عن البنك الدولي بعنوان «الأثر الاقتصادي والاجتماعي للصراع السوري على لبنان: تحديث آخر عشر سنوات».
يُقدّر البنك أن النموّ الاقتصادي الفائت على لبنان في الفترة ما بين 2011 و2017 كبّد لبنان نحو 31 مليار دولار. بمعنى أوضح، لو لم يأت النازحون السوريون إلى لبنان، لكان الاقتصاد قد نما بمعدل يراوح بين 2% و3% سنوياً في هذه الفترة ليزيد حجم الناتج المحلي الإجمالي للاقتصاد بما قيمته 31 مليار دولار.
وكان لبنان أول بلد مستضيف للسوريين تصيبه هذه الانعكاسات. وقد أتت هذه الضربة فوق طبقة من الهشاشة الاقتصادية والاجتماعية كانت موجودة أصلاً، إذ كان يمكن رؤيتها بوضوح في ضعف المؤسّسات وفي العلاقات الاقتصادية والاجتماعية الطويلة الأمد. وكان للأزمة السورية دور في تراكم الاختلالات في الاقتصاد الكلّي في فترة ما قبل انفجار الأزمة عام 2019، ما أسهم في تكثيف ديناميات غير مستدامة.
ورغم أن النازحين السوريين أسهموا في النشاط الاقتصادي، إلا أن الأثر لم يظهر بوضوح، وفق البنك الدولي، والانعكاسات السلبية كانت أكبر من هذه المساهمة. كما أن التنافس على الوظائف بين السوريين والمجتمعات المضيفة ازداد بشكل كبير ولا سيما بعد الأزمة في عام 2019. وبدا أن اللبنانيين مجبورون على العمل في وظائف تتطلب مهارات متدنية كان يشغلها السوريون في لبنان تاريخياً.
أيضاً، انعكس الأمر على الخدمات العامة التي لم تكن أوضاعها جيدة قبل الصراع في سوريا. وانعكس وجود النازحين على مدى ونوعية الخدمات العامة بدرجات متفاوتة:
- أدّى التمويل الإضافي من الجهات المانحة إلى توسيع خدمات الرعاية الصحية والتعليم استجابةً لزيادة أعداد المرضى والطلاب؛ وأدّى ذلك إلى زيادة الاعتماد على تمويل الجهات المانحة في كلا القطاعين. ولوحظ تدهور جودة الخدمة وزيادة المنافسة على الرعاية الصحية بعد أزمة 2019.
- تأثّرت خدمات البنية التحتية بشكل سلبي أكبر؛ لم تتمكن الإصلاحات والاستثمارات من معالجة التحديات القائمة أو تخفيف الضغوط المتزايدة، ما انعكس سلباً على النازحين والمضيفين.
- تعاني الخدمات المحلية من ضعف الاستجابة المناسبة قياساً بالتدفق الكبير للنازحين.
وبحسب البنك الدولي، فإن الكلفة السنوية للحاجات الأساسية للنازحين السوريين، والتي تشمل الغذاء والمسكن والحدّ الأدنى من الحصول على الخدمات العامة، تُقدّر بنحو 1.55 مليار دولار. ولا يعبّر هذا الرقم عن التمويل الذي يُصرف فعلياً من قبل الجمعيات العاملة في المجال الإنساني والحكومة. كذلك، لا يشمل هذا الرقم انعكاس وجود النازحين على الاستثمار الرأسمالي والتكاليف الاقتصادية الأوسع وإيرادات الضرائب المباشرة وغير المباشرة، بسبب نقص البيانات لدى البنك الدولي.
وانخفضت التدفقات الرأسمالية بنحو 20% بين عامي 2011 و2017 بسبب الحرب السورية. كما انخفض صافي تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر بشكل كبير في تلك الفترة. وانخفضت الاستثمارات الأخرى (مثل القروض والسندات) بشكل كبير منذ عام 2019، ما يعكس، إلى حد كبير، تأثير الأزمة المالية المحلية. في المقابل ازداد هروب رؤوس الأموال من لبنان بعد عام 2011، وارتفع بشكل أكثر حدّة بعد الأزمة المالية المحلية.
أما في ما يتعلق بنسبة الدين إلى الناتج المحلّي، فقد انعكس انخفاض النمو بنحو 2% بسبب الحرب السورية، من خلال ارتفاع مستويات الدين العام إلى الناتج المحلّي. فلو شهد النمو ارتفاعاً، لكان من الممكن أن تكون نسبة الدين إلى الناتج المحلي الإجمالي في لبنان في عام 2019 أقل بنسبة 30% من نسبة 172% المسجّلة حالياً، بحسب تقديرات البنك الدولي. «وبما أن ديناميكيات الدين والناتج المحلي الإجمالي تتشكل أيضاً من خلال السياسة المالية، فستكون هناك حاجة إلى تقدير النتائج المالية في غياب الصراع السوري لإجراء تقييم كامل لديناميكيات الديون غير الواقعية. كما أن الأثر المالي للدعم العشوائي (مثل الوقود والخبز)، والذي أدّى إلى تفاقم ديناميكيات الديون السلبية، لم يتم أخذه في الاعتبار، وذلك بسبب عدم كفاية البيانات».
النزوح السوري أضاف الضغط على البنى التحتية للبلد، خصوصاً تلك المتعلّقة بالخدمات الأساسية من المياه إلى المجاري والنفايات الصلبة. فبحسب تقديرات البنك الدولي، يبلغ الطلب الإضافي على إمدادات المياه وتصريف مياه الصرف الصحي الناتجة عن اللاجئين السوريين حوالي 21-22% من إجمالي الكميات، ما يؤدي إلى زيادة الضغط على موارد المياه وزيادة أحمال التلوث من مياه الصرف الصحي. في الوقت الحالي، تتم معالجة 5-6% فقط من مياه الصرف الصحي. من ناحية أخرى، ينتج اللاجئون السوريون حوالي 20% من إجمالي كميات النفايات الصلبة، بحسب أرقام البنك، وهو «ما يزيد الضغط على البنية التحتية الضعيفة ويزيد من أحمال التلوث الناجمة عن عدم كفاية خدمات النفايات». فحالياً، تتم معالجة 8% فقط من النفايات الصلبة، مع زيادة كبيرة في مكبات النفايات المكشوفة، كما يقول التقرير.
بحسب البنك الدولي يتركّز النازحون السوريون في المجتمعات المضيفة في أطراف لبنان، وخاصة في المناطق الحضرية في الشمال والشمال الشرقي. ويتركز أكبر تجمع للاجئين المسجّلين في منطقة البقاع، الغنية زراعياً، بنسبة 24% تقريباً، يليها جبل لبنان (21%) وشمال لبنان (15%). ويمثل جنوب لبنان والنبطية وبيروت العدد القليل من النازحين السوريين بنسبة 7.3% و3.8% و1.5% على التوالي( جريدة الاخبار)
المصدر: لبنان ٢٤
كلمات دلالية: البنک الدولی ملیار دولار بشکل کبیر عام 2019
إقرأ أيضاً:
الكاردينال تشيرني: تحديات كبيرة امام الكنيسة في لبنان منها ازمة النزوح السوري
تستمر الصحافة الإيطالية ولاسيما الكاثوليكية بتسليط الضوء على زيارة عميد دائرة التنمية البشرية المتكاملة الكاردينال مايكل تشيرني، لبنان، موفدا من قداسة البابا فرنسيس الذي اراد التعبير عن محبته وقربه من "البلد المتالم" كما جاء عنوان صحيفة مجلس مطارنة روما " افينيري" .
وذكرت الصحف بمشاركة الكاردينال تشيرني، في الجلسة الختامية لمجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان، ولقاؤه بالمنظمات الخيرية المحلية.
وكتب موقع "فاتيكان نيوز": "من خلال الحوارات والشهادات، برزت العديد من التحديات والمشاكل في لبنان، بدءًا من العجز عن التعامل مع قضية اللاجئين السوريين، مرورًا بنقص المساعدات الخارجية، وصولًا إلى الضغوط التي تمارسها جهات تعارض المبادئ الكاثوليكية".
وأضاف الموقع نقلا عن الكاردينال: "تكافح الكنيسة في لبنان بين دعوتها لاستقبال اللاجئين السوريين ومساعدتهم، وبين العبء الثقيل الذي يحمله لبنان، خصوصا ان الازمة طالت مع "الوضع الجديد" في سوريا. يضاف إلى ذلك تداعيات الحرب في الجنوب، التي أفرغت القرى من سكانها وخلّفت جروحًا جديدة، والأزمة الاقتصادية التي تخنق العائلات والمؤسسات، فضلًا عن كارثة انفجار مرفأ بيروت التي عمّقت المعاناة وزادت من عدم الاستقرار. وفي ظل هذه الظروف، تواجه الكنيسة تحدي مساعدة الفقراء واللاجئين وضحايا النزاعات، وسط شحّ في التمويل الخارجي".
كما ذكرت وكالة "فيديس" باشادة الكاردينال تشيرني بجهود الكنيسة اللبنانية في التعامل مع الأزمة رغم غياب الدولة، مشددًا على أن "مسؤولية قضية اللاجئين تقع بالدرجة الأولى على عاتق الحكومة اللبنانية"، وقال: "حتى الآن، لم يكن هناك دور فعّال للدولة، ولكن هناك مرحلة جديدة بدأت، ومسؤولية الدولة معالجة القضية. إنَّ الكنيسة لا يمكنها أن تحلّ محلّ الدولة في هذا الشأن".
وأشار إلى أن الحلّ يكمن في دعم الكنيسة السورية لتعزيز الاستقرار والتنمية في سوريا، مما قد يشجّع اللاجئين على العودة، مضيفًا: "ابحثوا عن سبل ملموسة للحوار مع الكنيسة في سوريا".
واقترح تشكيل مجموعة عمل متخصصة لمعالجة القضية، مع تأكيد استعداد الدائرة الفاتيكانية لدعم هذه الجهود وتوفير الخبرات اللازمة.