د. مزمل أبو القاسم: الحقيقة البسيطة
تاريخ النشر: 19th, June 2024 GMT
* هناك حقيقة ماثلة في هذه الحرب، لا تحتمل (على بساطتها) النفي، ولا تقبل المكابرة، مفادها أن المواطنين ظلوا ينزحون من أي منطقة تدخلها مليشيات الدعم السريع إلى مناطق سيطرة الجيش.. بحثاً عن الأمان.
* تلك الحقيقة البسيطة الراسخة تدحض كل مساعي تجريم الجيش ودمغه بتهمة قتل المدنيين أو إيذاءهم، فالناس ليسوا أغبياء ولا فاقدين للعقل والنُهى كي يتركوا منازلهم، ويهجروا مخادعهم، ويهرعوا إلى من يقتلهم، وينزحوا إلى من يؤذيهم!
* في الخرطوم مثلاً انتشرت المليشيات في العديد من الأحياء، فهجرها سكانها، واحتموا بأحياء لم يصلها المرتزقة (مثل الكلاكلات)، وما أن سقطت قيادة قوات الاحتياطي المركزي حتى فقدت المنطقة أمنها، واضطر أهلها ومن لجأوا إليها إلى هجرها.
* إلى مناطق ومدن أخرى تقع تحت سيطرة الجيش.
* نزح الملايين من سكان العاصمة إلى ولاية الجزيرة (حيث يوجد الجيش)؛ بحثاً عن الأمان، وما أن سقطت الولاية في يد المتمردين حتى شاهدنا الملايين من أهلها (وضيوفهم) ينزحون مجدداً، بل يفرون بأنفسهم على عجل خوفاً من جرائم المليشيات، ويتجهون إلى مناطق أخرى، يسيطر عليها الجيش!
* وفي الجزيرة نفسها انعدم الأمان، وتلاشت كل مقومات الحياة وكامل الخدمات إلا في مدينة المناقل، حيث يوجد الجيش!
* حتى القرى التي توهم أهلها أنهم سيبقون آمنين بسبب عدم وحود الجيش في مناطقهم سرعان ما اكتشفوا أن إجرام المليشيات موجه في أصله نحو المواطنين، وأن عدم وجود الجيش لا يعني كف الأذى عن المدنيين العُزَّل!
* في أم درمان (مثلاً) انتشرت المليشيات في العديد من الأحياء القديمة، فهجرها سكانها وأقفرت البيوت من أهلها، وما أن سيطر الجيش على تلك الأحياء ونجح في طرد المليشيات منها حتى عاد إليها الأمان، وعادت الحياة بعودة السكان!
* تلك الحقيقة بسيطة الراسخة تؤكد أن وجود الجيش يعني الحياة بالنسبة للمواطنين، وأن دخول المليشيات إلى أي مكان يعني الموت والخوف وفقدان الممتلكات والاعتداء على المال والشرف وشيوع الرعب وفقدان الطمأنينة.
* لذلك كله تبقى محاولات مساواة جيش الوطن بمرتزقة القتل السريع فاشلةً، وعاجزة عن بلوغ مرادها، لأن الناس يعرفون عِظم الفارق بين الحياة والموت، وبين الأمن والخوف.. فيختارون بطبعهم وسليقتهم وفطرتهم السليمة الحياة والأمن، باختيارهم للجيش الذي يرمز عندهم إلى (الحياة الآمنة) وفرارهم من المليشيات (التي توازي عندهم الموت والرعب).. فعن أي توازٍ ومساواةٍ يتحدث (المتقزمون)؟
* من يحاولون مساواة هذا بذاك يخادعون أنفسهم، ويجتهدون في إخفاء حقيقة مواقفهم المساندة للمليشيات، بادعاء الحياد كذباً، ورفع شعار (لا للحرب) خداعاً ونفاقاً، ولن يستطيعوا خداع الناس به، لغباء منطقهم، وهزال مبرراتهم، وبؤس دفوعاتهم، التي تهزمها حقيقة بسيطة، مفادها أن الناس يهربون من مناطق المليشيات ليحتموا بحضن الجيش.. وأنهم (أي المواطنين) يكررون ذلك الفعل مراراً، متى ما خرجت المناطق التي يقيمون فيها عن نطاق سيطرة الجيش، فيذهبون (مثنى وثلاث ورباع) إلى حيث يوجد ويسيطر، وفي فعلهم أبلغ رد، وأقوى صفعة للجنجويد المحجبين.. المستترين برداء الحياد الكذوب.. جبناً ونفاقاً وعمالةً.. وخيانة!
د. مزمل أبو القاسم
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
كلمات دلالية: إلى من
إقرأ أيضاً:
الحرب تحرم آلاف الطلاب السودانيين من امتحانات “الثانوية” .. تنطلق السبت المقبل في مناطق سيطرة الجيش وفي مصر
أعلنت الحكومة السودانية، التي تتخذ من مدينة بورتسودان مقراً مؤقتاً لها، عن عزمها عقد امتحانات الشهادة الثانوية، في 28 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، لأول مرة منذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل (نيسان) 2023. ويجلس للامتحانات أكثر من 343 ألف طالب وطالبة، في المناطق التي يسيطر عليها الجيش السوداني (الولايات الشمالية والشرقية) ومصر، يمثلون 67 في المائة من الطلاب عموماً.
وكانت «قوات الدعم السريع» التي تسيطر على مناطق واسعة في ولايات دارفور وكردفان والخرطوم والجزيرة ومناطق أخرى، رفضت عقد الامتحانات، ووصفت الخطوة بأنها تأتي ضمن سياسات مدروسة تهدف إلى تقسيم البلاد، وحرمان عشرات الآلاف من الطلاب في مناطق القتال. كما رفضت تشاد إقامة الامتحانات على أراضيها باعتبارهم لاجئين.
اكتمال الترتيبات
وأعلن وزير التعليم المكلف، أحمد خليفة، في مؤتمر صحافي بمدينة بورتسودان، العاصمة الإدارية المؤقتة للبلاد، اكتمال الترتيبات كافة، مشيراً إلى أنها المرة الأولى التي يتم فيها تغيير المواقيت الزمنية للامتحانات، إذ تقرر عقد الجلسات في الساعة الثانية والنصف ظهراً بتوقيت البلاد، بدلاً من الثامنة صباحاً، تقديراً لظروف الطلاب الذين يجلسون في مصر وعددهم أكثر من 27 ألف طالب وطالبة في 25 مركزاً، من جملة 49 ألف طالب وطالبة يجلسون للامتحانات من خارج السودان. وقال إن الحكومة المصرية ذكرت أنها لا تستطيع عقد الامتحانات في الفترة الصباحية.
وأشار الوزير إلى أنه تم تجهيز مركزين للطوارئ في مدينتي عطبرة والدامر (شمال البلاد)، يمكن أن يلتحق بهما الطلاب قبل 24 ساعة من بداية الامتحانات. وأكد أن جميع الترتيبات الأمنية مطمئنة لعقد الامتحانات، وأضاف: «لدينا خطط بديلة في حال حدث أمر طارئ... لكن المخاوف والتهديدات قليلة».
وأوضح أيضاً أن الامتحانات ستقام في 12 ولاية نزح إليها 120724 طالباً وطالبة من الولايات غير الآمنة، رافضاً الاتهامات الموجهة لهم بأن تنظيم الامتحانات في ظل هذه الظروف يحرم آلاف الطلاب في مناطق القتال من فرصة الجلوس للامتحانات.
تشاد ترفض
وقال الوزير: «لم نظلم الطلاب في إقليم دارفور أو غيره... هناك 35 في المائة من الطلاب الممتحنين وافدون. وزاد عدد الطلاب النازحين بنسبة 100 في المائة في ولايتي القضارف ونهر النيل». وأضاف: «استطعنا تلبية رغبة 67 في المائة من الطلاب الذين سجلوا للامتحانات قبل الحرب».
وقال خليفة إن الحكومة التشادية لا تزال متمسكة بعدم إقامة امتحانات الشهادة السودانية على أراضيها، بحجة أنهم لاجئون وعليهم دراسة المنهج التشادي، ما يحرم 13 ألف طالب وطالبة، مؤكداً جاهزية الوزارة لإرسال الامتحانات حال وافقت دولة تشاد.
وكشف وزير التربية والتعليم في السودان عن إكمال الأجهزة الأمنية لكل الترتيبات الأمنية اللازمة لعقد الامتحانات، موضحاً أن هناك لجاناً أمنية على مستوى عالٍ من الخبرة والدراية أنجزت عملها بأفضل ما يكون.
وذكر أن أوراق الامتحانات تمت طباعتها داخل السودان بجودة عالية وبأجهزة حديثة ومتقدمة في وقت وجيز لم يتجاوز 15 يوماً.
وفقاً للجنة المعلمين السودانيين (نقابة مستقلة)، فإن أكثر من 60 في المائة من الطلاب المؤهلين للجلوس للامتحانات سيحرمون منها، وعلى وجه الخصوص في دارفور وكردفان الكبرى، وأجزاء من العاصمة الخرطوم والجزيرة ومناطق أخرى تعاني من انعدام الأمن.
وتشير إحصائيات منظمة الأمم المتحدة لرعاية الطفولة (اليونيسيف) إلى أن استمرار الحرب منع 12 مليوناً من الطلاب السودانيين في مراحل دراسية مختلفة من مواصلة التعليم.
الشرق الأوسط: