عربي21:
2025-04-07@01:08:02 GMT

عالمية العائلة الفاشية

تاريخ النشر: 19th, June 2024 GMT

الشعور بالقلق المتزايد إزاء التقدم الانتخابي لأحزاب اليمين العنصري في انتخابات البرلمان الأوروبي الأخيرة، والانتخابات المحلية التي حملت الحزب الفاشي في إيطاليا بزعامة جورجيا ميلوني إلى السلطة قبل عامين، ونجاح فيكتور أوروبان في المجر في البقاء بمنصبه، والتقدم الملحوظ لحزب ماري لوبين في فرنسا وحزب البديل لأجل ألمانيا، مع العودة المنتظرة للحزب الجمهوري في الولايات المتحدة بزعامة الرئيس السابق دونالد ترامب للسلطة.

. كل ذلك ينذر بمخاطر حقيقية تُهدد الأنظمة "الديمقراطية" لما يجمعها من عناصر أساسية شكلت في الماضي أيديولوجية الحركات الفاشية والعنصرية في ثلاثينات القرن الماضي، مع فارق استخدامها اليوم لبرامج وشعارات تعتمد على هذا الماضي كنوع من الشمولية والشعبوية كأسلوب سياسي، ولغة وخطاب يسمحان بفهم الأرضية المشتركة للمواقف المتطرفة لهذه الظاهرة.

ورغم حداثة الظاهرة في بعض البلدان، سواء على المستوى الأوروبي أو عبر الأطلسي (في الولايات المتحدة وأمريكا اللاتينية)، إلا أن شبكة العلاقة بينهما أقوى بكثير مما كانت عليه في الماضي والتي تربط العالم الأنجلو ساسكسوني بأوروبا وحتى مع إسرائيل بالاعتماد على الأسس المشتركة لأحزاب اليمين العنصري، فيتم استخدام وتطوير برامج مشتركة لهذه الأحزاب ومبادئ توجيهية ليس في خطاب الحملات الانتخابية، ولكن في السياسة العامة؛ يوافقون عليها أو يتقدمون بها على المستوى التشريعي عندما تكون الأحزاب موجودة في البرلمان أو في الحكومة. وهذا عنصر مهم جدا لتغذية شهية الناخبين التي تمكن قادة اليمين المتطرف من استخدامها بمهارة كبيرة واجتهاد، وبفضل المال الكثير الذي تغدقه شخصيات وشركات تدعم أفكار اليمين المتطرف، فضلا عن أهمية استثمار وسائل التواصل الاجتماعي كعنصر مهم لانتشار هذه الأفكار.

بعد 87 عاما من سقوط النازية، لا يزال هناك خطر كبير من أن يتحول عنف اليمين المتطرف إلى عنف مؤسسي في دول الاتحاد الأوروبي، مع تصاعد خطاب ونقاش نظرية "الاستبدال العظيم" على وسائل الإعلام بتطوير خطاب معادٍ للأجانب والإسلاموفوبيا
وفي فرنسا مثلا عندما سُمح في العام 1995 لحزب الجبهة الوطنية بافتتاح موقع الكتروني لنشر أفكاره والتغلب على انسداد وسائل الإعلام في وجهه، كان له فترة الانتشار الفيروسي بالتركيز على "الأخبار المزيفة" وعلى نظرية المؤامرة والتي تستخدم اليوم على نطاق واسع من قبل معظم اليمين المتطرف في أوروبا ومن قبل الرئيس السابق في أمريكا دونالد ترامب بطريقة عاطفية وصادمة لجذب الانتباه ولتثبيت هدف من شقين؛ الأول زيادة استقطاب الشارع، وزيادة عدم الثقة بالمؤسسات، مع إضافة الأسباب الهيكيلية التي تفسر لماذا تمكنت الأحزاب السياسية لليمين المتطرف من إحراز تقدم انتخابي في بلدانها على مدار عقدين.

هناك آلية مبسطة أثبتت نفسها بالعثور على كبش فداء، وهذا يعني الإشارة المستمرة إلى الجاني المثالي (الأجنبي) كمصدر لكل الأزمات والمشكلات التي تعاني منها تلك المجتمعات، وهذه عناصر مشتركة مع الفاشية التاريخية التي سادت في ثلاثينات القرن الماضي في ألمانيا وإيطاليا وانتشرت في ظل حكم الجنرال فرانكو في إسبانيا. واليوم على وجه الخصوص نجد في خطاب اليمين المتطرف في فرنسا وألمانيا وفي الولايات المتحدة، أن العدو هو المهاجر، لشرح كيفية تعزيز "المجتمع الوطني" بالكشف المستمر عن العدو المفترض أو المُخترَع الذي يهدد روابط المجتمع، وهو ما عبر عنه حزب ماري لوبان بعد تحقيقه الفوز الكاسح في انتخابات البرلمان الأوروبي في التاسع من حزيران/ يونيو الحالي، حين قال مرشح اليمين المتطرف جوردان بارديلا إنه لم يتغير برنامج الحزب بشأن الهجرة. ولا يزال مشروعه يتضمن تدابير لتجفيف (مضخات شفط) الهجرة المفترضة، مثل إلغاء المساعدات الطبية الحكومية للأجنب و"الأفضلية الوطنية".

بعد 87 عاما من سقوط النازية، لا يزال هناك خطر كبير من أن يتحول عنف اليمين المتطرف إلى عنف مؤسسي في دول الاتحاد الأوروبي، مع تصاعد خطاب ونقاش نظرية "الاستبدال العظيم" على وسائل الإعلام بتطوير خطاب معادٍ للأجانب والإسلاموفوبيا.

عجز من النخب التقليدية على معالجة المشاكل الهيكلية لسنوات طويلة، خاصة في الخلل الناشئ من النموذج الاقتصادي النيوليبرالي وتراجع الطبقات الوسطى، وعدم استقرار العمل، وضعف رفاهية المجتمعات الغربية، والحد من السياسات الاجتماعية، فضلا عن الإخفاق الكبير في التعاطي مع أزمات حول العالم كالغزو الروسي لأوكرانيا، واستمرار النفاق الضخم بالتعامل مع القضية الفلسطينية والعدوان المستمر على الشعب الفلسطيني، وفرض سياسات إمبريالية ودعم الديكتاتوريات في العالم العربي وحول العالم
هناك عجز من النخب التقليدية على معالجة المشاكل الهيكلية لسنوات طويلة، خاصة في الخلل الناشئ من النموذج الاقتصادي النيوليبرالي وتراجع الطبقات الوسطى، وعدم استقرار العمل، وضعف رفاهية المجتمعات الغربية، والحد من السياسات الاجتماعية، فضلا عن الإخفاق الكبير في التعاطي مع أزمات حول العالم كالغزو الروسي لأوكرانيا، واستمرار النفاق الضخم بالتعامل مع القضية الفلسطينية والعدوان المستمر على الشعب الفلسطيني، وفرض سياسات إمبريالية ودعم الديكتاتوريات في العالم العربي وحول العالم.. كل ذلك يفتح الأعين على ظاهرة واضحة تجعل من القرن الحادي والعشرين واحدا من أعظم قرون القبح السياسي، كما وصفه لوران دي سوتر، أستاذ النظرية القانونية بجامعة "vriie" في بروكسل ومؤلف كتاب "وجهات نظر نقدية"، والذي يضيف فيه أن صعود أحزاب اليمين العنصري بالانتخابات ووصولها للسلطة تعبير عن فاشية ناعمة ومراوغة بالشعبوية من خلال إظهار الازدراء للمبادئ التي تزعم الاستناد لها.

أخيرا، حين يعبر بعض الأوروبيين عن القلق من سياسات محلية تسمح بصعود اليمين المتطرف ويصف بعضهم هذه السياسة بأنها تنجز خرابا كامل لقارة بأكملها، فذلك فهمٌ لسياسة الدوران في فراغ لا يتصل مع العالم الملموس ومشكلاته إلا بنظرة استعمارية واستعلائية، والتظاهر بإيجاد أسباب لهذيان التطرف والعنصرية لتدجين المجتمعات وتذكيرها بالانتماء لعائلة واحدة من الفاشية تعمل على إنقاذها من حكومات ومؤسسات أجندتها خفية، وبإبقاء شعار "أوروبا ليست ملكا لكم" أنتم شعوب أوروبا، وهي لا تنتمي إلى الحكومات التي انتخبتموها، إذا لم تتحرك بالسرعة التي نود أن نراها، أو من خلال الالتفاف حول شعار دونالد ترامب لتنفيذ أكبر عملية ترحيل في التاريخ عبر الحدود في حال فوزه بالسلطة للحفاظ على :عظمة أمريكا".

لكن تبقى الحقيقة التي يدركها الجميع أن الأزمة التي تمر بها المجتمعات الغربية والأمريكية لا علاقة لها بمسألة رأسمالية واقتصادية فقط، إنها مسألة قوة وفرضها الاستعماري على الآخرين، فهي من تتحكم بالعقل الفاشي والعنصري، وفي منطقتنا العربية نموذج دموي لها في المؤسسة الصهيونية وبرامجها وسياساتها الفاشية.

x.com/nizar_sahli

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه الفاشية الأحزاب اليمين المتطرف أوروبا أوروبا أحزاب اليمين المتطرف المهاجرين الفاشية مقالات مقالات مقالات مقالات مقالات صحافة سياسة صحافة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الیمین المتطرف

إقرأ أيضاً:

غارديان: طرد مؤيدين لفلسطين يصب في مصلحة اليمين الألماني

شرعت ألمانيا بحملةً مكثّفة على المعارضة السياسية. وعلى مدار العامين الأخيرين، ألغت المؤسسات والسلطات، فعاليات ومعارض وجوائز بسبب تصريحات حول فلسطين أو إسرائيل.   

اتخذت ألمانيا مؤخراً خطوة صادمة، عندما لمحت إلى رغبتها في اعتبار الآراء السياسية أرضية للحد من الهجرة

 

وكتب هانو هونشتاين في صحيفة "غارديان" البريطانية، أن ثمة الكثير من الأمثلة على ذلك. من إرجاء معرض فرانكفورت للكتاب مراسم تسليم ميدالية لأدانيا شبلي، إلى سحب مؤسسة هينريتش بوب جائزة حنة أردنت من ماشا غيسين، إلى سحب جامعة كولونيا منصب الأستاذية من نانسي فريزر، إلى تشهير الوزراء الألمان بمخرجي فيلم "لا أرض أخرى" باسل عدرا ويوفال أبراهام، ومؤخراً، ألغيت دعوة الفيلسوف أومري بويهم للتحدث في ذكرى تحرير معسكر بوتشينفالد التي تصادف هذا الشهر.   

اتهامات بمعاداة السامية

وفي كل هذه الحالات، توجه اتهامات بمعاداة السامية على نطاق واسع، على رغم أن يهوداً هم من بين أولئك المستهدفين. ومن المفارقة أن الليبراليين هم من يدفعون نحو هذه الإجراءات أو يقبلون بها ضمناً، بينما المحافظون واليمين المتطرف، يميلان إلى التهليل لها. وفي وقت اليقظة مطلوبة حيال معاداة السامية المتصاعدة لا سيما في ألمانيا-فإن هذا القلق يستخدم على نحو متزايد كأداة لإسكات اليسار.      

Germany is set to deport 4 foreign residents for pro-Palestine activism

The group includes three EU citizens (Poland, Ireland) and a US citizen, none with criminal convictions. The orders take effect in a month pic.twitter.com/QCWahlCUOz

— RT (@RT_com) April 1, 2025

واتخذت ألمانيا مؤخراً خطوة صادمة، عندما لمحت إلى رغبتها في اعتبار الآراء السياسية أرضية للحد من الهجرة. وتتحرك السلطات الان لطرد حاملي الجنسية الأجنبية بسبب مشاركتهم في نشاطات مؤيدة لفلسطين. وهناك 4 أشخاص في برلين- 3 منهم يحملون جنسيات من دول أعضاء في الأتحاد الأوروبي ومواطن أمريكي، سيتعرضون للطرد بسبب مشاركتهم في تظاهرات ضد الحرب الإسرائيلية على غزة. ولم يدن أي من هؤلاء بجريمة، ومع ذلك فإن السلطات تسعى ببساطة إلى طردهم خارج البلاد.   

إخلال بالنظام العام

وتشمل الاتهامات الموجهة إليهم الإخلال بالنظام العام وعرقلة عمليات الاعتقال التي تنفذها الشرطة. وتشير تقارير من العام الماضي إلى أن من بين الأفعال التي زُعم تورطهم فيها اقتحام مبنى جامعي، وتهديد الناس بأشياء كان من الممكن استخدامها كأسلحة محتملة.

لكن أوامر الطرد تذهب أبعد من ذلك. وهم يوردون أسباباً أوسع من السلوكيات المزعومة، مثل الهتاف بشعارات "غزة حرة" و"من النهر إلى البحر، فلسطين ستكون حرة"، والانضمام إلى حواجز على الطرقات (وهو تكتيك يستخدمه عادة الناشطون في مجال الدفاع عن البيئة)، ووصف ضابط شرطة بأنه "فاشي". وعند التمعن في الأمر، فإن التهمة الحقيقية تبدو أنها الاحتجاج نفسه.   

We are all Palestinians: the breach of human rights we are seeing in Palestine will haunt us all in the West. If civil rights are not universal, we can all lose them at any point. Germany moves to deport four foreign pro-Palestine residents. https://t.co/4vzi7BWT3x

— Dr Zahira Jaser (@ZahiraJaser) April 1, 2025

ووجهت إلى الأربعة اتهامات-من دون أدلة- على دعمهم لحركة حماس، وإطلاق شعارات معادية للسامية ولإسرائيل.  

وأفاد خبراء قانونيون أن اللجوء إلى "منطق الدولة" في إجراءات الترحيل مشكوك فيه قانونياً. وقد توصلت مراجعة برلمانية حديثة إلى نتيجة مماثلة، مشيرة إلى أن منطق الدولة - الذي يثار غالباً لتبرير السياسة الخارجية الألمانية إزاء إسرائيل، بما في ذلك خطة المستشار الجديد فريدريش ميرتس، لدعوة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو، على رغم صدور مذكرة توقيف سارية من المحكمة الجنائية الدولية بحقه - لا يحمل أي سند قانوني قابل للتنفيذ.      

وهذا النوع من القمع ليس جديداً في ألمانيا. وقال المحامي ألكسندر غورسكي، إنه تعامل مع قضايا مماثلة استُخدم فيها قانون الهجرة ضد أشخاص من أصل عربي أو فلسطيني، غالباً بسبب منشور أو تعليق أو حتى "إعجاب" على مواقع التواصل الاجتماعي.

واليوم، يثير السياسيون من مختلف ألوان الطيف السياسي في ألمانيا بشكل روتيني تاريخ البلاد لإسكات الانتقادات الموجهة للسياسة الإسرائيلية ــ ودعم دولة متهمة بفرض نظام الفصل العنصري في الضفة الغربية، وكما يشير الإجماع المتزايد بين خبراء حقوق الإنسان، على ارتكاب إبادة جماعية في غزة.

ومن شأن استخدام قانون الهجرة لضبط الاحتجاج السياسي، أن يبعث برسالة واضحة إلى الرعايا، الذين لا يحملون الجنسية الألمانية مفادها أن التعبير العلني عن آرائكم قد يعرضكم للطرد. أن مدى استفادة حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف من هذا الأمر، يغيب عن أذهان الكثيرين ممن يُسمون بالوسط السياسي في ألمانيا. بالنسبة لحزب البديل من أجل ألمانيا، صار قانون "منطق الدولة" درعاً مناسباً، ووسيلة لتأجيج الاستياء من المهاجرين الذين يزعم أنهم "يستوردون" معاداة السامية.  

وبينما لا تزال الأحزاب الألمانية الرئيسية ترفض رسمياً التعاون مع حزب البديل من أجل ألمانيا، فإن تقبّلها المتزايد لخطاب الحزب - وخصوصاً في ما يتعلق بالهجرة - يشير إلى أمرٍ مختلف. ففي الفترة التي سبقت الانتخابات التي جرت في 23 فبراير الماضي، تناولت أحزاب من مختلف الأطياف السياسية، من حزب الخضر إلى الاتحاد الديموقراطي المسيحي، الهجرة كتهديدٍ أمني، ووعدت بالترحيل وتشديد الضوابط. في هذا المناخ، تحوّلت فلسطين إلى اختبار حاسم لسياسة اللجوء.

 

 

مقالات مشابهة

  • اليمين المتطرف ينظم احتجاجا في باريس ضد حظر ترشح لوبان في الانتخابات الفرنسية
  • الدولي للجمباز يطمئن على جاهزية مصر لاستضافة أحداث عالمية في الباركور
  • من هي ابتهال أبو السعد التي فضحت عملاق التكنولوجيا في العالم؟
  • هل نحن أمام موعد مع حرب عالمية ثالثة؟
  • استطلاع بألمانيا: صعود اليمين المتطرف وتراجع الائتلاف المحافظ
  • «الخارجية الفلسطينية»: العالم خذل أطفال فلسطين في ظل صمته عن معاناتهم التي لا تنتهي
  • الحرب العالمية التجارية التي أعلنها ترمب لا تخصنا في الوقت الراهن
  • وزير الإسكان يصدر حزمة توجيهات لمسئولي هيئة المجتمعات العمرانية الجديدة
  • وزير الإسكان يتابع ملفات العمل بـ"المجتمعات العمرانية الجديدة".. ويصدر حزمة من التوجيهات
  • غارديان: طرد مؤيدين لفلسطين يصب في مصلحة اليمين الألماني