الصناعة في الإمارات.. نموذج نجاح عالمي
تاريخ النشر: 19th, June 2024 GMT
حسام عبدالنبي (أبوظبي)
يشكّل قطاع الصناعة في دولة الإمارات قصة نجاح اقتصادية، أصبحت نموذجاً يحتذى به على المستويين الإقليمي والعالمي، في ظل مبادرات وجهود لا تتوقف لدعم القطاع الصناعي الوطني، وتعزيز مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي للدولة.
وحققت الصناعة الوطنية مكتسبات على أرض الواقع، بفضل المزايا المحفزة والجاذبة للاستثمارات الصناعية في الدولة، بجانب التركيز على دعم التصنيع المحلي للمنتجات والمواد الأساسية اللازمة لمختلف أنشطة المصانع المحلية وضمان استمرارية عملياتها.
وتعد المبادرات والمحفزات التي تم الإعلان عنها خلال فعاليات الدورة الثالثة من منتدى «اصنع في الإمارات»، (5 إعلانات استراتيجية و82 اتفاقية) أبرز الشواهد على الجهد الحكومي في دولة الإمارات، لتقديم الممكّنات والحوافز للقطاع الصناعي، وتعزيز التعاون والشراكات معه، والاستفادة من فرص التجارة الدولية، وتوفير الحاضنات والإمكانات التمويلية للشركات والمشاريع الناشئة، لا سيما في مجالات التصنيع.
كما تشكل النجاحات التي حققها قطاع الصناعة والمستهدفات الخاصة بزيادة مساهمة القطاع في الناتج المحلي الإجمالي، فرصاً لنمو الشركات الصناعية العاملة في الدولة، وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية في القطاع الصناعي حيث ركزت تلك المبادرات على هدف الوصول لأكثر من 300 مليار درهم كمساهمة للقطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2031.
ووصلت قيمة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 197 مليار درهم في نهاية عام 2023، بزيادة قدرها 49% مقارنة مع عام 2020 وارتفعت الصادرات الصناعية الإماراتية إلى 187 مليار درهم، بزيادة قدرها 60% مقارنة مع عام 2020، كما ارتفعت الصادرات الوطنية عالية التقنية من 2.9 مليار درهم في 2020 إلى 3.5 مليار درهم في 2023، مع تحقيق نمو بنسبة 70% في الحلول التمويلية المرنة للقطاع الصناعي، والتي وصلت قيمتها إلى 6 مليارات درهم مقارنة بعام 2022.
وتستهدف دولة الإمارات أيضاً تعزيز ريادتها على مختلف المستويات، مثل تبنّي الذكاء الاصطناعي في العديد من القطاعات، ومن ضمنها التصنيع، وتوظيف التكنولوجيا في الخدمات اللوجستية، وتوفير منظومة اقتصادية حيوية شفافة ورقمية وجاذبة للاستثمارات.
مبادرات استراتيجية
أيقنت دولة الإمارات مبكراً بأهمية دعم قطاع الصناعة المحلي، وتعزيز المنتج الصناعي الإماراتي، ومنحه أولوية خاصة؛ ولذا أطلقت قبل سنوات عدداً من المبادرات الاستراتيجية؛ بهدف دعم التصنيع المحلي للمنتجات والمواد الأساسية اللازمة لمختلف أنشطة المصانع، وجهات التشغيل المحلية، وضمان استمرارية عملياتها، فتم إطلاق الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، كما تم تنفيذ مجموعة من المبادرات الاستراتيجية، ومن أهمها تحديث قانون تنظيم وتنمية الصناعة، وتطوير الممكنات والحوافز للقطاع الصناعي، وتم إطلاق «برنامج المحتوى الوطني» (برنامج القيمة الوطنية المضافة سابقاً)، ومشروع الإحلال الذكي للواردات، و«برنامج التحول التكنولوجي»، ومنتدى «اصنع في الإمارات»، وعلامة «صُنِعَ في الإمارات»، وإطلاق مراكز التمكين الصناعية، ومبادرة شبكة رواد الصناعة 4.0، وإطار منظومة البحث والتطوير، ومشروع التعداد الصناعي، وخريطة الطريق لتخفيض الانبعاثات الكربونية في الصناعة، وبرنامج «مُصنّعين». وركزت هذه المبادرات والبرامج على تعزيز المكتسبات الوطنية، والاستفادة من المزايا المحفّزة والجاذبة للاستثمارات في الدولة لخلق فرص استثمارية تسهم في نمو الصناعة المحلية، كما تم التركيز على دعم المُنتَج المحلي بممكّنات تشغيلية، وحلول تمويلية، وتوفير الطلب من خلال عقود شراء Captive demand تضمن الاستثمار، والنمو والابتكار، والتحول التكنولوجي، والاستدامة.
وتم خلال النسخة الثانية من منتدى «اصنع في الإمارات»، إطلاق قائمة تتضمن 1400 منتج يمكن تصنيعها محلياً بالتعاون مع 12 شريكاً استراتيجياً وبقيمة إجمالية تبلغ 120 مليار درهم، وتم تنفيذ 52% من عروض الشراء المستهدفة للعشر سنوات المقبلة بقيمة تتجاوز 62 مليار درهم لمنتجات حيوية مثل الأدوية والأدوات والمستلزمات الطبية، والصناعات البلاستيكية والمطاطية، والنسيجية، والخزفية، والمعدنية، والأنابيب ومعدات الحفر والإنتاج، وأنظمة التحكم والمراقبة، وسوائل الحفر، والأغذية، والمعدات الكهربائية والميكانيكية، والإلكترونيات، ومنتجات كيميائية وبتروكيميائية، والصناعات التحويلية والخشبية، ومواد البناء والتشييد، وغيرها من المنتجات الاستهلاكية الأساسية.
5 إعلانات استراتيجية
توالت المبادرات الجديدة لدعم القطاع الصناعي في الدولة، ولتشهد فعاليات الدورة الثالثة من منتدى «اصنع في الإمارات» خمسة إعلانات استراتيجية جديدة، تمثلت في تخصيص 23 مليار درهم إضافية لفرص مشتريات مضمونة للتصنيع المحلي، بما يرفع القيمة الإجمالية إلى 143 مليار درهم لأكثر من 2000 منتج، تتضمن 20 مليار درهم من «أدنوك»، و3 مليارات درهم من «بيور هيلث»، واستثمارات في مشاريع صناعية جديدة تقدر بقيمة 20 مليار درهم، والإعلان عن أسعار كهرباء تنافسية للشركات الصناعية في إمارات عجمان، ورأس الخيمة، وأم القيوين، والفجيرة، بالتعاون مع وزارة الطاقة والبنية التحتية، وشركة الاتحاد للمياه والكهرباء، وطرح حلول تمويلية للقطاع الصناعي بنظام التمويل المشترك (co-lending financing) بقيمة مليار درهم بالشراكة بين «مصرف الإمارات للتنمية» وبنوك تجارية، لتمكين الشركات الصناعية الصغيرة والمتوسطة، وكذلك إطلاق برنامج «الابتكار عبر الذكاء الاصطناعي» بتمويل قيمته 370 مليون درهم من «مصرف الإمارات للتنمية» لدعم الشركات الصناعية الناشئة.
مشتريات مضمونة
أعلنت «أدنوك» زيادة قيمة حزمة الفرص التحفيزية الموجهة للقطاع الصناعي المحلي، والتي تتمثل في شراء منتجات يمكن تصنيعها محلياً، لتصل قيمتها إلى 90 مليار درهم (24.5 مليار دولار) بحلول عام 2030 والمخصصة لدعم جهود تنويع وتوطين أنشطة الاقتصاد والتصنيع المحلي، وذلك ضمن سعيها لتعزيز دورها كمحرك رئيس للنمو الاقتصادي والصناعي والاجتماعي في دولة الإمارات، وينسجم هذا الهدف الجديد وزيادة الحزمة التحفيزية مع قيام «أدنوك» بتحديث وتوسيع نطاق برنامجها لتعزيز المحتوى الوطني لتعزيز جهودها الهادفة لإعادة توجيه 178 مليار درهم إلى الاقتصاد المحلي بحلول 2028 لتلبية احتياجات التنمية الاقتصادية في دولة الإمارات.
ويستند إعلان «أدنوك» الهدف الجديد إلى نجاحها في تحقيق هدفها السابق المتمثل في التصنيع المحلي لمجموعة من المنتجات بقيمة 70 مليار درهم (19 مليار دولار) قبل حلول عام 2027 المحدد سابقاً، وذلك عقب ترسية الشركة عقدين يتضمنان توريد أنابيب معدنية وصمامات بقيمة 16.8 مليار درهم (4.6 مليار دولار) على مُصنعين محليين.
ويشتمل برنامج «أدنوك» لتعزيز المحتوى الوطني على حوافز لتضمين الاستدامة في سلاسل التوريد المحلية، من خلال تشجيع المستثمرين على تبني التقنيات النظيفة، وأفضل الممارسات البيئية والاجتماعية والحوكمة. كما سيركز البرنامج على تسريع توظيف التكنولوجيا المتقدمة في سلسلة التوريد الخاصة بأعمال «أدنوك»، وتمكين الشركات متناهية الصغر والصغيرة والمتوسطة من المشاركة في تعزيز مرونة القاعدة الصناعية في دولة الإمارات.
وضمن التوجه ذاته، أعلنت «بيورهيلث»، أكبر مجموعة للرعاية الصحية في منطقة الشرق الأوسط، تحقيقها إنفاقاً بقيمة مليار درهم على المشتريات المحلية لدعم برنامج المحتوى الوطني، وذلك منذ الربع الأول من عام 2023 في إطار التزامها بدعم برنامج المحتوى الوطني، الذي يمثل ركيزة من ركائز الاستراتيجية الوطنية للصناعة والتكنولوجيا المتقدمة لدولة الإمارات، التي تهدف إلى رفع مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي للوصول إلى 300 مليار درهم بحلول عام 2031.
وتعد «بيورهيلث» مساهماً وطنياً رئيساً في تعزيز جهود التنمية الاقتصادية والاجتماعية لدولة الإمارات، من خلال التزامها باتفاقيات شراء تدعم قدرات التصنيع المحلية في مجال الرعاية الصحية، وتخلق فرص عمل محلية لضمان تقديم خدمات صحية عالمية المستوى ومن خلال الشراكة مع «وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة» للانضمام إلى برنامج المحتوى الوطني في عام 2022، خطت «بيورهيلث» خطوات كبيرة في هذا المسار حيث خصصت المجموعة في البداية مبلغ 10 مليارات درهم للمشتريات المحلية بحلول عام 2032، ثم زادت من التزامها بنسبة 30% في عام 2023، ليصل إلى 13 مليار درهم. وبالإضافة إلى ذلك، نفذت «بيورهيلث» استراتيجيات المحتوى الوطني بشكل فعال في عملياتها، ووسعت نطاق هذه الجهود في عام 2023 لتشمل الشركات التابعة لها، مثل شركة أبوظبي للخدمات الصحية (صحة) ورافد وضمان، حيث عززت بذلك جهود دعمها للإنفاق المحلي ضمن برنامج المحتوى الوطني.
أسعار كهرباء تنافسية
أعلنت شركة «الاتحاد للماء والكهرباء» أحدث مبادراتها الداعمة للنمو الصناعي في الدولة، والموجهة إلى الشركات الصناعية وخدماتها في الإمارات الشمالية، والتي تتمثل في إطلاق «تعريفة مخفّضة» لاستهلاك الطاقة، لتعزيز تنافسية الشركات الصناعية، وذلك بالتعاون مع وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، ووزارة الطاقة والبنية التحتية، وتعكس المبادرة التزام شركة «الاتحاد للماء والكهرباء» بتزويد المتعاملين من الشركات الصناعية بحلول الطاقة الأفضل ضمن فئتها، ودعم الاقتصاد الوطني من خلال جذب مزيد من الاستثمارات، وتوفير المزيد من فرص العمل، من خلال تعزيز نمو القطاع الصناعي في المناطق التي تغطيها خدمات الشركة في الإمارات الشمالية.
ويتماشى الإعلان عن التعريفة المخفضة الجديدة لاستهلاك الطاقة في الشركات الصناعية مع مبادرة «اصنع في الإمارات»، التي تدعم المزايا التنافسية الصناعية للدولة أمام المستثمرين لتعزيز مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي، كما تمثل أداة إضافية من أدوات تمكين نمو القطاع الصناعي في الدولة وتعزيز تنافسيته. وتضطلع هذه المبادرة بدور بالغ الأهمية في تحفيز الاقتصاد الوطني، والارتقاء بتنافسية القطاع الصناعي عبر تحقيق وفورات ملحوظة في التكاليف التشغيلية. وبموجب التعريفة المعدلة، أعلنت الشركة عن شرائح تسعير جديدة للقطاع الصناعي ممن يتجاوز استهلاكهم الشهري 10.000 ميغاواط ساعة، مع تعريفة تبدأ من 32 فلساً/ كيلوواط ساعة، وتصل إلى 26 فلساً/ كيلوواط ساعة.
ويتضمن النظام الجديد حوافز إضافية، مثل رسوم مرنة لخدمات التركيب والربط مع الشبكة، يمكن تحصيلها عبر إضافتها على رسوم الاستهلاك الشهري أو دفع مقدم أقل بنسبة 20 % برسوم خدمات التركيب التقليدية. كما تشمل الإعفاء من رسوم التأمين لجميع المتعاملين من هذه الشريحة، دون تكلفة إضافية على الأسعار، ودون رسوم إضافية لاستخدام العداد. وإلى جانب القطاع الصناعي، ستشمل هيكلية التسعيرة المعدلة الجديدة قطاع التكنولوجيا، مثل مراكز بيانات التعافي من الكوارث «DRD’s».
شراكة صناعية
من أجل الارتقاء بقطاع التصنيع في دولة الإمارات وتعزيز سلاسل التوريد المحلية، أعلنت مدينة دبي الصناعية، تعزيز مخزون الأراضي الصناعية عبر إطلاق أراض صناعية إضافية بمساحة إجمالية تبلغ 13.9 مليون قدم مربعة. وجاءت تلك الخطوة بعد ارتفاع معدل إشغال تأجير الأراضي الصناعية في مدينة دبي الصناعية بنسبة 12% على أساس سنوي، ليصل إلى 97% في الربع الأول من العام الجاري.
الذكاء الاصطناعي محرك رئيس في عمليات التصنيع
الذكاء الاصطناعي من أهم التوجهات الاستراتيجية التي يجري التركيز عليها حالياً من أجل تطوير مهارات وتطبيقات وحلول الذكاء الاصطناعي في جميع عمليات التصنيع، حيث سيكون المحرك الأساسي للابتكار ورفع الكفاءة، وخفض التكاليف، وتعزيز الإنتاجية والتنافسية في دولة الإمارات في المرحلة المقبلة.
ويستهدف برنامج «الابتكار عبر الذكاء الاصطناعي» تمهيد الطريق لدمج حلول التكنولوجيا المتقدمة وتقنيات الذكاء الاصطناعي الجديدة في الصناعة وسيساعد البرنامج الصناعة الإماراتية على إطلاق موجة جديدة من الكفاءة والإنتاجية والاستثمار، من خلال الربط بين الطلب الصناعي والعرض التكنولوجي، مع مساعدة المطورين والشركاء الصناعيين على تعزيز أوجه التناغم بين الشركات ومطوري التكنولوجيا والشركات الناشئة عندما يتعلق الأمر بتقديم حلول مبتكرة للتحديات الصناعية.
ويهدف برنامج «الابتكار عبر الذكاء الاصطناعي» إلى إحداث تحول في الصناعات التحويلية والمتخصصة، مما يسهم في زيادة التأثير الاقتصادي لمصرف الإمارات التنمية ويعد هذا البرنامج الاستراتيجي، والحل التمويلي الذي يقدمه بقيمة 370 مليون درهم، بمثابة إنجاز مهم لبناء قطاع صناعي جاهز للمستقبل وقادر على المنافسة عالمياً إذ أنه من خلال تسخير قوة الذكاء الاصطناعي وتعزيز التعاون، سيتم فتح فرص جديدة للنمو والابتكار والتنمية المستدامة عبر قطاعات مصرف الإمارات للتنمية الخمسة ذات الأولوية.
وإلى ذلك، أعلن مصرف الإمارات للتنمية تمويلات اضافية 362 مليون درهم لدعم 13 شركة صناعية في الإمارات، مع التركيز بشكل خاص على تمكين المشروعات متناهية الصغر والشركات الصغيرة والمتوسطة، ولترتفع قيمة التمويلات المخصصة لدعم المشاريع الصناعية الوطنية إلى أكثر من 5.4 مليار درهم خلال عام 2024، ما يمثل نسبة 48% من إجمالي تمويلات المصرف خلال الأعوام الثلاثة الماضية.
التحول التكنولوجي لتعزيز الجاهزية والإنتاجية
توظيف التحول التكنولوجي ضرورة لتمكين المصنّعين من تعزيز الإنتاجية والجاهزية التكنولوجية؛ لذا أطلقت وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، خلال منتدى «اصنع في الإمارات»، مبادرة «التحول 4.0»؛ بهدف تسريع وتيرة التحول التكنولوجي في القطاع الصناعي في دولة الإمارات، بما يتماشى مع مشروع الـ«300 مليار».
وتهدف المبادرة الجديدة إلى تطوير مسار مسرع لدعم 100 شركة مصنعة ذات إمكانات واعدة في مسار التحول التكنولوجي، وتحويل مجموعة منها إلى منارات صناعية «شركات متقدمة تتبنى ممارسات الصناعة 4.0»، خلال الفترة الممتدة من ثلاث إلى خمس سنوات مقبلة، وذلك تحت مظلة برنامج التحوّل التكنولوجي التابع للوزارة.
وكجزء من هذه المبادرة، وقّعت وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، مع كل من مصرف الإمارات للتنمية، وشركة الإمارات للاتصالات المتكاملة «دو» مذكرة تفاهم تهدف لدعم مسار التحول التكنولوجي في القطاع الصناعي، من خلال توفير الدعم الفني والتقني والحلول التمويلية المبتكرة. ويأتي إطلاق هذه المبادرة الطموحة لدعم الشركات المصنّعة، وتسهيل تبنّيها أحدث الأدوات والتطبيقات الرقمية، والمساهمة في تقديم قيمة مضافة للقطاع الصناعي في الدولة تعزز الإمكانات والفرص والكفاءة والقدرة التنافسية. كما تهدف المبادرة إلى تمكين الشركات المصنعة في دولة الإمارات، من خلال مسار مسرع يشمل الدعم الفني والاستشاري والحلول التمويلية، ليصبحوا قادة في تبني المبادرات التكنولوجية والتحول الرقمي. كما تدعم بشكل مباشر المصنعين في توسيع نطاق تحولاتهم التكنولوجية، وفي الوقت نفسه تبنّي ممارسات التصنيع المستدامة.
طرح حلول تمويلية للقطاع الصناعي بنظام التمويل المشترك
بهدف تمكين الشركات الصناعية الصغيرة والمتوسطة، تم طرح حلول تمويلية للقطاع الصناعي بنظام التمويل المشترك (co-lending financing) بقيمة مليار درهم بالشراكة بين «مصرف الإمارات للتنمية» وبنوك تجارية. وأبرم مصرف الإمارات للتنمية شراكة استراتيجية مع شركة الاتحاد لائتمان الصادرات، لإطلاق خطّة رائدة للتغطية المشتركة لتنمية القطاعات ذات الأولوية في الدولة؛ بهدف تعزيز دعم الائتمان التجاري والسيولة للشركات الصغيرة والمتوسطة والمؤسسات الكبرى العاملة في قطاعات الصناعة والطاقات المتجددة والأمن الغذائي والتكنولوجيا المتقدمة والرعاية الصحية في دولة الإمارات.
وتُمكّن هذه الشراكة المصارف المحلية من تقديم دعمٍ موجّه للشركات الصغيرة والمتوسطة العاملة في تلك القطاعات، من خلال الجمع بين «تأمين التخلف عن السداد» من الاتحاد لائتمان الصادرات و«برنامج ضمان التمويل للشركات» من مصرف الإمارات للتنمية، كما تستند الشراكة إلى برنامج ضمان التمويل الذي أطلقه مصرف الإمارات للتنمية، والذي يسهم في تخفيف المخاطر المتعلقة بإتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة، من خلال توفير ضمانات ائتمانية جزئية للبنوك التجارية الشريكة، وتأمين التخلف عن السداد الذي تتيحه الاتحاد لائتمان الصادرات.
ومن المتوقع أن تمنح خطّة التغطية المشتركة زخماً كبيراً للمشهد الاقتصادي في دولة الإمارات، من خلال رفد شركات الصادرات العاملة في القطاعات ذات الأولوية بالدعم اللازم لتوسيع عملياتها وتعزيز تنافسيتها عالمياً، ودفع عجلة الابتكار، وبالإضافة إلى ذلك، تُركّز الخطة على تعزيز إمكانية حصول المشاريع على التمويل المصرفي، وتحدّ من المخاطر المالية، ما يُحفّز إقامة مشاريع متنوعة وأوسع نطاقاً في القطاعات المُستهدفة.
ويفتح برنامج ضمان التمويل، من مصرف الإمارات للتنمية، الباب واسعاً أمام الشركات في دولة الإمارات للوصول إلى التمويل، حيث تستخدم الشركات برنامج ضمان التمويل لتسهيل القروض التجارية الصغيرة من خلال توفير الضمانات للمقرضين، حتى لا يشكل التاريخ الائتماني المحدود أو الضمانات المحدودة مانعاً من الوصول إلى التمويل. كما يدعم برنامج ضمان التمويل، التجارة الدولية عبر ضمان الدفع للمصدرين، وتقليل المخاطر المرتبطة بالمعاملات العابرة للحدود.
تضافر الجهود لدعم أهداف «مشروع 300 مليار»
تكاتفت جهود كافة الجهات والمؤسسات العاملة في الدولة لتحقيق دعم أهداف مشروع 300 مليار والمساهمة في تعزيز بيئة الاستثمار في دولة الإمارات وتشجيع الابتكار واعتماد التكنولوجيا المتقدمة في الصناعة.
ووقع مركز الشارقة لريادة الأعمال «شراع»، مذكرة تفاهم مع وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة، وشركة «الاتحاد لائتمان الصادرات»، لتقديم الدعم الفني والاستشارات الاستراتيجية، وبناء قدرات رواد الأعمال والشركات الصناعية الناشئة، لتعزيز فرص وصول هذه الشركات إلى الأسواق المحلية والدولية، بما يمهد الطريق أمامها للنمو والازدهار.
وأعلن «شراع» أنه يهدف إلى تعزيز قطاعات الصناعات المتقدمة والسلع الاستهلاكية المعبأة في إمارة الشارقة ودولة الإمارات، من خلال دعم إطلاق الشركات الناشئة وتطورها وتوسعها، بالإضافة إلى ترسيخ ثقافة الابتكار، وتوفير فرص العمل التي تتطلب مهارات عالية.
وضمن التوجه ذاته، استعرضت هيئة مناطق رأس الخيمة الاقتصادية «راكز»، الوسائل التي تستخدمها المناطق الصناعية في دولة الإمارات للحوافز الذكية من أجل جذب الاستثمارات وتعزيز نمو القطاع الصناعي. كما تم عرض الحوافز الاستراتيجية والتسهيلات التي تقدمها «راكز» من حيث الأسعار التنافسية لقطع الأراضي والتكاليف المخفضة للموارد، فضلاً عن التميّز التنظيمي والشفافية على الوجه الذي يخلق بيئة عمل تتميّز بالاستقرار والوضوح للمستثمرين، حيث أكدت «راكز» تصميم هذه الحوافز لجذب وتنمية الصناعات الرئيسة، مثل التكنولوجيا الزراعية والرعاية الصحية، وتقنية المعلومات والاتصالات والذكاء الاصطناعي والروبوتات والطاقة المتجددة، وغيرها الكثير.
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: قطاع الصناعة الإمارات قطاع الصناعات القطاع الصناعي المنتجات الوطنية الصـناعة الوطنية اصنع في الإمارات وزارة الصناعة والتکنولوجیا المتقدمة الاتحاد لائتمان الصادرات برنامج المحتوى الوطنی مصرف الإمارات للتنمیة التکنولوجیا المتقدمة الصغیرة والمتوسطة التحول التکنولوجی القطاع الصناعی فی الصناعی فی الدولة الذکاء الاصطناعی الشرکات الصناعیة فی دولة الإمارات اصنع فی الإمارات التصنیع المحلی للقطاع الصناعی تمکین الشرکات مساهمة القطاع حلول تمویلیة الصناعیة فی العاملة فی بحلول عام صناعیة فی فی القطاع حلول عام من خلال من أجل کما تم
إقرأ أيضاً:
خبير في قطاع التصنيع: الإمارات قاطرة النمو الصناعي نحو المستقبل المستدام
أكد الدكتور عبدالرحيم بن أحمد الفرحان، الخبير في قطاع التصنيع، أن دولة الإمارات العربية المتحدة تُعَدُّ من أبرز الدول التي تمتلك رؤية استراتيجية طموحة في تعزيز الاقتصاد الصناعي، مما جعلها واحدة من القوى الاقتصادية المؤثرة على المستوى العالمي.
وأفاد الفرحان، بأن هذه الرؤية تركزت في تحويل الاقتصاد الإماراتي إلى اقتصاد صناعي حديث وقادر على تحقيق النمو المستدام، في ظل القيادة الحكيمة التي أدركت أهمية الصناعة كأحد الأعمدة الأساسية للتنمية.
وأوضح أن القطاع الصناعي في الإمارات يُعتبر من أهم مكونات الاقتصاد الوطني، حيث يمثل ثاني أكبر مساهم في الناتج المحلي الإجمالي بعد قطاع النفط والغاز، وهو ما يعكس النمو المتسارع في هذا القطاع.
بين الفرحان، أن الإمارات شهدت تحولاً في السياسة الاقتصادية تتمثل في تقديمها حلولًا مبتكرة لتحفيز النمو الصناعي عبر العديد من المبادرات الاستراتيجية.
وأضاف الفرحان، أن من أبرز هذه المبادرات إنشاء المناطق الصناعية المتخصصة وجذب الاستثمارات الخارجية، بالإضافة إلى استقطاب التكنولوجيا الحديثة التي ترفع من تنافسية هذا القطاع.
ولفت إلى أن رؤية دولة الإمارات تهدف في تكريس مكانتها الرائدة عالميًا في مجال الصناعة والابتكار، من خلال تقديم بيئة أعمال محفزة تعزز ريادة الأعمال، وتدعم الابتكار وتحقق الاستدامة البيئية.
نوه بأن الإمارات أصبحت مركزًا عالميًا للابتكار الصناعي، وهو ما ينعكس في إطلاق منصة “رواد التقنية وريادة الأعمال” (TIP) التي تهدف إلى توفير حلول عملية للتحديات العالمية، وتشجيع الأفكار الابتكارية في مجال ريادة الأعمال والصناعة.
وأوضح الدكتور عبدالرحيم بن أحمد الفرحان، أن سياسة الاقتصاد الصناعي في الإمارات لا تقتصر على تحسين الأداء الاقتصادي فقط، بل تتضمن أيضًا تلبية المتطلبات الاجتماعية وتحقيق الاستدامة البيئية، مما يعكس التزام الدولة بتحقيق الأهداف العالمية للتنمية المستدامة.
ويعزز صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة “حفظه الله”، هذه الرؤية من خلال توجيه السياسات الاستراتيجية التي تجعل الإمارات وجهة مثالية للاستثمار الصناعي والابتكاري
ويعكس هذا التوجيه الحكيم سعي الدولة لتحقيق توازن بين النمو الاقتصادي وحماية البيئة، مع طموح مستمر نحو بناء مستقبل مزدهر ومستدام للأجيال القادمة.
وتبرز دولة الإمارات كنموذج فريد في القدرة على الجمع بين الأصالة والمعاصرة، حيث تجسد تطورًا صناعيًا وابتكاريًا يضعها في مقدمة الدول التي تسعى لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة في القرن الواحد والعشرين.