إبراهيم ناجي يكتب: البابا فرنسيس الذي لا يخجل من أن يقول "نعم أنا إنسان خاطئ"
تاريخ النشر: 19th, June 2024 GMT
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق
البابا فرنسيس الذي لا يخجل من أن يقول "نعم أنا إنسان خاطئ"
كتب- إبراهيم ناجي*
هكذا أقر البابا فرنسيس بالأمر مرتين خلال مقابلته التليفزيونية الأخيرة قبل أكثر من ثلاثة أسابيع والتي أجراها مع المذيعة نورا او دونيل عبر محطة CBS الأمريكية في أول مقابلة يجريها الحبر الأعظم الأرجنتيني مع إحدى محطات التليفزيون الأمريكية.
ليعود بيرجوليو في نهاية المقابلة مُجزاً ربما غايتها لمن يصارعون ذواتهم والآخرين بشأن صحة أفكارهم ووجهات نظرهم المدافعين عن برهم الذاتي ليؤكد مرة أخرى عن كونه راعيا للآخرين أكثر من كونه حبراً أعظم الكنيسة، كنيسة للأشخاص ذوي المكانة الخاصة وهم الخطأة، وعندها يقول فرنسيس :"الكنيسة للخاطئين وكلنا خطأه" بالنسبة للبابا فرنسيس راعي الناس وخادمهم فالكنيسة يجب أن تكون مفتوحة للمرفوضين و المنبوذين والمهمشين والخاطئين وفي مقدمتهم البابا هم من جاء المسيح من أجلهم ومن أجلهم أسس الكنيسة. (الدقيقة 39 من وقت المقابلة).
مع انشغال الكثيرين بتأكيد البابا خلال المقابلة على رفض مباركة زواج المثليين ورفضه أيضاً لمنح الإناث الرتب الكهنوتية أو الشماسية، فغاب عن الأغلبية أن هذه ليست المرة الاولى التي يقر فيها البابا فرنسيس بكونه خاطئا، خاصة بعدما أصبح حبر الكنيسة الأعظم في العام 2013. ففي رسالته للشباب الصادرة في 31 مارس 2014 أقر البابا الأرجنتيني باقترافه الأخطاء مؤكدا: "اقترفت أخطاء، أنا أقترف الأخطاء." واستطرد البابا في رسالته مظهراً استنكار البعض كيف يمكن للبابا أن يكون خاطئاً، حيث يضيف فرنسيس " أعتقد أن الأخطاء التي اقترفتها في حياتي كانت ولا تزال أعظم من علمني."
في عديد المرات يهاجم البابا فرنسيس كونه راهباً يسوعياً ومعلما للفلسفة وشيخاً روحيا وراعياً لمن لا يلتفت إليهم أحد، يهاجم أولئك من يملكون اليقين المطلق تجاه ما يؤمنون به، لا بل يمتدح من يرتابون متخذين الارتياب طريقاً للإيمان أفضل من أولئك الذين يسقطون في فخ الانتفاخ والكبرياء كونهم لا يخطئون البتة. ومن ثم لا ينفك فرنسيس يدعو الكنيسة إلى أن تفتح أبوابها وقلوب خدامها وكهنتها وأساقفتها وأحبارها تجاه من يرتابون بشأن اختياراتهم وتناقضات حياتهم أكثر من هؤلاء الذين يوقنون أنهم هم فقط الأصحاء الأطباء القضاة بالصواب، ومن هم خارج أبواب وأسوار الكنيسة بالنسبة لهم هم أرباب جهنم، ناسين ما تحدث به المسيح يسوع "وَلكِنْ كَثِيرُونَ أَوَّلُونَ يَكُونُونَ آخِرِينَ، وَآخِرُونَ أَوَّلِينَ." (متى 19: 30).
بالعودة إلى البابا فرنسيس الذي يقترف الأخطاء يستدعي البابا فرنسيس تاريخه الشخصي من أوقات رئاسته للجماعة اليسوعية في الأرجنتين بالتزامن مع أوقات الحرب الأهلية وصعوبة قيادته لاتجاهات اليسوعيين اليساريين حينها أمام قمع الديكتاتورية العسكرية. يتحدث بيرجوليو عن تلك الفترة بعد ذلك بما يقرب من ثلاثين عاماً بعدما أصبح رئيس أساقفة بيونس ايريس قائلاً: "كانت إدارتى للأمور كيسوعى في بداياته قد شهدت العديد من المآخذ. لقد كنت في السادسة والثلاثين من العمر. لقد كان الأمر جنونياً. كان عليّ اجتياز مواقف عصيبة، وكنت أتخذ قراراتى بأسلوب حاد وفردى، أدت طريقتى المندفعة والسلطوية في اتخاذ القرارات إلى حدوث العديد من المشكلات الخطيرة اتهامى بأننى مُغالى فى التحفظ. بكل تأكيد لم أكن قديساً، لكننى أبداً لم أكن يمينى الاتجاه. طريقتى المتسلطة فقط فى اتخاذ القرارات هي التي صنعت المشكلات." كانت تلك اعترافات بيرغوليو عن تلك الفترة.
في كلمته أمام الكرادلة المجتمعين قبيل انتخاب البابا الذي سيخلف بنيدكتوس السادس عشر يوم السابع من مارس 2013 تحدث الكاردينال خورخيه ماريو بيرجوليو "البابا فرنسيس بعد ذلك بأيام قليلة بدأ بيرجوليو خطابه؛ قائلًا: "بالرجوع إلى أساس إعلان بشارة الإنجيل، وهذا الأساس هو السبب في وجود الكنيسة: يتحدث البابا بولس السادس عن حلاوة وتعزية التبشير.' أنه يسوع المسيح بذاته ومن الداخل هو الذي يدفعنا لذلك، التبشير بالنسبة للكنيسة يعني [الشجاعة الرسولية] للخروج من ذاتها؛ فالكنيسة مدعوة للخروج عن ذاتها وإلى الذهاب إلى الأماكن والأطراف البعيدة، ليس فقط البعيدة والمتطرفة جغرافيًّا ولكن أيضًا البعيدة في وجودها وطبيعتها، حيث هناك يكمُن سر الخطيئة وأصل المعاناة ومنابع الظلم والتجاهل ونقص الدين، هناك حيث كل أنواع البؤس".مضى بيرجوليو في كلماته مُحذرًا الكنيسة بأنها إذا لم تفعل ذلك فأنها ستصبح بحسب كلماته ‘ذاتية المرجعية‘، وتمرض على مثال صورة المرأة المنحنية في لوقا 13:11" ثم مضى في تشخيص الداء بشأن الأوضاع الخاطئة في الكنيسة، طارحًا نظرته الثاقبة التي كان قد تحدث عنها قبل ذلك بشهرين في رياضة هيئة كاريتاس ببيونس أيريس؛ حيث "الشيطان الذي يظهر في مؤسسات الكنيسة مُتجذرًا في مرجعيتها الذاتية، كنوع من النرجسية الدينية. في سفر الرؤيا، يقول المسيح هأنذا واقف على الباب أقرع، ولكن من الواضح أن النص يشير إلى أنه يقف خارج الباب ويقرع طالبًا الدخول، ولكنني - في بعض الأحيان - أفكر في أن المسيح يقرع علينا من الداخل؛ لأجل أن ندعه يذهب إلى الخارج. الكنيسة ذاتية المرجعية تزعم الاحتفاظ بالمسيح لنفسها، ولا تدعه يخرج بعيدًا عنها".
يوم انتخابه حبراً أعظم في 13 مارس 2013 وبعد الانتهاء من احتساب بطاقات الاقتراع، كان بيرجوليو قد حصل على أكثر من خمسة وتسعين صوتا. ومن ثم توجه الكاردينال جيوفاني باتيستا ري إلى الكاردينال بيرجوليو وسأله هل يقبل الانتخاب الكنسي له حبرا أعظم؟ كانت الساعة حينها السابعة وخمس دقائق مساء عندما أجاب خورخيه بيرجوليو "أقبل" باللغة اللاتينية، أضاف إليها "علي الرغم من أنني خاطئ عظيم".
*باحث في شئون الفاتيكان
المصدر: البوابة نيوز
كلمات دلالية: البابا فرنسيس خاطئ الاناث الديكتاتورية البابا فرنسیس أکثر من
إقرأ أيضاً:
البابا فرنسيس يحتفل بذكرى انتخابه الثانية عشرة في مستشفى جيميلي وسط تحسن في حالته الصحية
يقضي البابا فرنسيس، بابا الكنيسة الكاثوليكية، الذكرى الثانية عشرة لانتخابه بابا في مستشفى جيميلي في روما، وذلك بسبب إصابته بالتهاب رئوي. وعلى الرغم من مرارة هذه المصادفة، إلا أن التقارير الطبية تشير إلى تحسن في حالته الصحية.
وكان خورخي ماريو بيرجوليو، الذي يعرف الآن بالبابا فرنسيس، قد تم انتخابه في 13 مارس 2013، بعد انعقاد مجمع كاردينالي قصير تلا استقالة البابا بنديكتوس السادس عشر. ومنذ ذلك الحين، دخل البابا فرنسيس المستشفى أربع مرات، ولكن هذه الإقامة التي بدأت في 14 فبراير هي الأطول حتى الآن.
ووفقا لما أعلنه المكتب الصحفي للفاتيكان يوم الأربعاء، قضى البابا، البالغ من العمر 88 عاما، ليلة هادئة أخرى. وأشار التقرير الطبي الصادر يوم الثلاثاء إلى أن الفحوصات الصدرية أكدت تحسن الالتهاب الرئوي، مع التنبيه إلى أن "الحالة العامة ما تزال معقدة".
وفي ذكرى انتخابه، قدم القس روبرتو باسوليني، الواعظ في البابوية، "تحية مليئة بالامتنان لقداسة البابا في هذا اليوم الخاص"، وذلك خلال التمارين الروحية التي أقيمت يوم الأربعاء في الفاتيكان. ومن المتوقع أن تكون الاحتفالات بهذه الذكرى متواضعة؛ نظرًا لوجود البابا في المستشفى.
من جانبه، كتب رئيس مجلس الشيوخ الإيطالي إنياتسيو لا روسا على صفحته على فيسبوك: "أود أن أوجه كلمة شكر إلى قداسة البابا لجهوده الدؤوبة من أجل السلام والحوار والكرامة الإنسانية"، وأضاف أن "تعاليمه تشكل مرجعية لملايين الأشخاص حول العالم".
وشملت الاحتفالات العديد من القداسات لتقديم الشكر، مثل تلك التي أقيمت في كنيسة الأرجنتينيين في روما وكنيسة سانت أبوليناري، إلى جانب تلقيه تهاني من السلطات الدينية والمدنية.
Relatedتحذيرات من خطر "تعفن الدم"..البابا فرنسيس في حالة صحية حرجة جراء التهاب رئوي معقدالبابا فرنسيس في حالة حرجة وفشل كلوي مبكر لكنه لا يزال يقظاًالفاتيكان: تحسن طفيف في صحة البابا فرانسيسومع ذلك، لم تشهد المناسبة احتفالات كبيرة، إذ يفضل البابا التركيز على الأنشطة الرعوية بدلاً من الاحتفالات المبالغ فيها.
وخلال فترة وجوده في المستشفى، واصل الحبر الأعظم أداء مهامه، حيث قام بتعيينات كنسية وأرسل رسائل إلى المؤمنين.
وهذا العام، ألقى البابا 45 صلاة من صلوات الملاك الرباني والملكة السماوية، وترأس أكثر من 250 مقابلة وجلسة، بالإضافة إلى قيامه برحلة استمرت أسبوعين إلى الشرق الأقصى، وهي الأطول في تاريخ أي حبر أعظم.
ورغم التحسن الطبي، لا يزال القلق يساور الكثيرين بشأن الحالة الصحية للبابا، خاصة في ظل تقدمه في السن.
ويواصل الملايين حول العالم تقديم صلواتهم للبابا فرنسيس، متمنين له الشفاء العاجل والعودة إلى ممارسة مهامه الروحية.
وخلال الشهر الذي قضاه في المستشفى، تزايدت التكهنات حول احتمال استقالته، خاصة بعد سابقة البابا بنديكتوس السادس عشر، الذي استقال في عام 2013.
وفي هذا الصدد، قال المونسنيور جوزيبي باتوري، الأمين العام لمؤتمر الأساقفة الإيطاليين، إن الاستقالة "احتمال وارد، لكن الأمر متروك تماما لضمير البابا". وأضاف مستشهدا بكلمة للبابا فرنسيس: "البابا بنديكتوس فتح الباب، لكنني لم أطرقه بعد".
Go to accessibility shortcutsشارك هذا المقالمحادثة مواضيع إضافية أزمة تليها أخرى.. الأطباء يضعون البابا فرانسيس مجددا تحت جهاز التنفس الصناعي "حالته مستقرة".. الفاتيكان يطمئن العالم على صحة البابا فرنسيس انتكاسة مقلقة في حالة البابا فرانسيس: الحبر الأعظم يستنشق القيء بعد نوبة سعال الصحةالبابا فرنسيسكنيسةالفاتيكان