لاقى الكاتب الروائي عبد العزيز بركة ساكن هجوما اسفيريا كبيرا في منصات التواصل الاجتماعي بعد تعمده إغفال ذكر تسبب الإسلاميين في حرب السودان

التغيير: القاهرة

أثار منشور للروائي عبدالعزيز بركة ساكن الجدل في اوساط السودانيين على موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك بعد أن كتب: “كل قطرة دم سفكت في بلادنا يتحمل وزرها الجنجويد وقحت”.

وفور نشر البوست انهالت التعليقات على بركة مهاجمة إياه بتجاوز عناصر النظام البائد كونهم السبب في اشعال حرب ابريل التي اندلعت في البلاد.

وانبرت فئة للدفاع عن الروائي السوداني رأت أن ما كتبه يمثل وجهة نظره الشخصية التي يجب أن تحترم مهما كان توجهها.

ونبه معلقون الى تبدل مواقف ساكن في غضون شهر حيث سبق وان كتب في ابريل “أنا ضد تجريم قحط أو تقدم أو أي جهة مدنية لا تحمل السلاح، واختلف مع قحت واختلف مع تقدم مدنيا بالرأي والرأي الآخر ولكن أاظل ويظلون تحت مظلة الاحترام ولا تخوين لصاحب رأي”.

وعاد بركة في مايو ليتّهم قوى اعلان الحرية والتغيير (قحت) ويضعها في مرتبة واحدة مع “الجنجويد” أو الدعم السريع محملا اياهما وزر كل قطرة دم في البلاد طوال هذه الحرب حسب وصفه.

وعاب مؤيدون لبركة ساكن نفي صفة الكاتب عنه ووصم أعماله الأدبية بأنها غير جيدة فقط لأن البعض اختلفوا معه في الرأي.

تزييف الحقائق

وعلق الكاتب الصحفي عثمان شبونة على كلمات ساكن نافيا وجود كراهية بينهما واتهمه بتزييف الحقائق (بشبهات مذلة).

وقال شبونة: “يا بركه ساكن لا ذرة من كراهية في قلبي لك؛ إنما الأفعال هي التي تحملنا حملاً لكرهها فأنت مسؤول بالفعل عن التزييف الذي رماك مقلوباً في جب الشبهات المُذِلة؛ وقد وضعت (كُراعَك) عمداً في المزلقان بالقول: (كل قطرة دم سُفكت في بلادنا طوال هذه الحرب يتحمل وزرها الجنجويد وقحت)”.

وأضاف: “قولك بحاجة إلى تدعيم؛ لنعلم أين خبَّأت الكيزان وكتائبهم من حرب اللا كرامة التي تدور حالياً بين المُسمَى الجيش وأبناء (رحمه الطاهر)! أو كما وصفهم المعتوه ياسر العطا.. بينما المواطن يسدد فواتير حرب هؤلاء الأغبياء من دمائه وماله وإهدار كرامته”..!

وتساءل عثمان: “لماذا لم تكمل الجملة لتستقيم بالحقيقة (حول أسباب الحرب، محركاتها) ولماذا لم تقدِّم الكيزان على الجنجويد وقحت؟ أو حتى بدون ترتيب.. لماذا لم تقدمهم كجذر للحرب لتخفف وطأة (غرضك)”؟!

وأردف: “لماذا لم تقدِّم الضباط الخرفان (تبائع الجيش) على قحت والجنجويد؟ فالجيش بوضعه الشاذ أعتبره صاحب النصيب الأسدي لما وصل إليه السودان من انحطاط شامل (كامل)، ودونك أفعاله المباشرة عبر الأزمنة، والمتسببة في فقدان أرواح ملايين السودانيين:.

وأضاف: “يعني بالدارجي يا بركة (بدل كلامك المعولق جداً كان تكتب: براؤون يا رسول الله)! فنفاقهم أهون علينا من نفاقك”.

وختم بتساؤل: “ماذا تركت للكيزان من بعدك يا بركة؟ ماذا تركت لكتيبة (البلاع بن هالك)! وليس العظيم (البراء بن مالك)؛ إنهم يفترون باسمه والأدهى أنهم يفترون باسم الرسول الأعظم، ماذا تركت لمستهبلي هذه المليشيا و(مصباحها) المنطفىء بالوهم وقلة الفهم”؟

موقف المثقف

فيما راى أنور عثمان خليل في منشور بفيسبوك أن موقف ساكن يعبر عن المثقف عندما يتغير إلى “بلبوسي داعم للحرب وحينها تحل الكارثة وانفصام الشخصية” بحسب وصفه.

وأضاف أنور: “الغريب في الأمر ان الروائي بركة ساكن اكبر( بلبوسي) علي وجه الأرض وكل كتاباته تقوم علي التحريض وآخرها حديثه عن الاشاوس واليمن ولم يذكر الجيش رغم  ان مليشيات جيش 56 الفلولي هي صاحبة فكرة اليمن ولهم جنود وضباط يتم تفويهجم كل عام مثلهم مثل الاشاوس”.

واستدرك بالقول: “ولكن لأن البلبوسي بركة يحمل في داخله  قليلا من العنصرية تجاه بعض المكونات التي ينحدر منها الاشاوس لم يدرك ان الجيش نفسه يذهب إلى اليمن وان الاشاوس لم يطرقوا هذا الباب إلا عبر جيش ومليشيات دولة 56 الايدلوجية النفعية”.

وختم قائلا: “بركة ساكن مشروع مثقف بلبوسي يخادع نفسه انه كاتب”.

بركة يدافع

بدوره وردا على الانتقادات التي وجهت اليه  كتب الروائي السوداني عبدالعزيز بركة ساكن، بصفحته على فيسبوك لتوضيح موقفه تحت عنوان: “لا تحتاج المواقف الاخلاقية إلى تبرير، إلا لمن يفتقرون اساسا للاخلاق”.

 

وقال ساكن: “وفي عهد الانحطاط السياسي الذي نعيش فيه، يحاول بعض ابواق الاعلام نشر هذا الانحطاط ليسود ويصبح هو المعتاد، ولهذا لن نتوقف عن فضحهم وتعريتهم ومحاربتهم الكلمة بالكلمة والرأي بالرأي الاخر والتفنيد، كما يجب ان يفعل الرجل الشريف”.

واستدرك: “ولكن الكذب والتدليس هو من سمات من يفتقرون الى شرف الخصومة واصالة الموقف وقبل كل ذلك البوصلة الاخلاقية”.

وأضاف ساكن: “ان ثمن وتكلفة انحطاطهم هذا هو مزيد من معاناة السودانيين وعذابهم وحملة الشيطنة والكذب والتزوير وخلط المواقف التي يقوم بها منسوبو قحت، تهدف لاسكات الاصوات التي تشير الي جرائم وانتهاكات الجنجويد الذين يحاولون التغطية على افعالهم وجرائمهم. وهذا ما لن ينجحوا فيه وسنظل نرفع صوتنا ونشير الي ما هو، اينما كان”. مضيفا “وأنا ما زلت على رأيي وبالطبع لن أغيره”.

 

وقال: “كل قطرة دم سُفكت في بلادنا، طوال هذه الحرب يتحمل وزرها الجنجويد وقحت”.

بروفايل

عبد العزيز بركة ساكن، المولود في كسلا شرق السودان، (1963)، هو كاتب وروائي حاز جائزة الطيب صالح للإبداع الروائي عن روايته “الجنقو مسامير الأرض”، وتُرجمت أعماله إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية.

وظلت القضايا التي تتناولها أعمال ساكن، مثل الحرب والسلام، والإبادة الجماعية في دارفور، وقضايا المجتمعات المحلية في شرق السودان وغربه؛ مثار جدل واهتمام واختلاف في الأوساط الثقافية والاجتماعية السودانية؛ فضلاً عن منع أعماله عن طريق سلطة المصنفات الأدبية والفنية في السودان، في فترة نظام الإنقاذ الإسلاموي (1989-2018).

واختير ساكن كاتباً لمدينة «غراتس» النمساوية، للعام 2022- 2023، وهي منحة من أجل التفرغ للكتابة لعام كامل والمشاركة في الحياة الثقافية في المدينة. وله أكثر من عشر روايات ومجموعتان قصصيتان.

وفي العام 2020 فاز ساكن بجائزة الأدب العربي التي يمنحها معهد العالم العربي في باريس بالتعاون مع مؤسسة جان لوك لاغاردير.

 

الوسومالجيش الحرية والتغيير الدعم السريع بركة ساكن كتائب الإسلاميين

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الجيش الحرية والتغيير الدعم السريع بركة ساكن كتائب الإسلاميين

إقرأ أيضاً:

سقوط سنار وسقوط هيبة الدولة: مأساة السودان بين دمار الحرب وأطماع السلطة

زهير عثمان حمد

إنها لحظة مؤلمة عندما ترى بلدك، أهلك ومدينتك تتهاوى أمام عينيك في مشاهد تفيض بالدمار والقتل والجراح. السودان اليوم يقف على حافة الانهيار، حيث النزوح والحرمان هما الواقع اليومي للكثيرين. لا مأوى لهم ولا طعام، فقط أمل يتلاشى بين أصوات المدافع وصراخ الأبرياء.

واقع مرير

سنار، المدينة التي كانت يوماً ما رمزاً للتعايش والسلام، سقطت اليوم تحت وطأة الحرب التي لا ترحم. لا جيش يحمي، ولا مقاومة تنبض بالحياة. العسكر يرفضون التفاوض، متشبثين بمواقفهم، فيما تتهاوى مدن أخرى واحدة تلو الأخرى. المستنفرون، بحجم الواقع، غير قادرين على مواجهة حجم الدمار. أما الأحزاب، فهي خارج الزمان والمكان، بعيدة عن هموم الشعب ومعاناته.

حرب شبه أهلية

هذه الحرب ليست مجرد صراع على السلطة، بل هي شبه أهلية، تتقاطع فيها أجندات متعددة، محلية ودولية. عيون الطامعين تتطلع إلى ثروات السودان الظاهرة والباطنة. الذهب هنا والنفط هناك، مياه عذبة وأراضٍ خصبة مغرية، وأخرى تنتج أكثر من 80% من إنتاج العالم من الصمغ العربي. في وقت يشكو فيه العالم من تناقص الثروات المائية والغذائية، يظل السودان غنياً بموارده، ولكنه فقير في إدارتها.

إدارة فاشلة

الخطيئة الكبرى للسودان تكمن في فشله الذريع في إدارة موارده وثرواته. ثراء في الموارد يقابله فقر في الاستغلال، ما يترك البلاد تحت رحمة الصراعات والدمار. الوطنية الكاذبة والبطولات الفارغة تسيطر على المشهد، حيث يتلاعب السارقون بكل شيء، من دقيق القمح إلى شرف الأمة.

أشباح الماضي

تتحكم في السودان أشباح تنتمي إلى الماضي، نفس الأيادي التي حكمت السودان بالأمس وقسمته إلى شطرين، وأشعلت نار الفتنة في دارفور. المطلوب هو أن يبقى السودان منشغلاً بصراعاته الداخلية، في وقت تعزز فيه الأيدي الخفية نيران الفتنة كلما كادت أن تخمد.
دعوة إلى العقلانية

على العسكر أن يكونوا عقلاء ويطلبوا العفو عن جرائمهم، ويسعوا إلى تحقيق السلام. نحن شعب يستحق العيش الكريم، والسلام الذي ينشده كل سوداني. يجب أن يتخلوا عن الذاتية والعدمية، وأن يتذكروا أن القصاص قادم، حتى وإن طال الزمن.

سقوط سنار هو سقوط لهيبة الدولة، وانهيار لما تبقى من أمل في مستقبل مشرق. إنها معارك هوائية من أجل السلطة، تدمر حياة الناس وتدمر الوطن. لا يمكن للسودان أن يستمر على هذا النحو، فالمستقبل يتطلب شجاعة في الاعتراف بالأخطاء، وإرادة في بناء السلام. السودان يستحق أفضل من هذا، وأبناؤه يستحقون حياة كريمة وآمنة.

zuhair.osman@aol.com  

مقالات مشابهة

  • سقوط سنار وسقوط هيبة الدولة: مأساة السودان بين دمار الحرب وأطماع السلطة
  • السودان: إنقاذ ما لم يمكن إنقاذه
  • حرب السودان في عامها الثاني.. مفترق طرق
  • عادل الباز: تهديدات.. مستمرة ومسمومة
  • حكاية الشتاء.. خريف عمر الروائي بول أوستر
  • عبدالعزيز بركة ساكن، اكثر اتساقا ووضوح في مواقفه من بقايا قحت وحمدوك
  • الأمة يعلّق على استراتيجية السعودية تّجاه السودان
  • أسباب فشل جهود الأمم المتحدة في السودان
  • عادل الباز: رؤساء… بلا حياء.!
  • السودان..الجيش يصدّ هجومًا خطيرًا للدعم السريع