تقول صحيفة "إن 12" الإسرائيلية إن الحرب في غزة تنتقل الآن إلى أخطر مراحلها، وهي مرحلة تآكل الردع التي تتصف بفقدان المبادرة والسيطرة على الوضع، وإن الحال في الشمال يهدد إسرائيل بخطر وجودي.

ورد ذلك في مقال تحليلي للواء المتقاعد إسرائيل زيف نشرته "إن 12″، والذي قال إن إسرائيل تتراجع تدريجيا من منطقة الحسم والإنجازات إلى منطقة فقدان المبادرة وحرب الاستنزاف، خاصة بعدما خرج بيني غانتس وغادي آيزنكوت من الحكومة وتركا لإيتمار بن غفير مجالا ليفعل برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ما يشاء.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2لوتان: فرنسا المسكينة وخيبة الآمال في ماكرونlist 2 of 2قائد إسرائيلي سابق: نحتاج إستراتيجية ضد إيران وتفكيك حكم حماس المدنيend of list

وأضاف اللواء زيف أن الكارثة الكبرى لـ"عربة النمر" -والتي قُتل فيها 8 جنود إسرائيليين- تعيد طرح سؤال مهم عن الهدف غير الواضح للحرب، وما الذي يبحث عنه الجيش في رفح؟ وهل توجد لدى مجلس الوزراء الحالي أي سيطرة على الوضع؟

خطر وجودي من الشمال

ويجيب الكاتب عن هذه التساؤلات بقوله إن الحرب تنتقل الآن إلى أخطر مراحلها، موضحا المشاكل التي تواجه الحكومة الإسرائيلية في الشمال، حيث يستمر القصف وتزداد شدته، مما أدى إلى احتراق منطقة الجليل، وهو ما يعني -برأيه- أن الخطر من الشمال يرتفع ليصبح مسألة وجودية.

وذكر الكاتب أن إسرائيل لم تكن يوما تحت قصف بهذه الحدة، وهو ما يعطل حياة نصف الدولة، خاصة أن الخط بين طبريا وحيفا أصبح بالفعل ضمن نطاق القصف.

ووفقا للكاتب، فلن يطول الوقت حتى تكون كل إسرائيل تحت القصف، في حين أن الحكومة الإسرائيلية مشلولة وعالقة في الجانب الخطأ من الحرب، لأنها تستمر في البحث عن "النصر المطلق" في رفح، وهو المكان الأقل أهمية في الحرب حاليا.

لا أهداف عسكرية

وأشار الكاتب إلى أن نتنياهو يحلم بعودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة غير مدرك لخطورة الوضع، في حين أنه يخسر الصفقة الأميركية التي تعد المخرج الوحيد من الحرب والتي يبدو أنها تتلاشى شيئا فشيئا، فبعد رحيل غانتس وآيزنكوت حصل بن غفير على الحرية لمراوغة نتنياهو كما يريد، مشيرا إلى أن الحرب أصبحت حربا سياسية لا تلتزم بأهداف عسكرية دخل بسببها الجيش الإسرائيلي إلى غزة.

وتابع الكاتب أنه ليست هناك نية لتغيير حكم حركة حماس، ولم تعد قضية إعادة المحتجزين في الاعتبار منذ فترة، ولا يهتم بن غفير والحكومة بالشمال، حيث إنه ما زال بعيدا عنهم ولم يصل القصف إلى الخليل، مشيرا إلى أن الحكومة تتجاهل عن عمد تصاعد الخطر الوجودي هناك.

وأوضح الكاتب أن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله -على النقيض من الحكومة الإسرائيلية- يدرك جيدا الفرصة المتاحة له، حيث يوسع مدى القصف لكل شمال البلاد ويزيد تدريجيا المدى، ويزيد كذلك أهداف القصف واستخدام الطائرات المسيرة التي تسبب الفوضى في 40% من إسرائيل حتى الآن، كما أنه -وبالتنسيق مع الإيرانيين- غيّر إستراتيجيته ولم يعد يعمل من منطلق التضامن مع حماس، بل هو الآن يقود إسرائيل إلى حرب استنزاف طويلة الأمد ستضر بشدة اقتصاد البلاد وتُضعف قدرتها على التعافي وتؤثر على الصمود العام لإسرائيل.

المشكلة الكبرى

وأكد الكاتب على أن المشكلة الكبرى الآن في إسرائيل هي القيادة ونتنياهو الذي ليس لديه أي اتجاه أو خطة لحل الوضع المتفاقم، كما أنه يعتمد على رهان مجنون وخطير، حيث يعتزم طعن الرئيس الأميركي جو بايدن في الظهر الشهر القادم في الكونغرس، وهو ما سيكون كارثة لإسرائيل، فهو يراهن على فوز ترامب وما قد يمنحه ذلك من ميزة سياسية -لا نعرف طبيعتها- لنتنياهو، وهو ما يشكل جنونا منفصلا عن واقع الوقت والمكان وثمن الحرب الذي ينعكس سلبا على إسرائيل.

وبيّن الكاتب كيف يمكن أن يؤثر مثل هذا الرهان على إسرائيل، حيث إن الإحباط هو وقود خطير، والإحباطات الحربية كانت دائما مصدرا سياسيا لصعود اليمين المتطرف في أعقابها، فهي اللحظة الكبيرة للقادة المجانين، وهذا هو وقتهم لتوجيه اللوم إلى اليسار والنخب التي تمنع تحقيق النصر المنشود، فمن وجهة نظرهم هذا هو الوقت للهجوم السياسي على اليسار المنهزم، وهو الوقت الذي يبرز فيه زعيم يميني قوي.

أشبه بفيتنام

وشبه الكاتب الماضي بالحاضر، فالإحباط الأميركي من حرب فيتنام الطويلة التي لم تحقق نصرا بل أرجعت الجنود في توابيت ولّد موجات من الاحتجاجات في الشوارع في الستينيات، مما سبب ضغطا شعبيا يهدف لإنهاء الحرب، وعندها صعد الرئيس الأميركي الجمهوري السابق ريتشارد نيكسون في عام 1969 برغبة في تكرار نجاح الرئيس الأميركي السابق دوايت أيزنهاور في إنهاء الحرب الكورية، وذلك على خلفية خطاب غاضب ومليء بالكراهية والإحباط مع الكثير من الوعود التي لم تتحقق، وبسرعة كبيرة أدرك أيضا أن النصر على شمال فيتنام لن يحدث، فأعلن نهاية الحرب في عام 1973، والتي انتهت نهائيا في عام 1975 بعد 19 سنة مليئة بالدماء.

ويلفت الكاتب إلى أن مثل هذه الظروف تجمعت الآن في إسرائيل، فهناك حرب استنزاف مستمرة منذ 8 أشهر، والغضب والاحتجاجات أصبحت أكثر حدة، وهذه كلها ظروف تمهد الطريق لظهور قائد يميني متطرف يمكنه أن يدمر ويحرق إسرائيل والمناطق المجاورة لها، وهو -بحسب الكاتب- "المسيح الكاذب" بن غفير، والذي يتشدد في مطالبه بضرورة تشديد القبضة وضرب "الإرهاب" والتمسك بالنصر الذي هو في "متناول اليد"، وغيرها من الكلمات "الفارغة" التي ليس لديه أيضا أي فكرة عن مضمونها.

بن غفير سيسحق نتنياهو

ويرى الكاتب أن بن غفير لن يصعد بسرعة فقط، بل سيسحق في طريقه معلمه نتنياهو، متنبئا بأن بن غفير قريبا سيعتبر أن نتنياهو ضعيفا ويشكل عقبة أمام النصر الكبير وسيزيحه للوصول إلى السلطة، مشيرا إلى أنه كلما تدهورت حالة إسرائيل ستزداد سهولة وصوله إلى القمة.

واختتم الكاتب مقاله بأن الفرصة الأخيرة للخروج من هذه النهاية هي وزير الدفاع، حيث أثبت يوآف غالانت أنه وزير مسؤول يضع مصلحة أمن الدولة فوق أي اعتبار سياسي أو شخصي، فقد ظل وفيا لأهداف الحرب وإعادة المحتجزين، ولذلك فعليه عدم الاستمرار في هذه الحكومة الأسوأ في تاريخ إسرائيل، أو أن يبادر إلى خطوة خروج إستراتيجية من هذا الجمود، وهو ما يعني أن لدى نتنياهو خيارين فقط، إما أن يختار وزير الدفاع غالانت وينقذ إسرائيل، أو يختار بن غفير الذي سوف يقوم بإزاحته قريبا من الحكم ويقضي بعدها على الدولة.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات ترجمات الرئیس الأمیرکی الکاتب أن بن غفیر وهو ما إلى أن

إقرأ أيضاً:

تعرّف على المنظمة التي تلاحق مجرمي الحرب الإسرائيليين بجميع أنحاء العالم

نشر موقع "موندويس" الأمريكي، تقريرًا، سلّط فيه الضوء على مؤسسة "هند رجب" التي تأسّست عقب استشهاد الطفلة هند رجب في غزة، بقصف للاحتلال الإسرائيلي، مبرزا أنها تسعى لمحاكمة الجنود الإسرائيليين المتّهمين بارتكاب جرائم حرب ضد الفلسطينيين، مستندة إلى أدلة تشمل منشوراتهم على مواقع التواصل الاجتماعي.

وأوضح التقرير الذي ترجمته "عربي21"، أنّ: "الطريقة التي قُتلت بها الطفلة هند رجب مروعة؛ حيث وُجدت بالمقاعد الخلفية من سيارة محطمة، على بعد أمتار من دبابة ميركافا إسرائيلية"، مضيفا: "وُجدت عمتها وعمها مقتولين في المقعدين الأماميين، وأربعة من أبناء عمومتها ينزفون بجانبها".

وتابع: "كانت تتوسل لموظفة فلسطينية على الطرف الآخر من خط هاتف خلوي، وتبكي خوفا، ثم في لمح البصر، تمزقت لأشلاء بوابل طلقات الرشاشات الإسرائيلية"، مردفا: "استشهدت هند رجب قبل سنة، وكانت في السادسة من عمرها، والآن تسعى المؤسسة التي تحمل اسمها إلى تحقيق العدالة".

"ليس فقط من أجل هند، ولكن من أجل عدد لا يحصى من الفلسطينيين الذين قتلتهم إسرائيل في انتهاك للقانون الدولي" بحسب التقرير نفسه.


ملاحقة الجنود كأفراد
أضاف الموقع أن المؤسسة لا تلاحق دولة الاحتلال الإسرائيلي، بل تتبع نهجًا مختلفًا بملاحقة الجنود الإسرائيليين كأفراد. وحدّدت المؤسسة التي تتخذ من بروكسل مقرًا لها، في ملف قدمته إلى المحكمة الجنائية الدولية، في لاهاي، في 8 تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، هويّة ألف جندي إسرائيلي تعتقد أنه يجب على المحكمة مقاضاتهم.

وأبرز التقرير: "استنادًا إلى 8000 دليل، بما في ذلك منشورات الجنود أنفسهم على مواقع التواصل الاجتماعي من غزة المدمرة"، مشيرا إلى أنه: "من الممارسات التي تباهى بها المجنّدون والضباط الإسرائيليون على فيسبوك وإنستغرام وسناب شات وتيك توك وتلغرام وغيرها: القصف العشوائي".

"القتل المتعمد للمدنيين، بمن فيهم العاملون بالمجال الطبي والصحفيون والمدنيون الذين يلوحون بالرايات البيضاء؛ والتدمير الوحشي للمنازل والمستشفيات والمدارس والأسواق والمساجد؛ والتجويع القسري والنهب" أبرز التقرير ما كان يتباهى به المجنّدون والضباط الإسرائيليون.

وأوضح محامي المؤسسة هارون رضا، أنّ: "مؤسسة هند رجب تراقب جرائم الحرب الإسرائيلية في غزة منذ كانون الأول/ ديسمبر 2023، بمساعدة شبكة من النشطاء والمحامين حول العالم"، مضيفا أنّ: "المؤسسة لديها شبكة كبيرة جدًا من المحققين في الداخل والخارج".

وتركز المؤسسة، وفق المحامي نفسه، على حسابات مواقع التواصل الاجتماعي للجنود الذين خدموا في غزة منذ بدء الحرب، قبل خمسة عشر شهرًا، ويقول هارون إنّ: "جميع هؤلاء الجنود لديهم حسابات على التواصل الاجتماعي، وكان العديد منهم يضعون صورًا جماعية ويُظهرون أماكنهم وممارساتهم خلال الحرب".

إلى ذلك، تقوم المؤسسة بتوثيق التواريخ والأوقات والمواقع في غزة، ثم تقارنها مع منشورات أخرى للجنود، سواء مقاطع الفيديو أو الصور.


توثيق الجرائم
ذكر الموقع أن القادة العسكريين الإسرائيليين أمروا الجنود بالتوقف عن التباهي بجرائمهم خوفًا من تعرضهم للاعتقال أو الملاحقة القضائية أثناء سفرهم إلى الخارج.

وقال هارون رضا إنّ: "قيادة الجيش لم تطلب من جنودها رسميًا التوقف عن ارتكاب جرائم الحرب، لكنهم طلبوا منهم التوقف عن نشر تلك الممارسات على مواقع التواصل الاجتماعي، وهذا يعني أن القادة يعرفون ما يفعله الجنود ولا يشعرون بالخجل من ذلك، لكنهم لا يريدون أن يتورط الجنود في أي ملاحقات قضائية".

وأضاف رضا أنه: "من المثير للاهتمام أنهم بدأوا يحذفون كل المنشورات، لكنهم لا يعلمون أن الإنترنت له ذاكرة طويلة وأنه كان هناك ما يكفي من الوقت لتوثيق الجرائم"، مؤكدا أن "المؤسسة لديها قاعدة بيانات ضخمة من المعلومات التي تم التحقق منها أكثر من مرة، وتلك البيانات تشكل أدلة لرفع قضايا ضد الجنود المتورطين".

واسترسل: "من بين ألف جندي وردت أسماؤهم في ملف مؤسسة هند رجب للمحكمة الجنائية الدولية، مجموعة من الضباط والقادة، بما في ذلك ثلاثة وثلاثون جنديًا يحملون الجنسية الإسرائيلية وجنسية أخرى، ومنهم أكثر من عشرة جنود من فرنسا والولايات المتحدة، وأربعة من كندا، وثلاثة من المملكة المتحدة، واثنان من هولندا".

إثر ذلك، أرسلت المؤسسة، قائمة بأسماء الجنود الإسرائيليين إلى عشر دول مختلفة يعتبرها الجنود الإسرائيليون وطنهم الأم، أو يتّجهون إليها بعد انتهاء خدمتهم العسكرية، وهي دول تمارس الولاية القضائية العالمية على أخطر الجرائم الدولية.

وأوضح رضا أنّ: "المؤسسة تقوم بالتحقق من المناطق التي يسافر إليها الجنود المتورطون، ومن نمط الرحلات الجوية الأكثر شيوعًا، ثم رفع قضايا بحقهم"؛ موضحا أنه: "تم تقديم شكاوى في النمسا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا والسويد وتايلاند والإكوادور".

واعتبر رضا أنه: "رغم فشل العديد من محاولات الاعتقال بعد أن تم إبلاغ الجنود بأنهم ملاحقون ونجحوا في الفرار، فإن نجاح عملية الاعتقال مسألة وقت فحسب".

وتستهدف المؤسسة أيضًا المتواطئين والمحرضين على جرائم حرب الاحتلال الإسرائيلي على كامل قطاع غزة، ومن بين هؤلاء جمهور فريق "مكابي تل أبيب" لكرة القدم، الذين قاموا بأعمال شغب بأمستردام في الخريف الماضي، وحاخام ينتمي للواء جفعاتي الإسرائيلي، تفاخر بتدمير أحياء كاملة في غزة، وأيّد قصف المدنيين الفلسطينيين.



شعور زائف بالأمان
أضاف رضا بأن "الجنود الإسرائيليين أصبحوا مثل مجرمي الحرب النازيين الذين هربوا إلى باراغواي أو كندا أو أوروبا وكان لديهم شعور زائف بالأمان"، مؤكدا أن "المؤسسة تتعقبهم وتستطيع مقاضاتهم في حال الذهاب إلى أي دولة ذات اختصاص قضائي عالمي أو أي دولة توافق على ملاحقتهم قضائيًا".

ويعتقد هارون أن "المسؤول عن قتل هند رجب سيمثل أمام العدالة، لأن جرائم الحرب أو الجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم عندما تكون هناك ولاية قضائية عالمية، وهذا يعني أنه حتى لو تم اكتشاف المسؤولين عن الجريمة بعد عشرين سنة، سوف تتمكن المؤسسة من ملاحقتهم".

إلى ذلك، خلص التقرير بأنّ: "القائمون على المؤسسة بأنهم لن يرتاحوا حتى ينالوا من جميع مرتكبي جرائم الحرب في غزة، بمن فيهم المسؤولون عن مقتل هند رجب".

مقالات مشابهة

  • تقدير إسرائيلي: نتنياهو يعوّل على لقاء ترامب لحل العديد من مشاكله المختلفة
  • جنرال إسرائيلي: عروض حماس العسكرية تؤكد أنه لم يتم سحقها وتفكيكها
  • جنرال إسرائيلي: نتنياهو في ورطة والمشاهد القادمة مع غزة حطمت صورة النصر
  • تعرّف على المنظمة التي تلاحق مجرمي الحرب الإسرائيليين بجميع أنحاء العالم
  • هذا الكاتب أكل في أفخم مطاعم العالم وهذه أفضل الوجبات التي تذوقها
  • "فرنسي إسرائيلي" ضمن الرهائن الثلاثة التي ستفرج عنهم حماس غدا
  • يديعوت: هذه هي الملفات التي سيناقشها نتنياهو مع ترامب
  • إعلام إسرائيلي: نتنياهو يبحث وقف صفقة التبادل وإمكانية استئناف القتال
  • ترجيح إسرائيلي بنية نتنياهو التوجه إلى واشنطن بنية استئناف الحرب
  • بن غفير: إسرائيل فشلت فشلاً كاملاً في غزة