جنرال إسرائيلي متقاعد: الحرب تنتقل الآن إلى أخطر مراحلها
تاريخ النشر: 18th, June 2024 GMT
تقول صحيفة "إن 12" الإسرائيلية إن الحرب في غزة تنتقل الآن إلى أخطر مراحلها، وهي مرحلة تآكل الردع التي تتصف بفقدان المبادرة والسيطرة على الوضع، وإن الحال في الشمال يهدد إسرائيل بخطر وجودي.
ورد ذلك في مقال تحليلي للواء المتقاعد إسرائيل زيف نشرته "إن 12″، والذي قال إن إسرائيل تتراجع تدريجيا من منطقة الحسم والإنجازات إلى منطقة فقدان المبادرة وحرب الاستنزاف، خاصة بعدما خرج بيني غانتس وغادي آيزنكوت من الحكومة وتركا لإيتمار بن غفير مجالا ليفعل برئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ما يشاء.
وأضاف اللواء زيف أن الكارثة الكبرى لـ"عربة النمر" -والتي قُتل فيها 8 جنود إسرائيليين- تعيد طرح سؤال مهم عن الهدف غير الواضح للحرب، وما الذي يبحث عنه الجيش في رفح؟ وهل توجد لدى مجلس الوزراء الحالي أي سيطرة على الوضع؟
خطر وجودي من الشمالويجيب الكاتب عن هذه التساؤلات بقوله إن الحرب تنتقل الآن إلى أخطر مراحلها، موضحا المشاكل التي تواجه الحكومة الإسرائيلية في الشمال، حيث يستمر القصف وتزداد شدته، مما أدى إلى احتراق منطقة الجليل، وهو ما يعني -برأيه- أن الخطر من الشمال يرتفع ليصبح مسألة وجودية.
وذكر الكاتب أن إسرائيل لم تكن يوما تحت قصف بهذه الحدة، وهو ما يعطل حياة نصف الدولة، خاصة أن الخط بين طبريا وحيفا أصبح بالفعل ضمن نطاق القصف.
ووفقا للكاتب، فلن يطول الوقت حتى تكون كل إسرائيل تحت القصف، في حين أن الحكومة الإسرائيلية مشلولة وعالقة في الجانب الخطأ من الحرب، لأنها تستمر في البحث عن "النصر المطلق" في رفح، وهو المكان الأقل أهمية في الحرب حاليا.
لا أهداف عسكرية
وأشار الكاتب إلى أن نتنياهو يحلم بعودة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب إلى رئاسة الولايات المتحدة غير مدرك لخطورة الوضع، في حين أنه يخسر الصفقة الأميركية التي تعد المخرج الوحيد من الحرب والتي يبدو أنها تتلاشى شيئا فشيئا، فبعد رحيل غانتس وآيزنكوت حصل بن غفير على الحرية لمراوغة نتنياهو كما يريد، مشيرا إلى أن الحرب أصبحت حربا سياسية لا تلتزم بأهداف عسكرية دخل بسببها الجيش الإسرائيلي إلى غزة.
وتابع الكاتب أنه ليست هناك نية لتغيير حكم حركة حماس، ولم تعد قضية إعادة المحتجزين في الاعتبار منذ فترة، ولا يهتم بن غفير والحكومة بالشمال، حيث إنه ما زال بعيدا عنهم ولم يصل القصف إلى الخليل، مشيرا إلى أن الحكومة تتجاهل عن عمد تصاعد الخطر الوجودي هناك.
وأوضح الكاتب أن الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله -على النقيض من الحكومة الإسرائيلية- يدرك جيدا الفرصة المتاحة له، حيث يوسع مدى القصف لكل شمال البلاد ويزيد تدريجيا المدى، ويزيد كذلك أهداف القصف واستخدام الطائرات المسيرة التي تسبب الفوضى في 40% من إسرائيل حتى الآن، كما أنه -وبالتنسيق مع الإيرانيين- غيّر إستراتيجيته ولم يعد يعمل من منطلق التضامن مع حماس، بل هو الآن يقود إسرائيل إلى حرب استنزاف طويلة الأمد ستضر بشدة اقتصاد البلاد وتُضعف قدرتها على التعافي وتؤثر على الصمود العام لإسرائيل.
المشكلة الكبرىوأكد الكاتب على أن المشكلة الكبرى الآن في إسرائيل هي القيادة ونتنياهو الذي ليس لديه أي اتجاه أو خطة لحل الوضع المتفاقم، كما أنه يعتمد على رهان مجنون وخطير، حيث يعتزم طعن الرئيس الأميركي جو بايدن في الظهر الشهر القادم في الكونغرس، وهو ما سيكون كارثة لإسرائيل، فهو يراهن على فوز ترامب وما قد يمنحه ذلك من ميزة سياسية -لا نعرف طبيعتها- لنتنياهو، وهو ما يشكل جنونا منفصلا عن واقع الوقت والمكان وثمن الحرب الذي ينعكس سلبا على إسرائيل.
وبيّن الكاتب كيف يمكن أن يؤثر مثل هذا الرهان على إسرائيل، حيث إن الإحباط هو وقود خطير، والإحباطات الحربية كانت دائما مصدرا سياسيا لصعود اليمين المتطرف في أعقابها، فهي اللحظة الكبيرة للقادة المجانين، وهذا هو وقتهم لتوجيه اللوم إلى اليسار والنخب التي تمنع تحقيق النصر المنشود، فمن وجهة نظرهم هذا هو الوقت للهجوم السياسي على اليسار المنهزم، وهو الوقت الذي يبرز فيه زعيم يميني قوي.
أشبه بفيتنام
وشبه الكاتب الماضي بالحاضر، فالإحباط الأميركي من حرب فيتنام الطويلة التي لم تحقق نصرا بل أرجعت الجنود في توابيت ولّد موجات من الاحتجاجات في الشوارع في الستينيات، مما سبب ضغطا شعبيا يهدف لإنهاء الحرب، وعندها صعد الرئيس الأميركي الجمهوري السابق ريتشارد نيكسون في عام 1969 برغبة في تكرار نجاح الرئيس الأميركي السابق دوايت أيزنهاور في إنهاء الحرب الكورية، وذلك على خلفية خطاب غاضب ومليء بالكراهية والإحباط مع الكثير من الوعود التي لم تتحقق، وبسرعة كبيرة أدرك أيضا أن النصر على شمال فيتنام لن يحدث، فأعلن نهاية الحرب في عام 1973، والتي انتهت نهائيا في عام 1975 بعد 19 سنة مليئة بالدماء.
ويلفت الكاتب إلى أن مثل هذه الظروف تجمعت الآن في إسرائيل، فهناك حرب استنزاف مستمرة منذ 8 أشهر، والغضب والاحتجاجات أصبحت أكثر حدة، وهذه كلها ظروف تمهد الطريق لظهور قائد يميني متطرف يمكنه أن يدمر ويحرق إسرائيل والمناطق المجاورة لها، وهو -بحسب الكاتب- "المسيح الكاذب" بن غفير، والذي يتشدد في مطالبه بضرورة تشديد القبضة وضرب "الإرهاب" والتمسك بالنصر الذي هو في "متناول اليد"، وغيرها من الكلمات "الفارغة" التي ليس لديه أيضا أي فكرة عن مضمونها.
بن غفير سيسحق نتنياهوويرى الكاتب أن بن غفير لن يصعد بسرعة فقط، بل سيسحق في طريقه معلمه نتنياهو، متنبئا بأن بن غفير قريبا سيعتبر أن نتنياهو ضعيفا ويشكل عقبة أمام النصر الكبير وسيزيحه للوصول إلى السلطة، مشيرا إلى أنه كلما تدهورت حالة إسرائيل ستزداد سهولة وصوله إلى القمة.
واختتم الكاتب مقاله بأن الفرصة الأخيرة للخروج من هذه النهاية هي وزير الدفاع، حيث أثبت يوآف غالانت أنه وزير مسؤول يضع مصلحة أمن الدولة فوق أي اعتبار سياسي أو شخصي، فقد ظل وفيا لأهداف الحرب وإعادة المحتجزين، ولذلك فعليه عدم الاستمرار في هذه الحكومة الأسوأ في تاريخ إسرائيل، أو أن يبادر إلى خطوة خروج إستراتيجية من هذا الجمود، وهو ما يعني أن لدى نتنياهو خيارين فقط، إما أن يختار وزير الدفاع غالانت وينقذ إسرائيل، أو يختار بن غفير الذي سوف يقوم بإزاحته قريبا من الحكم ويقضي بعدها على الدولة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات الرئیس الأمیرکی الکاتب أن بن غفیر وهو ما إلى أن
إقرأ أيضاً:
الحرب العالمية التجارية التي أعلنها ترمب لا تخصنا في الوقت الراهن
اليوم أعلن ترمب الحرب الأقتصادية علي جميع دول العالم وفرض جمارك باهظة علي صادراتها للولايات المتحدة، وهي أكبر سوق في العالم. هذه الجمارك تهز الأقتصاد العالمي، وتربك سلاسل الإمداد وتضرب أسواق أمال العالمية. واهم من ذلك إنها تهدد بتدمير معمار النظام الإقتصادي العالمي الذى ساد منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. وكل هذا ستترتب عليه تحولات جيوسياسية جديدة وتسريع لديناميات أخري ولدت قبل إعلان ترمب الحرب الأقتصادية علي الجميع.
ولكن سياسات ترمب أيضا سيكون لها أثار سلبية باهظة علي الإقتصاد الأمريكي مثل إرتفاع معدلات التضخم، وازدياد العزلة الدولية لأمريكا وتراجع أهمية الدولار حول العالم.
فيما يختص بالسودان، قرارات ترمب لا تاثير لها لانه فرض جمارك علي صادرات السودان جمارك بنسبة ١٠% ولن تؤثر هذه النسبة لا في حجم الصادرات ولا علي أسعارها لان تلك الصادرات أصلا قليلة القيمة في حدود ١٣،٤ مليون دولار في العام السابق، أكثر من ٩٠% منها صمغ لا بديل له والباقي حرابيش حبوب زيتية . كما أن السلع المصدرة لا توجد بدائل لها بسعر أرخص إذ أنها أصلا رخيصة ولا تتمتع بمرونة في السعر ولا الطلب.
كما أن إهتزاز أسواق المال والبورصات وقنوات التمويل الدولي لا تاثير لهم علي السودان لانه أصلا خارج هذه الأسواق وخارج سوق المعونات.
ولكن هذه ليست نهاية القصة لان توجهات ترمب الأقتصادية والسياسية تدفن النظام العالمي القديم وتسرع من وتائر تحولات جديدة في غاية الأهمية. وبلا شك فان موت النظام القديم وميلاد نظام جديد وفوضى الإنتقال سيكون لها تاثير سياسي وإقتصادي علي السودان بسبب تبدل البيئة الدولية التي يعمل فيها السودان السياسي والاقتصادي. ولكن هذه التحولات المضرة لن يتأذى منها السودان مباشرة بل ربما يستفيد منها لو أحسن قادته.
علي سبيل المثال النظام الجديد سيكون متعدد الأقطاب وستنتهي فيه الهيمنة الغربية الأحادية وستزداد مجموعة البريكس أهمية وستزداد أهمية تكتلات أقتصادية أخري أخري في الجنوب العالمي مثل رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، وفي أمريكا اللاتينية السوق المشتركة الجنوبية (ميركوسور)، وفي المستقبل منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية . وجود كل هذه البدائل كشركاء أقتصاديين/تجاريين/سياسيين محتملين يتيح للسودان هامش للمناورة وإمكانية الحصول علي شروط أفضل في تعاطيه الأقتصادي والسياسي مع العالم الخارجي.
ولكن الإستفادة من هذه التحولات يحتاج لرجال ونساء يجيدون صنعة الدولة ولا يقعون في فخاخ ألحس كوعك علي سنة البشير ولا الانبطاح غير المشروط كما حدث في الفترة الإنتقالية التي أعقبت سقوط نظام البشير.
معتصم اقرع
إنضم لقناة النيلين على واتساب