ورش متراصة جنبًا إلى جنب في شارع جانبي ضيق بحي اللبان الشهير بمحافظة الإسكندرية، تفوح منه رائحة المعادن وقد اختلطت برائحة البحر، يكسر صمت المكان صوت لهيب النار الحامية ونداءات العمال الذين اكتست أجسادهم بمياه العرق في مهنة شاقة لا يعرفون سبيلًا للرزق سواها.

حرارة تتجاوز الـ300 درجة مئوية

أمام حرارة تتجاوز الثلاثمائة درجة مئوية يقضي «أيمن سعيد» ساعات النهار كله، لصهر المعادن باختلاف أنواعها، النحاس والألمونيوم والحديد، حتى يتسنى له تشكيلها لتدخل في صناعات مختلفة، عملية شاقة تبدأ بإحماء النار حتى وصولها إلى الدرجة المطلوبة لصهر المعادن.

بعدها يتمّ وضع المعدن المراد صهره داخل الفرن المخصص لذلك، وخلالها يتابع تقليبه حتى يذوب تمامًا كالسائل، يروي الرجل الخمسيني الذي تركت مهنته ندوبًا واضحة على يديه في بداية حديثه لـ«الوطن» ومن خلفه فرن متقد يفوح منه صهدًا يحبس الأنفاس.

تصفية الشوائب من المعدن

عملية صهر المعادن في مسابك الحديد بمنطقة الفراهدة في حي اللبان بالإسكندرية، لا تقف عند مرحلة الانصهار، بل تبدأ بعدها تصفية الشوائب من المعدن حتى يكون صافيا بمواصفات معينة ويبدأ صبها في قوالب لتشكيلها بالشكل الذي يريد في عملية تستغرق نحو 5 ساعات متواصلة، بحسب رواية «أيمن» الذي يعمل في المهنة منذ 20 عامًا، حتى اعتاد على صعوبتها.

معاناة تتضاعف في حر الصيف

«إحنا شغالين صيف شتا، الناس في عز الحر بتستخبى من الشمس وإحنا طول اليوم واقفين في وش النار» بلهجة اسكندراني استكمل الرجل الخمسيني حديثه عن المهنة التي شب وشاب عليها، ولايزال متمسكا بها رغم صعوبتها، للحفاظ على أصول الصنعة رغم المنافسة الشرسة مع المستورد.

قطع غيار الأدوات الصحية والمشغولات النحاسية وقطع غيار السيارات، وغيرها من القطع المعدنية التي تدخل في صناعات مختلفة، كل ذلك يشكّل ملامحه أيادي عمال مسابك المعادن بمنطقة الفراهدة، وفق احتياجات كل مصنع، «بنعمل كل حاجة، كل مصنع ليه احتياجاته ومتطلباته بمواصفات مختلفة» استهل «محمود عثمان» أحد نقاشي المعادن حديثه لـ«الوطن» بتلك الكلمات، مؤكّدًا أنَّ العملية لا تتوقف عند صهر المعادن وتفرزيها وفصل الشوائب عنها، بل يبدأ بعدها عملية الصب في قوالب لختمها وتشكيلها بالشكل الذي يريده، في رحلة تستغرق وقتًا من 3 إلى 4 ساعات تقريبًا.

معاناة أصعب في الشتاء

ليست المشقة فقط في العمل أمام لهيب النيران خلاص فصل الصيف، بل أيضا في العمل خلال فصل الشتاء، إذ يتطلب الأمر حذرًا شديدًا لتجنب سقوط أي قطرة ماء من مياه الأمطار على أفران إذابة المعادن، قد تكلف العامل تلك القطرة حياته بأكملها، «الشتا أسوأ من الصيف، لو الفرن نزلت فيه نقطة مياه ممكن يفرقع في وش العامل وقت تقليب المعدن وتسبب مشاكل كبيرة» يقول الرجل السكندري في وصف صعوبة المهنة والأضرار التي قد يتعرض لها العاملون بها.

مشقة المهنة تزول بمجرد أن يرى العاملون قطع غيار مستخدمة في المنازل من صنع أيديهم، كما يقول «أيمن» حين يرى قطع الخردة تحولت إلى قطع معدنية تدخل في صناعات أساسية مختلفة، «بنحس بأهمية شغلنا وحرفتنا، إزاي حتة الخردة بعد ما دابت بقت قطعة مهمة في كل بيت»، حسب تعبيره.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: المعدن حر الصيف درجة الحرارة حرارة الصيف الاسكندرية

إقرأ أيضاً:

أسعار المعدن الأصفر في الأسواق المحلية

بغداد اليوم – بغداد

تابعت "بغداد اليوم"، أسعار بيع الذهب في الأسواق المحلية بالعاصمة بغداد، اليوم الاحد (2 شباط 2025)، اذ سجل سعر اونصة الذهب 2798 دولارا، بينما سجل سعر الليرة عیار 21 بـ 588 الف دينار عراقي، وسجلت أسعار البيع للمثقال وفق التالي:

مثقال عیار 21 بـــ 588 الف دینار

مثقال عیار 18 بـــ 504 الف دینار 

مثقال عیار 22 بــ  616 الف دینار

مثقال عیار 24 بـــ 672 الف دینار


مقالات مشابهة

  • هل يصبح العام الجاري «الأكثر سخونة»؟
  • التجارة الداخلية بحمص تتفقد واقع إنتاج رغيف الخبز وجودته في عدد من الأفران ‏ومدى التزام أصحابها بالقوانين
  • محافظ الأقصر يبحث خطة دعم الكهرباء لاستقبال “الصيف”
  • التعادل الإيجابي يحسم مباراة إنتر ميلان وميلان
  • إيران والحرب في غزة والتطبيع.. هذه هي الملفات الأكثر سخونة في لقاء نتنياهو وترامب
  • كوتيسا يرفض الانتقال للأهلي.. ويفضل الرحيل في الصيف
  • تنظيم ضبوط تموينية بحق عدد من المخابز المخالفة باللاذقية
  • أسعار المعدن الأصفر في الأسواق المحلية
  • المعدن النفيس يستقر في بغداد وأربيل
  • نجم ريال مدريد يقترب من دوري روشن الصيف المقبل