بوتين: واشنطن تريد فرض نظام استعماري جديد على العالم.. وسنواجه قيودها غير المشروعة
تاريخ النشر: 18th, June 2024 GMT
الجديد برس:
أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن الولايات المتحدة الأمريكية “تحاول إضعاف الاقتصاد الروسي من خلال فرض عقوباتٍ جديدة وزيادة التوتر في روسيا اجتماعياً وسياسياً”.
وفي مقال لصحيفة “نودون سينمون” الكورية الشمالية، عنوانه “روسيا وكوريا الشمالية: تقاليد الصداقة والتعاون عبر السنين”، والذي نشره الكرملين في شبكة الإنترنت، أشار بوتين إلى أن واشنطن وأتباعها “يتحدثون صراحةً عن أن هدفهم هو إلحاق هزيمة استراتيجية بموسكو”.
وأضاف بوتين أن هؤلاء “يبذلون قصارى جهدهم من أجل إطالة أمد الصراع في أوكرانيا وزيادة تأجيجه”، موضحاً أنهم أثاروا هذا الصراع “من خلال دعم الانقلاب المسلح في كييف عام 2014، ثم الحرب في الدونباس”.
وتابع بأن واشنطن وأتباعها “يرفضون كل مرة جميع المحاولات الروسية لحل الوضع سلمياً في أوكرانيا”، فيما “يزودون نظام كييف بالمال والسلاح والاستخبارات، ويدفعونه إلى استخدام السلاح لضرب أهداف مدنية، ويهددون بإرسال وحداتهم العسكرية إلى أوكرانيا”.
وإزاء ذلك، شدّد الرئيس الروسي على أن كل محاولات الغرب لاحتواء روسيا وعزلها “باءت بالفشل، بغضّ النظر عن مدى صعوبتها”.
في سياق متصل، أكد بوتين في مقاله أن واشنطن ترى الرغبة المشروعة للدول الأخرى في الاستقلال “بمنزلة تهديد لهيمنتها في العالم”، مشيراً إلى أن الدول التي لا تتفق مع النهج الأمريكي تواجه ضغوطاً خارجيةً شديدة.
وأضاف أن الولايات المتحدة تريد فرض “نظام دكتاتوري استعماري جديد على العالم”.
“روسيا وكوريا الشمالية ستعملان على تطوير آليات لا يسيطر الغرب عليها”
في المقابل، فإن “روسيا مستعدة للتعاون الوثيق مع كوريا الشمالية من أجل جعل العلاقات الدولية أكثر ديمقراطيةً واستقراراً”، بحسب ما أعرب عنه الرئيس الروسي في مقاله.
وأعلن بوتين في هذا الإطار، أن موسكو وبيونغ يانغ “ستعملان على تطوير آليات دفع لا يسيطر عليها الغرب”، مؤكداً أنهما “ستواجهان القيود (الأمريكية والغربية) غير المشروعة بصورة مشتركة”.
وفي إبداء للتقارب بين البلدين، شدّد بوتين على أن بلاده “تقدر عالياً دعم كوريا الشمالية الثابت للعملية العسكرية الروسية الخاصة في أوكرانيا”.
في السياق نفسه، أكد الرئيس الروسي أن موسكو “ستواصل دعمها لشعب كوريا الشمالية في المواجهة مع الولايات المتحدة من أجل حقه في اختيار التنمية باستقلالية”، مشدداً على أن “الشعب الكوري الجنوبي يناضل من أجل حريته وسيادته وتقاليده الوطنية”.
وإذ أعلن أن الطرفين “سيعملان على تطوير التعاون الإنساني وزيادة الرحلات السياحية المتبادلة والتبادل الثقافي”، فإنه أكد أيضاً أن بيونغ يانغ “حققت إنجازاتٍ هائلة واختراقاتٍ حقيقية في تعزيز القوة الدفاعية وغيرها من المجالات”.
كذلك، أعلن بوتين في مقاله للصحيفة الكورية الشمالية عزمه على “بناء هيكل للأمن المتكافئ وغير القابل للتجزئة في أوراسيا”.
يُذكر أن ما أدلى به الرئيس الروسي في مقاله يأتي قُبيل زيارته إلى كوريا الشمالية وفيتنام، المقررة أن تستمر يومين، بدءاً من اليوم الثلاثاء حتى الخميس.
وسبق أن أعلن السفير الروسي لدى كوريا الشمالية، ألكسندر ماتسيغورا، أن الاستعدادات لزيارة بوتين إلى بيونغ يانغ جارية، فيما قال مساعد الرئيس الروسي، يوري أوشاكوف، إن من المنتظر توقيع اتفاقية شراكة استراتيجية شاملة بين البلدين عقب الزيارة.
وكان الرئيس الروسي قد قبِل دعوة نظيره الكوري الشمالي كيم جونغ أون لزيارة كوريا الشمالية، وذلك خلال القمة التي جمعتهما في روسيا في سبتمبر الماضي، على أن تتم الزيارة “في الوقت الذي يجده بوتين مناسباً”.
وعُقدت القمة في قاعدة “فوستوشني” الفضائية في فلاديفستوك شرقي روسيا، والتي وصل إليها كيم مستقلاً القطار، إذ أجرى الرئيسان محادثات بشأن العلاقات التجارية والشؤون الدولية.
وفي حين أكد الرئيسان أهمية العلاقات الاستراتيجية بين بلديهما والعمل على تطويرها، أبدت واشنطن قلقاً من المحادثات، إذ أعرب منسق الاتصالات الاستراتيجية في مجلس الأمن القومي جون كيربي عن “مخاوف حيال أي علاقات دفاعية مزدهرة بين كوريا الشمالية وروسيا”.
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: کوریا الشمالیة الرئیس الروسی فی مقاله من أجل على أن
إقرأ أيضاً:
بوتين مستعد لتقسيم العالم بسكين سلمها له ترامب
ترجمة: أحمد شافعي -
تعمل واشنطن وموسكو على إصلاح العلاقات بينهما بسرعة فائقة، لا تضاهيها إلا السرعة التي تعمل بها إدارة ترامب على التحطيم في الداخل. فبعد اجتماع مع وزير الخارجية ماركو روبيو في المملكة العربية السعودية في الثامن عشر من فبراير، قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف: إن الجانبين قررا «القضاء على العوائق» الحائلة دون تحسين العلاقات الثنائية، وهي عبارة بثت الرعب في أوصال المنفيين الروس -وأنا منهم- ممن سعوا إلى ما بدا لهم في حينه وكأنه ملاذ آمن في الولايات المتحدة.
بالطبع، ينصب اهتمام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على ما يفوق محض مجموعة من المنفيين السياسيين، كما أن مفاوضاته مع الرئيس ترامب بشأن أوكرانيا لا تتعلق بأوكرانيا فحسب، فما يريده بوتين لا يقل عن إعادة تنظيم العالم، كما فعل جوزيف ستالين بالاتفاقيات التي توصل إليها مع فرانكلين دي روزفلت وونستون تشرشل في مدينة يالطا بشبه جزيرة القرم في فبراير 1945. وبوتين يريد تقسيم العالم منذ فترة طويلة. والآن، أخيرا، يسلمه ترامب السكين.
كيف لي أن أعرف أن بوتين يريد هذا؟ لأنه قال ذلك بنفسه. ففي الواقع، هو ولافروف وكادر من مسؤولي الدعاية في الكرملين والمؤرخين المعنيين بإعادة كتابة التاريخ لم يسكتوا عن اتفاقية يالطا منذ أكثر من عقد من الزمان. فبعد ضم شبه جزيرة القرم بشكل غير قانوني في عام 2014، ألقى بوتين كلمة في تجمع للاحتفال بالذكرى السبعين للاتفاقية، وتوج ذلك بإزاحة الستار عن نصب تذكاري لقادة الحلفاء الثلاثة.
ويتجاوز احترامه لاتفاقية يالطا تمجيد الاتحاد السوفييتي العظيم الغابر وزعيمه ستالين، إذ يعتقد أن الاتفاقية التي توصل إليها الزعماء الثلاثة ـ فاحتفظ الاتحاد السوفييتي بموجبها بثلاث دول ضمها من دول البلطيق إلى جانب أجزاء من بولندا ورومانيا، ثم ضمان الهيمنة على ست دول في شرق ووسط أوروبا وجزء من ألمانيا ـ هي الإطار الشرعي الوحيد للحدود والأمن الأوروبيين. وفي فبراير، بينما كانت روسيا تحتفل بالذكرى الثمانين للاتفاقية، وتستعد للجلوس مع إدارة ترامب، كرر لافروف والمؤرخون الرسميون في روسيا هذه الرسالة في مقال تلو الآخر.
ففي هذا الأسبوع، جلس ألكسندر دوجين، الذي يقدم نفسه باعتباره فيلسوفا، ويزود بوتين باستمرار باللغة الإيديولوجية لدعم سياساته، في مقابلة طويلة مع جلين جرينوالد، الصحفي الأمريكي اليساري السابق. فأوضح دوجين بلطف لماذا قامت روسيا بغزو أوكرانيا، والسبب الذي طرحه هو أن روسيا أرادت وكان لزاما عليها أن تستعيد ممتلكاتها الأوروبية السابقة، ولم يمكنها واقعيا إلا محاولة احتلال أوكرانيا فقط. كما عرض مسارات محتملة لإنهاء الحرب. وقال إن روسيا سوف تطلب على أقل تقدير تقسيم أوكرانيا ونزع سلاحها ونزع طابع النازية عنها. وكان يستخدم عمدا اللغة التي استخدمها الحلفاء في يالطا لوصف ألمانيا.
وفي موقع (إكس)، الذي شهد نشاطا مفرطا من دوجين في الأسابيع الأخيرة، كان أجرأ من ذلك. ففي الفترة السابقة لانتخابات الأسبوع الماضي في ألمانيا، كتب يقول: «صوّتوا لحزب (البديل من أجل ألمانيا) وإلا سنحتل ألمانيا مرة أخرى ونقسمها بين روسيا والولايات المتحدة». (وقد أرسل لي صديق صحفي ألماني صورة للمنشور يسألني عما إذا كان حقيقيا - فالصحفيون الألمان أقل اعتيادا من الصحفيين الروس على ما لا يمكن تصوره).
يدرك الرئيس الأوكراني فلوديمير زيلينسكي ضخامة التهديد، لا لبلده فقط ولكن لأوروبا، التي تمثل لها أوكرانيا منطقة عازلة مميتة. ولكن يوم الجمعة، عندما حاول التحدث عن هذا التهديد خلال اجتماع في المكتب البيضاوي، غضب ترامب ونائبه جيه دي فانس غضبًا شديدًا. وصاحا فيه، مطالبين إياه بالاعتراف بعجزه والانحناء امتنانًا. وانهارت المحادثات.
فماذا يحدث لأوكرانيا الآن؟ قبل زيارة زيلينسكي لواشنطن، كان السيناريو الأفضل هو أن توافق روسيا على وقف إطلاق النار في مقابل ما يقرب من 20% من الأراضي الأوكرانية التي تحتلها حاليًا. ومن شأن هذا أن يترك ملايين المواطنين الأوكرانيين ـ ممن يعيشون في الأراضي المحتلة وممن نزحوا شرقًا ـ تحت الحكم الروسي. والآن يبدو أن هذه النتيجة، التي كانت غير مرجحة أصلا، شبه مستحيلة. فنحن الآن في عالم أسوأ السيناريوهات، حيث من الممكن أن نتخيل بوتين يشن هجوما متجددا ضد أوكرانيا، ساعيا إلى الهيمنة الكاملة، وهذه المرة بمساعدة نشطة من الولايات المتحدة.
ولا يريد بوتين العودة إلى القرن العشرين فحسب. فهو هناك بالفعل، وعلى كل من يبحث عما قد يحدث بعد ذلك أن يلجأ إلى هذا الموضع، وتحديدًا إلى عام 1938 حينما توسط رئيس الوزراء البريطاني نيفيل تشامبرلين ـ الذي كان يتصور نفسه مفاوضًا عبقريًا وخبيرًا في كل شيء ـ في اتفاقية أعطت سودتنلاند لهتلر، وهي منطقة من تشيكوسلوفاكيا. وفي المقابل، تصبح بقية أوروبا في ظاهر الأمر آمنة من العدوان الألماني، وبعد عام من توقيع اتفاقية ميونخ المترتبة على ذلك، قامت ألمانيا بغزو بولندا وبدأت الحرب العالمية الثانية رسميا.
فعندما هدد ترامب الغاضب زيلينسكي باحتمال اندلاع حرب عالمية ثالثة، ربما كان يعقد مقارنة تاريخية أدق كثيرًا مما كان يدرك.
ولكن، ما الذي سيحدث إذا أطلقت روسيا عدوانها ضد أوروبا، دون رادع من الولايات المتحدة بل حتى بمساعدة منها؟ من المستحيل التنبؤ بالخطوط العريضة الدقيقة للكارثة الوشيكة، فلن يبدو العالم شبيها بالعالم ثنائي القطب في النصف الثاني من القرن العشرين. ومن المؤكد أيضًا أنه لن يبدو شبيها بالعالم الذي نعيش فيه وتشعر فيه شعوب معظم دول العالم الغنية بالأمان.
أتذكر أنني قرأت عن حياة المنفيين في باريس في ثلاثينيات القرن العشرين. حيث مضى اليهود والشيوعيون الألمان -الذين فروا بحياتهم- يراقبون العالم وهو يعيد ترتيب نفسه. انقلبت الأحزاب السياسية التي كانت مناهضة للفاشية بين عشية وضحاها، واتخذت مواقف تتراوح بين الاسترضاء والاحتضان الكامل.
أشاح القادة الفرنسيون والبريطانيون أنظارهم بعيدا بينما كان هتلر يختبر قوته خارج ألمانيا. ومع تهميش مناهضة الفاشية، أصبحت معاداة السامية هي السائدة. وانصب اللوم على ضحايا هتلر في سوء حظهم. في معظم الأيام الآن، أتواصل مع أصدقاء من روسيا أو بيلاروسيا في المنفى يعانون من نوع مرعب من شعور (الدجا فو). فلعل صدمة أكبر من صدمة أصدقائنا الأمريكيين من السرعة التي أصبح بها الأثرياء والأقوياء، مثل: جيف بيزوس مالك صحيفة واشنطن بوست، داعمين للترامبية، وكيف أن الهواء نفسه يبدو وكأنه يتغير، حتى يصبح زيلينسكي فجأة، برؤيته الواضحة ومبادئه الثابتة، وكأنه الشاذ عن الطبيعي.
لقد رأينا كل هذا من قبل، وهذا من أسباب شعورنا بالصدمة: فقد رأينا إلام انتهت الأمور. ومن الأسباب أيضا أننا لم نتوقع أن يحدث هذا في الولايات المتحدة. فقد كنا نعتقد أن بلادنا عرضة بشكل خاص للتشويه السياسي بسبب تاريخها الطويل من الحكم الشمولي. وقد عبرت عن ذلك المنفية الروسية الشابة كسينيا ميرونوفا بقولها إنه «كان من الجيد أن نعرف أن هناك بلدًا واحدًا مسؤولوه، قد لا يكونون محبوبين، لكنهم على الأقل عقلاء». وأهم من ذلك أنه كان من الجيد الاعتقاد بأن المجتمع نفسه عاقل.
ميرونوفا صحافية تبلغ من العمر ستة وعشرين عامًا، اضطرت إلى الفرار من روسيا في منتصف الليل قبل ثلاث سنوات، وخطيبها مسجون في مستعمرة يقضي عقوبة مدتها اثنان وعشرون عاما بتهمة الخيانة العظمى، وقد عبرت بست دول قبل أن تجد مأوى في نيويورك ضمن برنامج سينمائي، وقد كانت تحسب أن ولادتها في روسيا محض حظ سيئ. والآن، يبدو على نحو متزايد أن العالم كله مكان سيء أينما كان مولدك فيه. ففي بداية الفصل الدراسي الربيعي، تلقت ميرونوفا رسالة بريد إلكتروني تبلغها بإيقاف تمويلها نتيجة لأحد أوامر ترامب التنفيذية. فإلى أين تذهب؟ ليس العودة إلى روسيا خيارًا مطروحًا. وفي حال انحياز ترامب لبوتين، لن تكون الولايات المتحدة خيارًا مطروحًا هي الأخرى.
«وحتى المريخ سوف يستعمره ماسك» حسبما قالت ميرونوفا.
ماشا جيسن صحفي روسي من كتاب الرأي في نيويورك تايمز
خدمة نيويورك تايمز