«الأزهر» يفتي بحرمة تصفح «دارك ويب».. ويطلق حملات لتوعية النشء
تاريخ النشر: 18th, June 2024 GMT
حذر الأزهر الشريف من «الإنترنت المظلم» أو ما يطلق عليه «دارك ويب» Dark Web، بوصفه مساحة غير مرئية على الإنترنت لا يمكن الوصول إليها من خلال محركات البحث العادية، ويتطلب الوصول إلى هذا الفضاء المحفوف بالمخاطر استخدام برامج وتقنيات خاصة.
وقال مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، فى بيان، إن أقل ما يمكن أن توصف به محاولة المواقع «الدارك ويب» المشبوهة المعنية بصناعة الجريمة أو تصفحها وحضور بَثِّها الآثم من باب التسلية هو الحُرمة، بخلاف وقوع المشارك فيها تحت طائلة القانون، أما مجاراة ما فيها من جرائم بشعة، والاشتراك فى إثمها، وتنفيذ ما يطلبه شياطينها رغبة فى الثراء السريع؛ لهى جرائم خسيسة دنيئة، ينبغى ألا يفر مرتكبها من المحاسبة والعقوبة.
وأعلن المركز أنه بصدد استكمال نشاطاته التوعوية التى بدأها منذ فترة، وتدشين سلسلة جديدة من حملات إلكترونية وميدانية مكثفة بالتعاون مع قطاعات الأزهر الشريف والمؤسسات المعنية بنشر الوعي؛ تستهدف حماية النشء والشباب فى المراحل التعليمية المختلفة من مخاطر الاستخدام السيئ والخاطئ للتكنولوجيا والإنترنت. وطالب مركز الأزهر أولياء الأمور فى البُيوت، والمُعلمين فى قطاعات التَّعليم ومراحله بأن يواجهوها، وأن يوجِّهوا أولادنا لما فيه سلامتهم، وأن يَحُولوا بينهم وبين إيذاء أنفسهم أو غيرهم.
فيما قال مرصد الأزهر، فى التقارير التى أصدرها بشأن «دارك ويب»، إنّ الإنترنت المظلم يُستخدم لأغراض أغلبها غير مشروعة، حيث يـُعد بيئةً خصبةً لانتشار الجرائم، إذ تُتيح السرية وإخفاء المستخدم التى يتسم بها هذا الفضاء للمستخدمين ارتكاب جرائمهم ما بين تجارة غير مشروعة وابتزاز وانتهاكات لخصوصيات الآخرين وغيرها دون خوف من الملاحقة القضائية.
واستعرض مرصد الأزهر أشكال الجرائم التى ترتكب من خلال الإنترنت المظلم كتجارة المخدرات والأسلحة، التى تعد من أكثر الجرائم انتشاراً على الإنترنت المظلم، ويمكن للمستخدمين شراء أى نوع من المخدرات أو الأسلحة باستخدام العملات الرقمية، مثل بيتكوين دون الكشف عن هوياتهم، وتعد الاعتداءات الجنسية إحدى أبشع الجرائم على الإنترنت المظلم؛ حيث يُمكن للمستخدمين العثور على صور ومقاطع فيديو لاعتداءات جنسية بخاصة الاعتداءات على الأطفال بغرض التلذذ وربما الابتزاز، وتجارة الأعضاء البشرية، حيث يُعد ساحة لهذه التجارة غير المشروعة يتجمع من خلالها التجار والراغبون فى بيع أو شراء أعضاء بشرية، ومن خلاله يتم رسم مخططات لجرائم قتل بهدف توفير أعضاء بشرية للاتجار فيها وعرضها، وبيع المواد الإباحية، كما يقوم أشخاص بتصوير أفلام مخلة لهم وينشرونها على هذه المنصة مقابل أموال باهظة، وتأجير أشخاص لتنفيذ جرائم وعمليات إرهابية، وممارسة أفعال سادية، مثل بث مباشر لعصابات اختطفوا أشخاصاً، ويبدأ مزاد بدفع أموال طائلة تصل إلى آلاف الدولارات، لمن يدفع أكثر لاختيار الطرق التى سيقتل بها الضحية المختطف، أو تصوير مقاطع مصورة توثق عمليات قتل بشعة لأحد الأشخاص وبيع تلك المقاطع بمبالغ باهظة، والابتـزاز والاحتيال، حيث يُمارس المبتزون والمحتالون نشاطهم على الإنترنت المظلم، مُستغلين سرية البيئة لسرقة المعلومات الشخصية والبيانات المالية من الضحايا، وغسل الأموال، يستخدم الإنترنت المظلم لغسل الأموال المُستمدة من الأنشطة غير القانونية مثل تجارة المخدرات والاتجار بالبشر.
واستعرض مرصد الأزهر مخاطر وتحديات الإنترنت المظلم على الأمن المجتمعى، للإنترنت المظلم مجموعة من المخاطر التى تجعل منه تحدياً يستلزم العمل على مواجهته والتصدى له بكل حسم حفاظاً على أمن المجتمعات، ومن هذه المخاطر تهديد الأمن القومى، إذ تشكل جرائم الإنترنت المظلم تهديداً خطيراً للأمن القومى، إذ يمكن استخدامها لنشر الدعاية المتطرفة والتخطيط لهجمات إرهابية تضرب أمن البلاد وتتسبب فى تهديد الاستقرار فى المجتمع، إلحاق الضرر بالأفراد والمجتمعات.
وقدم مرصد الأزهر عدداً من التوصيات لأبرزها ضرورة تعظيم الاستفادة ينبغى من الفرص التى تتيحها لنا التكنولوجيا مع الأخذ فى الاعتبار التحديات التى تفرضها علينا هذه التطورات الهائلة، مع أهمية التصدى لأخطار الإنترنت المظلم، من خلال: زيادة الوعى بمخاطر جرائم الإنترنت المظلم، خاصةً بين الشباب، ودعم البحث والتطوير فى مجال تقنيات مكافحة جرائم الإنترنت المظلم، والتعاون الدولى ومشاركة المعلومات وتطوير الاستراتيجيات المشتركة لمكافحة جرائم الإنترنت المظلم، فضلاً عن تعزيز التعليم والتثقيف، بهدف ترسيخ قيم الديمقراطية والتسامح والاحترام والحث على الاستفادة من التكنولوجيا والاكتشافات الحديثة باعتبارها عوامل بناء لا هدم وتنمية لا تدمير وأسباب للتقدم والازدهار لا للإفساد والانحرافات.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: دارك ويب الدارك ويب الانترنت الجرائم الإلكترونية على الإنترنت مرصد الأزهر
إقرأ أيضاً:
22 نوفمبر خلال 9 أعوام.. أكثر من 20 شهيدًا وجريحًا في جرائم حرب لغارات العدوان السعودي الأمريكي على اليمن
يمانيون../ واصل العدوانُ السعوديُّ الأمريكي، في مثل هذا اليوم 22 نوفمبر خلال عامي، 2015م، 2016م، و2021م، ارتكابَ جرائم الحرب والإبادة الجماعية، والتهجير والتشريد لعشرات الأسر، من منازلها، بغاراته الوحشية، وقنابله العنقودية المحرمة دولياً وقصف مدفعية وصواريخ مرتزقته على الأحياء السكنية، وتجمعات النازحين، والمزارع والممتلكات، في صعدة والحديدة، وإب.
أسفرت عن 5 شهداء بينهم جنين، وأكثر من 15 جريحاً، بينهم نساء وأطفال، وتدمير عدد من المنازل، ومضاعفة معاناة أهالي وأسر الضحايا، ومشاهد مأساوية يندى لها جبين الإنسانية.
وفيما يلي أبرز التفاصيل:
22نوفمبر 2015..9 شهداء وجرحى بينهم أطفال بغارات العدوان على منزل الشيخ رشاد الشبيبي بإب:
في مثل هذا اليوم 22 نوفمبر 2015م، أضاف العدوان السعودي الأمريكي، جريمة حرب وإبادة جماعية إلى سجل جرائمه بحق الإنسانية في اليمن، مستهدفا منزل الشيخ رشاد الشبيبي في مديرية حبيش بمحافظة إب، بغارته الوحشية، التي أسفرت عن محو أسرة بأكملها في لمح البصر، ثلاثة أرواح بريئة، بينهم أطفال، ارتقت إلى بارئها، فيما جرح ستة آخرون بجروح بليغة، ليرسموا لوحة مأساوية لا تُنسى، وبصمة عار في جبين الأعداء.
داخل المنزل المستهدف، كانت حياة أسرة الشبيبي تسري ببساطة، حتى حولّت الغارات، جدران المنزل البيضاء وسقوفه المنقوشة، واعمدته ولبناته، إلى كومة دمار، بداخلها أشلاء ممزقة وطفولة موءودة، وصرخات أرواح خافته، ودخان وغبار متصاعد وألسنة لهب تنشب، ورائحة الموت والبارود، ومشاعر وأحلام دمرت.
محتويات المنزل من الملابس والمواد الغذائية والمنزلية، وألعاب الأطفال ودفاترهم وحقائبهم وعلب الألوان، مبعثرة بين الأنقاض، وشاهد على فرحة ضاعت وطفولة قُتلت، وأسرة مزقت، صرخات الأمهات الحائرات اختلطت بأنين الجرحى، في مشهد يدمي القلوب ويستفز الضمير الإنساني.
لم تكن هذه الغارات مجرد هجوم عسكري، بل كانت جريمة حرب بكل المقاييس، استهدفت المدنيين العزل في بيوتهم، وخلفت وراءها جروحاً غائراً لا تندمل في نفوس ملايين اليمنيين، فكيف لأطفال أبرياء أن يدفعوا ثمن عدوان يريد احتلال أرضهم ونهب مقدرات شعبهم وإبادة أهالهم معهم، فيما هم غير مدركين لما يدور من حولهم.
تلك الليلة، لم تعد مجرد ليلة، بل أصبحت ذكرى مؤلمة محفورة في ذاكرة الأهالي، وستظل تلاحقهم طويلاً، فمن سيرد لأولئك الأطفال ضحكاتهم، ومن سيجبر قلوب الأمهات الحزينة؟
يقول الناجين من أبناء الشبيبي وهو فوق أنقاض منزله: “استهداف العدوان لمنزل الوالد لا يزيدنا إلا قوة وبأس وصمود ، ونقول للمرتزقة أن التأريخ لن يرحم”.
إنها قصة إنسانية مؤثرة، تفضح وحشية العدوان وتكشف عن حجم المعاناة التي يعيشها الشعب اليمني جراء استمراره، فهل ستظل صرخات الضحايا صامتة؟ وهل ستبقى الجرائم التي ترتكب بحق المدنيين دون عقاب؟ بل لا بد أن يأتي يوم ينال فيه المجرمون عقابهم، ويحاسب فيه كل من تسبب في هذه المأساة الإنسانية، ويفرض الشعب اليمني شروطه، ويأخذ العدل بقوته وصموده.
22نوفمبر 2016.. عدداً من الجرحى في جريمتي حرب لغارات وعنقوديات العدوان على صعدة:
وفي 22 نوفمبر، تشرين الثاني، 2016م، ارتكب العدوان السعودي الأمريكي جريمتي حرب جديدتين، بحق المدنيين والأعيان المدنية، في محافظة صعدة، بغارات طيرانه الوحشي وصواريخها المدمرة وقنابلها العنقودية المحرمة دولياً، استهدفت بشكل مباشر منازل المواطنين بمنطقة قحزة طرف المدينة، والطريق العام الرابط بين منطقة مران ومديرية حيدان.
قحزة: 5 جرحى بعنقوديات محرمة دولياً
الجريمة الأولى، بغارات عنقودية استهدفت منازل المواطنين بمنطقة قحزة، أسفرت عن عن 5 جرحى مدنيين، وترويع الأهالي، وتقييد حركتهم أمام العنقوديات الملقاة على أسطح منازلهم ومزارعهم وممراتهم وطرقاتهم ومراعي مواشيهم، في جريمة مركبة تغتال حياة الأبرياء، بشكل مفاجئ.
يقول أحد الأهالي وهو يلقي من يديه قالب حديدي عملاق لقنبلة عنقودية أفرغت من محتوياتها: “هذا ما أطلقته طائرات العدوان على منازل وممتلكات المواطنين في منطقة قحزة، تضرر منها كثير من المواطنين، فهل المدنيين أهداف عسكرية يستهدفون بأسلحة محرمة دولياً، إذا كان بينهم رجولة ونخوة بيننا وبينهم الحدود، اما استهداف الأطفال والنساء فهذا جبن، توزعت القنابل على مسافة كم وجرح منها 5، و8 سيارات، والكثير من القنابل لا تزال مزروعة في الأرض”.
أثناء رصد الأضرار يعاود طيران العدوان ليستهدف منازل النازحين في المنطقة، ويقول محافظ المحافظة محمد جابر عوض: “في كل يوم وكل لحظة يضرب العدوان المدنيين، وهذه المنطقة التي نزح إليها المواطنين من ارجاء محافظة صعدة، لكن هيهات للعدو ولن يوهن من عزائم الرجال الذين سيردون عليه بالنقاء في الجبهات الحدودية وسيكون الرد مزلزل عن كل قطرة دم تسفك ومنزل يدمر”.
كما يقول أحد المواطنين: “سلمان الجبان يهرب من الجبهات ويرجع يقاتلنا في الحارات، وداخل المنازل نساء وأطفال، والله لا نقاتله ونذيقه الموت الزعاف من بنادقنا في الجبهات، والآن ها هو الضرب مستمر من منتصف الليل بصواريخ عنقودية”.
حيدان: غارات تقطع شريان الحياة وعدداً من الجرحى
وفي الجريمة الثانية، أستهدف طيران العدوان شريان الحياة في المنطقة الرابطة بين مران وحيدان، أسفرت عن توقف حركة المرور، وحرمان آلاف الأسر من الوصول إلى مناطقها، وقراها، ودخول المواد الغذائية إليها، وتمكنها من اسعاف الجرحى والمرضى، ما ضاعف معانتهم المعيشية.
يقول أحد المواطنين: “كنا محملين حجار على القلاب، وما سمعنا غير الضربة، وابتعدنا من المكان وعاود الطيران واستهدف القلاب، وكنا 6 عمال جرح بعضنا بشظايا”.
تعتبر هذه الجرائم انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني والقانون الدولي لحقوق الإنسان، وتندرج تحت بند جرائم الحرب وجرائم الإبادة الجماعية والجرائم المركبة. فاستخدام القنابل العنقودية ضد المدنيين والأعيان المدنية يعتبر جريمة حرب، كما أن استهداف الطرقات والمناطق السكنية بشكل عشوائي يمثل انتهاكاً صارخاً لمبدأ التمييز بين الأهداف العسكرية والمدنية.
تتسبب هذه الجرائم في معاناة إنسانية هائلة للمدنيين في صعدة، حيث يعيشون في ظل الخوف والرعب من الغارات والقصف المستمر، ويتعرضون للتشريد والنزوح، ويفتقرون إلى أبسط الخدمات الأساسية، كما أن القنابل العنقودية تشكل تهديداً مستمراً لحياة المدنيين، حيث تبقى هذه القنابل غير منفجرة في الأرض لسنوات عديدة، وتنفجر عند لمسها ما يتسبب في شهداء وجرحى وجرائم إضافية مروعة.
إن ما يحدث في صعدة وسائر المحافظات اليمنية هو جريمة ضد الإنسانية يجب ألا تمر دون عقاب، وتدعوا العالم أن يقف صامداً في وجه هذه الجرائم، وأن يعمل على تحقيق العدالة والسلام في اليمن، وتحمل المجتمع الدولي والأمم المتحدة مسؤولية ازدواجية المعايير الإنسانية والقانونية والحقوقية والمتاجرة بمعاناة الشعب اليمني لتحقيق أجندة القوى المهيمنة عليها، على حساب استدامة معاناة المدنيين، وأسر وذوي الضحايا.
22نوفمبر..3شهداء وجرحى بينهم أم وجنينيها بقصف مدفعية مرتزقة العدوان على منزل المواطن شريان بالحديدة:
وفي الثاني والعشرين من نوفمبر 2021م، ارتكب مرتزقة العدوان السعودي الإماراتي والأمريكي، جريمة حرب هزت وجدان الضمير العالمي، باستهداف منزل المواطن عبدا لله شريان، بقرية المرير مديرية حيس، بقذائف صاروخية ومدفعية، أسفرت عن استشهاد رجل وجنين في بطن أمه وجرحها بجروح خطيرة، في مشهد مأساوي يدمي القلوب، ودمار واسع في المنزل، ونفوق المواشي، واضرار في ممتلكات الأهالي وترويعهم، وموجة من النزوح والتشرد والحرمان نحو المجهول، ومضاعفة المعاناة، وتخويف النساء والأطفال.
قبل القصف كانت أسرة شريان تعيش حياته المعتادة بسعادة وأمان واستقرار وطمأنينة، تنتظر الأيام القليلة لقدوم مولودها الجديد، وعند اجتماع الأسرة لتناول وجبة الغداء، قصف مرتزقة العدوان المنزل، بقذائف المدفعية، التي حولت حياة الساكنين إلى مشهد دمار وشظايا ودماء وجراحات وارواح بريئة تزهق دون ذنب، وصرخات وبكاء ودموع، وتوافد الأهالي لرفع النقاض وانتشال الجثث وأخارج الجرحى.
أيام الحمل كانت تمر بروتينها الممل فيما عبدالله وسميرة يتخيرون أسم طفلهم القادم، وآملهم ومستقبلهم، الأم تحيك ملابسه بيدها وتجمع على ظهر إبرة الخياط الألوان الوردية والحمراء والخضراء والبيضاء وكل أطياف البراءة والشوق، وترسم على قميصه أسمه وأسم والده واسمها في قلب واحد ، وتنقش كوفيته التي ستقيه من البرد لتضع في مقدمتها عبارات تقيه العين والحسد ، وتجهز البخور ، في ما عبدالله يجهز المصاريف المالية، ويشتري اللعب ويتخيل كل يوم أبنه الصغير وهو يلعب في حديقة المنزل ، وكيف سيكون مستواه في الدراسة، وما سيكون في المستقبل ، وأحلام بريئة كأحلام كل أب حنون ينتظر ولادة لحظات يدعى بين القوم بأبو فلان ، ولا بفلان ، لكن العدوان وأد كل هذه الأحلام قبل ولادتها.
“كان عبدالله يراقب زوجته وهي تحيك ملابساً صغيرة لطفلهما المنتظر. ابتسامة عريضة رسمت على وجهه وهو يتخيل ابنه يرتدي هذه الملابس الملونة، كان يحلم بأن يعلمه كل ما يعرفه، وأن يجعله رجلاً صالحاً، أما سميرة، فكانت تلمس بطنها بحنان، وتتحدث إلى جنينها بصوت هادئ، كانت تتمنى أن يكبر في كنف أسرة سعيدة، وأن يحقق كل أحلامه، ولكن العدوان شاء أن تتحول هذه الأحلام إلى رماد، في لحظة واحدة.”
“كانت سميرة تجلس بجانب جسد زوجها الجريح على الأرض، تراقب أنفاسه الأخيرة، دمعات ساخنة تسيل على وجنتيها، وهي تتذكر اللحظات الجميلة التي جمعتهما، كانت تحلم بأن يشكلا معًا أسرة سعيدة، وأن يربيا طفلهما معًا، لكن العدوان كان له رأي آخر، أمسكت بيديه الباردتين، وهمست في أذنه، لا تفارقنا يا عبدالله أنتظر انا بخير الجنين سيعيش ثم انهارت باكية على صدره الدامي
. الأم سميرة ترى زوجها عبد الله أمام نظرها وهو ممزق مضرج بالدماء وقبل أن يلفظ أنفاسه الأخيرة يوصيها بأن تهتم بالجنين، فتحاول ان تتحرك صوابه لتحتضنه وتضمد جراجه دون ان تعلم انها جرحيه فتشعر بجنينها يسقط إلى جوراها ويقع فوق الأحذية صارخاَ بعدد أصوات فارق بعدها الحياة على الفور، وفي لحظات لحق به والده شهيداً، لتظل الأم وحيدة في هذا العالم.
وفي لحظاته الأخيرة، أوصى الأب الشهيد زوجته الجريحة بالاعتناء بجنينهما، في مشهد مؤثر يبرز عمق العلاقة الأسرية وقسوة الفراق المفاجئ.
الجنين المنتظر لم يكمل حياته ببطن أمة، بل طالته يد الغدر قبل ان يخرج إلى الأرض رضيعاً، بل خرج جنيناً صارخاً مرمياً على الأحذية، وبجواره جثمان والده الذي فارقت روحه جسده وهو يوصي أمه الجريحة بالحفاظ عليه، ما زاد من وحشية الجريمة، التي حركت دماء الرجال وهزت الجبال من تحت اقدامهم.
صورة الأم وهي تحمل على نعش، وجهها شاحب، عيناها دامعتان، ودموعها تختلط بدم جنينيها، مشهد يبعث الرعب في القلوب، كما هي صورة الجنين الصغير مرمي على الأرض، بجواره بقايا الطعام، شاهدة على بشاعة الجريمة ووحشية القتلة.
هذه الجريمة البشعة أحدثت صدمة كبيرة في المجتمع المحلي، وأثارت موجة من الغضب والاستنكار، توجه حينها وكيل أول محافظة الحديدة إلى المستشفى لزيارة الجريحة، مقدماً لها الدعم المعنوي والمادي، ومؤكداً على ضرورة توثيق هذه الجرائم وتقديم مرتكبيها للعدالة.
جرائم العدوان في مثل هذا اليوم واحدة من آلاف الجرائم المرتكبة بحق الشعب اليمني، وغيرها الآلاف من الجرائم الغير موثقة، على مدى 9 أعوام، تتطلب من العالم التحرك الجدي لوقف العدوان ورفع الحصار وتقديم مجرمي الحرب للعدالة.