حذر الأزهر الشريف من «الإنترنت المظلم» أو ما يطلق عليه «دارك ويب» Dark Web، بوصفه مساحة غير مرئية على الإنترنت لا يمكن الوصول إليها من خلال محركات البحث العادية، ويتطلب الوصول إلى هذا الفضاء المحفوف بالمخاطر استخدام برامج وتقنيات خاصة.

وقال مركز الأزهر العالمى للفتوى الإلكترونية، فى بيان، إن أقل ما يمكن أن توصف به محاولة المواقع «الدارك ويب» المشبوهة المعنية بصناعة الجريمة أو تصفحها وحضور بَثِّها الآثم من باب التسلية هو الحُرمة، بخلاف وقوع المشارك فيها تحت طائلة القانون، أما مجاراة ما فيها من جرائم بشعة، والاشتراك فى إثمها، وتنفيذ ما يطلبه شياطينها رغبة فى الثراء السريع؛ لهى جرائم خسيسة دنيئة، ينبغى ألا يفر مرتكبها من المحاسبة والعقوبة.

وأعلن المركز أنه بصدد استكمال نشاطاته التوعوية التى بدأها منذ فترة، وتدشين سلسلة جديدة من حملات إلكترونية وميدانية مكثفة بالتعاون مع قطاعات الأزهر الشريف والمؤسسات المعنية بنشر الوعي؛ تستهدف حماية النشء والشباب فى المراحل التعليمية المختلفة من مخاطر الاستخدام السيئ والخاطئ للتكنولوجيا والإنترنت. وطالب مركز الأزهر أولياء الأمور فى البُيوت، والمُعلمين فى قطاعات التَّعليم ومراحله بأن يواجهوها، وأن يوجِّهوا أولادنا لما فيه سلامتهم، وأن يَحُولوا بينهم وبين إيذاء أنفسهم أو غيرهم.

فيما قال مرصد الأزهر، فى التقارير التى أصدرها بشأن «دارك ويب»، إنّ الإنترنت المظلم يُستخدم لأغراض أغلبها غير مشروعة، حيث يـُعد بيئةً خصبةً لانتشار الجرائم، إذ تُتيح السرية وإخفاء المستخدم التى يتسم بها هذا الفضاء للمستخدمين ارتكاب جرائمهم ما بين تجارة غير مشروعة وابتزاز وانتهاكات لخصوصيات الآخرين وغيرها دون خوف من الملاحقة القضائية.

واستعرض مرصد الأزهر أشكال الجرائم التى ترتكب من خلال الإنترنت المظلم كتجارة المخدرات والأسلحة، التى تعد من أكثر الجرائم انتشاراً على الإنترنت المظلم، ويمكن للمستخدمين شراء أى نوع من المخدرات أو الأسلحة باستخدام العملات الرقمية، مثل بيتكوين دون الكشف عن هوياتهم، وتعد الاعتداءات الجنسية إحدى أبشع الجرائم على الإنترنت المظلم؛ حيث يُمكن للمستخدمين العثور على صور ومقاطع فيديو لاعتداءات جنسية بخاصة الاعتداءات على الأطفال بغرض التلذذ وربما الابتزاز، وتجارة الأعضاء البشرية، حيث يُعد ساحة لهذه التجارة غير المشروعة يتجمع من خلالها التجار والراغبون فى بيع أو شراء أعضاء بشرية، ومن خلاله يتم رسم مخططات لجرائم قتل بهدف توفير أعضاء بشرية للاتجار فيها وعرضها، وبيع المواد الإباحية، كما يقوم أشخاص بتصوير أفلام مخلة لهم وينشرونها على هذه المنصة مقابل أموال باهظة، وتأجير أشخاص لتنفيذ جرائم وعمليات إرهابية، وممارسة أفعال سادية، مثل بث مباشر لعصابات اختطفوا أشخاصاً، ويبدأ مزاد بدفع أموال طائلة تصل إلى آلاف الدولارات، لمن يدفع أكثر لاختيار الطرق التى سيقتل بها الضحية المختطف، أو تصوير مقاطع مصورة توثق عمليات قتل بشعة لأحد الأشخاص وبيع تلك المقاطع بمبالغ باهظة، والابتـزاز والاحتيال، حيث يُمارس المبتزون والمحتالون نشاطهم على الإنترنت المظلم، مُستغلين سرية البيئة لسرقة المعلومات الشخصية والبيانات المالية من الضحايا، وغسل الأموال، يستخدم الإنترنت المظلم لغسل الأموال المُستمدة من الأنشطة غير القانونية مثل تجارة المخدرات والاتجار بالبشر.

واستعرض مرصد الأزهر مخاطر وتحديات الإنترنت المظلم على الأمن المجتمعى، للإنترنت المظلم مجموعة من المخاطر التى تجعل منه تحدياً يستلزم العمل على مواجهته والتصدى له بكل حسم حفاظاً على أمن المجتمعات، ومن هذه المخاطر تهديد الأمن القومى، إذ تشكل جرائم الإنترنت المظلم تهديداً خطيراً للأمن القومى، إذ يمكن استخدامها لنشر الدعاية المتطرفة والتخطيط لهجمات إرهابية تضرب أمن البلاد وتتسبب فى تهديد الاستقرار فى المجتمع، إلحاق الضرر بالأفراد والمجتمعات.

وقدم مرصد الأزهر عدداً من التوصيات لأبرزها ضرورة تعظيم الاستفادة ينبغى من الفرص التى تتيحها لنا التكنولوجيا مع الأخذ فى الاعتبار التحديات التى تفرضها علينا هذه التطورات الهائلة، مع أهمية التصدى لأخطار الإنترنت المظلم، من خلال: زيادة الوعى بمخاطر جرائم الإنترنت المظلم، خاصةً بين الشباب، ودعم البحث والتطوير فى مجال تقنيات مكافحة جرائم الإنترنت المظلم، والتعاون الدولى ومشاركة المعلومات وتطوير الاستراتيجيات المشتركة لمكافحة جرائم الإنترنت المظلم، فضلاً عن تعزيز التعليم والتثقيف، بهدف ترسيخ قيم الديمقراطية والتسامح والاحترام والحث على الاستفادة من التكنولوجيا والاكتشافات الحديثة باعتبارها عوامل بناء لا هدم وتنمية لا تدمير وأسباب للتقدم والازدهار لا للإفساد والانحرافات.

المصدر: الوطن

كلمات دلالية: دارك ويب الدارك ويب الانترنت الجرائم الإلكترونية على الإنترنت مرصد الأزهر

إقرأ أيضاً:

الإمام علي صمام أمان وسط الفتن التي هي كقطع الليل المظلم

 

 

من يتأمل حياة وسيرة النبي محمد (صلوات الله عليه وعلى آله) وهو دائمًا يلفت نظر الأمة إلى عدة مخاطر داهمة عليها، وكان دائماً يحدثهم عن الانحراف الذي يهدد الأمة في مستقبلها ما بعد وفاة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)، فضمن ما ورد عن رسول الله أنه قال: (أيها الناس، سُعِّرت النار، وأقبلت الفتن كقطع الليل المظلم)، وكذلك تحدث عن الانحراف، فقال في الحديث المعروف عنه، روته الأمة بمختلف اتجاهاتها ومذاهبها: (لتحذُنَّ حذو من قبلكم)، قالوا: اليهود والنصارى يا رسول الله؟ قال: (فمن؟)، وكذلك في روايةٍ أخرى، قال: (لتحذُنّ حذو بني إسرائيل)، حالة خطيرة جدَّا من الانحراف.
تتراكم الفتن على الأمة فتكون كقطع الليل المظلم، كما قال رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله): (فتن كقطع الليل المظلـم يمسي المـرء مؤمنـاً ويصبح كافـراً يصبح مؤمنـاً ويمسي كافراً)، ضلال رهيب والتباس في الأمور، يأتيك الضلال من بين يديك، ومن خلفك وعن يمينك، وعن شمالك.
فتن خطيرة حتى أنَّ الجيل الذي عاصر الرسول «صلوات الله عليه وعلى آله»، وسمعه، وعايشه من المسلمين، معرَّضٌ لهذه الخطورة، فقد ورد في مصادر الأمة المعتبرة (مصادر السنة والشيعة) أن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) قال: (ليردنَّ عَلَيَّ الحوضَ رجالٌ ممن صَاحَبَني، حتى إذا رأيتهم، ورفعوا إليَّ، اُختُلِجُوا دوني، فأقول: أَيْ رب أصحابي أصحابي، فيقال: إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك، فأقول: بُعْداً بُعْداً))، وفي الروايات الأخرى: ((سحقاً سحقاً)).
فهذه الحالة الخطيرة التي تهدد مستقبل الأمة كانت تهم رسول الله محمد الذي قال الله عنه: {وَسِرَاجًا مُنِيرًا} كان يقلق على الأمة، ويخاف عليها من الضلال، ومن الزيغ، ومن الانحراف؛ لعواقبه السيئة في الدنيا وفي الآخرة.
فرسول الله كان يفكر بهذه الأمة، ويهمه أمرها في كل العصور، حرصه الشديد على الجيل الذي عايشه وعاصره وعلى الأجيال اللاحقة لأنه رسول الله للعالمين، إلى آخر أيام الدنيا، ولمعرفته بمستقبل الأمة كما عرفه الله كان حريصاً على استقامة الأمة وسلامتها من الزيغ والانحراف.
وفي حجة الوداع أعلمه الله أن أجله قد اقترب، وأثناء أدائه لمناسك الحج كان رسول الله يشعر المسلمين باقتراب أجله، وأن هذا الحج سيودع فيه أمته وله أهمية خاصة، فكان يقول لهم في عدة مقامات: (لَعَلِّي لا ألقاكم بعد عامي هذا)، وفي مقامٍ آخر: ((إني أوشك أن أُدعى فأجيب))، فكان يشعرهم بقرب رحيله، وأنه مودع هذه الحياة، وهذه مسألة هامة جدَّا، مؤلمة، ومقلقة، وحسَّاسة، وتبرز عندها وعند التحذيرات السابقة من خطورة الزيغ والانحراف علامات الاستفهام: ولا شك أن الكثير سيتساءل عندما يسمع مثل الذي سبق، ماذا بعد رحيل رسول الله «صلوات الله عليه وعلى آله»؟ كيف تفعل الأمة؟ من سينقذ الأمة من هذه الفتن المظلمة؟ من للأمة بعد خاتم الرسل والأنبياء؟ هل سيتركهم رسول الله بدون توضيح القيادة؟ هل رسول الله سيترك الأمة تغرق في ظلمات المستقبل المعتم؟.
لم يكن رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) أن يترك الأمة بدون توضيح وتبيين الشخصية بإسمها لهذه الأمة، ولا يرضى الله لعباده أن يعيشوا في ظلمات من فوقها ظلمات تنتهي بهم إلى سخط الله وعذابه.
ففي مفترق الطرق وفي منطقة تُسمى وادي غدير خم بالقرب من منطقة الجحفة، أنزل الله قوله: {يَٰٓأَيُّهَا ٱلرَّسُولُ بَلِّغ مَآ أُنزِلَ إِلَيكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّم تَفعَل فَمَا بَلَّغتَ رِسَالَتَهُ وَٱللَّهُ يَعصِمُكَ مِنَ ٱلنَّاسِ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يَهدِي ٱلقَومَ ٱلكَٰفِرِينَ} وهذه الآية المباركة- هي من آخر الآيات القرآنية التي نزلت في تلك الفترة الأخيرة من حياة رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله) – آيةٌ عجيبة؛ ومهمة جداً لدرجة أنه لو لم يبلغ فكأنه لم يقدم شيئاً.
وعند نزول هذه الآية عقد رسول الله اجتماعاً استثنائياً طارئاً، وأوقف الناس قبل الظهيرة، وأمر بمن قد تقدَّموا أن يعودوا، وانتظر باللاحقين ليصلوا، حتى أجتمع الجمع بكله، كل أولئك الحجاج الذين كانوا برفقته في الحج وكانوا أكثر من مائة ألف حاج، اجتمعوا بأجمعهم، أمر المنادي أن ينادي: (الصلاة جامعة)، فصلَّى بالناس صلاة الظهر، وبعد صلاة الظهر التفت إليهم، وقام يخاطبهم، فقال: (أيها الناس إن الله أمرني بأمرٍ، فقال: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ})، ونادى علياً، وأخذ بيده معه، وأصعده معه على أقتاب الإبل، ثم قال في خطبته: (يا أيها الناس: إنَّ ﷲ مولاي، وأنا مولى المؤمنين، أولى بهم من أنفسهم، فمن كنت مولاه، فهذا عليٌّ)، وأخذ بيد علي، ورفع يدهُ مع يده، (فهذا عليٌّ مولاه، اللهم والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، وأخذل من خذله)، ثم في نفس الخطبة أكد رسول الله على التمسك بكتاب الله وعترته أهل بيته، لأن فيهما السلامة من الضلال، والأمان من الفتن المظلمة، لا يزيغ معهما الفؤاد ولا ينحرف العمل، هما الضمانة على الاستقامة، والنجاة من التباس الأمور، والحصانة من الولاء لليهود والنصارى.
في هذا اليوم قدم رسول الله الضمانة بأن علياً هو الذي سيواصل الدور في هداية الأمة، في الحركة بالأمة على أساس هدى الله، بأن شخصية علي شخصيةً تمثِّل الضمانة لاستمرارية حركة الإسلام بشكلٍ صحيح وبشكلٍ كامل، وهو صمام أمان من الضلال في كل مجالات الدين، وفي كل مجالات الحياة.

مقالات مشابهة

  • ضبط كيان تعليمى وهمى بالإسكندرية للنصب على المواطنين
  • مرصد الأزهر يجدد تحذيره من تصاعد حدة الإرهاب في الساحل الإفريقي
  • الجنائية الدولية تصدر أوامر باعتقال وزير الدفاع الروسي وقادة آخرين
  • مرصد الأزهر: مقتل قائد داعش في الصومال ضربة موجعة للتنظيم
  • الإمام علي صمام أمان وسط الفتن التي هي كقطع الليل المظلم
  • مرصد الأزهر: استهداف القادة داعش يربك صفوفهم
  • بعد مقتل عضو بارز بالتنظيم.. مرصد الأزهر: استهداف القادة يربك صفوف داعش إفريقيا
  • تعليق مرصد الأزهر على طلب الصومال من بعثة حفظ السلام الإفريقية بإبطاء انسحابها من البلاد
  • مرصد الأزهر: تصاعد وتيرة الإرهاب في الكونغو إرهاب وحشي يستهدف المدنيين العزّل
  • مرصد الأزهر: تهديدات داعش للمناسبات الرياضية استراتيجية دعائية وتهديد للأمن الأوروبي