«دارك ويب».. ساحة افتراضية للاتجار بالبشر والمخدرات والأسلحة
تاريخ النشر: 18th, June 2024 GMT
تشكل «الدارك ويب» أحد أهم المخاطر الأمنية فى المجتمعات الأوروبية وبعض الدول الأفريقية، ومؤخراً أصبحت واقعاً ملموساً نعيشه يوماً بعد يوم فى مصر والدول العربية، وخلال الفترة الماضية شهدت مصر واقعة العثور على جثمان طفل فى شبرا منزوع الأحشاء وملقى بإحدى الشقق السكنية.
فى البداية ظن الجميع أنها واقعة جنائية، وهو أمر معتاد فى مثل هذه الجرائم، ولكن تحريات المباحث والنيابة العامة تمكنت من كشف الحقيقة المؤلمة التى أثبتت وقوع الجريمة بسبب «الدارك ويب»، وأصدرت النيابة العامة بيانها فى القضية رقم 1820 لسنة 2024، إدارى قسم أوّل شبرا الخيمة، بشأن العثور على جُثمان طفل يبلغ من العمر خمسة عشر عاماً بإحدى الشقق السكنية المستأجرة، موضحة أن المعاينة أسفرت عن وجود جثمان المجنى عليه منزوع الأحشاء وجرى وضعها فى كيس مجاور لجثته.
تحريات المباحث توصلت بالفعل إلى مرتكب الواقعة، وبضبطه واستجوابه، أقر بارتكاب الجريمة بطلب من مصرى مقيم فى دولة الكويت، تعرف عليه عبر مواقع التواصل الاجتماعى الخاصة بتجارة الأعضاء البشرية، وطلب منه اختيار أحد الأطفال لسرقة أعضائه البشرية مقابل خمسة ملايين جنيه، وعقب اختياره لضحيته وعرضه عليه عبر تقنية «الفيديو كول»، طلب منه المذكور إزهاق روحه تمهيداً لسرقة أعضائه البشرية، على أن يتم انتزاع الأعضاء خلال «الفيديو كول» أيضاً، وأخبره بأنه سيبلغه بالخطوات التالية عقب قيامه بذلك، إلا أنه بعد أن قام بتنفيذ ما طُلب منه كلّفه بتكرار الأمر مع طفل آخر ليحصل على المبلغ المتفق عليه، فتم ضبطه قبل قيامه بذلك، ولم تعثر النيابة العامة على أية تجهيزات طبية تشير إلى أن المقصود هو تجارة الأعضاء البشرية.
وأسفرت التحريات عن كشف رقم هاتف المصرى المقيم بالكويت الذى استُخدم فى الجريمة، وبناء على تعليمات المستشار النائب العام اضطلعت إدارة التعاون الدولى بمكتب النائب العام بالاتصال بالجهات المختصة بدولة الكويت، والإنتربول الدولى، وأسفرت عن ضبط المتهم ووالده، وما بحوزتهما من أجهزة إلكترونية، حيث تم ترحيلهما إلى مصر، فباشرت النيابة العامة استجوابهما وصولاً لأسباب ارتكاب الجريمة، وأقر المتهم الأول -الذى جاوز الخامسة عشرة من عمره- أنه أوعز لمرتكب الجريمة بارتكابها، على نحو ما ورد بإقراره، قاصداً من ذلك الاحتفاظ بالمقاطع المرئية لواقعة قتل الطفل المجنى عليه والتمثيل بجثمانه، وذلك حتى تسنح له فرصة بيعها ونشرها عبر المواقع الإلكترونية التى تبثها مقابل مبالغ مالية طائلة، كما قرر أنه سبق أن قام بهذا الفعل فى مرات سابقة.
وأوضح إيهاب الزياتى، المحامى والخبير القانونى، أن القانون يتعامل مع قضايا «الدارك ويب»، أو الإنترنت المظلم، التى تعتبر من أخطر أدوات الإنترنت الخفية التى لا يمكن الوصول إليها باستخدام محركات البحث التقليدية مثل جوجل، بل ويتطلب الوصول إلى «الدارك ويب» استخدام برامج خاصة تضمن إخفاء هوية المستخدم، لافتاً إلى أن الجرائم التى تحدث داخل هذا المستنقع تظهر نتائجها فى المجتمع ويتأثر بها المواطنون، وبالتالى هناك ضحايا لا بد من أن يحميهم القانون ويوفر لهم الدعم ويرد لهم حقوقهم، وهناك شركاء لتلك العصابات لا بد من ردعهم وعقابهم بما يستحقونه.
وأكد «الزياتى»، لـ«الوطن»، أن الأنشطة غير القانونية منتشرة على «الدارك ويب» وبينها تجارة المخدرات والأسلحة، وتجارة البشر، والمعلومات المسروقة، مثل بيانات البطاقات الائتمانية والهويات المزورة، ويعتقد المجرمون أن هذه المساحة آمنة وبعيدة عن يد الأمن ومحاسبة القانون، ولكنهم واهمون، فالكل يُحاسب فى ظل التقنيات الحديثة التى يستعين بها رجال الأمن فى ضبط الخارجين عن القانون والمشاركين فى مثل هذه الجرائم.
وأشار د. مصطفى السعداوى، أستاذ القانون الجنائى، إلى أن الدستور المصرى يعاقب المشاركين فى عمليات النصب والاحتيال والابتزاز والتجارة غير المشروعة والسرقات التى تتم عبر الفضاء الإلكترونى أو يخطط لها من خلاله بنص المادة 1 فقرة 2 من قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات بمعاقبة كل من ارتكب النصب الإلكترونى بالحبس لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبغرامة لا تقل عن ثلاثين ألف جنيه ولا تجاوز مائة ألف جنيه، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وكذلك ما نصت عليه المادة 336 من قانون العقوبات بمعاقبة كل من قام باستخدام وسائل الاتصال بغرض النصب على الآخرين، أو كل من حصل على نقود أو سندات دين أو متاع منقول أو عروض عن طريق الاستيلاء بالاحتيال لسلب شىء من المجنى عليه، أو استعمل طرقاً احتيالية لإيهام المواطنين بوجود واقعة مزورة أو مشروع كاذب أو إيهامهم بالأمل بالحصول على أرباح وهمية يُعاقب بالحبس، وحال شروع المتهم فى النصب دون استكمال الجريمة، يُعاقب بالحبس مدة لا تزيد على سنة، وبعد انقضاء مدة سجنه، يظل تحت الملاحظة مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على سنتين، وحال وقوع جريمة قتل يُعامل المحرض معاملة الشريك فى الجريمة وفقاً لقانون العقوبات.
وشدد الخبير القانونى على أن خطورة «الدارك ويب» على المجتمع تكمن فى تعزيز الجرائم الإلكترونية وزيادة عمليات الاحتيال والابتزاز، مما يعرض الأفراد والشركات لخسائر مالية وأضرار نفسية كبيرة، بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يشكل «الدارك ويب» تهديداً للأمن القومى من خلال تمكين الأنشطة الإرهابية وتسهيل التواصل بين الإرهابيين، ولمواجهة هذه المخاطر، يجب على المواطن أن يمتنع عن المشاركة فى مثل هذه الجرائم أو الاستجابة للقائمين عليها، مع ضرورة الإبلاغ عن أى محاولات للاحتيال يتعرض لها فى الحال.
المصدر: الوطن
كلمات دلالية: دارك ويب الدارك ويب الانترنت الجرائم الإلكترونية الدارک ویب
إقرأ أيضاً:
لفض الأحراز.. جنايات شبرا الخيمه تستكمل محاكمة المتهمين بقضية «الدارك ويب»
تواصل محكمة جنايات شبرا الخيمة، لدائرة الأولى برئاسة المستشار أيمن فؤاد فهمي، اليوم، محاكمة المتهمين في القضية المروعة التي هزت الرأي العام والتي عرفت إعلاميًا بـ« الدارك ويب».
وتشهد الجلسة، التي تعقد وسط إجراءات أمنية مشددة، عرض أدلة جديدة، بما في ذلك تحقيقات النيابة العامة بالكويت ومقاطع فيديو صادمة تصور تفاصيل الجريمة البشعة، والتمثيل بجثمان المجني عليه أثناء تنفيذ الجريمة، وعرضها على شاشات داخل جلسة سرية والتى سوف تستغرق لعدة ساعات داخل غرفه المداولة.
وتضمن أمر الإحالة في القضية رقم 9800 لسنة 2024 جنايات قسم أول شبرا الخيمة والمقيدة برقم 1287 لسنة 2024 كلي جنوب بنها، تتهم النيابة العامة كلا من: «طارق أنور عبد المتجلي» - 29 سنة - عامل بمقهي - مقيم شارع الجامع، أحمد عرابي، أول شبرا الخيمة القليوبية، و«علي الدين محمد علي محمد الزيات » 15 سنة - طالب - مقيم بدولة الكويت، لأنهما في يوم 15/4/2024 بدائرة قسم أول شبرا الخيمة محافظة القليوبية، حال كون المتهم الثاني طفلا جاورت سنه خمس عشرة سنة ولم يبلغ الثامنة عشر عاماً ميلاديا.
أشار أمر الإحالة أن المتهم الأول: أولًا: قتل عمدًا مع سبق الإصرار المجني عليه «أحمد محمد سعد محمد»، بتحريض ومساعدة من المتهم الثاني واتفاق معه على قتله مقابل خمسة ملايين جنيه، وبيت النية وعقد العزم على ارتكاب جرمه وأعد لذلك الغرض عدته «عقاقير طبية - حزام من الجلد» وتوجه إلى حيث ايقن وجوده بمقهى معلوم لديه سلفاً، واستدرجه غدراً إلى بيته، وما أن ظفر به حتى سقاه شراباً يحوي تلك العقاقير، فلما غاب عن وعيه، خنقه بحزامه جاثماً فوقه قاصداً قتله، ولم يتركه إلا جثة هامدة فأحدث به الإصابات الموصوفة والمبينة بتقرير الصفة التشريحية - المرفق بالأوراق والتي أودت بحياته على النحو المبين بالتحقيقات.
وأكد أمر الإحالة، أنه قد اقترنت هذه الجناية بجناية أخرى تقدمتها هي أنه في ذات الزمان والمكان: خطف بالتحيل الطفل المجني عليه سالف البيان، بأن توجه إلى مكان وجوده، وأوهمه بتقديم هدية له بمسكنه، فلما أمن له، اقتاده حيلة إلى المسكن مبعداً إياه عن أعين الرقباء على النحو المبين بالتحقيقات، وهو الأمر المعاقب عليه بالمادة «290 / 1، 3» من قانون العقوبات.
ثانياً: أحرز سلاح أبيض «سكين» وأدوات مما تستخدم في الاعتداء على الأشخاص «مشرط - حزام من الجلد» دون مسوغ قانوني من الضرورة المهنية أو الحرفية. خطف الطفل المجني عليه وتابع أمر الإحالة أن المتهم الثاني اشترك بطريق التحريض والاتفاق والمساعدة مع المتهم الأول في ارتكاب الجريمة محل البند أولاً من الاتهام السابق، بأن حرضه واتفق معه على خطف الطفل المجني عليه وقتله مقابل المبلغ المالي المبين سلفاً تحايلاً إلى مسكنه واتفق معه على قتله وساعده على ذلك بأن آمده ببيانات العقاقير الطبية التي استخدمها في جرمه وقد وقعت الجريمة بناء على ذلك الاتفاق والتحريض وتلك المساعدة على النحو المبين بالتحقيقات.