قال نائب وزير الخارجية الروسي، سيرغي ريابكوف، إن روسيا تتعامل بمسؤولية كبيرة مع مسألة إدخال تعديلات على عقيدتها النووية.

وأضاف ريابكوف أنه وبالرغم من النهج الذي تتبعه روسيا في تطوير عقديتها النووية إلا أن خبرة السنوات الأخيرة تظهر أن هذه التعديلات التي تم إجراؤها أتت أكلها.

وأشار إلى أن الوضع الدولي يميل إلى مزيد من التعقيد، قائلا: "عامل الردع النووي يلعب دورا رئيسيا في نظامنا الأمني، وهذا أمر لا جدال فيه ومعروف،  فشركاؤنا وخصومنا يدركون جيدا الأهمية التي نوليها لعامل الردع النووي".

وتابع: "خبرة الأعوام الأخيرة وتحديدا تلك المكتسبة خلال العملية العسكرية الخاصة وتحليل نموذج سلوك الغرب الجماعي في سياق التدريبات العسكرية المرتبطة بالعملية يظهر أنه من الضروري توضيح بعض المعايير التي يمكن تطبيقها على المواقف المذكورة في العقيدة العسكرية بمفهومها العام وفي أسس سياسة الدولة في مجال الردع النووي، وهذا العمل مستمر ولم يكتمل، وأنا لست مستعدا لمناقشة أي أطر زمنية أو نطاقات أو جداول زمنية لهذا العمل".

وأردف: "وعلى أي حال يجب على الجميع أن يدرك أننا نتعامل مع هذه القضية بمسؤولية كبيرة".

وقال: "المتخصصون لدينا هم المسؤولون عن المكون النووي في التنظيم العسكري للاتحاد الروسي، ويهدفون في المقام الأول إلى ضمان تنفيذ هذا العمل بشكل منهجي وبأقصى قدر من المسؤولية".

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أعلن في لقائه مع مدراء وكالات الأنباء العالمية الكبرى في بطرسبورغ على هامش المنتدى الاقتصادي الدولي، في وقت سابق أن روسيا قد تتخذ خطوات "غير متماثلة" ردا على توريدات الأسلحة الغربية إلى أوكرانيا، وإعلان عدد من الدول الغربية، وخصوصا الولايات المتحدة الأمريكية وألمانيا وفرنسا رفعها الحظر عن استخدام أسلحتها لاستهداف مواقع وأهداف على الأراضي الروسية من قبل القوات المسلحة الأوكرانية.

وقد طلبت روسيا عقد اجتماع لمجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة يوم 14 يونيو على خلفية إعطاء الدول الغربية الضوء الأخضر لكييف باستخدام الأسلحة الغربية لضرب الأراضي الروسية

المصدر: بوابة الفجر

كلمات دلالية: قوات استخدام مناقشة واقع فرن المسلحة وزير الخارجية متخصصون

إقرأ أيضاً:

دبلوماسية الردع عن بُعد

السياسة الخارجية الأمريكية في عهد إدارة الرئيس دونالد ترامب الثانية تعتمد على أسلوب الردع المحتمل عن بُعد. الرئيس ترامب، بهذه الدبلوماسية الغامضة يريد أن تمارس إدارته سياسة خارجية، بأقل التكاليف الممكنة، مع أجزل عائد ممكن. نهج رأسمالي لإدارة سياسة خارجية للدولة الأعظم في العالم.

الرئيس ترامب يظن أنه لا يحتاج في تطبيق نهج مثل هذا على السياسة الخارجية لبلده، لا إلى القوة الصلبة، بكل إمكاناتها الردعية الهائلة، ولا أيضاً قوتها الناعمة متعددة الإمكانات اللينة.

بعبارة أخرى: لا يريد الرئيس ترامب في إدارة السياسة الخارجية لبلده لا أن يستخدم لا العصا ولا الجزرة. هو لا يريد أن يبعث بجنوده إلى الخارج، حتى ولو تلويحاً بالعصا، لتحقيق أهداف السياسة الخارجية لبلده في الساحة الدولية، كما لا يرغب في إنفاق ولا حتى سنت واحد لدفع تكلفة تحقيق أهداف سياسته الخارجية، حتى ولو كان الأمر متعلقاً بفرض الهيمنة الكونية الحصرية لواشنطن، على النظام الدولي.
يبدو أن الرئيس ترامب عنده مفهوم مختلف لحالة الهيمنة الكونية، التي حكمت من خلالها واشنطن النظام الدولي، عقب الحرب الكونية الثانية، وحتى بداية فترة ولايته الثانية، منذ العشرين من يناير الماضي. من أهم شروط الهيمنة الكونية لأي قوة عالمية تنافس على هذه المكانة الرفيعة (دفع تكلفة التزاماتها، بقدر ما هو الأمر في توقع جني عوائدها). لا هيمنة كونية لأي قوة عظمى دون دفع تكلفتها.. ولا توقع التمتع بعوائد امتيازاتها، دون الالتزام بالقيام بمسؤولياتها الأممية.
كل الدول العظمى، التي نافست على مكانة الهيمنة الكونية، في عصور الأنظمة الدولية الحديثة المتتالية، منذ نهاية القرن الخامس عشر، الذي شهد موجة الاكتشافات الجغرافية غرب الأطلسي، من الإسبان والبرتغاليين والفرنسيين، وحتى البريطانيين، وصولاً إلى نظام الأمم المتحدة الحالي، كان تبوؤ هذه المكانة الدولية الرفيعة والحفاظ عليها، يعتمد أكثر على «الكرم»، لا «البخل»، في دفع تكلفتها.
الولايات المتحدة، رغم الدعوات الصاخبة للعودة للعزلة، بعد الحرب العالمية الثانية، وعت حقيقة خطأها الجسيم في عدم دفع تكلفة مكانة الهيمنة الكونية، التي وجدت نفسها فيها بعد الحرب العظمى (1914-1919)، الذي تَمَثل في عدم انضمامها لعصبة الأمم (1919-1939)، رغم أنها من وضع ميثاقها، في ما عرف بمبادئ ويلسون الأربعة عشر. وكانت أن نشبت الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، بعد عقدين فقط من عمر نظام عصبة الأمم، غير المستقر.
خطأ لم ترد واشنطن أن تكرره، بعد انتصار الحلفاء في الحرب العالمية الثانية بقيادتها، عندما تكفلت بإعمار أوروبا.. وكتبت ميثاق نظام الأمم المتحدة الحديث، ووضعت أسس ومؤسسات نظامه الاقتصادي، بموجب اتفاقية برتون وود (يوليو 1944)، التي اتخذت من الدولار عملة التبادل التجاري الوحيدة المقبولة في العالم، بعد أن كان الجنيه الإسترليني، الذي كان يعتمد على نظام الذهب، وحكم اقتصاد العالم لمائة عام (1815-1914)، بل وحتى اندلاع الحرب العالمية الثانية، في ما عرف بالعهد البريطاني (Pax Brittanica).
نفس الخطأ (الاستراتيجي)، الذي وقعت فيه الولايات المتحدة، بعد الحرب العظمى، يتكرر اليوم بعد ما يقرب من ثمانين سنة، من عهد نظام الأمم المتحدة الحالي. الولايات المتحدة، تريد اليوم أن تتحلل من التزاماتها تجاه حلفائها التقليديين في أوروبا، بل وتطالبهم بتكلفة حمايتهم تحت المظلة النووية الأمريكية، وبأثر رجعي، بما في ذلك المطالبة بتكاليف إعادة إعمار أوروبا، بعد الحرب، وبأثر رجعي أيضاً! بل حتى أنها تعمل على الانسحاب من عضوية الأمم المتحدة!
ليس هذا، فحسب؛ بل إن واشنطن تزمع التوسع شمالاً وشرقاً، على حساب حلفائها التقليديين، في أوروبا وجيرانها القاريين، في كندا والمكسيك وحِمَى حديقتها الخلفية، كما هو التهديد باستعادة قناة بنما... بل وتتطلع إلى ثروات حلفائها، في أوروبا، مثل ما هي عينها على ثروات أوكرانيا المعدنية، كثمن لوقف حرب روسيا عليها، دون أية التزامات أمنية لكييف.. بالإضافة: لدفع ثمن المساعدات العسكرية، التي قدمتها واشنطن لكييف، منذ نشوب الحرب، ولما لم تتضع الحرب أوزارها، بعد.
باختصار: واشنطن في ولاية الرئيس ترامب الحالية (الثانية)، تتبع سياسة خارجية تعتمد على عائدات استثماراتها الأمنية الممتدة، بحسابها (نقداً).. وإمكاناتها التكنولوجية المتقدمة، مع غناها الاقتصادي المتعدد، في فرض هيمنتها الكونية على العالم، بأدوات ردع تراها فعّالة، لا تعتمد بالضرورة على احتمال استخدام قوتها الصلبة ولا الناعمة، لفرض هيمنة كونية (منفردة) على العالم، دون تكلفة تذكر، لا دفاعية ولا اقتصادية، ولا حتى تكنولوجية. ردع يبدو لواشنطن فعّالاً، دون ما حاجة لأن تكون له مخالب وأنياب صلبة، ولا حتى قفازات مخملية ناعمة.
في عدم وجود قوة كونية حقيقية وفاعلة، على الساحة الدولية، تدخل مضمار المنافسة على مكانة الهيمنة الكونية الرفيعة، فإن الرئيس ترامب يبدو أنه سيواصل استراتيجية جديدة لمؤسسات النظام الدولي، كما هو منهجه في تغيير استراتيجية مؤسسات نظام بلاده الديمقراطي، وفي مقدمتها الدستور، بحجة تطهيرها من الفساد.

مقالات مشابهة

  • محافظ الغربية: تسريع وتيرة العمل في ملف التصالح ورضا المواطنين أولوية قصوى
  • رسميا.. إدخال 5 تعديلات تاريخية في قوانين التحكيم لكرة القدم
  • الوكالة الدولية للطاقة الذرية تناقش تقريرا عن ملف إيران النووي
  • دبلوماسية الردع عن بُعد
  • أفغانستان ترد على ترامب: المعدات العسكرية التي تركتها اميركا هي “غنائم حرب”
  • الغربية تسابق الزمن.. استمرار أعمال تغطية مصرف الزهار بقطور لتطوير البنية التحتية
  • ماكرون يدعو لمناقشة الردع النووي الأوروبي في مواجهة التهديدات الروسية
  • ماكرون: مستعد لمناقشة الردع النووي من أجل أوروبا
  • 3 تعديلات على المفوض العمالي بمشروع قانون العمل
  • توقعات بحدوث انفراجة في العلاقات بين واشنطن وطهران.. ترامب يسعى لاحتواء الأزمة النووية.. وإيران تبقي على استراتيجية الردع الكامن