بعد مرور قرابة تسعة أشهر على اندلاع العدوان الاسرائيلي على غزة، ورغم ما تدعيه قيادة جيش الاحتلال من تحقيق ما تزعم أنها نجاحات عملياتية، لكنها فعليا لا تزال في وضع إحراج كبير من الناحية الإستراتيجية، مما يزيد من الدعوات المطالبة بوقف الحرب بهدف إعادة التفكير، والتخطيط لمسار جديد، في الجبهتين الشمالية والجنوبية.



وأكد الجنرال يتسحاق غيرشون، الذي شغل منصب قائد المنطقة الشمالية، أن "الدولة لا زالت تعيش أحداث "يوم العار" الذي لا أجد كلمة أخرى لوصف ما حدث في ذلك اليوم، الذي شهد "احتلال" الدولة من قبل مقاتلي حماس عبر مركبات رباعية الدفع، وعربات، وحمير، وحتى دراجات هوائية، والنتيجة أننا استيقظنا على يوم من الفشل الذي يضع علامات استفهام حول مدى قدرتنا على الاستمرار في الوجود في هذه المنطقة المعقدة، لأن عملية حماس كان من شأنها أن تدمر الدولة".


وأضاف في مقال نشرته "القناة 12" وترجمته "عربي21" أن "الدولة في اليوم التالي لهجوم حماس تصرفت من دون إستراتيجية واضحة، رغم أن المجتمع الإسرائيلي تعرض لحدث استثنائي تضمّن دمارا وخرابا وكميات لا يمكن تصورها من الخسائر، بما في ذلك الموت، رغم ما حققته الحرب بعد شهورها التسعة من أداء في الجانب التكتيكي فقط، فإن بدينا معضلة أساسية في الجانب الإستراتيجي، مما يستدعي اتخاذ إجراءات تؤدي إلى التصرف الصحيح للخروج من الحرج القائم حاليا، مما يستدعي وقفا كاملا للحرب في غزة مقابل إطلاق سراح جميع المختطفين، ولا يجب أن يفسر ذلك على أنه هزيمة".

وأوضح أن "الأداء القتالي للجيش في غزة خلال الفترة الماضية جدير بالملاحظة، لكنه في الوقت ذاته يتطلب من قادة الدولة وهيئة الأركان الخروج بطريقة تمكنهم من رؤية الصورة العالمية بشكل عام، والصورة الداخلية الإسرائيلية بشكل خاص، بحيث يستدعي الأمر من المؤسسة العسكرية التوقف والتفكير، وتنظيم قيادة جديدة للقوات عند الضرورة، وإعداد الجيش لمواجهة التحديات المقبلة".

ومن جهته، طالب المراسل العسكري لصحيفة معاريف، آفي أشكنازي، "المستوى السياسي بأن يعود إلى رشده، لأن غزة أصبحت الآن عبئا على الجيش والدولة، ورغم ما يقوله الجيش عن تحقيق ما يدعيها بأنها إنجازات، لكن وزراء الحكومة يُظهرون للجمهور أننا لم ننته من أي شيء بعد، مما يعني التورط في وحل غزة".


وأضاف في مقال ترجمته "عربي21" أنه "رغم مزاعم الجيش عن الاستيلاء على محور فيلادلفيا، والقضاء على مئات المسلحين من حماس، والكشف عن معظم الأنفاق وكافة البنى التحتية، لكن ذلك كان ثمنه تآكل الفرق العسكرية في الجيش 98 و99 و162، وانهيار الأعمال التجارية، والدراسات، والرهن العقاري، وتزايد التحديات عند الحدود الشمالية، وتعاظم التهديد الإيراني، وتفاقم الأزمة الاجتماعية، وأزمة التجنيد، وانفجار الأزمة الاقتصادية، وكلها تُظهر أن الجيش لم يكن جاهزا لهذه الحرب، وأن خط النهاية لا يزال بعيدا".

المصدر: عربي21

كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي صحافة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية غزة الاحتلال الإسرائيلي إسرائيل غزة الاحتلال حرب غزة صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة إسرائيلية صحافة صحافة صحافة سياسة سياسة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة صحافة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة

إقرأ أيضاً:

???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه

???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
( عميد التَنوير ، نِحرِير النبوءاتِ العَتيقة )

في أعمق لحظاتي مع نفسي صدقاً ، لا أراني أعظَمُ مَيلاً للحديث عن الشخصيات، إن تكرَّمَت وأسعفَتني الذاكرة ، فقد كتبتُ قبل عن فيلسوفِ الغناء مصطفى سيد أحمد ، والموسيقار الكابلي ، والمشير البشير ، وشاعر افريقيا الثائر ؛ الفيتوري .

لا أجدُني مضطراً لمدح الرّجال ، ولكنها إحدى لحظات الإنصاف ، ومن حسن أخلاق الرجال أن ينصفوا أعداءهم، دعك من أبناء جلدتهم ونبلائها ، والرجلُ ليس من قومنا فحسب، بل هو شريف قوم وخادمهم ، خطابه الجَسور يهبط حاملاً “خطاب” ابن يعمر الإيادي لقومه ، وخطبة درويش “الهندي الأحمر” ، و”بائية” أبي تمّام ، وتراجيديا الفيتوري في “التراب المقدّس” ..
عبد الرحمن ، لم يكن حالة مثقفٍ عادي ، “عمسيب” مثالٌ للمثقف العضوي قويّ الشَّكِيمَة ، العاملِ علَى المقاومة والتغيير والتحذير ، المحاربِ في ميادين التفاهة والتغييب والتخدير ، المتمرّد على طبقته ، رائد التنوير في قومه ، ظلّ يؤسس معرفياً وبأفقٍ عَالمٍ لنظرية اجتماعية ، نظرية ربما لم تُطرح في السوح الثقافية والاجتماعية من قبل ، أو لربما نوقشت على استحياء في همهمات أحاديث المدينة أو طُرحَت في ظلام الخرطوم عَهداً ثم غابت . هذا الرجل امتلك من الجسارة والثقافة العميقة بتفاصيل الأشياء وخباياها ، ما جعله يُقدم على تحطيم الأصنام السياسية والثوابت الاجتماعية وينفض الغبارَ عن المسكوت عنه في الثقافة والاجتماع والسياسة.

عمسيب قدم نظريةً للتحليل الاجتماعي والسياسي ، يمكن تسميتها بنظرية ( عوامل الاجتماع السياسي) أو نظرية ( النهر والبحر) في الحالة السودانية ، فحواها أن الاجتماع البشري يقوم على أسس راسخة وليس على أحداث عابرة . فالاجتماع البشري ظلّ منذ القدم حول ( القبيلة Tribe ) ثم ( القوم Nation ) ثم ( الوطن Home) ثم ( الدولة country) . هذا التسلسل ليس اجتماعيٌ فحسب، بل تاريخيٌ أيضاً ، أي أن مراحل التحَولات العظيمة في بِنية المجتمعات لا يصح أن تقفز فوق الحقب الاجتماعية ( حرق المراحل).. فالمجتمعات القَبَلية لا يمكنها انتاج (دولة) ما لم تتحول إلى (قومية) ، ثم تُنتج (وطن) الذي يسع عدد من القوميات ، ثم (دولة) التي تخضع لها هذه القوميات على الوطن ، مع تعاقد هذه القوميات اجتماعيا على مبادئَ مشتركة، وقيمٍ مضافة ، كالأمن والتبادل الاقتصادي وادارة الموارد ، والحريات الثقافية ونظام الحكم .

هذه النظرية تشير إلى أن الاجتماع السياسي في السودان ظل في مساره الطبيعي لمراحل التسلسل التاريخي للمجتمعات والكيانات ، إلى أن جاءت لحظة ( الاستعمار) Colonization . ما فعله الاستعمار حقيقة ، أنه وبدون وعي كامل منه ، حرق هذه المراحل – قسراً – وحوّل مجتمعات ما قبل الدولة ( مجتمعات ما قبل رأسمالية) إلى مجتمعات تخضع للدولة.

فالمجتمعات التي كانت في مرحلة ( القبيلة) او تلكَ في مرحلة( القومية) قام بتحطيم بنيتها وتمحوراتها الطبيعيه وتحويلها إلى النموذج الرأسمالي الغربي ، خضوع قسري لمؤسسات الدولة الحديثة، مجتمع ما بعد استعماري ، تفتيت لمفاهيم الولاءات القديمة الراسخة ، بل وتغييرها إلى نظم شبه ديموقراطية، وهذا بالطبع لم يفلح، فبعد أن حطّم المستعمر ممالك الشايقية ودولة سنار ومشيخات العرب بكردفان ومملكة الفور ، وضم كل ذلك النسق الاجتماعي ( القبلي / القومي) إلى نسق الوطن/ الدولة.. أنتج ذلك نخب وجماعات سياسية ( ما بعد كولونيالية ) تعيش داخل الدولة ، لكنها تدير الدولة باللاوعي الجمعي المتشبّع بالأنساق التقليدية ( القبيلة / الطائفة / القومية) ، أي مراحل ماقبل الوطن والدولة.

ما نتج عن كل هذه العواصف السياسية والاجتماعية ، والاضطرابات الثقافية، أن هذه المجتمعات والقوميات التي وجدت نفسها فجأة مع بعضها في نسق جديد غير معتاد يسمى ( الدولة) ، وأقصدة بعبارة ( وجدت نفسها فجأة) أي أن هذا الاجتماعي البشري في الاطار السياسي لم يتأتَ عبر التمرحلات الطبيعيه الانسانية المتدرجة للمجتمعات، لذا برزت العوامل النفسية والتباينات الثقافية الحادة ، الشيئ الذي جعل الحرب تبدأ في السودان بتمرد 1955 حتى قبل اعلان استقلاله . ذات الحرب وعواملها الموضوعيه ومآلاتها هي ذات الحرب التي انطلقت في 2002 ثم الحرب الأعظم في تاريخنا 2023 .

أمر آخر شديد الأهمية، أن دكتور عبد الرحمن ألقى حجرا في بركة ساكنة، وطرق أمراً من المسكوت عنه ، وهو ظاهرة الهجرات الواسعة لقوميات وسط وغرب افريقيا عبر السبعين عاما الماضية ( على الأقل) , فظاهرة اللجوء والهجرات الكبيرة لقبائل كاملة من مواطنها لأسباب التصحر وموجات الجفاف التي ضربت السهل الافريقي، ألقت بملايين البشر داخل جغرافيا السودان، مما يعني بالضرورة المزيد من المنافسة العنيفة على الأرض والموارد وبالتالي اشتداد الحروب والصراعات بالغة العنف، وانتقال هذا التهديد الاستراتيجي إلى مناطق ومجتمعات وسط وشمال السودان ( السودان النّهري)

اذن ، سادتي ، فنظرية (الاجتماع السياسي ، جدلية الهوية والتاريخ ) هذه تؤسس لطرائق موضوعيه ( غير منحازة) لتفسير الظواهر الاجتماعية والثقافية وجدليات الحرب والسلام ، وتوضّح أسباب ظاهرة تعدد الجيوش والميليشيات القبلية والمناطقية والخطابات المؤسسة ديموغرافياً ، وما ينسجم معها من تراكمات تاريخيه وتصدّعات اجتماعية عميقة في وجدان تلك الجماعات العازية .. التوصيات البديهية لهذا الخطاب ، أن الحلّ الجذري لإشكاليات الصراع في السودان هو بحلّ جذور أزمة الهوية، والهوية نفسها لم تكن ( أزمة) قبل لحظة الاستعمار الأولى ، بالتالي تأسيس كيانات جديدة حقيقية تعبّر عن هويات أصحابها والعقد الاجتماعي المنعقد بين مجتمعاتها وقومياتها .

النظرية التي أطلق تأسيسها دكتور عبد الرحمن، لم تطرح فقط الأسئلة الحرجة ، بل قدمت الإجابات الجسورة وطرقت بجراءة الأبواب المرعبة في سوح الثقافة والاجتماع والسياسة في السودان.

Mujtabā Lāzim

إنضم لقناة النيلين على واتساب

مقالات مشابهة

  • عشرات الوفيات بسبب عواصف تضرب عدة ولايات أمريكية
  • الأرصاد تزف بشرى سارة للمواطنين: موجة أمطار غزيرة تضرب هذه المناطق
  • مفاوضون إسرائيليون في مصر لمناقشة قضية محتجزي غزة
  • الغيابات تضرب برشلونة قبل مواجهة أتليتكو مدريد
  • أعاصير مدمرة تضرب ولايات أمريكية وتخلف عشرات الضحايا
  • في ثالث أسبوع رمضان.. 3 ظواهر جوية تضرب البلاد | تحذير من الأرصاد
  • ???? عبد الرحمن عمسيب ، الرائدُ الذي لا يكذبُ أهلَه
  • مسؤولون إسرائيليون يكشفون عن تعثر المفاوضات مع حماس
  • 100 مليون شخص فى خطر.. عاصفة ضخمة قادمة| ما القصة؟
  • موجة حارة تضرب البلاد.. متى تنخفض درجات الحرارة في مصر؟