البنتاغون والخارجية الأمريكية تُقِــرَّان بفشل الحربِ ضد اليمن
تاريخ النشر: 18th, June 2024 GMT
الجديد برس| رصد:
بعدَ ستة أشهر من إطلاق الولايات المتحدة لعملية عسكرية ضد اليمن أطلق عليها اسم “حارس الازدهار” وكانت تهدفُ لحماية السفن المرتبطة بإسرائيل من الهجمات اليمنية المساندة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، تدرك الولايات المتحدة بشكل أكثر وضوحا فشل هذه العملية في تحقيق الردع وتقليص القدرات اليمنية، بل وعودتها بنتائج عكسية، حَيثُ أدرجت السفن الحربية والتجارية الأمريكية ضمن أهداف صنعاء وتعرضت للعشرات من الهجمات.
وبالتزامن مع نشر وسائل إعلام أمريكية لتقارير مستندة إلى تصريحات ومعلومات رسمية حول تكاليف باهظة في النفقات التشغيلية وعلى الذخائر للعملية العسكرية في البحر الأحمر بما يجعلها غير مستدامة في مقابل إنجازات تكاد تكون صفرية وقدرات يمنية على شن هجمات مستدامة، ظهر المسؤولون الأمريكيون بتهديدات جديدة لليمن حَيثُ صرح كبير المتحدثين في البيت الأبيض منسق الاتصالات الاستراتيجية للأمن القومي جون كيربي، أن واشنطن وشركاءها سيعملون على محاسبة من وصفهم بالحوثيين على أفعالهم، وسيفرضون عقوبات على كيانات وشركات مرتبطة بهم.
وأعلنت الخزانة الأمريكية حزمة عقوبات جديدة على شخصيات وكيانات قالت إنها مرتبطة بتوفير المواد المتعلقة بصناعة الصواريخ إلى اليمن حَيثُ يتم التصنيع محليا، ورغم أن هذا يعد اعترافا بأن الأسلحة اليمنية تُصنع وتطور في الداخل اليمني، إلا أن العقوبات لم تفرض هذه المرة على كيانات إيرانية كما هي عادة الولايات المتحدة، وإنما على شركات صينية وشركات مرتبطة بها في المنطقة حسب زعم واشنطن.
في ذات السياق قالت سابرينا سينغ، نائبة السكرتير الصحفي للبنتاغون إن الحوثيين شنوا هجمات متهورة وهاجموا أَو هدّدوا البحرية الأمريكية أَو السفن التجارية الأُخرى أكثر من 190 مرة منذ 19 نوفمبر.
وأظهر وزير الخارجية الأمريكي انتوني بلينكن قلقه البالغ في اتصال مع نظيره السعوديّ فيصل بن فرحان مما وصفه بهجمات الحوثيين المتهورة المُستمرّة في البحر الأحمر وخليج عدن.
وتأتي هذه التصريحات في سياق معركة وصفت بأنها الأكثر استدامة وشراسة تتعرض لها البحرية الأمريكية منذ الحرب العالمية الثانية، حَيثُ هناك هجمات في كُـلّ يوم وأحياناً في كُـلّ ساعة كما تتحدث تقارير لوكالة “أسوشيتد برس” وصحيفة “وول ستريت جورنال” نقلًا عن مسؤولين أمريكيين.
وقال وزير البحرية الأمريكية كارلوس ديل تورو للجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ الأمريكي في مايو/أيار إن البحرية أنفقت ما لا يقل عن مليار دولار على الأسلحة للقتال في البحر الأحمر، لكن هذه لا تمثل كُـلّ التكلفة والتي تم تقديرها حتى نهاية فبراير الماضي ب1. 6 مليار دولار.
وقال السياسي الأمريكي رون بول إن عملية “حارس الازدهار ”الفاشلة“ عملية حارس الازدهار” الفاشلة ورصيف غزة العائم الكارثي ليسا سوى مثالين حديثين لمبادرات باهظة التكلفة، والتي، على الرغم من أنها بلا شك ساهمت في إثراء المقاولين العسكريين، إلا أنها كانت غير قادرة على تحقيق أهدافها المعلنة.
ووَفْقًا لجورجيو كافييرو الرئيس التنفيذي ومؤسّس شركة Gulf State Analytics، فإنه ليس من الواضح ما الذي يمكن للجهات الفاعلة الغربية والإقليمية فعله للتأثير على الحوثيين، الذين أثبتوا قدرتهم على العيش تحت ضغط مكثّـف من الغرب وبعض الدول العربية، لكن إيقاف الحرب في غزة هو أفضل مسار للعمل على إيقاف العمليات اليمنية.
المصدر: الجديد برس
إقرأ أيضاً:
الحديدة ليست الميدان الوحيد : أنصار الله يستهدفون السفن من كل أنحاء اليمن
وعلى الرغم من التوجهات الأميركية المتجددة لتصعيد الأعمال الحربية على الحديدة تحت حجة وقف هذه الهجمات، فإن المعطيات والوقائع على الأرض تكشف أن هذه الرؤية تتسم بالعشوائية وعدم الاستناد إلى تحليل دقيق للواقع العسكري.
إن الدعوات الأميركية لشن هجوم بري على الحديدة تطرح تساؤلات جدية حول جدوى هذه الاستراتيجية. فالمنطق العسكري يقول إن استهداف السفن في المياه الإقليمية لم يكن يوما مرتبطا بموقع جغرافي معين، بل كان مرتبطا بالقدرة على استهداف الأهداف البحرية عبر تقنيات متنوعة.
إذ إن أنصار الله لم يعتمدوا في استهداف السفن على الزوارق المسيرة إلا بعد شهور طويلة من استخدام صواريخ وطائرات مسيرة أُطلقت من مختلف المناطق اليمنية.
وبالتحديد، منذ بداية هجمات أنصار الله على السفن التجارية، تم استهداف 153 سفينة خلال الأشهر السبعة الأولى من المواجهات، ولم يحتاج المهاجمون إلى الزوارق المسيرة في تلك الفترة. بل كانت الهجمات تتم عبر صواريخ مجنحة وطائرات مسيرة أُطلقت من 12 محافظة يمنية. وهذا يثبت أن استهداف السفن لا يعتمد على الحديدة أو على منطقة معينة في البحر الأحمر، بل هو جزء من استراتيجية عسكرية شاملة تتوزع فيها العمليات من عدة مواقع في اليمن.
واليوم، وبعد مرور أكثر من عام على بداية هذه الهجمات، بلغ إجمالي السفن المستهدفة 202 سفينة، منها اثنتان فقط استُهدِفتا عبر الزوارق المسيرة في البحر الأحمر أما بقية السفن، فقد تم استهدافها بصواريخ وطائرات مسيرة، وصواريخ باليستية متطورة انطلقت جميعها من مختلف المناطق اليمنية، باتجاه مسرح العمليات البحري الذي يشمل البحر الأحمر وخليج عدن والبحر العربي والمحيط الهندي وحتى البحر الأبيض المتوسط. هذه الوقائع تؤكد أنه لا توجد علاقة حتمية بين الهجمات على السفن وبين الحديدة بشكل خاص.
يستند التحليل العسكري إلى الوقائع الميدانية، ولا يمكن تجاهل المعطيات التي تؤكد أن الهجمات على السفن لن تتوقف في حال شن حرب برية على الحديدة. بل إن النتيجة ستكون كارثية، حيث ستجد المملكة العربية السعودية نفسها في مواجهة ردود فعل عسكرية عنيفة من قبل أنصار الله، سواء في البحر أو على الأرض وفي حال تم تنفيذ الهجوم البري على الحديدة، فمن المتوقع أن تكون هناك زيادة في الهجمات على السفن السعودية والنفطية، التي تشكل جزءا رئيسيا من الاقتصاد السعودي. ومن الممكن أن يكون الرد الحوثي على أي تصعيد في الحديدة جزءا من استراتيجية عسكرية أوسع تشمل استهداف المنشآت النفطية الحيوية للمملكة
وبالتالي حدوث ازمة عالمية في اسواق الطاقة بالعالم
علاوة على ذلك، فإن ما يبدو أنه اقتراح عسكري عشوائي يتجاهل تماما حقيقة أن أنصار الله يمتلكون القدرة على استهداف السفن باستخدام تقنيات أخرى لا تعتمد على موقع جغرافي معين.
لذلك، يمكن الاستنتاج بأن إشعال حرب على الحديدة لن يؤدي إلى توقف الهجمات على السفن، بل سيؤدي إلى تصعيد أكبر في المواجهات، وسيضر بمصالح الأطراف المتورطة في هذا النزاع، وعلى رأسها السعودية التي تساهم بشكل مباشر في دعم القوات المعادية في اليمن.
هذه المعطيات العسكرية تؤكد أن الرهان الأميركي على استهداف الحديدة كوسيلة لوقف الهجمات على السفن هو رهان خاطئ. بل إن التصعيد العسكري في هذه المنطقة قد يؤدي إلى نتائج عكسية، إذ ستزيد الضغوط على المملكة العربية السعودية التي قد تجد نفسها في مواجهة تهديدات متعددة، سواء كانت في البحر أو على الأرض.
في النهاية، يعكس الموقف الأمريكي تجاه الحديدة فشلا في فهم تعقيدات الواقع العسكري اليمني، ويجسد عجزا في قراءة التفاعلات الاستراتيجية على الأرض. وإذا كانت الولايات المتحدة تظن أن الهجوم على الحديدة سيقيد قدرة أنصار الله على استهداف السفن، فهي بذلك تقامر بمصالحها الإقليمية وتضع الأمن السعودي والاقليمي في خطر أكبر.
وما كان من المفترض أن يكون خطوة نحو وقف الهجمات البحرية عبر وقف العدوان الاسرائيلي على غزة قد يتحول إلى تصعيد عسكري شامل، مع ما يترتب عليه من عواقب كارثية على الأمن الإقليمي، لا سيما بالنسبة للمملكة التي تعتبر أكبر مصدر للنفط في العالم.
- عرب جورنال / كامل المعمري -