أم درمان – "لم نتخيل أن تصبح البيوتُ قبورا"، هكذا يصف المواطن السوداني بمدينة أم درمان طارق عثمان مشهد رؤيته بيت جاره بمنطقة ود نوباوي. ولم يدُر بخلده وهو يتفقد المنزل بعد سيطرة الجيش السوداني على المنطقة، أن يجده قد تحوّل إلى "محكمة ميدانية عُلقت على سقفه مشنقة لإعدام المدنيين من نساء ورجال من قبل قوات الدعم السريع".

ويقول عثمان للجزيرة نت إن المنازل تحوّلت إلى قبور لدفن الجثث، وتم نقل رفاة أكثر من شخص، وما زالت روائح الجثث تفوح من بعض البيوت والمناطق.

لم يكن تفقّد بيوت المواطنين منازلهم في ود نوباوي بالأمر اليسير، حيث توجد جثث أمام المنازل وداخلها، وبيوت فارغة إلا ما تبقى من آثار نهب محتوياتها.

مشنقة معلقة على سقف غرفة أحد المنازل بمنطقة ود نوباوي بأم درمان (الجزيرة) دمار لا يوصف

ويقول المواطن الصادق سليمان محمد ابن أم درمان للجزيرة نت إن الحرب اضطرته للخروج من منزله في ود نوباوي "خاصة بعد اعتداءات الدعم السريع على البيوت والأعراض".

وأضاف أنهم عادوا بعد تحرير أجزاء من منطقة أم درمان ليجدوا دمارا لا يمكن وصفه، حيث تمت سرقة كل ما في منازلهم من أثاث ومستندات وشهادات. ويقول "لم نجد خيارا إلا التعايش مع ما ذهب، ونعيد تأهيل حياتنا كأننا لم نعش في هذه المنازل من قبل ولم نؤسس بها حياة".

وعاد محمد بعد عام من اندلاع الحرب قضاه متنقلا بين ولاية نهر النيل ومصر والسعودية. وأضاف أنه تم دفن جثث كثيرة أمام المنازل أو داخلها أو في ميدان قريب لتعثّر الوصول للمقابر وعدم وجود مشيعين وصعوبة التحرك خاصة في أم درمان القديمة.

بدوره، يُعبّر طارق سليمان من سكان مدينة ود نوباوي عن دهشته وهو يتفقد بيت جاره وقد تحول إلى "مقر نُصبت في سقفه مشنقة لإعدام المدنيين".

ويقول سليمان الذيّ يعمل محاميا -للجزيرة نت- إن شعورا رهيبا يتملّكه، وإن الملابس كانت متناثرة على الأرض، وإن شعور الخوف يسيطر على الإنسان داخل هذا المنزل الذي بات يعرف الآن "ببيت المشنقة". وتحدث عن وجود مدرسة أيضا بالحالة ذاتها قرب هذا المنزل.

ملابس متناثرة وحفرة داخل ما قيل إنها غرفة إعدام في أحد منازل أم درمان (الجزيرة) بيت الإعدام

وتُظهر صور وفيديوهات حصلت عليها الجزيرة نت مشاهد لمشنقة في إحدى غرف المنزل في ود نوباوي بجانب حفرة على الأرض. وتوثق الفيديوهات وجود بعض الحفر وتناثر الملابس على أرضية المنازل وأوراق "المحكمة الميدانية" التي دُونت فيها أسماء مواطنين، إضافة إلى قبور خارج المنزل تناثرت قربها رفاة جثث.

من جانبه، قال مصدر رفيع -رفض الكشف عن هويته- للجزيرة نت إنه بعد تقدم الجيش نحو مناطق في أم درمان تم العثور على مفرمة كهربائية كانت في سوق المدينة، استخدمتها قوات الدعم السريع كأداة للتعذيب في مدرسة بحي ود البصير واتخذتها مقرا لها للأسر والاستجواب.

وبحسب المصدر ذاته، فقد تم العثور على هياكل عظمية لأياد وأصابع قرب هذه المفرمة، وأوراق مُهرت بتوقيع قائد استخبارات الدعم السريع في ود نوباوي. وأضاف أن عددا من الأسرى الذين تم اعتقالهم بالمدرسة وفروا لاحقا، قالوا إن المفرمة كانت أداة للتحقيق، وإنهم سمعوا صوتها وصراخ أشخاص، وإنهم كانوا يشعرون بالسعادة عند انقطاع الكهرباء وتوقف عمل المولد الكهربائي مما يعني عدم تشغيل المفرمة.

مقابر مدنيين بأم درمان (إعلام الجيش السوداني)

من جهته، قال مصدر أمني للجزيرة نت إن قوات الدعم السريع كان تقوم في مناطق سيطرتها بأم درمان باختطاف أشخاص، ومطالبة ذويهم بفدية لإطلاق سراحهم، وأحيانا تقوم بتصفية من لا تدفع عائلاتهم المبالغ المطلوبة. كما منعت المدنيين من دفن جثث ذويهم في المقابر، واضطر عدد منهم إلى الدفن في البيوت خاصة في حي المسالمة غربي أم درمان.

في المقابل، وصف مستشار قائد الدعم السريع الباشا طبيق الحديث عن نصب الدعم السريع مشانق إعدام في منازل مواطنين بالاتهامات الباطلة. وقال للجزيرة نت إنها اتهامات لا أساس لها من الصحة، وإن لقوات الدعم السريع مستشارين قانونين وسجونا معلومة للجميع، ولا يوجد سبب واحد يجعلها تستخدم بيوتا لإعدام المواطنين.

بقايا ملابس ووثائق من داخل أحد المنازل بأم درمان (الجزيرة) عودة حذرة

يُذكر أن الجيش السوداني تقدّم عبر عملية عسكرية وبسط سيطرته في أحياء وسط مدينة أم درمان غربي العاصمة الخرطوم منذ منتصف فبراير/شباط الماضي. وتشهد أحياء فيها عودة تدريجية لمواطنين بعد تقدم الجيش، رغم وقع القصف العشوائي للدعم السريع على مناطق في المدينة.

ويعود بعض السكان لتفقد منازلهم ونقل ما تبقى فيها من ممتلكات إلى مناطق أخرى بأم درمان. ووصف شاهد عيان عودة المواطنين بالخجولة.

وقال للجزيرة نت إن عودة المواطنين تأتي لتفقد منازلهم في ظل عدم استقرار الخدمات، وآخرون لم يكن أمامهم خيار سوى العودة بعد نزوح للولايات وقلة فرص العمل وارتفاع أسعار الإيجار، في حين انتقل بعض المواطنين العائدين لمناطق شمال محلية كرري، حيث تسيطر قوات الجيش وتوصف بالأكثر أمانا.

ويؤكد شاهد العيان انتشار السلاح في عدد من الأحياء، ووجود مسلحين مجهولين، وتنفيذ الجيش عددا من الحملات أسفرت عن القبض على عدد من قوات الدعم السريع.

يُشار إلى أنه في مايو/أيار الماضي، أعلنت قوات الشرطة اكتمال الاستعدادات لمزاولة قسم أم درمان شمال مهامه المعتادة في فتح البلاغات وأعمال الشرطة.

ويتوزع سكان أم درمان بين أحياء تتبع للجيش وأخرى للدعم السريع، وتسيطر قوات الجيش على محلية كرري وشمالي محلية أم درمان فيما يعرف بوسط أم درمان، في حين يسيطر الدعم السريع على أجزاء من الجانب الجنوبي من أم درمان وأجزاء من محلية أمبدة.

ومنذ اندلاع الحرب في منتصف أبريل/نيسان 2023، يُعد السودان بؤرة لأكبر أزمة نزوح في العالم. ووفقا للمنظمة الدولية للهجرة نزح نحو 10.7 ملايين شخص، منهم 9 ملايين داخل البلاد. وبحسب تقديرات ولاية الخرطوم، يبلغ عدد سكانها 15 مليونا فر منهم 5 ملايين بسبب الحرب.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات قوات الدعم السریع بأم درمان أم درمان

إقرأ أيضاً:

موثقة بفيديو صادم.. تصفية أكثر من 31 مواطن على يد الدعم السريع بأم درمان في أبشع مجزرة وجريمة قتل بدم بارد.. مواقف مفاجئة من صمود والمؤتمر السوداني والأمة القومي

أم درمان- متابعات تاق برس- نفذت قوات الدعم السريع أبشع مجزرة وجريمة قتل بشعة وتصفية ميدانية لأكثر من 31 مواطن يرتدون زيًا مدنيًا بمنطقة الصالحة جنوب أم درمان بينهم أطفال “قُصر” ووثقت الجريمة في مقاطع فيديو صادمة ومروعة وقتل مدنيين بدم بارد بزعم انتمائهم الى الجيش السوداني.

 

 

وطالب محامو لطوارئ قوات الدعم السريع باتخاذ إجراءات رادعة وفورية ضد قوات الدعم السريع لضمان عدم إفلات الجناة من العقاب، وحملوها وقياداتها كامل المسؤولية القانونية والجنائية عن عمليات التصفية والقتل العمد للمدنيين عزل في منطقة الصالحة بمدينة أم درمان اليوم.

https://www.tagpress.net/wp-content/uploads/2025/04/ssstwitter.com_1745785300684.mp4

ولفت بيان لمحامي الطوارئ،:” وثق عناصر يتبعون لقوات الدعم السريع، عبر تسجيلات مصورة، جريمة تصفية مدنيين عزل في منطقة الصالحة بمدينة أم درمان. أظهرت المقاطع مشاهد صادمة لقتل مدنيين بدم بارد”.

ونبه البيان ان التسجيلات المصورة :” تضمنت اعترافًا صريحًا من أحد قادة الدعم السريع بإصدار أوامر مباشرة بتصفية المدنيين.واعتبروا إن وجود هذه الأدلة، التي جاءت من داخل صفوف القوات المنفذة للجريمة، يثبت بما لا يدع مجالًا للشك الطابع العمدي والمنهجي لهذه الانتهاكات”.

واضاف البيان :”ان تصفية المدنيين العزل تشكل انتهاكًا جسيمًا لكافة المواثيق الدولية، وعلى رأسها اتفاقيات جنيف والقانون الدولي الإنساني، وترقى إلى مستوى جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. ارتكاب هذه الجرائم بصورة منظمة، وتوثيقها بمقاطع مصورة علنية، يعكس مدى استهانة قوات الدعم السريع بأرواح المدنيين، ويؤكد اعتمادها سياسة الإفلات من العقاب كنهج ممنهج لترهيب السكان المدنيين وفرض سطوتها بالقوة”.

ودان التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة “صمود” بأشد العبارات الجرائم البشعة التي ترتكبها قوات الدعم السريع، عقب نشرها مقطع فيديو يؤكد فداحة وفظاعة الجرائم المرتكبة في حرب الخامس عشر من أبريل.

 

وأظهر مقطع فيديو مجموعة من الشباب بالزي المدني، زعمت القوات أنهم يتبعون لسلاح المهندسين، قبل أن تقوم بإطلاق وابل من الرصاص عليهم، مما أدى إلى مقتلهم، بشكل بشع ووحشي.

واضاف تحالف صمود فى بيان له اليوم :”يعد هذا الفعل انتهاكًا صارخًا للقانون الإنساني الدولي ولكافة القوانين والأعراف التي تحمي حقوق الإنسان في أوقات النزاعات المسلحة”.

 

 

وجدد التحالف إدانته لاستهداف معسكرات النازحين ومحطات الكهرباء بولايات الشمالية ونهر النيل، واعتبر أن هذه الاعتداءات تساهم في تعميق المأساة الإنسانية وتدمير ما تبقى من مقومات الحياة في البلاد.

 

 

ودعا “صمود” مجددًا أطراف النزاع إلى تحكيم صوت العقل ووقف هذه الحرب فورًا ودون إبطاء، وناشد الأسرة الدولية والإقليمية تكثيف جهودها لتنسيق الدعم الإنساني ومعالجة الكارثة المتفاقمة في السودان.

 

 

وحث :”كافة أبناء وبنات الشعب السوداني إلى ما اسماها توحيد الصفوف وحشد الطاقات من أجل ترجيح كفة جهود السلام ووقف نزيف الدم، فبلادنا تنهار، وشعبنا يموت كل يوم جراء حرب وحشية إجرامية تتسع رقعتها وتطال كل جزء من وطننا الجريح”.

مواقف مفاجئة من صمود والمؤتمر السوداني وحزب الامة القومي بإدانة الجريمة والانتهاكات التي ارتكبتها قوات الدعم السريع ببيانات صريحة ربما تعد الأولى بعد اتهامات طالتهم بعدم إدانة الدعم السريع والتماهي معه وتبني مواقفه وغض الطرف عن الجرائم البشعة التي ارتكبها في حق المدنيين منذ اندلاع الحرب قبل أكثر من عامين.

 

وقال حزب الأمة القومي في بيان ، تابع حزب الأمة القومي، ببالغ الأسى والاستنكار، المجزرة البشعة التي ارتكبتها قوات الدعم السريع بتصفية مدنيين عزل بمنطقة الصالحة جنوب أم درمان، في جريمة نكراء استهدفت أشخاصاً يرتدون زياً مدنياً. وفي ذات السياق، واصلت قوات الدعم السريع هجماتها باستخدام الطائرات المسيرة لاستهداف محطات الكهرباء، ومصفاة الجيلي، وعدد من المرافق المدنية الحيوية.

إن حزب الأمة القومي يدين بأشد العبارات هذه الانتهاكات الجسيمة التي ترقى إلى جرائم حرب مكتملة الأركان، وتشكل خرقاً فاضحاً للقانون الدولي الإنساني. كما يندد الحزب باستهداف المنشآت المدنية والخدمية التي تمثل شريان حياة للمواطنين.

ويطالب الحزب المجتمع الدولي، والمنظمات الحقوقية والإغاثية، برصد هذه الجرائم، وتوثيقها، وإدانتها بصورة واضحة، والمطالبة بمحاسبة مرتكبيها وتقديمهم للعدالة. كما يجدد الحزب مطالبته لقيادة قوات الدعم السريع بوقف هذه الإنتهاكات المتكررة فوراً، والإلتزام الكامل بحماية المدنيين والأسرى وفقاً للمواثيق والمعاهدات الدولية، وعدم إستهداف المرافق العامة تحت أي ذريعة.

ويؤكد الحزب أن إستمرار هذه الحرب العبثية بهذه الوتيرة الخطيرة بات يهدد حياة المدنيين ويدمر البنية التحتية والخدمية، التي أنفق عليها الشعب السوداني تضحيات جساماً عبر عقود. ويشدد الحزب على أن السبيل الوحيد لحقن دماء الأبرياء وإنهاء معاناة المواطنين هو التوجه الجاد نحو الحلول السلمية التفاوضية، التي تضع حداً للحرب وتجنب البلاد مزيداً من القتل، والتوحش، والتشريد، والدمار.

في السياق، قال حزب المؤتمر السوداني – ولاية الخرطوم في بيان حول جريمة قتل المدنيين في منطقة الصالحة جنوب أم درمان انه يتابع ببالغ القلق والغضب استمرار جرائم استهداف المدنيين العزل في ظل الحرب الجارية التي تمزق بلادنا. فقد ارتكبت قوات الدعم السريع صباح اليوم ٢٧ أبريل ٢٠٢٥ جريمة مروعة في منطقة الصالحة جنوب أم درمان، حيث أقدمت على قتل مدنيين أبرياء بصورة متعمدة ومخالفة لكل القوانين والأعراف الدولية.

 

 

تأتي هذه الجريمة امتدادًا لانتهاكات مروعة ظلت تمارس بحق المدنيين في مختلف أنحاء البلاد، مما يفضح الطبيعة الوحشية للحرب، ويوضح أن استهداف الأبرياء العزل صار سياسة ممنهجة تهدف لترهيب المجتمعات وتفكيك النسيج الاجتماعي.

إن حزب المؤتمر السوداني – ولاية الخرطوم، إذ يدين بأشد العبارات هذه الجريمة البشعة، يحمل قوات الدعم السريع المسؤولية الكاملة عن هذه الانتهاكات ويؤكد أن الإفلات من العقاب لن يدوم. ويدعو إلى وقف فوري للانتهاكات وضمان حماية المدنيين وفق القوانين الدولية والإنسانية، والعمل على توثيق كل هذه الجرائم تمهيدًا لمساءلة مرتكبيها أمام العدالة الوطنية والدولية.

إننا في حزب المؤتمر السوداني نؤكد التزامنا بالنضال السلمي من أجل دولة مدنية ديمقراطية تحترم حقوق مواطنيها، وتضع حداً لدورة العنف والحروب التي يدفع ثمنها الأبرياء. وسنواصل العمل من أجل وقف هذه الكارثة وإرساء أسس العدالة والسلام في السودان.

 

الدعم السريعمجزرة الصالحة

مقالات مشابهة

  • 41 قتيلا في الفاشر والدعم السريع تدعو لإخلاء المدينة
  • طيران الجيش ينفذ ضربات جوية استهدفت مواقع قوات الدعم السريع في مدينة الدبيبات
  • الدعم السريع ترتكب مجزرة أودت بحياة 31 شخصا وتدمر طائرات بمطار الخرطوم
  • قتلى وجرحى في اشتباكات عنيفة بين الجيش والدعم السريع بالفاشر
  • مصادر طبية: قوات الدعم السريع نفذت مجزرة في أم درمان
  • مجزرة الصالحة صدمة سودانية جديدة واتهامات للدعم السريع بارتكابها
  • في بيان أصدرته “الدعم السريع” تتبرأ من مقطع فيديو تضمن جثامين مكدسة بأم درمان وتتهم كتائب البرهان بالحادثة
  • موثقة بفيديو صادم.. تصفية أكثر من 31 مواطن على يد الدعم السريع بأم درمان في أبشع مجزرة وجريمة قتل بدم بارد.. مواقف مفاجئة من صمود والمؤتمر السوداني والأمة القومي
  • وصفها بـ «البشعة» .. تحالف «صمود» يُدين جريمة الدعم السريع بـ «الصالحة» أم درمان 
  • في جريمة وجدت إدانة واسعة .. قوات الدعم السريع تقتل «31» مدنياً في «الصالحة» أم درمان