توالت الانتقادات -من قبل قوى المعارضة ورموزها في إسرائيل- لحكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، مع تصاعد أزمة قانون التجنيد. بينما رجح محلل عسكري إسرائيلي حدوث صدام وشيك بين نتنياهو وقادة الجيش جراء استمرار الحرب على غزة للشهر التاسع.

وقال زعيم حزب "إسرائيل بيتنا" أفيغدور ليبرمان إن حكومة نتنياهو "ليست يمينية ولا يسارية بل حكومة كارثية ونحن بحاجة إلى بديل عنها".

ورأى ليبرمان أن إيران "وضعت هدف تدميرنا، بينما حكومة نتنياهو منشغلة بقوانين لحزب شاس".

بدوره، قال زعيم حزب "أمل جديد" غدعون ساعر إن حكومة نتنياهو عاجزة عن تحقيق أهداف الحرب ويجب استبدالها، وفق تعبيره.

وأضاف أن "القانون الحاخامي فضيحة غير مسبوقة" مؤكدا أن إسرائيل بحاجة لجيش كبير وقوي لكن الحكومة تعمل على تمرير قانون التهرب من الخدمة العسكرية، حسب وصفه.

وتأتي هذه الانتقادات المتصاعدة مع انعقاد لجنة الداخلية والأمن بالكنيست (البرلمان الإسرائيلي) اليوم الثلاثاء لبحث قانون تجنيد اليهود المتدينين (الحريديم) استعدادا لعرضه للتصويت بالقراءتين الثانية والثالثة، قبل أن يصبح قانونا نافذا.

وحاليا، يتمكن من ينتمي للحريديم عند بلوغ 18 عاما -وهو سن الالتحاق بالخدمة العسكرية للجميع بإسرائيل- من تجنب التجنيد عبر الحصول على تأجيلات متكررة لمدة عام واحد بحجة الدراسة بالمدارس الدينية، إلى حين الوصول إلى سن الإعفاء من التجنيد (26 عاما حاليا).

ومن شأن مشروع القانون -الذي تجري مناقشته حاليا- أن يخفض سن إعفاء الحريديم من 26 عاما إلى 21 عاما.

وبينما تعارض الأحزاب الدينية تجنيد الحريديم، فإن الأحزاب العلمانية والقومية تؤيده وتطالب المتدينين بالمشاركة في "تحمّل أعباء الحرب" وهو ما تسبب لنتنياهو في أزمة تهدد ائتلافه الحاكم.

صدام متوقع

من ناحية أخرى، رجح محلل الشؤون العسكرية بصحيفة هآرتس الإسرائيلية عاموس هارئيل أن يحدث صدام وشيك بين قادة الجيش ونتنياهو بسبب أعباء الحرب المستمرة على غزة.

وقال المحلل العسكري إن "القوات الإسرائيلية المنهكة تحتاج إلى فترة راحة، لكن نتنياهو يجبر الجيش على مواصلة القتال في غزة".

وأضاف "يريد القادة العسكريون الإسرائيليون إنهاء العملية في رفح (جنوبي قطاع غزة) لإعطاء القوات فترة راحة، والاستعداد لتصعيد محتمل بالشمال (على حدود لبنان) لكن نتنياهو لا يزال مصرا، ومن المرجح أن يصطدم الجانبان عاجلا وليس آجلا".

وأشار المحلل الإسرائيلي إلى أن العلاقات المتوترة للغاية بين نتنياهو وقيادة الجيش وجهاز الأمن الداخلي (الشاباك) ستواجه قريبا محطة أخرى، حيث من المتوقع أن يتبنى وزير الدفاع يوآف غالانت مرة أخرى "موقفا مهنيا يتماشى مع موقف الجيش مع التركيز على أهداف الحرب".

وأضاف أن "غالانت والجنرالات يسعون إلى وضع نهاية مبكرة للعمليات في رفح، والتحول إلى نهج ينطوي على غارات محدودة في قطاع غزة، وجعل الجيش يركز على الاستعداد لاحتمال نشوب حرب شاملة مع حزب الله في الشمال".

ومنذ أكثر من 8 أشهر، تواصل إسرائيل حرب إبادة على غزة، كما يصفها خبراء دوليون، حيث استشهد وأصيب عشرات الآلاف، فضلا عن تدمير نحو 70% من البنية التحتية المدنية من منازل ومدارس ومستشفيات، وذلك رغم قرارات دولية عدة من مجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية تطالبها بوقف العمليات العسكرية.

في الوقت نفسه، تتصاعد المواجهة بين حزب الله اللبناني والجيش الإسرائيلي عبر الحدود، وهو ما زاد المخاوف في تل أبيب وواشنطن من اندلاع حرب شاملة تفضي إلى "تعدد ساحاتها".

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات

إقرأ أيضاً:

بعد قرار المحكمة العليا.. لماذا يثير تجنيد الحريديم كل هذا الجدل في إسرائيل؟

قضت المحكمة العليا في إسرائيل اليوم الثلاثاء بأنه يتعين على الحكومة تجنيد طلاب المعاهد اليهودية المتزمتين دينيا (الحريديم) في الجيش، وهو قرار من المرجح أن يحدث صدمة في ائتلاف رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

ويُلزم القانون معظم الإسرائيليين بالخدمة في جيش الاحتلال الإسرائيلي على عكس طلاب المدارس الدينية اليهودية الذي يتم إعفاؤهم منها منذ عقود.

وأصبح الإعفاء المعمول به منذ عقود محل خلاف واسع في إسرائيل، خاصة مع بداية الحرب على غزة وتزايد حدة الصراع مع حزب الله على الحدود مع لبنان.

وبات إعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية أكثر إثارة للجدل، لأن الجيش الإسرائيلي يتألف في الأغلب من جنود في سن المراهقة وعدد من المدنيين الأكبر سنا يتم استدعاؤهم للاضطلاع بالخدمة العسكرية الاحتياطية، فضلا عن أنها خدمة منهكة بسبب الحرب متعددة الجبهات في غزة وجنوب لبنان.

ماذا يكمن وراء الخلاف؟

يعود إعفاء اليهود المتزمتين دينيا (الحريديم) إلى الأيام الأولى لتأسيس إسرائيل في 1948 حينما أعفى الاشتراكي ديفيد بن غوريون -الذي كان أول رئيس للوزراء- نحو 400 طالب من الخدمة العسكرية ليتسنى لهم تكريس أنفسهم للدراسة الدينية.

وكان بن غوريون يأمل من خلال ذلك إبقاء المعرفة والتقاليد اليهودية حية بعد أن كادت تُمحى خلال ما تعرف بالمحرقة النازية (الهولوكوست).

ومنذ ذلك الحين أصبحت الإعفاءات مصدر إزعاج متزايد مع توسع الطائفة سريعة النمو لتشكل أكثر من 13% من سكان إسرائيل، وهي نسبة من المتوقع أن ترتفع إلى نحو ثلث السكان في غضون 40 عاما بسبب ارتفاع معدل النمو السكاني بينهم.

وترتكز معارضة الحريديم الانضمام إلى الجيش على إحساسهم القوي بالهوية الدينية، وهو شعور تخشى كثير من الأسر أن يضعف بفعل الخدمة في الجيش.

ويؤدي بعض رجال الحريديم الخدمة العسكرية، لكن معظمهم لا يؤدونها، وهو شيء يشعر الكثير من العلمانيين الإسرائيليين بأنه يفاقم الانقسامات الاجتماعية.

ولا يعمل كثير من رجال الحريديم لكسب المال، لكنهم يعيشون على التبرعات والمزايا الحكومية وعلى أجور زوجاتهم اللائي تعمل كثير منهن غالبا بأجور زهيدة، ويعيش اليهود الحريديم في الأغلب في أحياء يغلب عليها السكان المتدينون ويكرسون حياتهم لدراسة الدين.

وبالنسبة للعلمانيين الإسرائيليين الملزمين بالخدمة في الجيش والذين تسهم ضرائبهم في دعم الحريديم، فإن الإعفاءات تثير لديهم شعورا بالاستياء منذ فترة طويلة، وتزايد هذا الاستياء منذ اندلاع الحرب في غزة.

وينظر الكثير من الإسرائيليين إلى الحرب على حركة حماس على أنها معركة وجودية من أجل المستقبل، وانضم نحو 300 ألف من قوات الاحتياط إلى القتال.

وتشير استطلاعات الرأي إلى وجود تأييد شعبي واسع للغاية لإلغاء إعفاء الحريديم من التجنيد.

ما المخاطر بالنسبة لنتنياهو؟

بالنسبة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو فإن المخاطر كبيرة، فمع أن الرأي العام يبدو مؤيدا لإلغاء الإعفاء فإن حكومته تضم حزبين دينيين يمكن أن يؤدي انسحابهما من الائتلاف إلى إجراء انتخابات جديدة تشير استطلاعات الرأي إلى أن نتنياهو سيخسرها.

وفي السابق، تعهد الحزبان -وهما حزب يهودية التوراة المتحدة وحزب شاس– بالتصدي لأي محاولات لإلغاء الإعفاء.

في المقابل، أظهر البعض داخل حزب الليكود -الذي يتزعمه نتنياهو- عدم الارتياح أو المعارضة لإعفاء الحريديم من الخدمة العسكرية، ومنهم وزير الدفاع يوآف غالانت، وهو جنرال سابق وعضو بارز في حزب الليكود.

وصوّت غالانت ضد مشروع قانون يناقشه الكنيست (البرلمان) حاليا يقضي بدخول بعض اليهود المتزمتين دينيا إلى الجيش تدريجيا بدلا من الإنهاء الفوري والكامل للإعفاء.

ماذا سيحدث الآن؟

لا يزال مشروع قانون التجنيد -الذي تمت الموافقة عليه بالفعل في القراءة الأولى- يأخذ طريقه في البرلمان، وإذا تمت الموافقة عليه بعد تلك العملية التي قد تشهد بعض التعديلات فإن ذلك قد يؤدي إلى نزع فتيل أي أزمة فورية.

لكن إذا تعثر مشروع القانون وصمد حكم المحكمة فقد يضع ضغوطا إضافية على ائتلاف نتنياهو، مما قد يدفع البلاد إلى إجراء انتخابات إذا انهار الائتلاف.

مقالات مشابهة

  • الحرب في غزة تنهي إعفاء الحريديم من التجنيد
  • صحيفة: نتنياهو بدأ مرحلة جديدة في الصراع مع خصومه
  • وزير إسرائيلي يؤكد: إسرائيل إلى التقسيم
  • المحكمة العليا الأسرائيلية تأمر الجيش بتجنيد اليهود المتشددين الحريديم في ضربة لحكومة نتنياهو
  • وزير إسرائيلي: فرض التجنيد على اليهود الحريديم سيؤدي إلى تقسيم إسرائيل
  • وزير إسرائيلي: قرار المحكمة العليا فرض التجنيد على الحريديم يقود لتقسيم البلاد إلى دولتين
  • هل يهدد قرار المحكمة العليا بتجنيد الحريديم ائتلاف حكومة نتنياهو؟
  • بعد قرار المحكمة العليا.. لماذا يثير تجنيد الحريديم كل هذا الجدل في إسرائيل؟
  • محلل إسرائيلي: تدمير لبنان للضغط على حزب الله استراتيجية فاشلة
  • محلل سياسي: لا يوجد مؤشر بأن حكومة إسرائيل تريد وقف الحرب بغزة