فى الأسبوع الماضى، نشرت هنا، فى نفس هذه المساحة، حواراً دار بينى وبين تطبيق الذكاء الاصطناعى (شات جى بى تى Chat GPT ) وكان الحوار يدور حول ما يحدث فى غزة من جرائم حرب ترتكب فى حق الشعب الفلسطينى، وتبين من خلال الحوار أن التطبيق لديه توجه لحماية إسرائيل وقادتها، حتى إنه لم يوافق على وصف نتنياهو بأنه مجرم حرب!!

هذا الحوار الذى جرى فى الأسبوع الماضى، هو جرس إنذار بأن مقبلون على مرحلة سيطرة الذكاء الاصطناعى على كل مناحى الحياة فوق الكرة الأرضية، وهو توجه قادم لا محالة ونحن مضطرون للتعامل معه كواقع لا يمكن تجاهله أو الهروب منه، ولكن مشكلة هذا الواقع أن مفاتيحه ستكون - قطعاً - مع مبتكريه وصانعيه ومالكيه، أما نحن فى الشرق الأوسط والمنطقة العربية، سنكون - فقط - مجرد مستهلكين ومستقبلين لهذا الابتكار عير المسبوق، وسوف يسيطر علينا ويُملى علينا شروطه وأدواته، وهو ما يدعونا للبحث عن وسيلة تجعلنا على الأقل، فاعلين، وقادرين على صناعة البدائل العربية لهذا الاختراع الخطير.

 

قد تقول لى.. ماهى المشكلة.. لقد سبق الذكاء الاصطناعى، ابتكارات أخرى، ولم يحدث شىء.. ما زلنا نتلقى معلوماتها وامكاناتها، وبما يقضى علينا.. لا يا عزيزى.. ليس الهدف القضاء عليك ولكن الهدف هو السيطرة عليك وعلى مقدراتك.

لقد سيطرت التكنولوجيا علينا.. ولكننا لسنا فاعلين فيها كما يجب.. والسيطرة جاءت من إدمانها فيما هو ليس سبيلاً للإنتاج والعمل.. فمثلاً أنت تستطيع طرح السؤال على نفسك: هل يمكن أن تعيش بدون جوجل؟ هل تتصور أنك تبحث عن معلومة، ثم تُمسك بهاتفك المحمول، وتقوم بتشغيل الإنترنت، والدخول إلى المتصفح، ومنه إلى محرك البحث جوجل، وتنتظر التحميل، فلا تجد المحرك الأشهر والأكثر استخداماً فى العالم؟ 

طبعاً الإجابة سهلة- عندنا- وهى أننا لن نستطيع الاستغناء عن كحرك البحث المهم.. ولكن نفس السؤال مطروح باهتمام وقلق وقوة فى العالم الغربى الذى يناقش الآن خطورة زيادة الإقبال على موقع «تشات جى بى تى» القائم على تقنيات الذكاء الاصطناعى.. فقد يصبح «تشات جى بى تى» بديلاً لجوجل، ولكنه البديل الأسوأ لأنه يهدد العقل البشرى بالتوقف والاعتماد على الموقع الجديد فى كل شىء.. وأصبح الشغل الشاغل لمراكز الأبحاث التكنولوجية الغربية الآن هو كيفية مواجهة مخاطر الوحش الإلكترونى الجديد القادم. 

الخطورة واضحة.. فإذا كان جوجل يساعدك على البحث، ويوفر وقتك الذى تنفقه فى البحث عن المعلومات فإن «تشات جى بى تى» يقوم بأداء مهام إضافية بالنيابة عنك، فهو يقوم بالبحث، والتدقيق، والكتابة، وتنفيذ أعمال كثيرة مثل المشروعات البحثية العلمية، مما يجعل دور الإنسان محدوداً حتى فى المهمة التى تفرد بها منذ بدء الخليقة وهى«التفكير»!! 

الغريب أن هذا الموقع الخطير يقوم بأعمال أخرى، مثل مقابلات العمل، وكتابة القصص، وكتابة المقالات والموضوعات بدلاً من الصحفيين، والأخطر من ذلك هو كتابة واجبات الأطفال المدرسية، مما يهدد العقل البشرى بالتوقف، والاعتماد على عقل الكترونى بديل!! 

من أغرب الأخبار التى نُشرت فى الصحف الأمريكية أن روبوت مجهزا ببرنامج «تشات جى بى تى» قد نجح بتفوق فى امتحان كلية القانون فى إحدى الجامعات الأمريكية، وقد تضمن الامتحان أسئلة تتطلب كتابة مقالات عن موضوعات قانونية مختلفة مثل القانون الدستورى والضرائب والإضرار بالآخرين، وفقًا لما نشرته شبكة سى بى إس الإخبارية الأمريكية. 

وقال أساتذة فى كلية القانون التى أجرت الامتحان إن الروبوت أظهر فهمًا عميقًا لأساسيات القواعد القانونية، وكانت أفكاره تتميز بالتنظيم وتماسك البنية، ولكن أداة الذكاء الاصطناعى واجهت صعوبة عندما تعلق الأمر بكتابة الاستجوابات المفتوحة التى لا يمكن الإجابة عنها بـ«نعم» أو «لا» بل تحتاج تفسيرًا وتوضيحاً. 

وموقع جى بى تى (ChatGPT)‏ هو تطبيق وروبوت دردشة من تطوير شركة أوبن إيه آى الأمريكية، وبرنامج الموقع يعتمد على الذكاء الاصطناعى للإجابة على أسئلة المستخدم بطريقة إبداعية وكتابة مقالات عندما يطلب منه ذلك. 

وطبقاً لما هو منشور فى موقع wikipedia فإن هناك عدة أسباب قد تجعل البعض يخشون استخدام تقنية Chat GPT الذكاء الاصطناعى. ومن بين هذه الأسباب: القلق من استخدام البرنامج فى مأموريات سيئة مثل الحصول على معلومات حول الاحتيال وسرقة المنازل، وقدرة البرنامج على إنتاج مواد متفجرة وقنابل. كما يمكن لمحركات البحث التى تعمل بالذكاء الاصطناعى تمرير معلومات خاطئة أو أخبار مزيفة، خاصة إذا تم تدريب نموذج الذكاء الاصطناعى على هذه المهمة باستخدام مصادر غير موثوقة. 

وعلى الرغم من أن الشركة المطورة للبرنامج قالت إنه مُدرب لرفض الأسئلة الضارة، إلا أن الواقع يقول «التقنية ليست مستقرة بعد ومن المحتمل أن يوجد فيها ثغرات». 

بعض الخبراء يقول إن تطبيقات مثل Chat GPT قد تستولى على العديد من الوظائف التى يقوم بها البشر وذلك خلال عدة سنوات من الآن، وخاصة بعد استخدام تقنية التعلم المُعزز، وهو ما قد يؤدى إلى فقدان وظائف عديدة للكثيرين من المحترفين فى مجالات مختلفة.

فرنسا واجهت «تشات جى بى تى» طبقاً لما نشره موقع The HuffPost فى تقرير تم إعداده بالتعاون مع وكالة فرانس برس، حيث قام معهد الدراسات السياسية فى باريس المعروف باسم سيانس بو، بمنع طلابه من استخدام روبوت الذكاء الاصطناعى تشات جى بى تى القادر على كتابة نصوص بناءً على أسئلة بسيطة، وفى رسالة موجهة إلى جميع الطلاب والمعلمين، أكدت إدارة المعهد أن استخدام تشات جى بى تى أو أى أداة أخرى تقوم على الذكاء الاصطناعى فى سيانس بو، من دون الإشارة إلى ذلك صراحة، ممنوع منعًا باتًّا على الطلاب أثناء إنتاج أعمال كتابية أو شفوية. 

عموماً.. الغرب قلق جداً من صنيعته.. الذكاء الاصطناعى.. أما نحن -من المحيط للخليج- فلم يصيبنا القلق، بل ومتأكدون أن تصنيفنا كمستهلكين فيه راحة لنا ورضاء من صناع التقنية الجديدة.

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: نور الذكاء الاصطناعي الذکاء الاصطناعى

إقرأ أيضاً:

هاجر جلال: التعايش مع الأهوال قدر الشرق الأوسط

قالت الإعلامية هاجر جلال مقدمة برنامج «منتصف النهار»، إن الذي يحدث في الشرق الأوسط ليس بسيطا، وكأنما كتب على هذا الجزء الصعب من العالم أن يتعايش دوما مع الأهوال، دول تتصدى وحروب لا تكتمل وصراعات تنتهي بدخول دول في نفق مظلم.

سوريا تعرضت لما يشبه الزلزال

وأوضحت «جلال»، خلال تقديم برنامج «منتصف النهار»، المٌذاع عبر شاشة «القاهرة الإخبارية»، أن ما حدث في سوريا كان أشبه بالزلزال بعده تغير كل شيء ولم يتبقى في مخيلة أحد شيئا يمكن أن يحدث، مؤكدة أنه من أسبوعين والعالم يراقب ما يجري على أرض سوريا، والحالمون يريدون لسوريا الجديدة أن تضم كل سوريين دون إقصاء لأحد أو تدخل من أحد، وأن تعيش في ظل دستور يحترم التعددية وحق الاختلاف.

 

وشددت على أنه بالأمس أعلنت السلطات السورية أن اتفاقا قد تم لحل الفصائل المنتشرة في البلاد ودمجها في جيش سوريا الجديد، في خطوة يراها المراقبون للمشهد السوري المتغير أن تحقيقها ربما يصطدم بتعقيدات كبرى، فهو أمر صعب بحكم التباين في التوجهات.

 تدمير قدرات الجيش السوري

وتابعت: «أسئلة كثيرة من حق السوريين أن يعرفوا إجاباتها حول الجيش السوري الجديد وايضًا في وقت تصرفت فيه إسرائيل كعادتها بعدوانيه صارخه وعدوان ودمرت أخر قدرات الجيش السوري بحجة أن تكون سوريا الجديدة مصدرا للمتاعب والاخطار في المستقبل.

وشددت على أن هناك تساؤلات الآن يتسائلها الجميع وهي «من سيتولي رعاية بناء الجيش السوري الجديد وتسليحه، هل يمكن للفصائل الانخراط في جيش نظامي؟»، مؤكدة أن سوريا ليست في معزل عن غيرها أنها تقيم في قلب المنطقة استقرارها يعني استقرار كل جيرانها بلا استثناء، موضحة أن الاستقرار السوري هو مطلب عربي جامع.

 

مقالات مشابهة

  • إلحاق عدد من أعضاء النيابة العامة بدورة الذكاء الاصطناعى.. صور
  • سفير روسيا في مصر: التسامح الأمريكي مع إسرائيل أشعل الشرق الأوسط
  • هاجر جلال: التعايش مع الأهوال قدر الشرق الأوسط
  • كوميديا الشرق الأوسط الجديد والتراجيديا العربية
  • هل يمكن استخدام هاتف تسلا الذكي على سطح القمر؟
  • العراق بالمقدمة.. واردات الهند من نفط الشرق الأوسط ترتفع 10.8%
  • فتح باب المشاركة في «مخيم المبدعين في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»
  • حزب الله يكشف مكان دفن جثمان زعيمه حسن نصر الله
  • الكشف عن المكان.. أين سيُدفن نصرالله؟
  • أبو بكر الديب يكتب: مصر والكويت شراكة عابرة لتوترات الشرق الأوسط