هناك قوانين تم وضعها لحماية اصحاب رؤوس الأموال من الزج بهم فى السجون وابعاد التهم عنهم وتحصينهم من القضايا والمخالفات، وصح لنا ان نسميهم بأسمائهم الحقيقية، بأن نقول مثلا المدير غير المسئول عن اى شىء فعليا هو الذى يحاكم، أو نقول ان المدير المسئول فعليا هو الذى يحصنه القانون من العقوبات فما هذه الوظيفة؟ ومن هذا المدير المسئول؟
تفنن القانون منذ عشرات السنين فى اختراع هذه الوظيفة التى يعلمها القاصى والدانى، وتعلمها الاجهزة الرقابية والتنفيذية، وكل من يعمل داخل هذه الشركات أو المؤسسات يعلمون أن زميلهم فلان وظيفته (شيال قضايا) وهو الذى يقدم نفسه فداء لاصحاب المؤسسة المتهمين الحقيقيين أمام ضمائرهم وامام المجتمع، اما امام القانون فهم قمة الشرف والنزاهة، ولا يجرؤ أى مسئول على إدانتهم أو الاقتراب منهم.
الوظيفة المجهولة صميم عملها فى المواد التموينية، أو المدعومة أو التى تتعلق بالثروات الطبيعية كالمحاجر والمناجم، التى يجرم القانون التعدى على حرمها أو بيعها فى السوق السوداء أو تهريبها دون تحصيل مخصصات أو ذهابها لغير المستحقين، وهناك مديرون مسئولون لمصانع الاعلاف ومحلات الأسمدة والمبيدات والصيدليات، وهذا النوع الأخير من الوظائف أوجدتها لهم الدولة ذرا للرماد فى الأعين، وهى تعلم أنهم يستخدمون اسم صاحب المؤهل فقط سواء كان زراعيا أو صيدليا أو تجاريا ومن يقوم بهذه الوظيفة غيرهم غير المؤهلين بالمرة بالقيام بهذه الوظيفة، خصوصا فى الصيدليات التى تبيع اهم سلعه فى حياتنا وهى الدواء.
وقد عرضت علينا من خلال باب متاعب الناس بالوفد قضايا خاصة بالنوع الاول من الوظائف، وهم المتهمون فى (شيل) عشرات القضايا التموينية، داخل مطاحن القطاع العام والخاص، أو بيع اسطوانات الغاز فى السوق السوداء داخل مصانع الغاز أو المستودعات الكبرى.
وهناك أيضا من يضيعون على الدولة أموالا طائلة بسبب سرقة مواد محجرية أو التهرب من دفع الرسوم المتعلقة بها، ويتم الحكم على المتهمين فى هذه الجرائم بالسجن والغرامة الباهظة، التى تصل إلى الملايين ومن الصعوبة الخروج من هذه القضايا مدى الحياة.
الغريب فى الامر ان من يقومون بهذه الوظيفة بلا مؤهلات دراسية، أو حتى لديهم معرفة بالقراءة والكتابة والحساب، رغم انهم يحاكمون على سرقة أو اهدار أو تهريب ملايين الجنيهات.
لا بد أن تنتبه الأجهزة التشريعية لسن قوانين لإلغاء هذا النوع من الوظائف، لأنها تشجع على نهب المال العام واهداره لحماية اللصوص الحقيقيين من سرقة اموال الدعم، وإن كانت هناك ضرورة لمن يقومون بهذه الوظائف فلا بد أن يضع لها القانون لوائح وأطرا يحاسبون عليها بالتضامن مع صاحب العمل، حتى لا يتركه فى السجن ويقوم بتعيين غيره، وما أكثر من يقبلون بهذا النوع من الوظائف للحاجة الملحة لتوفير الضروريات لأسرته، وقد شكت لى احدى زوجات احد العاملين بمطاحن القطاع العام منذ أكثر من ١٥ عاما، أن زوجها مات وذهبت لصرف مستحقاته من مكان عمله فأكدوا لها أن عليه غرامات بالملايين كما أن عليه أحكاما بالسجن ولا بد من تبرئته من هذه التهم حتى يتسنى لها صرف المعاش.
لا بد أن ينتهى هذا النوع من الوظائف الشكلية فى عصر المعلومات والاتصالات والبيانات الرقمية الدقيقة النى يصعب معها التنصل من المسئولية، أو تحميل الغير قضايا وفسادا لا يعلمون عنه شيئا تحت وطأة العوز أو الحاجة أو حتى من يبحثون عن كلمة مدير وهو فى الأصل غفير.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: هموم وطن المدير غير المسئول طارق يوسف قوانين القضايا لاصحاب هذه الوظیفة من الوظائف
إقرأ أيضاً:
بطراز أوروبي.. ما قصة القصور المهجورة بهذه البلدة في الهند؟
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- يمر الطريق السريع المغبر الذي يؤدي إلى سيدهبور، في ولاية غوجارات بغرب الهند، عبر مناظر طبيعية قاحلة، متجاوزًا المطاعم على الطرقات وقطعان الإبل، من دون أن يلمّح كثيرًا لما تخبئه هذه البلدة التاريخية.
في قلب سيدهبور، يمتد شارع تصطف على جانبيه قصور فاخرة تتكونّ من ثلاثة وأربعة طوابق، تُعرف باسم "Haveli"، وتزهو بألوان باهتة من درجات قوس القزح، بدءًا من الأزرق الفيروزي والوردي الفاتح وصولا إلى الأخضر الفستقي.
ويُعرف هذا الشارع محليًا باسم "Paris Galli" أو "شارع باريس"، حيث ينقل الزوار إلى مدينة أوروبية بطرازها المعماري النيوكلاسيكي الفاخر ومزيجها المتناغم من فنون الآرت ديكو، والأساليب الهندية الهجينة.
وتبعد سيدهبور أقل من ثلاث ساعات بالسيارة عن عاصمة ولاية غوجارات، أحمد آباد، لكنها لا تزال بعيدة عن أنظار المسافرين وعشاق العمارة.
ويبدو الحي المحيط بشارع "Paris Galli" مهجورًا إلى حد كبير، باستثناء بعض المارة الذين كانوا يرتدون غطاء الرأس الملوّن المميز والقبعات الذهبية والبيضاء التي يرتديها أفراد فرقة البهرة الداودية، وهي طائفة شيعية مسلمة استقرت لأول مرة في هذا الجزء من غرب الهند في القرن الحادي عشر.
ويُعرف البهرة بأنهم مجتمع تجاري مترابط نشأ في مصر، ثم تنقّل عبر شمال إفريقيا والشرق الأوسط وجنوب آسيا للتجارة في التوابل، والأحجار الكريمة، والعطور.
بعد ذلك، انتقل مقر الطائفة من اليمن إلى سيدهبور، حيث استعرض أتباعها ازدهارهم وثروتهم من خلال بناء مئات المنازل الفاخرة في النصف الأول من القرن العشرين. وأُطلق على هذه التجمّعات السكنية اسم "Bohrawads"، وسعى أصحاب هذه القصور للتفوق على بعضهم البعض عبر تعليق الثريات الفخمة، واستخدام الزجاج البلجيكي، وقطع الأثاث القديمة، أو من خلال إقامة الولائم الفاخرة.
ذكر المعماري زوياب كادي المولود في سيدهبور أنه قد تكون الروابط التجارية الوثيقة للمجتمع مع أوروبا قد أثّرت على الحس المعماري. وكان مهراجا المنطقة حينذاك، سياجيراو غايكواد الثالث، معروفًا بحبه للعمارة الأوروبية. وقد وضع قواعد تخطيط صارمة مستوحاة من المخطِط الحضري الاسكتلندي باتريك غيديس (الذي عاش في الهند بين عامي 1914 و1924)، ما أدى إلى تشكيل شوارع ذات طابع معماري موحّد بشكل لافت.
وقال كادي إن البهرة قدموا مساعدتهم للمجتمعات الأخرى خلال مجاعة وقعت في أوائل القرن العشرين، وبمثابة ردّ للجميل، "قام مهراجا ولاية بارودا بإهدائهم قطعة أرض، حيث كانوا يواجهون أزمة سكن".
وأضاف: "على هذه الأرض، بدأوا في بناء هذه المباني الرائعة، التي كان يجب أن تلتزم بقواعد تخطيط المدن الصارمة".
تقع هذه القصور الطويلة والضيقة بشكل رئيسي في منطقة نجامبورا، حيث يتواجد شارع "Paris Galli"، وهي مصنوعة غالبا من الخشب، بالإضافة إلى الجص والطوب. وتتميز التصاميم بأسطح الجملون، وأعمدة وزخارف، وأبواب منحوتة، ونوافذ مزخرفة ومتدلية تبرز من واجهة كل قصر.