“إسرائيل” تتجهُ لإكمال عمليتها في رفح: المفاوضاتُ معطّلة في انتظار واشنطن
تاريخ النشر: 18th, June 2024 GMT
الجديد برس| تقرير*:
بعد تسليم حركة «حماس» ردّها على المقترح الأمريكي – الإسرائيلي الأخير، لم تؤدِّ طبيعة ردّ الفعل الأميركي على الردّ إلى إنهاء المفاوضات والاتصالات، إذ اعتبرت واشنطن أن بعض الملاحظات والمطالب التي أوردتها «حماس«» يمكن التعامل معها، وتأتي ضمن الإطار الذي أعلنه الرئيس الأميركي، جو بايدن، في حين ثمة نقاط أُخرى لا يمكن التعامل معها.
وفي ظلّ ذلك، تشير التقديرات المصرية والقطرية، بحسب ما علمت «الأخبار»، إلى أن «الأميركيين ينتظرون إعلان إسرائيل إنهاء عمليتها العسكرية في رفح، لاستئناف الاتصالات المتوقّفة حَـاليًّا، بخصوص المفاوضات».
وكانت واشنطن طلبت من الوسيطين المصري والقطري، ممارسة المزيد من الضغط على «حماس»، في حين لا يبدو هذان مقتنعيْن بإمْكَانية فعل ذلك، بل هما يعتقدان أن ما قدّمته الحركة في ردّها الأخير، يمكن اعتباره «إيجابياً».
أيضاً، وبحسب مصادر «الأخبار»، فإن «التقديرات لدى المقاومة الفلسطينية، وكذلك الوسطاء، أن جوهر ما يعتمد عليه الإسرائيلي لرفض الصفقة، هو رفضه التخلّي عن وجوده العسكري في محور فيلاديلفيا على الحدود مع مصر، وفي معبر نتساريم وسط القطاع، علماً أن المقاومة قدّمت في ردّها صيغة واضحة ومترابطة تضمن انسحاب جيش العدوّ من قطاع غزة بالكامل». وفي موازاة ذلك، تقترب العملية العسكرية الإسرائيلية في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة من نهايتها، من دون تحقيق أي من الأهداف التي كانت قد أعلنتها لها القيادة الإسرائيلية.
وسبق أن صوّر المسؤولون الإسرائيليون، رفح وكأنها آخر معاقل المقاومة في القطاع، وأن فيها قادة «حماس» والأسرى، وأنه من دون دخولها و«تطهيرها»، لن يكون هنالك انتصار كامل، ولا استرجاع للأسرى.
وعلى مدى الأسابيع الماضية، تقدّم الجيش الإسرائيلي في محيط وأحياء المدينة، ودخل مخيماتها ووسطها، وشرقها وغربها، ولكنه إلى اليوم، لم يتمكّن من قتل أي قائد للمقاومة فيها، كما لم يتمكّن من استرجاع أي أسير إسرائيلي منها.
وعلى الرغم من ما تقدّم، تشير تقديرات الجيش إلى أن العملية العسكرية في رفح ستنتهي في غضون أسبوعين، بحسب ما نقلت وسائل إعلام العدوّ، أمس.
وهذا ما سيعني حُكماً الانتقال من المرحلة الثانية للحرب، المكثّـفة العمليات، إلى المرحلة الثالثة منها، والتي تتّسم بوتيرة منخفضة ومحدّدة وسريعة، على طريقة عمليات «مكافحة الإرهاب».
وقد تكون عملية تحرير الأسرى في مخيم النصيرات، قبل أَيَّـام، نموذجاً لشكل الهجمات التي يروّج لها جيش الاحتلال في المرحلة الثالثة، إن لم تكن هنالك صفقة تبادل تُفضي إلى إنهاء الحرب.
يرفض الإسرائيلي التخلّي عن وجوده في محور فيلاديلفيا ومعبر نتساريم
وعلى أي حال، يضع الانتقال إلى هذه المرحلة، إسرائيل، أمام تحدّي تقييم المرحلة التي سبقت، وما إن كانت قد فشلت أَو تمكّنت من تحقيق أهدافها.
وهذا ما بدأ النقاش حوله داخل المؤسّسة الأمنية الإسرائيلية، إذ بحسب ما نقلت «هيئة البث»، عن مصادر أمنية، فإن «وجود أسرى إسرائيليين في غزة، وغياب بديل لحماس، يحوّلان نجاح المرحلة «ب» (الثانية من الحرب) من عمليّتنا، إلى فشل»، مضيفة: «لا توجد جهة تقبل دخول غزة إذَا لم تُدمّـر حماس».
لكنّ المستوى الأمني، يعتقد في الوقت عينه أنه «حتى يوقف حزب الله الهجوم شمالاً، فنحن بحاجة إلى صفقة مع حماس».
وتضيف المصادر أنه «بعد المرحلة «ب»، سيسيطر الجيش على نتساريم ومعبر رفح وفيلادلفيا حتى عقب انتهاء العمليات».
وفي السياق نفسه، قالت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، إن الجيش الإسرائيلي يخشى من أنّ «البقاء في قطاع غزة سيأتي على حساب جبهات أُخرى»، فيما يروّج المستوى الأمني لكون «إسرائيل تقترب من هزيمة حماس عسكريًّا، ولذلك لا داعيَ للخوف من الإعلان عن انتهاء الحرب؛ بهَدفِ استعادة الأسرى»، ولكن مع الإشارة إلى أن «القتال سيستمرّ، ولكن بأساليب أُخرى».
وبحسب الصحيفة، فإنه في ظلّ التصعيد المتواصل بين جيش العدوّ و«حزب الله» على الجبهة الشمالية، بدأت تميل المؤسّسة الأمنية إلى تبنّي خيار إنهاء الحرب في غزة، والانتقال إلى الشمال لمواجهة المقاومة في لبنان، وهو ما يدفع في اتّجاهه وزير الحرب، يوآف غالانت، ومعظم القادة والمسؤولين الأمنيين.
واستعرضت الصحيفة 3 خيارات أمام إسرائيل، بخصوص تحدّي «الجبهتين»، وهي:
– الخيار الأول، الذي لا يروّج الجيش له، هو وقف الحرب في غزة، وفي المقابل يتوقّف «حزب الله» عن إطلاق نيرانه في الشمال، وتقابل إسرائيل الهدوء بالهدوء؛ أَو التوصّل الآن إلى تسوية معيّنة مع لبنان، تعتمد على انسحاب قوات الحزب لمسافة ثمانية كيلومترات من الحدود.
– الخيار الثاني، التوصّل إلى صفقة مع «حماس»، واستغلال الوقت؛ مِن أجلِ المبادرة إلى عملية عسكرية في لبنان تُفضي إلى تطبيق القرار الدولي 1701، وإبعاد حزب الله مسافة كبيرة عن الحدود.
ويشجّع الجيش الإسرائيلي هذا الخيار، لكنه يعتقد أن احتمال موافقة المستوى السياسي عليه يبدو منخفضاً، وذلك لأن من يوقف الحرب في غزة، لن يفعل هذا؛ مِن أجلِ البدء بحرب أُخرى أصعب في لبنان.
– الخيار الثالث، وهو الذي يبدو أقرب إلى التحقّق: بحسب مصادر «يديعوت أحرونوت»، ألّا يكون هنالك صفقة في غزة، ومع هذا تنتهي الحرب عمليًّا (من خلال الانتقال إلى المرحلة الثالثة)، فيقوم الجيش الإسرائيلي بنقل القوات والموارد إلى الشمال، ويبادر إلى عملية عسكرية مركّزة يوجّه من خلالها ضربة «قوية» إلى «حزب الله»، على أمل أن يؤدي ذلك إلى إبعاده عن الحدود.
لكنّ المؤسّسة الأمنية الإسرائيلية ليست واثقة من كون عملية كهذه، ستوصل في نهايتها إلى «تسوية» أكبر وأنجح مما هو مطروح اليوم، خَاصَّة أنها ستعني إطلاق «حزب الله» آلاف الصواريخ الثقيلة والدقيقة نحو مختلف المناطق في الشمال، مع مخاطر جدّية بتوسّع المعركة إلى حرب شاملة تتدخّل فيها أطراف إقليمية أُخرى، وحتى إيران.
* الأخبار البيروتية
المصدر: الجديد برس
كلمات دلالية: الجیش الإسرائیلی حزب الله فی غزة
إقرأ أيضاً:
من واشنطن يبحث مستقبل مفاوضات الولايات المتحدة المباشرة مع حماس
ووفقا للبرنامج، فإن هذه المفاوضات التي جرت بأمر مباشر من ترامب، قد تكون نوعا من الميكافيلية السياسية، رغم أن إسرائيل أبدت استياءها منها.
وبحث البرنامج ما إذا كانت الولايات المتحدة ستواصل هذه المفاوضات رغم الرفض الإسرائيلي، أم أنها ستتراجع عنها إرضاء لتل أبيب.
وهذه المفاوضات ليست الأولى التي تجريها الولايات المتحدة مع حركة تصنفها "إرهابية"، فقد كسرت مبدأ سابقا بعدم تفاوض واشنطن مع من يبتزها.
فقد سبق أن تفاوضت مع حركة "أيلول الأسود" عندما احتجزت عددا من الرهائن الأميركيين بمن فيهم السفير الأمير ونائب رئيس البعثة الدبلوماسية بالخرطوم عام 1973.
وقد طلبت الحركة آنذاك الإفراج عن عدد من الأسرى الفلسطينيين في عدد من الدول بينها الولايات المتحدة وإسرائيل، لكن الرئيس ريتشارد نيكسون أعلن آنذاك أن واشنطن لا تتفاوض مع من يبتزها، وبعدها بساعات قتل الدبلوماسيان الأميركيان اللذان كانا محتجزين لدى الحركة.
لسنا وكيلا لإسرائيل
ووفقا للمبعوث الأميركي لشؤون الرهائن آدم بولر، فقد تناولت المباحثات مع حماس الإفراج عن الأسير الأميركي الحي آلي ألكسندر وأربعة آخرين موتى.
وشملت النقاشات أيضا ما يمكن التوصل إليه في نهاية المطاف، كما قال بولر إن حماس أبدت استعدادا لهدنة طويلة الأمد تضمن نزع سلاحها وعدم تعريض إسرائيل للخطر وإعادة إعمار القطاع.
إعلانلكن تل أبيب لم تخف انزعاجها من هذه المفاوضات التي جرت بعيدا عنها، وقد كتب رئيس معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى ديفيد ماكوفسكي مقالا قال فيه إن الضغط على حماس واستمرار الردع الأميركي يتطلبان تنسيقا أميركا مع إسرائيل في المفاوضات والمواقف.
ولم تقف إسرائيل صامتة إزاء هذه المفاوضات، فقد شنت حملة انتقادات واسعة لبولر الذي أكد مرارا اهتمامه بمصير الأسرى الإسرائيليين. لكن المبعوث الأميركي خالف المعتاد أيضا ورد بقوة على هذه الانتقادات قائلا إن الولايات المتحدة ليست وكيلا لتل أبيب وإن لديها معايير محددة تلتزم بها.
المحامي والمؤرخ جيمس روبينوت قال إن ما حصل مؤخرا يشير إلى أن ترامب يواصل الإدارة من خلال الفوضى من أجل الوصول لأمر ما، مشيرا إلى أن الشارع الأميركي "لا يقبل التفاوض مع الإرهابيين لكن هذه الأمور تجري خلف الأبواب المغلقة حتى لو صرح الرئيس بعكس ذلك".
أما الكاتب ومستطلع الرأي جون زغبي فقال إن غالبية العالم العربي لا تعتبر حماس إرهابية، وترى أنها ممثل شرعي لغزة، في حين أن الولايات المتحدة وآخرين لا يرونها كذلك، وهذا أمر يؤثر في تقييم هذه المفاوضات.
لذلك، فإن الحكم على مواقف المواطنين الأميركيين والإسرائيليين أيضا من هذه المفاوضات يبدو معقدا لأن هناك من سئم الحرب ويرى أن على ترامب فعل ما من شأنه وقفها أيا كان. كما أشار إلى أن الولايات المتحدة سبق لها التفاوض مع حركة طالبان الأفغانية التي كانت تصنفها إرهابية أيضا.
ترامب لن يتخلى عن إسرائيل
أما السفير جيمس جيفري -المبعوث الأميركي السابق لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية– فقال إن الرؤساء الأميركيين بخلاء ولا يتشاركون القرارات التي يتخذونها بشأن بعض الدول كما هي الحال مع أوكرانيا حاليا.
ويرى جيفري أن ترامب يحاول توسيع اتفاقات أبراهام خصوصا مع المملكة العربية السعودية، ومن ثم فإنه قد يتخذ خطوات تؤدي إلى حدوث توترات مع إسرائيل، وهو ما يحدث الآن.
إعلانوخلص إلى أن ترامب سيواصل فعل كل ما من شأنه توسيع التطبيع، لكنه لن يدير ظهره لإسرائيل ولن يقبل بعدم تخلي حماس عن سلاحها حتى لو أدى ذلك لعدم عودة الأسرى.
وأضاف "الأمر يتوقف على حجم التنازلات التي سيقبل الإسرائيليون بتقديمها، لكن ترامب لن يقبل في النهاية بتعرض إسرائيل لهجوم آخر".
أما الأمين العام للمبادرة الوطنية الفلسطينية الدكتور مصطفى البرغوثي، فقال إن تفاوض الولايات المتحدة المباشر مع حماس ليس إلا تغييرا في طريقة التفاوض لأنها تتفاوض معها بالفعل بشكل غير مباشر منذ بداية الحرب.
ووفقا للبرغوثي، فإن فشل إسرائيل في القضاء على حماس واسترداد الأسرى بالقوة والسيطرة على قطاع غزة دفع واشنطن للتفاوض مع الحركة في محاولة لمساعدة بنيامين نتنياهو في تحقيق ما فشل فيه.
وهناك سبب آخر دفع ترامب لهذه الخطوة -برأي البرغوثي- وهو عدم ثقته في رغبة نتنياهو التوصل إلى صفقة تعيد بقية الأسرى الموجودين في غزة خوفا على حكومته.
ويعتقد البرغوثي أن الاتصال مع حماس أصبح أكثر عمقا لأنهم أدركوا عدم قدرة إسرائيل على تحقيق الأهداف المطلوبة، وقال إنه لا يعتقد أن هذه الاتصالات ستتوقف.
وختم بأن ترامب يريد الحصول على أموال واستثمارات من دول المنطقة ولا يريد إنفاق أموال على حروب غيره، ومن ثم فهو يتحرك بالطريقة التي تحقق مصالحه أيا كانت.
13/3/2025-|آخر تحديث: 13/3/202511:11 م (توقيت مكة)