كيف يمكن أن تعزز دول شرق المتوسط أمن الطاقة في أوروبا؟
تاريخ النشر: 6th, August 2023 GMT
يمكن لشرق المتوسط أن يعزز أمن الطاقة الأوروبية ويقلص اعتمادها على الغاز الروسي، شريطة أن تقوم الدول الأوروبية بتحديث المحطات القائمة أو بناء محطات جديدة لتوسيع قدرتها على استقبال الغاز الطبيعي المسال.
هكذا يخلص تحليل لمجلة "مودرن دبلوماسي"، وترجمه "الخليج الجديد"، والذي يشير إلى أن مصر واليونان وإسرائيل يتطلعون لدور مهم في تحويل اكتشافاتهم الاخيرة للغاز إلى منصات تجارية يمكن نقل الغاز المسال منها إلى أوروبا.
ففي مصر، يمكن أن تتحول اكتشافات الغاز الجديدة إلى اكتشافات تجارية سيتم نقلها إلى أوروبا.
وتمتلك مصر ما يقرب من 2.21 تريليون متر مكعب من احتياطيات الغاز المؤكدة، وقد أنتجت أكثر من 95 مليار متر مكعب في عام 2021، حيث تجاوزت الصادرات 12 مليار متر مكعب سنويًا.
ومع التركيز على التعاون الإقليمي في مجال الطاقة الذي سيفيد أوروبا، أعطت مصر الأولوية لترسيم الحدود البحرية مع دول مثل اليونان وقبرص، بهدف استخراج كميات أكبر من الغاز الإقليمي من خلال الاستكشاف المشترك، وربط خطوط الأنابيب الوطنية.
ويتجلى ذلك في نص وروح اتفاقية الترسيم الجزئي التي تم توقيعها بين مصر واليونان في أغسطس/آب 2020.
وفقًا للمادة (2) من الاتفاقية: "في حالة وجود موارد طبيعية، بما في ذلك خزانات الهيدروكربونات، تمتد من المنطقة الاقتصادية الخالصة لأحد الطرفين إلى المنطقة الاقتصادية الخالصة للطرف الآخر، يتعاون الطرفان من أجل التوصل إلى اتفاق بشأن طرائق استغلال هذه الموارد".
اقرأ أيضاً
مركز الغاز.. مفتاح التعاون لإطلاق إمكانات ثروة شرق المتوسط
وبشكل عام، والحديث للتحليل، أوجدت اتفاقية ترسيم الحدود بين مصر واليونان "سابقة إيجابية" يمكن أن تحاكيها دول المنطقة الأخرى.
كما يدعم مشروع الربط الكهربائي الأوروبي الأفريقي، المسمى بمشروع المصلحة المشتركة من قبل الاتحاد الأوروبي، التطلعات المصرية واليونانية لتصبح مراكز طاقة رئيسية في جنوب شرق أوروبا.
ويهدف المشروع إلى نقل الكهرباء المتجددة بواسطة كابل تحت البحر، يتم توليدها في مصر ودول أفريقية أخرى عبر اليونان إلى أوروبا.
وبالفعل، أنجزت مصر مشاريع ربط مع ليبيا والسودان والسعودية.
أما اليونان، فتستكشف طرقًا لجلب الغاز الإقليمي إلى أوروبا، وقد يكون خط أنابيب غاز شرق البحر المتوسط المقترح تحديًا تقنيًا، وبالتالي أقل احتمالية للتجسد.
وقامت أثينا بتسريع الجهود لتنفيذ المشاريع ذات الأهمية الإقليمية والأوروبية، كمشروع بنية تحتية رئيسي يربط شبكات إسرائيل وقبرص واليونان بشبكة الطاقة الأوروبية التي توفر ما يصل إلى 2000 ميغاواط من الطاقة، وبالتالي تعزيز أمن الطاقة الأوروبية.
كما تولي اليونان أيضًا أهمية كبيرة لمشاريع البنية التحتية الأخرى، بما في ذلك خط أنابيب نقل الغاز البري بطول 28 كيلومترًا، والذي يربط نظام نقل الغاز الوطني بوحدة ألكساندروبوليس العائمة للتخزين وإعادة تحويل الغاز إلى غاز في شمال اليونان، والتي سيتم من خلالها تحويل 5.5 مليارات متر مكعب من الغاز سنويًا إلى البلقان وجنوب شرق أوروبا.
اقرأ أيضاً
التنقيب في شرق المتوسط.. خلية نشاط لها ما بعدها
وتم الانتهاء من تسليم 28 كيلومترًا من الأنابيب في مايو/أيار 2023، وذلك لتطوير خط أنابيب الغاز البري والبحري.
وسيشكل المشروع العمود الفقري الأوروبي للهيدروجين، هو بناء خط أنابيب غاز بطول 160 كيلومترًا في غرب مقدونيا، يمكنه نقل ما يصل إلى 100% من الهيدروجين.
فيما يتعلق بالتنقيب عن الهيدروكربونات، قامت الحكومة اليونانية بتجميع خطة عمل تركز على استكمال المسوحات الزلزالية والحفر في الكتل البحرية في البحر الأيوني وجنوب جزيرة كريت، والتي تم التنازل عنها بالفعل لشركات النفط الكبرى.
كما حددت هيئة إدارة الموارد الهيدروكربونية اليونانية أكثر من 30 قطعة بحرية بإجمالي كمية تقديرية للغاز القابل للاستخراج تتراوح بين 2 و2.55 تريليون متر مكعب.
وسيتم ضخ كميات كبيرة من الغاز، بمجرد استخراجها من الكتل البحرية اليونانية ، إلى أوروبا.
أما في إسرائيل، فيمكن أن تصدر إلى أوروبا غازًا فائضًا يبلغ حوالي 500 مليار متر مكعب خلال العقدين المقبلين.
وحققت إسرائيل استقلالًا في مجال الطاقة خلال السنوات الماضية، الأمر الذي أوجد درعًا ضد أزمة الطاقة التي اندلعت بسبب الحرب على أوكرانيا.
اقرأ أيضاً
تحركات جيوسياسية قلقة لاستغلال غاز شرق المتوسط
ولذلك، تسرع إسرائيل جهودها لتحديد اكتشافات غاز جديدة من خلال تقديم 20 قطعة استكشاف جديدة في سياق جولة الترخيص الدولية الرابعة في البحر.
كما أعلنت وزارة الطاقة الإسرائيلية مؤخرًا، تقديم 4 مجموعات من الشركات عطاءات للحصول على تراخيص للتنقيب عن الغاز داخل المياه الإسرائيلية.
والهدف الإسرائيلي يكمن في زيادة أحجام الغاز للتصدير إلى أسواق جديدة.
ووفقًا لوجهة النظر الإسرائيلية، توفر الحرب على أوكرانيا فرصة ذهبية لدول المنطقة غير المتحالفة مع "الإسلام الراديكالي" لإنتاج الغاز ونقله بشكل مشترك إلى أوروبا، كما يمكن أن تساعد الأخيرة أيضًا الدول الإقليمية على الالتقاء وصياغة اتفاقيات تعاون طويلة الأجل في مجال الطاقة ستفيد اقتصادات جميع الأطراف المعنية.
في المقابل، لا يمكن تجاهل البعد التركي في حسابات إسرائيل الإقليمية، حيث أن إنشاء خط أنابيب لنقل الغاز الإسرائيلي إلى تركيا يمكن أن يساعد الأخيرة على تنويع موارد الطاقة، لا سيما بالنظر إلى أن العقود مع روسيا وإيران ستنتهي في غضون السنوات الأربع المقبلة.
وعلى الرغم من أن خط الأنابيب التركي الإسرائيلي ممكن تقنيًا وماليًا، إلا أن الاعتبارات السياسية أعاقت تنفيذه حتى الآن، وهي مراجعة أنقرة الإقليمية وعدم القدرة على التنبؤ بإسرائيل.
يذكر أن تركيا تسعى لاستيراد غاز شرق المتوسط لتلبية احتياجاتها المحلية المتزايدة بدلاً من تصديره إلى أوروبا.
اقرأ أيضاً
الاتحاد الأوروبي يواصل عقوباته على تركيا بسبب تنقيبها عن النفط في شرق المتوسط
أما ليبيا، فتسود الشكوك في الأوساط السياسية الأوروبية بشأن احتمال أن تكون خيارًا ممكنًا لإمداد الطاقة لأوروبا، على الرغم من انخفاض تكلفة استخراج الغاز والنفط الليبي مقارنة بدول شرق البحر المتوسط الأخرى.
ووفق التحليل، فإن الوضع غير المستقر للغاية في ليبيا، هو العامل الرئيسي الذي يعيق مشغلي الطاقة الأوروبيين من التعامل مع السلطات الليبية.
وأمام ذلك يقول التحليل: "من الواضح أن دول كمصر واليونان وإسرائيل، لعبت دورًا مبكرًا في الحد من الاعتماد الأوروبي على الطاقة الروسية، ويمكن أن تلعب دورًا أكبر من خلال الجهود المنسقة لتصبح موردي غاز موثوقين لأوروبا".
ويضيف: "إن إقامة شراكة طاقة متينة من شأنها أن تعود بالنفع على الجميع في أيدي دول شرق البحر المتوسط الثلاثة".
لكن التحليل يشير إلى أن أحد القيود الرئيسية أمام ذلك، هو أن الدول الأوروبية إما تفتقر إلى محطات الغاز الطبيعي المسال أو أن المحطات الحالية لديها قدرة محدودة على استقبال الإمدادات".
ويختتم بالقول: "بات من الضروري أن تقوم الدول الأوروبية بتحديث المحطات القائمة أو بناء محطات جديدة لتوسيع قدرتها على استقبال الغاز الطبيعي المسال".
اقرأ أيضاً
صفقات الغاز تكشف الترابط بين الطاقة والجغرافيا السياسية في شرق المتوسط
المصدر | الخليج الجديدالمصدر: الخليج الجديد
كلمات دلالية: تركيا مصر شرق المتوسط الطاقة الغاز إسرائيل اليونان مصر والیونان إلى أوروبا خط أنابیب من الطاقة متر مکعب یمکن أن من خلال
إقرأ أيضاً:
شراكة الغاز بين إيران وروسيا.. تمهيد لتجاوز العقوبات الدولية وعكس أثرها (مقال)
مقالات مشابهةTop Casino Durante Ligne: Classement Des Meilleurs Sites 202
5 دقائق مضت
Najlepsze Kasyno Online Blik, Polskie Maszyny Online Blik 202ساعة واحدة مضت
شركات الطاقة الشمسية الصينية تتهرب من الرسوم الجمركية على طريقة “القط والفأر”ساعة واحدة مضت
Migliori Casino Reside 2024 Gioca Su Tavoli Live Disadvantage Bonuساعتين مضت
تقنيات الطاقة النظيفة تواصل النمو المتفاوت عبر المناطق.. أبرز المؤشرات بالقطاعات (تقرير)ساعتين مضت
Best Real Money Casinos On-line Casinos That Pay Out Real Moneساعتين مضت
اقرأ في هذا المقال
• روسيا وإيران تستكشفان حلولًا تعاونية لدعم قطاعَي الطاقة لديهما، على الرغم من القيود الدولية• إيران تخطط لإعادة تصدير الغاز الروسي إلى الدول المجاورة، مثل العراق وتركيا وباكستان• مبادرة استيراد الغاز تمثّل تحولًا حاسمًا بسياسة الطاقة الإيرانية، في ظل حكومة بيزيشكيان• اتفاقية الغاز مع روسيا لن تمنح إيران استقلالًا كاملًا في مجال الطاقةفي ظل سعي كل من إيران وروسيا للتخفيف من تأثير الضغوط الجيوسياسية المشتركة والعقوبات الأميركية، اكتسبت شراكة الغاز بين البلدين أهمية كبيرة.
تجدر الإشارة إلى أن الدولتين تمتلكان معًا أكبر وثاني أكبر احتياطيات من الغاز في العالم، وتستكشفان حلولًا تعاونية لدعم قطاعي الطاقة لديهما، على الرغم من القيود الدولية.
وبالرغم من توقيع مذكرة تفاهم بقيمة 40 مليار دولار في يوليو/تموز 2022 بين شركة غازبروم الروسية Gazprom وشركة النفط الوطنية الإيرانية (إن آي أوه سي) NIOC لتطوير حقول النفط والغاز لدى طهران، فقد أُحرِز تقدُّم محدود حتى حدثَ تطور ملحوظ في يونيو/حزيران 2024.
في ذلك الوقت، أبرمت الشركتان اتفاقية تسمح لطهران باستيراد ما يصل إلى 300 مليون متر مكعب يوميًا من الغاز الروسي، وهو ما قد يغطي نحو نصف استهلاك إيران اليومي من الغاز.
شراكة الغاز بين إيران وروسيابرزت أهمية شراكة الغاز بين إيران وروسيا بالنظر إلى العجز اليومي المتوقع في الغاز بمقدار 250 مليون متر مكعب وشتاء أكثر برودة، وأصبحت حاجة طهران إلى واردات إضافية ملحّة.
وبحسب الرئيس التنفيذي لشركة الغاز الوطنية الإيرانية، سعيد توكلي، “ما تزال المناقشات بشأن أحجام الواردات والخدمات اللوجستية مع روسيا جارية”.
في هذا الصدد، سلّط تقرير صادر عن مركز أبحاث برلمان طهران في عام 2022 الضوء على تحديات إمدادات الغاز بفصل الشتاء في إيران، مشيرًا إلى عجز يومي متوسط يبلغ 227 مليون متر مكعب وذروة 315 مليونًا في فبراير/شباط 2023.
ومن المتوقع أن تساعد الشراكة في معالجة هذا العجز، وتخفيف الضغوط على القطاع الصناعي، ومعالجة القضايا الهيكلية المتعلقة بكفاية الاحتياطي، والاعتماد الكبير على الطاقة الكهروحرارية، والبنية التحتية المتقادمة.
حقل آغار للغاز الطبيعي في إيران – الصورة من وكالة شاناوإلى جانب تلبية احتياجات الإمدادات الفورية، يمثّل الاتفاق الذي تبلغ قيمته 10 إلى 12 مليار دولار أميركي لمدة 30 عامًا ميزة اقتصادية إستراتيجية لطهران، مع خطط لإعادة تصدير الغاز إلى الدول المجاورة مثل العراق وتركيا وباكستان.
وبدعم من الاستثمار الروسي في خط أنابيب بحري، يمكن لهذا التعاون أن يعزز البنية الأساسية للطاقة في إيران، ويعزز دورها بصفتها مركزًا إقليميًا للطاقة، ويحقق فوائد اقتصادية كبيرة على الرغم من العقوبات المستمرة.
صفقة الغاز بين إيران وروسياتوفر صفقة الغاز بين إيران وروسيا مكاسب اقتصادية كبيرة ومتعددة الأوجه لإيران.
ويقدّر وزير النفط السابق، جواد أوجي، أن الصفقة يمكن أن تولّد قيمة تجارية سنوية تتراوح بين 10 و12 مليار دولار، ما يوفر دفعة مالية كبيرة وسط التحديات التي تفرضها العقوبات الدولية.
في المقابل، تضع هذه الاتفاقية طهران لاعبًا رئيس في سوق الطاقة الإقليمية.
وأكد القائم بأعمال الرئيس الإيراني محمد مخبر أن هذه الاتفاقية يمكن أن تفتح “فصلًا جديدًا في العلاقات الإقليمية والدولية”، ما يمكّن طهران من استيراد الغاز من موسكو وإعادة تصديره بربح إلى الدول المجاورة، مثل العراق وتركيا وباكستان.
ويمكن أن يعزز هذا الدور الوسيط النفوذ الجيوسياسي لإيران، ومكانتها بصفتها مركزًا إقليميًا للطاقة.
من جهة ثانية، يمكن للاتفاقية أن تتيح تطوير البنية الأساسية الحيوية، حيث تموّل روسيا بناء خط أنابيب عبر بحر قزوين لتسهيل نقل الغاز.
ويمكن أن تحقق هذه البنية الأساسية فوائد طويلة الأجل لقطاع الطاقة الإيراني، وتوسيع شبكة الغاز المحلية لدعم الاحتياجات الصناعية والسكنية.
إضافة إلى ذلك، يمكن لطهران، من خلال استيراد الغاز الروسي، تحسين أمن الطاقة لديها، وتلبية احتياجات ذروة الطلب الموسمية، وتخصيص المزيد من إنتاجها المحلي للصناعات ذات القيمة المضافة أو لأغراض التصدير.
محطة لمعالجة الغاز في طهران- الصورة من وكالة شاناوقد يعمل التعاون التكنولوجي في هذا الإطار على تحديث صناعة الغاز في إيران، وتعزيز كفاءة الإنتاج والتوزيع.
وتوفر هذه الشراكة لكلا البلدين إستراتيجية للتخفيف من آثار العقوبات الغربية، من خلال إنشاء طرق تجارية بديلة والحدّ من العزلة الاقتصادية.
الدعم المحلي للغاز في إيرانعلى الرغم من هذه الفوائد، تسلّط الشراكة الضوء على تحديات اقتصادية -مثل الدعم المحلي للغاز في إيران- وسياسية معقّدة تواجه البلاد فيما يتعلق بواردات الغاز الطبيعي والدعم المحلي.
وتاريخيًا، قدّمت طهران الغاز المدعوم بشدة لمواطنيها، ما أدى إلى انخفاض الأسعار المحلية بشكل كبير عن أسعار السوق الدولية.
وإذا استمرت في استيراد الغاز بهذه الأسعار الدولية المرتفعة مع الحفاظ على الأسعار المحلية المدعومة، فقد يفرض ذلك عبئًا ماليًا كبيرًا على الحكومة، على غرار القضايا السابقة المتعلقة بدعم البنزين.
وقد أدى هذا الوضع سابقًا إلى دعوات لإصلاح سياسات الدعم، وهي قضية يمكن أن تؤثّر بشكل مماثل في الغاز الطبيعي إذا ظلت الممارسات الحالية دون تغيير.
إضافة إلى ذلك، يمكن أن تشجع الأسعار المدعومة الإفراط في الاستهلاك، ما قد يؤدي إلى تفاقم انقطاعات الكهرباء بدلًا من تخفيفها واستنزاف الموارد المالية لطهران، بسبب تعويض الفجوة بين تكاليف الاستيراد والأسعار المحلية.
وعلى الرغم من أن بعض الخبراء يحذّرون من الواردات في ظل هذه الظروف، يزعم آخرون -بما في ذلك المسؤولون الحكوميون- أن مثل هذه الواردات ضرورية لمعالجة النقص العاجل.
من ناحيته، ووصف الرئيس التنفيذي لشركة الغاز الوطنية الإيرانية الوضع الحالي بأنه “نقص في الغاز”، مؤكدًا الحاجة الملحّة للواردات.
وربما تحتاج حكومة بيزيشكيان إلى النظر في إستراتيجيات طويلة الأجل، مثل إصلاح برامج الدعم التدريجي أو الاستثمار في الإنتاج المحلي، لتحقيق التوازن بين الطلب الفوري على الطاقة والسياسات الاقتصادية المستدامة.
وعلى الرغم من هذه العقبات، ينظر بعضهم إلى صفقة استيراد الغاز مع روسيا أنها تمثّل مبادرة إستراتيجية لوضع إيران مركزًا إقليميًا للطاقة، الأمر الذي قد يؤدي إلى تحقيق فوائد تمتد إلى ما هو أبعد من احتياجات الإمداد الفورية.
التحديات والفرصتفرض مبادرة إيران لاستيراد الغاز الروسي العديد من التحديات والفرص في الوقت نفسه.
ويتمثل التحدي الأساس في تطوير البنية الأساسية المهمة المطلوبة، خصوصًا بناء خط أنابيب تحت بحر قزوين، الذي سوف يتطلب استثمارات كبيرة ووقتًا طويلًا.
وتنشأ المخاوف الاقتصادية من الأعباء المالية المحتملة المترتبة على استيراد الغاز بأسعار دولية، مع الحفاظ على الأسعار المحلية المدعومة، مثل تلك التي تواجهها إيران في ظل دعم البنزين الحالي.
تجدر الإشارة إلى أن انخفاض إنتاج الغاز في إيران، خصوصًا من حقل بارس الجنوبي، يثير تساؤلات حول جدوى الاعتماد على الواردات في الأمد البعيد.
إضافة إلى ذلك، فإن العلاقات الوثيقة في مجال الطاقة مع روسيا من شأنها أن تعقد علاقات إيران بالدول الغربية وتؤثّر في المفاوضات الجارية بشأن برنامجها النووي.
ويربط الاتفاق المقترح الذي يمتد لـ30 عامًا بين إستراتيجية إيران في مجال الطاقة وروسيا، وهو ما قد يحدّ من المرونة في اتخاذ القرارات المتعلقة بسياسة الطاقة في المستقبل.
وعلى العكس من ذلك، فإن اتفاقية استيراد الغاز من شأنها أن تخفف إلى حدّ كبير من نقص الغاز المحلي، خصوصًا خلال أشهر الشتاء، مع إمكان استيراد ما يصل إلى 300 مليون متر مكعب من الغاز يوميًا، وهو ما يقرب من نصف إجمالي استهلاك إيران.
وحدة معالجة الغاز ببلدة كاسيموف في روسيا – الصورة من بلومبرغومن شأن هذا الاتفاق أن يضع إيران في موقف يسمح لها بالتحول إلى “مركز للغاز” في المنطقة، ما يأذن لها بإعادة تصدير الغاز الروسي إلى الدول المجاورة بأسعار أعلى.
وتُعدّ المزايا الاقتصادية المترتبة على هذا الاتفاق كبيرة، حيث تشير التقديرات إلى أن التجارة قد تدرّ 10 إلى 12 مليار دولار أميركي سنويًا، وهو ما من شأنه أن يوفر دفعة كبيرة للاقتصاد الإيراني.
بالإضافة إلى ذلك، فإن الاتفاق من شأنه أن يعزز أمن الطاقة من خلال تنويع مصادر الغاز وضمان إمدادات أكثر استقرارًا مع تعزيز الشراكة الإستراتيجية بين إيران وروسيا.
وقد توفر هذه الشراكة نفوذًا في العلاقات الدولية، وتساعد في التخفيف من آثار العقوبات الغربية، بما في ذلك الاستثمارات الروسية في البنية الأساسية الإيرانية التي قد تؤدي إلى تقدُّم تكنولوجي في قطاع الطاقة.
الخلاصةتمثل مبادرة استيراد الغاز تحولًا حاسمًا في سياسة الطاقة الإيرانية في ظل حكومة الرئيس بيزيشكيان، مع تحقيق هدفين مزدوجين يتمثلان في تخفيف النقص المحلي بالغاز وترسيخ دور إيران بصفتها لاعبًا مهمًا في سوق الطاقة الإقليمية.
وعلى الرغم من أن الاتفاقية مع روسيا توفر فرصًا للتنمية الاقتصادية وتعزيز أمن الطاقة، فإنها تفرض تحديات كبيرة تتعلق بتنفيذها وجدواها الاقتصادية وتداعياتها الجيوسياسية.
وتثير قضية استيراد الغاز بأسعار دولية، مع بيعه محليًا بأسعار مدعومة، أسئلة اقتصادية كبيرة.
وتتطلب معالجة هذه التحديات أن تتّبع الحكومة الإيرانية إستراتيجية شاملة تشمل إصلاحات الدعم وتعزيز الكفاءة وزيادة الاستثمارات في الإنتاج المحلي.
ويشير هذا التعاون الناشئ إلى تحول أساس في إستراتيجيات الطاقة لكل من إيران وروسيا، ولكن نجاحه يتوقف على التغلب على التحديات اللوجستية وإدارة المخاطر الجيوسياسية بمهارة.
وفي الوقت نفسه، تجب معالجة العواقب البيئية لارتفاع استهلاك الغاز والبنية الأساسية الجديدة لخطوط الأنابيب.
وقد تواجه حكومة بيزيشكيان ضغوطًا للتوفيق بين أمن الطاقة والأولويات البيئية، خصوصًا في سياق جهود تغير المناخ العالمي.
وقد يدفع هذا الوضع الاستثمارات في الطاقة المتجددة، إلى جانب التوسع في واردات الغاز، حيث تهدف طهران إلى تنويع محفظة الطاقة لديها وخفض انبعاثات الكربون بمرور الوقت.
وعلى الرغم من أن اتفاقية الغاز مع روسيا لن تمنح طهران استقلالًا كاملًا في مجال الطاقة، فإنها تتمتع بالقدرة على تعزيز أمن الطاقة في البلاد، وترسيخ نفوذها في السوق، وتحسين قدراتها التكنولوجية.
ومع ذلك، فإن هذه الصفقة تؤسس للاعتماد الطويل الأجل على روسيا، وسوف يعتمد التأثير الإجمالي بالمشهد الطاقي في طهران على مدى فعالية البلاد في الاستفادة من هذه الشراكة لتعزيز قدراتها ومكانتها في السوق.
وفي حالة تنفيذها بنجاح، فقد تفيد صفقة الغاز اقتصاد طهران بشكل كبير، وتزيد من نفوذها الإقليمي، وتعزّز بُنيتها التحتية للطاقة.
رغم ذلك، فإن تحقيق هذه المزايا يتوقف على التغلب على التحديات التقنية والمالية والجيوسياسية العديدة المرتبطة بمثل هذا المسعى واسع النطاق.
الدكتور أومود شوكري، الخبير الإستراتيجي في مجال الطاقة، الزميل الزائر الأول في جامعة جورج ميسون الأميركية، مؤلف كتاب “دبلوماسية الطاقة الأميركية في حوض بحر قزوين: الاتجاهات المتغيرة منذ عام 2001”.
* هذا المقال يمثّل رأي الكاتب، ولا يعبّر بالضرورة عن رأي منصة الطاقة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.Source link ذات صلة