القدس المحتلة- حمل قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حل مجلس الحرب في طياته رسائل ومؤشرات كثيرة بشأن سير العدوان على غزة، والتجاذبات داخل حكومة اليمين المتطرف. كما عكس الخلافات والتوترات الداخلية بالائتلاف، والتي قد تفضي إلى تقصير الوقت المتبقي لولايته الحالية.

وجاء قرار نتنياهو متوقعا، بحسب محللين، ولا سيما بعد تفكيك حكومة الطوارئ وانسحاب "المعسكر الوطني" برئاسة بيني غانتس، وفي ظل مطالبة وزيري الأمن القومي إيتمار بن غفير، والمالية بتسلئيل سموتريتش، بالانضمام إلى المجلس بدلا من الوزراء المستقيلين.

وبحسب تقديرات المحللين، فإن نتنياهو يتطلع إلى تشكيل هيئة مصغرة باسم "المشاورات" برئاسته ومشاركة وزيري الدفاع يوآف غالانت، والشؤون الإستراتيجية رون ديرمر، ورئيس حزب "شاس" أرييه درعي، ورئيس مجلس الأمن القومي، تساحي هنغبي. ويُستثنى منها بن غفير وسموتريتش.

ضغوط

يقول المراسل السياسي لصحيفة "يديعوت أحرونوت"، إيتمار آيخنر، إن سلسلة ضغوط كانت وراء قرار حل مجلس الحرب، وهي الهيئة التي كانت الأكثر فعالية لإدارة الحرب منذ اندلاعها، وجزءا من الاتفاق بين نتنياهو وغانتس، الذي تتم الإدارة التكتيكية للمعارك فيه، وليس في الكابينت الموسع.

وبعد انسحاب غانتس، مارست الولايات المتحدة -خلال زيارة وزير خارجيتها أنتوني بلينكن لتل أبيب أيضا- ضغوطا على نتنياهو بعدم حل مجلس الحرب، ويعتقد الأميركيون أنه هيئة أكثر اعتدالا ولن تتخذ قرارات متطرفة، يضيف آيخنر.

بيد أن نتنياهو وبعد يقينه بأن الشركاء في الائتلاف الحكومي من أحزاب اليمين المتطرف يصرّون على الانضمام للمجلس، قرر حله، حيث أدرك أنه إذا تصرف بطريقة أخرى فسيتعارض معهم، مما قد يهدد استقرار حكومته، بحسب المحلل السياسي.

ويوضح آيخنر أنه على النقيض من الكابينت الموسع، الذي يشهد أحيانا مشاركة حوالي 50 مسؤولا، بمن فيهم وزراء ومدعوون إضافيون من المؤسسة الأمنية ومستشارون أو رؤساء أركان، كانت إدارة الاجتماعات في مجلس الحرب أسهل نظرا لقلة عدد المشاركين.

وأشار إلى أن المجلس اجتمع عشرات المرات، وطُرحت -في مرات قليلة- القضايا للتصويت من قبل جميع المشاركين، وكان لنتنياهو وغانتس وغالانت فقط حق التصويت. وكانت هناك في معظم الأحيان تفاهمات، خلافا للسائد في الكابينت الذي يشهد "خلافات وآراء متناقضة ومتشددة".

تغيير وتأثير

وأكد آيخنر أنه بحل مجلس الحرب، فإن نتنياهو يقيّد نفسه، ويرجح أن يكون ذلك "متعمدا"، لأن القرارات المهمة يجب أن تصل إلى الكابينت الذي يضم أغلبية متشددة من الوزراء وقدرة قليلة جدا على المناورة، ولكن هذا -برأيه- قد يكون ما يريده نتنياهو "كجزء من محاولاته لمنع نهاية الحرب".

من جانبه، عدّ مراسل الشؤون السياسية في صحيفة "هآرتس"، يونتان ليس، قرار نتنياهو مجرد إجراء إعلاني وشكلي يهدف إلى منع اندماج بن غفير وسموتريتش، اللذين يتلقيان انتقادات شديدة في المجتمع الدولي بسبب تصريحاتهما المتطرفة، في الإجراءات المتعلقة بسير الحرب.

وبرأيه، لم يكن هناك تغيير جوهري في طريقة اتخاذ القرارات، لكن إعلان نتنياهو حل حكومة الحرب سيسمح لبن غفير "بالنزول من الشجرة، وعدم الإصرار على العضوية في منتدى المشاورات المحدود المتعلق بصنع القرار".

وأوضح، يونتان ليس، أنه تم تأسيس مجلس الحرب في إطار الاتفاق مع "المعسكر الوطني"، حيث تم تشكيل حكومة الطوارئ كمؤشر على تأثير غانتس والوزير غادي آيزنكوت، على صنع القرار وعزل الوزراء المتطرفين.

ولفت إلى أنه طوال أشهر الحرب، عقد نتنياهو -مرارا وتكرارا- مشاورات أمنية أيضا في منتديات محدودة أخرى، بمشاركة وزير الدفاع والأطراف المعنية، قائلا إن هذا الإجراء سيستمر أيضا بعد حل المجلس.

تلاعب ومناورة

أما محللة الشؤون السياسية في صحيفة "معاريف"، آنا براسكي، فتعتقد أن نتنياهو يهدف من وراء حل مجلس الحرب، إلى نقل مركز السلطة وإدارة الشؤون المتعلقة بسير الحرب إلى يديه، وإحباط أي محاولة لتشكيل منتدى حرب لرؤساء أحزاب الائتلاف الحكومي مثلما طرح بن غفير وسموتريتش.

وأوضحت أن إلغاء المجلس يسمح لنتنياهو بالتلاعب بشركائه في الائتلاف ويمنحه المزيد من الوقت للمناورة، "لكن ألعاب القوة هذه لن تغير حقيقة أن عودة الائتلاف إلى تركيبته الأصلية لا تفيد رئيس الوزراء، لا في الساحة السياسية الداخلية، ولا على المستوى الدبلوماسي الدولي" على حد قولها.

ولفتت إلى أن حل المجلس يعكس حقيقة أن نتنياهو لديه نية للتهدئة مع الإدارة الأميركية، ويبعث برسالة إلى واشنطن مفادها أنه "بغض النظر عما يقوله أو يطلبه شركائي في الائتلاف الحكومي، فأنا من يقرر ويحدد السياسات".

وبحسب براسكي، فإن إدارة الرئيس الأميركي، جو بايدن، التي لم تعجبها -أصلا- اللهجة القومية الدينية للحكومة الإسرائيلية، سيكون من الصعب عليها التعامل مع الحكومة في واقع الحرب المستمرة على غزة والانتخابات الرئاسية الأميركية المقبلة.

واعتبرت أن واشنطن غير قادرة على استبدال الحكومة بإسرائيل، لكنها -بالتأكيد- قادرة على إحداث تحركات سياسية للتأثير عليها من الداخل.

وعن تداعيات حل مجلس الحرب، تقول براسكي إن رحيل غانتس دون أي بديل لتوسيع الحكومة لن يتسبب في حل الائتلاف مباشرة، لكنه سيزيد من حدة التوترات الداخلية بالحكومة.

وتوقع المحللة أن تتراكم أسباب التوتر والخلافات الداخلية مع مرور الوقت بشكل يسهم أيضا في تقصير الوقت المتبقي للحكومة الحالية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات حل مجلس الحرب بن غفیر

إقرأ أيضاً:

هآرتس: صفقة التبادل فضحت أكاذيب نتنياهو فلا النصر تحقق ولا حماس تفككت

وصف الكاتب الإسرائيلي تسفي برئيل في مقال بصحيفة هآرتس -عودة الآلاف من سكان غزة إلى منازلهم المدمرة شمال القطاع- بأنها فشل خطير آخر لخطة الحرب التي وضعها القادة العسكريون.

وقال برئيل إن الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في إطار الصفقة مع حماس يساوي قطاع غزة بأكمله، خصوصا أنهم ظلوا ورقة مساومة لأكثر من 15 شهرا في لعبة سياسية مشوهة، زعم أن استئناف الحرب لم يعد هدفا إستراتيجيا بل كان وعدا سياسيا قدمه نتنياهو لمتطرفي حزب "الصهيونية الدينية" مقابل إطالة عمر الائتلاف الحاكم.

الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين في إطار الصفقة مع حركة حماس يساوي في القيمة قطاع غزة بأكمله، خصوصا أنهم ظلوا ورقة مساومة لأكثر من 15 شهرا في لعبة سياسية مشوهة.

وأشار إلى أنه كان بإمكان نتنياهو إبرام صفقة الإفراج عن الأسرى قبل أشهر مقابل إنهاء الحرب بشكل كامل وفوري، مضيفا أن على الإسرائيليين ألا ينسوا المساهمة الجوهرية التي قدمها الرئيسان الأميركيان السابق جو بايدن والحالي دونالد ترامب لتسريع إنجاز الاتفاق وتنفيذ مراحله الأولية "فبدونهما لأصبحت عودة الجنديات الأسيرات حلما بعيدا".

اقرأ أيضا list of 4 itemslist 1 of 4صفقة على حدِّ السّيف!list 2 of 4صفقة "طوفان الأحرار" بالأرقامlist 3 of 4أهالي الأسرى الإسرائيليين يعترضون على صفقة تبادل لا تشمل جميع المحتجزينlist 4 of 4هآرتس: نتنياهو يكذب بشأن صفقة الأسرىend of list

ووفقا لبرئيل، فإن صفقة تبادل الأسرى تحرر إسرائيل من هاجسين أساسيين لا يزالان يؤرقان معظم الأسرى، وهما التعديل الذي طرأ على هدف الإطاحة بحماس، و"أكذوبة" أن الضغط العسكري عليها قد استُبدل بحملة نفسية.

وكشف أن النقاد والباحثين ينقبون في وسائل التواصل الاجتماعي للعثور على أشخاص بطريقة عشوائية لإجراء مقابلات معهم أملا في استخلاص أدلة تثبت أن الفلسطينيين في غزة يكرهون حماس ويعتبرونها مسؤولة عن الكارثة التي حلت بهم.

إعلان

وتهكم كاتب المقال من تلك المحاولات قائلا إنها "تبدو وكأنها المسودة الأخيرة لصورة النصر الذي حققناه". ومضى في سخريته لافتا إلى أن التناقض بات جليا.

وأكد أن آلاف الأطنان من القنابل واغتيال القادة السياسيين والعسكريين وتدمير مصانع الأسلحة ليس هو ما سيقضي على حماس، زاعما أن من سيحقق ذلك هم سكان غزة "انتقاما من الدمار الذي ألحقته بهم حركة المقاومة".

لكن الكاتب يستدرك قائلا إن الغزاويين أنفسهم الذين من المفترض أن يكونوا من الآن فصاعدا حملة لواء الانتفاضة ضد حماس، أو على الأقل لتجريدها من كل الدعم الشعبي لها، يرون كيف تجري إسرائيل مفاوضات مع الحركة نفسها حول أهمية التمسك باتفاقية الأسرى التي هي القاعدة بين الدول المتكافئة في المكانة وليس بين الغالب والمغلوب.

وأضاف: صحيح أن حماس تلقت بالفعل ضربة قوية إلا أنها هي التي تدير عملية عودة مئات الآلاف من النازحين إلى ديارهم في غزة، وتشرف شرطتها على توزيع المواد الغذائية التي تصل في قوافل المساعدات، وسيستقبل إداريوها آلاف الخيام التي ستُنقل جوا إلى القطاع.

وثمة بديل عن كل ذلك -وفقا الكاتب الإسرائيلي- لكن طرحه يهدد بنسف ما تم التعهد من "استمرار في الحرب" ومن ثم "يبدو أننا نحن أيضا لن نبالي، مثل حماس، بالثمن الذي سندفعه".

مقالات مشابهة

  • هآرتس: صفقة التبادل فضحت أكاذيب نتنياهو فلا النصر تحقق ولا حماس تفككت
  • مجلس الخدمة: نقترب من حسم المرحلة الثانية للتوظيف
  • مجلس الوزراء: الموافقة على ضوابط شراء واستئجار الجهات الحكومية للمركبات
  • ترامب يدعو نتنياهو إلى واشنطن الثلاثاء المقبل
  • مبعوث ترامب يصل غدا إلى إسرائيل للقاء نتنياهو
  • هآرتس: تدفق الفلسطينيين لشمال غزة يحطم وهم نتنياهو بالنصر
  • معارك الخرطوم… انهار «الدعم السريع» أم انسحب باتفاق؟ محللون يعدّونها عمليات «كرّ وفرّ» لن توقف الحرب
  • بن غفير: افتتاح محور نتساريم وعودة النازحين انتصار لحماس
  • بن غفير بعد عودة النازحين: استسلام كامل ومهين
  • بن غفير يدعو لاستئناف الحرب: الصور تتحدث عن انتصار حماس