يمن مونيتور/قسم الأخبار

نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” مقالا لمنسق الشؤون الإنسانية بالأمم المتحدة مارتن غريفيث، قال فيه إن قادة العالم “خذلونا” و”لقد قضيت معظم حياتي العملية على حافة محاور الحرب، لكنني لم أكن جاهزا لعمق وحجم المعاناة التي شهدتها في سنواتي الثلاث كمسؤول عن الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة”.

وقضى غريفيث الأشهر الثلاث الأولى من عمله منسقا للشؤون الإنسانية، في النزاع الإثيوبي بمنطقة تيغراي لإيصال الطعام القليل وغير ذلك من المساعدات الإنسانية لحوالي خمسة ملايين نسمة قطعهم القتال الشرس عن العالم الخارجي.

وفي شباط/ فبراير 2022، قامت روسيا بغزو شامل لأوكرانيا، حيث تحركت الدبابات الروسية باتجاه العاصمة كييف وانتشرت التقارير عن الإعدامات الفورية والعنف الجنسي في المدن والبلدات، وأجبر القتال الشرس في الشرق والجنوب، ملايين الناس على الهروب من بيوتهم، إضافة إلى القصف الذي لا يتوقف على العمارات والبنايات السكنية، المدارس والمستشفيات ومنشآت الطاقة والمستمرة. وترددت أصداء الحرب في أوكرانيا حول العالم، حيث زادت أسعار الطعام وتعمقت التوترات الجيوسياسية.

وبعد عام، اندلع النزاع في السودان، حيث تنافس جنرالان على السلطة وقُتل الآلاف وشُرد الملايين واندلع العنف الإثني والمجاعة.

ثم جاء هجوم حماس في 7 أكتوبر، والقصف الإسرائيلي المستمر على غزة، والذي حوّل القطاع المحاصر إلى جهنم على الأرض وفق قول غريفيث.

وبحسب أرقام وزارة الصحة في غزة، فقد قُتل أكثر من 37,000 شخص وتم تهجير كامل السكان، حيث أجبر الكثيرون على النزوح أكثر من مرة. وأصبح إيصال المساعدات الإنسانية للسكان الذين يعيشون على حافة المجاعة مستحيلا، فيما استُهدف عمال الإغاثة الإنسانية وموظفو الأمم المتحدة، وقُتلوا بأعداد غير معقولة.

والعدد الكبير من الناس الذين يعانون هو الدليل الأوضح على فشل النظام الدولي. ويعتقد غريفيث أن هذا الفشل لا تتحمل مسؤوليته الأمم المتحدة. ففي النهاية، هذه المنظمة جيدة في التزاماتها والمصادر والجهود التي تخصصها، و”بالنسبة لي، فالفشل هو فشل القادة في العالم، فهم من خذل الإنسانية من خلال كسرهم العهد بين الناس العاديين ومن هم في مركز السلطة”. وهذا واضح بين القادة الذي يتعاملون بلا مبالاة وقلة اهتمام بالتداعيات على شعوبهم والآخرين، ويبحثون بدون ندم عن السلاح وليس الحلول الدبلوماسية.

ومن أكبر الفظائع هي خيانة الأعضاء الدائمين بمجلس الأمن لواجباتهم. ويعد الغزو الروسي لأوكرانيا، وهو عمل ينتهك ميثاق الأمم المتحدة، المثال الأوضح. كما أن خذلان القيادة واضح في أفعال بعض الدول ودعمها غير المشروط لحروب حلفائها، رغم ما يوجد من أدلة بأن هذا الدعم يسهم في المعاناة وإمكانية خرق القانون الدولي الإنساني.

ويقول: “يمكنك مشاهدة هذا في غزة، حيث تضررت البنى التحتية وحياة المدنيين. ويمكنك رؤية هذا أيضا في إعاقة وتسييس المساعدات الإنسانية، في وقت انتشر الجوع وعانى عمال الإغاثة الإنسانية والصحة والصحافيون من خسائر غير مقبولة” و”فقط انظر إلى الأسلحة التي استمرت بالتدفق على إسرائيل من الولايات المتحدة وعدة دول أخرى، رغم الأثر المروع للحرب على المدنيين”.

كما أن فشل القيادة واضح في محاسبة حتى مَن يحاولون انتهاك القانون الدولي، بشكل يشجع من يرون في أحكامنا وأعرافنا عقبة أمام جشعهم للسلطة والمصادر.

ويتضح كل عام تراجع التمويل للإغاثة الإنسانية والذي لا يصل الحد المطلوب، في وقت تزيد فيه ميزانيات الدول الدفاعية، بحسب غريفيث. ففي 2023، وصلت قيمة النفقات الدفاعية للدول حول العالم إلى 2.4 تريليون دولار مقارنة مع نفقات الأمم المتحدة والمنظمات الأخرى التي وصلت إلى 24 مليار دولار، وهي نسبة لا تزيد عن 43% من الميزانية المطلوبة لإطعام وتوفير احتياجات الناس حول العالم.

ومع ذلك، يقول غريفيث إن لديه أملا، فرغم أوجه القصور الكثيرة في القيادة العالمية، إلا أن التعاطف والتراحم والشعور الإنساني والتصميم والرغبة في المساعدة قوي. وقد رأى في الأزمات حول العالم وفي الدول التي لديها القليل لتقدمه، ومع ذلك عبّرت عن استعداد لمشاركة ما لديها مع الهاربين والنازحين من نزاعات أخرى وعلى مدى شهور أو سنين قادمة.

وقال إنه شهد خلال سبع جولات كمسؤول في الأمم المتحدة، القدرات الاستثنائية والعمل ومحاولة إدارة أوضاع من الصعب إدارتها. وأشار إلى الجهود التي قام بها في عام 2022، لتأمين اتفاق الحبوب في البحر الأسود. كما قاد نفس الجهود للتفاوض مع رئيس النظام السوري بشار الأسد من أجل السماح بمرور المساعدات الإنسانية إلى شمال- غرب سوريا بعد الزلزال المدمر في شباط/ فبراير 2023. وكذا دفع المتحاربين في السودان للموافقة على إعلان الالتزام بحماية المدنيين، مما سمح بتدفق المساعدات الإنسانية إلى البلد.

وقال غريفيث الذي يحضر لتسليم مهامه بعد ثلاثة أعوام كمسؤول عن الجهود الإنسانية في الأمم المتحدة، إنه يأمل بمستقبل أفضل وسلمي ومتساوٍ، ولن يتحقق هذا بدون جهود لقادة العالم من أجل توحيد الناس لا البحث عن طرق لتقسيمهم. ويضيف: “نحن بحاجة  لقادة قادرين ومستعدين لتحفيز الإنسانية وإنعاش ثقتنا بالقوانين العامة والأعراف والمؤسسات ومن لديهم الرؤية والدافعية لتقديم الأمل وتحقيق طموحات ميثاق الأمم المتحدة”.

وناشد غريفيث قادة العالم بالإنابة عن مجتمع الإغاثة الإنسانية وكل الناس الذي يقدم الخدمة إليهم: “نحّوا مصالحكم الضيقة والخلافات والانقسام، وقدموا الإنسانية والتعاون وتطلعات الناس من أجل عالم أفضل ومتساو للعودة إلى مركز العلاقات الدولية”.

 

المصدر: يمن مونيتور

كلمات دلالية: الأمم المتحدة غريفيث المساعدات الإنسانیة الإغاثة الإنسانیة الأمم المتحدة حول العالم

إقرأ أيضاً:

منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في السودان: جنوب كردفان والنيل الأزرق على شفا كارثة

قالت المنسقة المقيمة ومنسقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان، كليمانتين نكويتا سلامي إن ولايتي جنوب كردفان والنيل الأزرق على شفا كارثة مع استمرار تصاعد العنف بمعدل ينذر بالخطر، وفي بيان أصدرته اليوم الخميس، أشارت المسؤولة الأممية إلى ما ذكرته تقارير بأن أحدث اندلاع للأعمال العدائية في كادوقلي في جنوب السودان أودى بحياة ما لا يقل عن 80 مدنيا وأسفر عن إصابة العشرات.

وقالت نكويتا سلامي: "أدين استخدام النساء والأطفال كدروع بشرية في كادوقلي، وإعاقة المساعدات الإنسانية، واحتجاز المدنيين بمن في ذلك الأطفال". ونبهت إلى أن الاحتياجات الإنسانية تظل حرجة في النيل الأزرق، حيث ينذر التهديد بالعنف والتقارير عن التعبئة الجماعية للصراع مرة أخرى بمزيد من العنف.

وقالت المسؤولة الأممية إن انعدام الأمن المتفاقم يهدد بإغراق كلتا الولايتين في أزمة أعمق، مضيفة أنه لفترة طويلة، تم عزل المدنيين عن المساعدات المنقذة للحياة والخدمات الأساسية بسبب النقص الشديد في الإمدادات الطبية، والوصول الإنساني المحدود والصراع المستمر.

وشددت على أن هذه لحظة حرجة، حيث بدأت بالفعل أجزاء من جنوب كردفان تشعر بعواقب انعدام الأمن الغذائي، إذ تعيش الأسر على إمدادات غذائية محدودة بشكل خطير، وترتفع معدلات سوء التغذية بصورة حادة.

وأضافت: "إذا استمر القتال، فسوف يُترك مزيد من الناس دون الحصول على المساعدات الحيوية، وستتفاقم المعاناة الإنسانية، وستُفقد مزيد من الأرواح". وأكدت أنه يتعين على جميع أطراف الصراع تهدئة التوترات وحماية المدنيين والبنية الأساسية المدنية، بما يتماشى مع التزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني.

وقالت إنه يجب على الأطراف أيضا السماح للمنظمات الإنسانية بالوصول الآمن وغير المقيد إلى أولئك الذين هم في حاجة ماسة إلى المساعدة.

   

مقالات مشابهة

  • «دبي الإنسانية»: 137 مليون دولار مساعدات لـ 106 دول
  • منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في السودان: جنوب كردفان والنيل الأزرق على شفا كارثة
  • الأمم المتحدة: العمليات العسكرية الإسرائيلية في جنين تقيد وصول المساعدات للفلسطينيين
  • رافضًا التهجير.. جوتيريش يؤكد حق الفلسطينيين في العيش على أرضهم
  • الأمم المتحدة: أزمة الغذاء في غزة خطيرة.. لكن المساعدات تتدفق والأسعار تنخفض
  • بعثة الاتحاد الأوروبي: اللجنة الاستشارية خطوة مهمة في العملية السياسية التي تقودها ليبيا
  • الأمم المتحدة تحذر من ازدياد وفيات الأمهات في أفغانستان بسبب قطع المساعدات الأمريكية
  • وزيرا التضامن وشؤون الإغاثة الفلسطينية تتابعان مستجدات دخول المساعدات الإنسانية لغزة
  • التضامن تتابع مع وزيرة الإغاثة الفلسطينية دخول المساعدات الإنسانية إلى غزة
  • وزيرة التضامن ووزيرة الإغاثة الفلسطينية تتابعان مستجدات المساعدات الإنسانية