سودانايل:
2025-04-22@23:02:02 GMT

خطاب الكراهية… و«الزينوفوبيا»

تاريخ النشر: 18th, June 2024 GMT

فيصل محمد صالح

المتابع للسوشيال ميديا السودانية والمصرية يلحظ نمو خطاب كراهيةٍ متزايد، ربما لم يصل لمرحلة الظاهرة، من حيث الانتشار والتمدد، لكنَّه يمثل نذيرَ خطر ينبغي الانتباه له ومواجهته بما يستحق. ويتمحور الخطاب حول شعور متزايد، ينم التعبير عنه في وسائل التواصل الاجتماعي، من بعض المدونين المصريين، عن الضيق من انتشار الوجود السوداني في مصر، خاصة بعد الحرب التي اشتعلت العام الماضي، وتحميله كل ما يحدث في مصر من ارتفاع الأسعار، ويصل للضيق من الممارسات الاجتماعية للسودانيين التي قد لا تتقيد بالواقع المصري المختلف.



ويتطور الخطاب من هذا الشكل المبسط ليعبر عن الضيق كون السودانيين أسَّسوا مطاعمَهم وبقالاتهم، بل بعض مدارسهم ومصانعهم، وهم بالتالي ينقلون حياتهم السودانية كاملة إلى مصر، بدلاً من أن يتأثروا بالثقافة والحياة الاجتماعية المصرية. مثل هذا الخطاب المجرب في بلدان أخرى، يمكن أن يلعب دور المحرض ضد القادمين، وهم هنا السودانيون، وربما الأفارقة بشكل عام، ويساهم في خلق وإيجاد ظاهرة الزينوفوبيا (العداء للأجانب) التي قد تجد لها حواضن اجتماعية وسياسية تستثمر فيها، حتى تصل إلى حالات العنف البدني ضد الأجانب.

وقد يستغرب المرء إن عرف أن بلداً مثل جنوب أفريقيا يعدّ من الدول التي برزت فيها هذه الظاهرة بشكل كبير، وقد تصاعدت حملة العداء للأجانب (زينوفوبيا) عام 2008، ووصلت إلى مرحلة إشعال النار في المساكن المؤقتة التي يعيش فيها المهاجرون في أطراف المدن، فاحترقت أعداد منهم، واحترقت مساكنهم وممتلكاتهم. قاد الحملة العمال أعضاء النقابات الذين تضرروا من وجود العمالة الأجنبية الرخيصة التي تعمل في ظروف صعبة وبأجور زهيدة ودون ضمانات، ما دفع أصحاب المصانع والمحلات الكبرى لتفضيلهم على العمال الجنوب أفريقيين الذين ينضوون تحت نقابات قوية وكبيرة تحفظ لهم حقوقهم، واتجه فقراء المدن في جنوب أفريقيا لتفريغ غضبهم في بني عمومتهم المهاجرين، بحجة أنهم يسرقون منهم فرص العمل ويضايقونهم في لقمة العيش.

وحمَّلوا المهاجرين الأجانب، وكلهم أفارقة، وزر كل مصيبة في البلد، فهناك نيجيريون مسؤولون عن انتشار وبيع واستجلاب المخدرات، والعطالة سببها القادمون من زيمبابوي وموزمبيق، ومضايقة التجار في السوق سببها سيطرة الصوماليين والإثيوبيين على بعض الأسواق.

خرج نيلسون مانديلا من عزلته التقاعدية ليخاطب الأمة، يعبر عن خجله وإدانته لما حدث، ويذكر مواطنيه بالعون والسند الذي قدمته الشعوب الأفريقية، وفي مقدمتها زيمبابوي وموزمبيق، لنضالهم ضد التفرقة العنصرية، ويتحشرج صوته وهو يقول: «هل نسيتم ذلك...؟ هل نحن أمة بلا ذاكرة...؟! إنني أشعر بالعار».

في بلاد أخرى، قد تكون هناك سياسات حكومية تشجع التضييق على الأجانب، وتلعب على أوتار العنصرية والعصبية والتعصب القومي، فتقدمهم كبش فداء للمشاكل التي تعاني منها البلد.

لكن في حالة جنوب أفريقيا لم تكن الحكومة ولا شعبها مسؤولين عمّا حدث، فقد خرجت مظاهرات شعبية منددة بهذه الحوادث ومعبرة عن تعاطفها مع العمال المهاجرين. وشهادات السودانيين المقيمين في مصر تقول إنهم لم يجدوا ممارسات كثيرة على الأرض وفي المجتمع تعكس هذا الاتجاه، ومعظمهم لم يحس بهذا الأمر.

غاية الأمر أن مثل هذا الخطاب، وإن صغر، يجب الانتباه له ومواجهته في المهد، وهناك مسؤوليات على القطاعات المختلفة في المجتمعين السوداني والمصري، وخصوصاً مجتمعات المثقفين والمفكرين والقيادات السياسية والاجتماعية والدينية، عليهم مواجهة مثل هذا الخطاب وفضحه. والسودانيون الموجودون في مصر، بمختلف قطاعاتهم، عليهم أيضاً مسؤوليات كبيرة، أولاها ضرورة مراعاة التقاليد والعادات المصرية واحترامها، فكثير من الاحتكاكات قد يكون سببها تصرف خاطئ من هنا أو هناك. السودانيون مغرمون بالحياة الاجتماعية الصاخبة والتلاقي في المناسبات المختلفة بأعداد كبيرة، قد يكون هذا مناسباً في السودان، حيث المنازل الواسعة ذات «الحوش» الكبير، لكنَّها لا تصلح لساكني الشقق. رغم علاقات الأخوة وروابط التاريخ والجغرافيا واللغة والدين، فإنَّ مصر ليست السودان، والسودان ليس مصر بالضرورة.

ربما نحتاج نحن السودانيين، سواء كنا في مصر أو كمبالا أو الخليج، أن نتذكر أننا نعيش ضيوفاً على هذه البلاد، ونزاحم أهلها في مواردها، وعلينا أن نتحمل بعض علامات ضيقهم، التي ربما كنا نمارسها على ضيوف السودان من اللاجئين، ومن واجبنا أن نراعي كثيراً من الحساسيات الاجتماعية والثقافية، وأن نحترم عادات وتقاليد هذه الشعوب.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: فی مصر

إقرأ أيضاً:

أفعال تمنع استجابة الدعاء.. 3 معاصي يقع فيها كثيرون

لا شك أنه ينبغي معرفة ما هي الأفعال التي تمنع استجابة الدعاء ؟ لتجنبها ، حيث إن الدعاء هو سبيل النجاة من البلاء ومصائب الدنيا، كما أنه بوابة الخيرات والبركات والأرزاق والعيش الهنيء، ومن ثم ينبغي معرفة ما هي الأفعال التي تمنع استجابة الدعاء ؟ للبعد عنها.

دعاء الضحى للغنى والرزق.. يزيد المال ويفك الكربدعاء مستجاب في نفس اللحظة بعد العشاء .. ردده وتجنب 5 أفعالهل أفضل صيغة للدعاء من القلب أم القرآن؟.. 7 أسرار ليستجيب الله لكما هي الأفعال التي تمنع استجابة الدعاء

قال الدكتور محمود شلبي، أمين الفتوى بدار الإفتاء المصرية، إن استجابة الدعاء قد تتأخر لأسباب متعددة، ولكن ذلك لا يعني عدم حب الله لعباده أو عدم استجابته لهم.

وأكد “ شلبي” في إجابة سؤال : ما هي الأفعال التي تمنع استجابة الدعاء ؟، على أهمية "حسن الظن بالله"، ويجب أن نثق تمامًا بأن الله يستجيب لدعائنا، وأنه يحب عباده الذين يدعونه بصدق.

وشدد على ضرورة تحقيق شروط الدعاء، مثل أن يكون "مطعم الشخص وشرابه من حلال" وأن يكون مؤمنًا بالله ويؤدي الطاعات، منوهًا بأنه من الضروري أيضًا عدم الاعتداء في الدعاء، بمعنى أن يكون الدعاء مقبولًا ومعقولًا.

وتابع: على سبيل المثال، الدعاء بتفريق بين الأزواج يعد تعديًا، مشيرًا إلى أهمية "التفاؤل والرجاء"، لافتًا إلى أن الشخص يجب أن يكون متفائلًا بأن دعاءه مقبول، وأن الصبر مهم في هذا السياق.

ذنوب تمنع استجابة الدعاء

1- أكل المال الحرام بيّن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- أنّ الكسب الحرام من أسباب عدم إجابة الدُّعاء؛ كالتعامُل بالربا، أو أكل أموال النّاس بغير وجه حق؛ كالغش والخِداع والظُلم، فهذا كُلّه من المال الحرام، وهي من الذُنوب التي تمنع إجابة الدُّعاء وتحبسه.

وقد ورد ذلك في الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام مُسلم: (ثُمَّ ذَكَرَ الرَّجُلَ يُطِيلُ السَّفَرَ أشْعَثَ أغْبَرَ، يَمُدُّ يَدَيْهِ إلى السَّماءِ، يا رَبِّ، يا رَبِّ، ومَطْعَمُهُ حَرامٌ، ومَشْرَبُهُ حَرامٌ، ومَلْبَسُهُ حَرامٌ، وغُذِيَ بالحَرامِ، فأنَّى يُسْتَجابُ لذلكَ؟)، فبيّن الحديث أنّ المطعم والمشرب والغذاء الحرام سببٌ لمنع استجابة الدُّعاء.

2- ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إنّ ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر من الذُنوب التي تحبس الدُعاء وتمنع إجابته؛ وذلك لقول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (والَّذي نَفسي بيدِهِ لتأمُرُنَّ بالمعروفِ ولتَنهوُنَّ عنِ المنكرِ، أو ليوشِكَنَّ اللَّهُ أن يبعثَ عليكُم عقابًا منهُ ثمَّ تَدعونَهُ فلا يَستجيبُ لَكُم)، حيث ذكر أهل العلم أنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر سببٌ في إجابة الدُعاء، وتركه من أسباب رد الدُّعاء، وعدم استجابته.

3- التوجه لغير الله بالدعاء نهى الله -تعالى- عباده المؤمنين عن دُعاء غيره؛ لقوله -تعالى-: (وَلَا تَدْعُ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكَ وَلَا يَضُرُّكَ فَإِنْ فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِنَ الظَّالِمِينَ)، وذلك لأن دُعاء غيره هو من أنواع الشرك، وهو مُحبطٌ للعمل، كما أنّه من الذُنوب التي تحبس الدُعاء.

وبيّن النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- أن الدُعاء عبادة، ولا يجوز التوجه بالعبادة لغير الله -تعالى- أو إشراك أحد معه فيها، فقال -عليه الصلاة والسلام-: (الدُّعاءُ هوَ العبادةُ ثمَّ قالَ: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ).

4- الدعاء بإثم ، فبينت عددٌ من الأحاديث أنّ من الأسباب المانعة لإجابة الدُعاء ما كان فيه إثم؛ كالدُّعاء على النّفس بالموت أو السُّوء، أو الدُّعاء على الآخرين؛ كالأولاد أو الأموال، أو تمنّي مُلاقاة الأعداء، وورد النهي عن هذه الأدعية في عددٍ من الأحاديث.

وقال النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- في الدُعاء على النفس بالموت أو غيره: (لا يَتَمَنَّيَنَّ أحَدٌ مِنْكُمُ المَوْتَ لِضُرٍّ نَزَلَ به، فإنْ كانَ لا بُدَّ مُتَمَنِّيًا لِلْمَوْتِ فَلْيَقُلْ: اللَّهُمَّ أحْيِنِي ما كانَتِ الحَياةُ خَيْرًا لِي، وتَوَفَّنِي إذا كانَتِ الوَفاةُ خَيْرًا لِي).

ونهى النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام- عن الدُّعاء على الأولاد أو الأموال بقوله: (لا تَدْعُوا علَى أَنْفُسِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا علَى أَوْلَادِكُمْ، وَلَا تَدْعُوا علَى أَمْوَالِكُمْ، لا تُوَافِقُوا مِنَ اللهِ سَاعَةً يُسْأَلُ فِيهَا عَطَاءٌ، فَيَسْتَجِيبُ لَكُمْ).

5- الدعاء بقطيعة رحم، حيث ذكر العُلماء أنّ من الأسباب التي تمنع إجابة الدُعاء ما كان فيه قطيعة الرحم، كأن يُقال في الدّعاء: اللهم فرّق بين فُلانٌ وأهله، أو فرّق بينه وبين أُمه أو أبيه، وقد يكون الدُّعاء بالقطيعة بين المُسلمين، كأن يقول: اللهم فرق بين المُسلمين، وفرق كلمتهم أو شملهم، ونحو ذلك من هذه الأدعية.

وورد النهي والتحذير من ذلك في قول النبيّ -عليه الصلاةُ والسلام-: (ما مِن رجلٍ يَدعو اللَّهَ بدعاءٍ إلَّا استُجيبَ لَهُ، فإمَّا أن يعجَّلَ له في الدُّنيا، وإمَّا أن يُدَّخرَ لَهُ في الآخرةِ، وإمَّا أن يُكَفَّرَ عنهُ من ذنوبِهِ بقدرِ ما دعا، ما لم يَدعُ بإثمٍ أو قَطيعةِ رحمٍ أو يستعجِلْ، قالوا: يا رسولَ اللَّهِ وَكَيفَ يستَعجلُ؟ قالَ: يقولُ: دعوتُ ربِّي فما استجابَ لي).

6- تعجل الإجابة، فقد ذكر الإمامُ ابن القيم أنّ من الأسباب التي تحبس الدُعاء أن يتعجّل المُسلم الإجابة، أو يستبطئها؛ فيقوم بالتحسُّر والندم على دُعائه، وذلك كمن يقوم بالغرس أو الزرع ولكنه يستبطئ كماله، فيقوم بتركه وإهماله، وعلى المُسلم أن يثق بالله -تعالى- عند دُعائه. حيث إنّ شُروط الإجابة أن يكون المُسلم على ثقة بربّه، وبأنّه الوحيد القادر على إجابة دُعائه، قال الله -تعالى-: (إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ).

وجاء في الحديث القُدسيّ الذي يُبين الله -تعالى- فيه كمال قُدرته ومُلكه، وأنّ خزائنه لا تنفد أو تنقُص بالإجابة والعطاء: (يا عِبَادِي لو أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا علَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ، ما نَقَصَ ذلكَ مِن مُلْكِي شيئًا، يا عِبَادِي لو أنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وإنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا في صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فأعْطَيْتُ كُلَّ إنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ، ما نَقَصَ ذلكَ ممَّا عِندِي إلَّا كما يَنْقُصُ المِخْيَطُ إذَا أُدْخِلَ البَحْرَ).

مقالات مشابهة

  • سياسيون: خطاب الرئيس السيسي يمثل خريطة طريق لبناء الإنسان وتجديد الخطاب الديني
  • الرئيس السيسي: تجديد الخطاب الديني لن يتم إلا على يد دعاة مستنيرين
  • مرصد الأزهر يرحب بإطلاق صندوق مكافحة الكراهية ضد المسلمين في بريطانيا
  • رانيا يوسف في تصريح مثير للجدل: «90 % من حالات الطلاق سببها الأمهات»
  • تركيا تلقي منشورات على جبال دهوك تطالب فيها العماليين بتسليم أنفسهم
  • أفعال تمنع استجابة الدعاء.. 3 معاصي يقع فيها كثيرون
  • البعثة الأممية: عقدنا ورشة نقاشية للشباب إزاء تزايد خطاب الكراهية في ليبيا
  • قلق شبابي متزايد بسبب «خطاب الكراهية» ضد مختلف الفئات
  • واسيني الأعرج: المثقفون السوريون وضعوا اللبنة التي فضحت المظالم الاجتماعية
  • رانيا يوسف:90% من أسباب الطلاق في مجتمعاتنا الشرقية سببها الحماة.. فيديو